2012/01/25 | 3 | 5225
القدوة الصالحة ... السيد محمد السيد علي الحسن (العلي)
نزح في شبابه من المطيرفي, وسكن بالمبرز قرب المسجد الجامع بالشعبة. من المؤمنين الأخيار, وصل به الهدوء والسكينة, لدرجة أن أغلب سكان الحي ( الشعبة) لا يعرفون عنه الكثير.
زوجته السيدة أمنة بنت السيد ناصر بن السيد حسن بن المقدس السيد هاشم السلمان. أمها السيدة هاشمية بنت السيد علي بن المقدس السيد هاشم السلمان. وله من الذرية, أثنين من الذكور (السيد هاشم والسيد عبدالله) وكريمة واحدة.
والسيدة أمنة من خدام مجالس سيد الشهداء بمأتم أمها (العمة السيدة) السيدة هاشمية (رحمة الله عليهم جميعا).
تعلم السيد محمد الحسن القرآن الكريم في قرية المطيرفي على يد السيدة مريم بنت السيد كاظم السلمان, وهي سيدة عرف عنها التقى والورع, رحمة الله عليها. وفي العشرينات من عمره نزح إلى مدينة المبرز, وكان عمر إبنه السيد هاشم لا يتجاوز العامين, فدرس الشرائع على يد خاله المقدس السيد محمد السيد حسين العلي.
يقع بيته بالقرب من براحة اليوسفي, والتي بجوارها يقع المسجد الجامع بالشعبة, والحسينية الهاشمية, ومجلس بيت المقدس السيد حسين السيد محمد العلي. وهو مربع تفوح منه رائحة التدين و الإلتزام. وفي هذه المحلة وفي هذا الجوار الصالح إنطلقت الحوزة العلمية بالأحساء.
وسوف نتعرض لثلاثة محاور في حياته:
• السعي لعمارة بيوت الله
• علاقته بخاله العلامة السيد محمد العلي
• مسلكه الحياتي ...
أولا : السعي في عمارة المساجد
شخصية فذة, تفرد بأعمال جليلة لخدمة مجتمعه. فكان كالنحلة دائم الترحال, بين القرى والمبرز وبعض الهجر, ليقيم صلاة الجماعة في مساجدها. ملتزماً بواجبه الرئيسي كرجل دين, وهو السعي في طريق الخير والحث عليه. كان يقيم صلاة الجماعة في مسجد الهدام في محلة السياسب بالمبرز, ولجميع الفرائض من يوم السبت وحتى فجر الأربعاء. وفي صباح الأربعاء, يغادر المبرز متوجهاً نحوا المطيرفي, ليؤم صلاة الجماعة هناك. وكان يذهب مرافقا لبعض أهل المطيرفي, بعد تسوقهم من سوق الأربعاء بالمبرز, أو مشياً على قدميه عندما لا يجد من يقله. ومنها يذهب لقرية القرين ليقيم صلاة الجماعة ليلة الخميس.
وكان يحمل معه (قردة) ليتوكأ عليها, في أثناء تنقلاته في الليل, في تلك الطرق الموحشة, وهي عبارة عن سهم موضوع في جراب خشبي, يستخدم للدفاع عن النفس في حال تعرض لهجوم من بعض الكلاب أو السباع في تلك الأجواء, والتي يتطلب المسير فيها مستوى عالي من الشجاعة والإقدام.
كما أن له (رضوان الله عليه) دور في العناية ببعض مساجد المطيرفي, منها سعيه لشراء بيت مجاور لمسجد الشيخ الأوحد الشيخ أحمد بن زين الدين, وذلك لتوسعة المسجد في عام ١٣٦٨هـ, ولا يزال عداد الكهرباء لهذا البيت باسم السيد (رحمة الله عليه). هذا ما أفادنا به أخوه السيد تاج السيد علي العلي. وبعد تقدمه في السن, إعتاد سماحة السيد حسين بن المقدس السيد محمد العلي على القيام بنقله بالسيارة, وذلك من بيته حتى مسجد الهدام لصلاة العشاءين في بعض الأيام.
