
2025/02/10 | 0 | 149
القراءة كطفل
أن نكبر فهذا ليس من اختيارنا؛ لكننا نستطيع اختيار أن نعود صغارًا في بعض الأمور، ومنها بعض مشاعرنا وصفاء أذهاننا وبياض قلوبنا. لكن ما سنتحدث عنه هنا هو أن نعود أطفالًا في قراءاتنا ورغباتنا القرائية التي قد تتجمد في لحظة معينة فلا نعود كما كنا في شغف لمعرفة كل ما حولنا حين نراه وكأننا نراه للمرة الأولى.
فنحن ومع مرور السنين قد تتبلد مشاعرنا فحين نمر على أمر جميل ربما لا نعود نراه كما هو بل ننظر إليه على أنه مجرد أمر (كان جميلًا يومًا ما)، ونعتاد عليه فلا نشعر بجماله، إذ إن اعتياد الأشياء يقتلها وقد يحولها إلى مومياءات قبيحة بلا حياة.
وهكذا الأمر مع القراءة التي كانت للبعض في الطفولة بمنزلة الكشاف الذي ينير دروبًا مظلمة ويكشف لهم خبايا لافتة حتى يروها بشكل مبهر أخّاذ.
هذه الروح الفضولية المتطلعة لكل شيء وكأنه جديد ويحدث للمرة الأولى في الكون، والانبهار من أي حدث وكأنه حدث القرن أو أنه لن يمر على البشرية مثله، هذه الروح هي ما يفتقده بعض كبار السن حينما يقرؤون. فهم حينها سيفتقدون جمال الحروف ورنة الكلمات والعبارات لاعتقادهم بأنهم يعرفون ما يقرؤون، أو أنهم يحيطون بذلك الموضوع علمًا، وهو ربما ما لا يكون صحيحًا لعدة أسباب ليس أقلها الاكتشافات المتوالية والتطورات السريعة في عالم اليوم وفي وتيرة البحوث العلمية.
جميعنا نحتاج إلى روح الطفولة في قراءاتنا؛ فهو ما يكفل لنا مواكبة ما يحصل في عالم اليوم، تمامًا كما قال الشاعر الكبير جاسم الصحيح: لا تكن قارئًا متعاليًا على ما تقرأ، ولا حتى قارئًا مثاليًّا يعيش طوباويَّة الفكرة.. كن فقط قارئًا طفلًا يتجول في شوارع المعرفة ويدخل في حوانيت الدهشة ويقتني ما شاء من تُحف الأفكار والمعاني.
نعم.. فنحن حين نفتح كتابًا بحاجة إلى تنمية جموح الأطفال لدينا بحيث ننظر فننعم النظر، ونكرر النظر إلى نفس الشيء مرات ومرات. نشاكس ونعاند ونرفض ما نحن عليه ونشطح بأفكارنا وخيالاتنا إلى ما لا نهاية. أن نبحث عن الخيارات الأخرى في كل شيء، وحين نجدها نرمي بها عرض الحائط باحثين عن أخرى أفضل منها، أو أن نحبها فقط لأنها مختلفة. نحتاج إلى أن نطرد من كياناتنا كل ما هو اعتيادي ونبتعد عن الخطوط المستوية، وأن نعشق الزوايا الحادة في كل أمر نقرؤه، وهذا هو سر التطورات العلمية التي قام بها العلماء في مجالات العلوم الطبيعية والكيمياء والطب والأحياء. كل هذا على ألا يكون ذلك نهاية القناعة لدينا أو آخر الجمال ومنتهى العلم لدينا، بل أن نظل (كالأطفال) باحثين لاهثين ومفتشين عن شيء آخر بعيد المنال أو عميق محتاج إلى سبر أغواره والوصول إلى أعمق أعماقه. هكذا وصلت البشرية إلى تطورها وتقدمها التكنولوجي حين بدأ البعض في الشك فيما قاله من قبلهم، محطمين جميع الأغلال التي وضعوها. وهكذا فقد هدموا الأسوار التي كانت تحيط بهم منطلقين إلى آفاق رحبة من الحياة لا حدود لها.
*القراءة هي فن الفضول الخفي والتطفل على حيوات الآخرين بأدب جم. بدور كلداري
* تحت الطبقة السميكة من أرواحنا، تظل روحنا الطفولية دون تغيير؛ وتهرب من الزمن. فرانسوا مورياك (نهاية الليل)
جديد الموقع
- 2025-02-22 عرسٌ أدبيٌّ وسمي على عتبات ضوئه
- 2025-02-22 الوقف.. في تنمية الإبداع المعرفي
- 2025-02-22 الفرق بين آلام الدورة الشهرية وآلام الانتباذ البطاني الرحمي
- 2025-02-22 دراسة: بكتيريا الأمعاء تحفّز أمراض المناعة الذاتية كالذئبة
- 2025-02-22 العيون الخيرية تزور رئيس مجلس إدارة مؤسسة فهد العرجي الإنسانية عطاء لعرض جهود الجمعية وتعزيز التعاون
- 2025-02-22 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس
- 2025-02-21 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس
- 2025-02-21 سمو محافظ الأحساء يشهد ختام منتدى الأحساء 2025
- 2025-02-21 "الأحساء في تدوين المؤرخ المتخصص"
- 2025-02-21 دار مكتوب تكرّم نادي فضاء الكتّاب وتؤكد دعمها المستمر للأدب والثقافة.