المسجد الشرقي بالشعبة: وهو المسجد الواقع بشرق حي الشعبة بالمبرز, ويؤم صلاة الجماعة في الوقت الحاضر, في العشاءين سماحة السيد محمدعلي السيد هاشم العلي, وفي الظهرين سماحة السيد حسين بن المقدس السيد محمد العلي. وكان لصاحب هذه الترجمة الدور الرئيس في تأسيس المسجد الشرقي بالمبرز. نقل لنا الحاج محمد علي محمد المبارك (بو محمدعلي ومن مواليد ١٣٣٠هـ في مقابلة معه في بيته بتاريخ ٢٠/٩/١٤٣٠هـ. يقول :
"أن المسجد الشرقي بالمبرز, كان في البداية مستودع (حوش) يخزن فيه التمر, وترجع ملكيته للملا أحمد الخلاص رحمه الله. استخدمه لفترة المرحوم مهدي بوخضر كمقر لعمله في الحياكة، وفي فترة لاحقة أشار المرحوم السيد محمد السيد علي الحسن، بإقامة مسجد مكان هذا المستودع. استحسن الملا الخلاص هذا الرأي، وفعلا تم تحويل هذا المكان إلى مسجد, وذلك في حياة المقدس السيد محمد السيد حسين العلي.
وتعاضد المؤمنون على بناء هذا المسجد, وكان أول من أقام صلاة الجماعة في هذا المسجد, السيد محمد السيد علي الحسن. وبعد قدوم سماحة السيد هاشم بن المقدس السيد حسين العلي من العراق, تولى إقامة صلاة الجماعة في هذا المسجد, بدلا من السيد محمد الحسن.
ونقل لنا الشيخ حسين بن علي بوخضر حفظه الله : "أن السيد محمد الحسن كان يقيم صلاة الجماعة في حسينية العربي وفي بعض بيوت البوخضر قبل تأسيس المسجد الشرقي".
يقول السيد محمد نجل المقدس السيد ناصر السلمان (حفظه الله):
كان العم المقدس السيد حسين السيد محمد العلي يعتمد على السيد محمد السيد علي الحسن في أعمال ليلة النصف من شعبان, ففي هذه المناسبة, كان هو من يقرأ الأدعية والزيارة في المسجد الجامع بالشعبة. وكانت قراءته الحسينية بطريقة النعي القديم, وأداءه مؤثر وحزين, تميز بأسلوب جميل في قراءة المولد النبوي. ووصف السيدة هاشمية بنت السيد علي السلمان, بقوله: "كانت لها هيبة, وتحظى بإحترام كبير في المجتمع وفي الأسرة, قوية الشخصية, ولها كلمة نافذة على الجميع". إنتهئ.
وتعرف في المجتمع (بالعمة السيدة), وتقصد للدعاء والتبرك, ولها مأتم حسيني يومي منذ أكثر من سبعين عاما.
وفي لقاء مع السيد هاشم السيد محمد العلي (ابن صاحب الترجمة), نقل لنا :
أن والده (رضوان الله عليه) من خدام المنبر في المنطقة, وينقل عمن وفق لحضور تلك المجالس, أنه كان ينزل من المنبر أثناء القراءة, متجولا بين صفوف الحضور, مرددا أبيات الرثاء الحزين.
وكان يذهب مع حملات الحج, ففي البداية مع أبناء عمومته السيد محمد العلي, ثم مع الحاج علي الغريب, ثم مع الحاج علي بوقرين من بني معن. إنتهى.
تميز بأسلوبه الرائع والجميل في إلقاء وقراءة قصة زواج أم المؤمنين خديجة (رضوان الله عليها) من النبي الأكرم, والتي كان يلقيها غالبا في مناسبات الأعراس بقرية التويثير. وهناك كان يقرأ المولد النبوي لدى السيد سلمان الحاجي في كل عام. هذا ما نقله لنا الحاج حسين بن حسن بوكنان حفظه الله.
كان التواضع سمته. وله في قلوب سكان حي السياسب (محلة الهدام) مكانة وتقدير واضحين, وهناك أجيالٌ من سكان الحي يدينون له بالفضل في تعليمهم للأحكام الشرعية, وشرح المسائل الفقهية, بأسلوب مبسط ليفهمها الجميع. وله في ذلك الحي, علاقة خاصة بالحاج فهد بن علي الدريع ومع أبيه من قبله. ذهبت لمسجد الهدام بحي السياسب (في اليوم الثالث من شهر محرم الحرام لعام 1433 هـ), وكان إمام الجماعة الشيخ علي البوعويس (وفقه الله).
ثانيا: علاقته بالسيد محمد السيد حسين العلي (القاضي)
يعتبر المترجم له من التلاميذ المقربين للسيد محمد السيد حسين العلي (القاضي), ومن حواريه. رأى فيه خاله العلامة السيد محمد السيد حسين العلي
ذلك المؤمن الصالح, والذي لا يشغله شي سوى خدمة أهله ومجتمعه. فأحبه وقربه, واعتمد عليه في ملفات عدة. وهو الذي عاصر خاله لأكثر من خمسة وعشرين عاما, فتأثر بمسلكه, ولوحظت كثرة القواسم المشتركة بينهما, مثل: الزهد, والبعد عن الأضواء, والبساطة مع عامة الناس.
المحكمة الجعفرية بالأحساء... وقفة تاريخية:
تولى المقدس السيد حسين السيد محمد العلي مهمة القضاء الشرعي في عام ١٣٣١هـ, وذلك كأول قاضي رسمي لعموم شيعة الأحساء في العهد السعودي. وقام بأعباء القضاء الشرعي لحوالي أربعين عاما. وينقل أنه كان يمارس القضاء بين الناس منذ العهد التركي.
وفي السنوات الأخيرة من عمره كف بصره, وتقدم به السن, فطلب من ابنه السيد محمد العودة من العراق ليساعده في مهمة القضاء.
وبعد عودة العلامة السيد محمد العلي من العراق عام ١٣٦١هـ, أصبح العضد الأيمن لوالده, في جميع أموره, وبالخصوص في القيام بمهمة القضاء, حتى وفاة والده السيد حسين العلي في عام ١٣٦٩, حيث عين الإبن خلفا لوالده, ليصبح ثاني قاضي رسمي لعموم الشيعة بالأحساء. وكان له (كوالده), مجلس يومي للقضاء, ينظر فيه لما يرفع إليه من قضايا الناس الشرعية والدينية والإجتماعية.
ويعقد هذا المجلس القضائي على فترتين, الفترة الأولى من الصباح الباكر وحتى وقت الضحى, وذلك في مجلس بيت السيد حسين العلي (بيت السادة). ففي هذا الوقت, يستقبل السيد ضيوفه والقادمين للسلام عليه, وخلال هذه الفترة يقام مأتم حسيني يومي, بعده ينظر في بعض الأمور القضائية.
بعد ذلك تبدأ الفترة الثانية لمجلس القضاء اليومي, حيث ينتقل السيد ومن معه, لمجلس أخر في حي الشعبة بالمبرز. فكانت هناك دورية أسبوعية لعدد من البيوت في الحي, حيث يجلس السيد للنظر في شؤون المجتمع الشرعية في أحد هذه البيوت, بحسب برنامج وجدول متفق عليه مسبقاً.
فمثلا, يعقد مجلس القضاء في أحد أيام الأسبوع, في مجلس الخطيب الحسيني ملا ناصر بن حسين النمر, وفي يوم أخر بمجلس الشيخ محمد بن الشيخ محمدعلي الجبران. ومن ضمن المجالس التي يعقد فيها مجلس القضاء اليومي, مجلس الحاج عبدالله تقي بن حسن البحراني, ومجلس الحاج حسين بن أحمد المحمد علي, وفي القهيوة (وهي مجلس مخايطة الشعبة للحاج موسى الناصر والحاج يوسف المحمدعلي), ومجلس العم الحاج أحمد بن حسين البحراني. حيث تستمر هذه الجلسة حتى قبيل صلاة الظهر.
ومن المعروف أن لدى السيد محمد السيد حسين العلي (القاضي) مجموعة من الرجال الثقاة, ومن أهل الخبرة والدراية, يحرصون على حضور مجلسه اليومي, ويوكل إليهم بعض المهام, تحت إشرافه وإرشاداته. مثل تقسيم التركات, وتمتير البيوت, والقيام ببعض المكاتبات والمراسلات. ويمكن أن نطلق على هذه المجموعة (الطاقم الإداري للمحكمة). فهناك من يطلب منه الكتابة والتدوين (مثل سماحة الشيخ محمد بن الشيخ محمد علي الجبران), وهناك من يراجع بعض الدوائر الحكومية, كوكيل عن السيد (مثل الجد المرحوم صالح بن علي البحراني), وهناك من هو محل للإستشارة والكتابة (مثل الحاج حسين بن أحمد المحمدعلي). وغيرهم الكثير.
ولم يقتصر دوره الإجتماعي في هذه المجالس, بل كان وقته متاحا للجميع. نقل لنا الحاج أحمد بن عبدالوهاب البوعامر حفظه الله (عمدة قرية التهيمية سابقاً) : أن السيد محمد السيد حسين العلي (رحمه الله) كان يتنقل حاملا معه قلمه وقرطاسه, ويقضي للناس ويدون لهم حيثما جلس. وكان يذهب للقرى ويمكث هناك عدة أيام للوعظ والإرشاد والقضاء بين الناس. وكانت أشبه ما تكون بالمحكمة المتنقلة في أرجاء المنطقة. وهذا يدل على سعي السيد للتسهيل على الناس. إنتهى.
وفي بعض الحالات, كان السيد محمد العلي (القاضي) ينتدب لبعض القضايا في خارج الأحساء, مثل الدمام والقطيف, حيث تهيا له إمارة الدمام وسائل النقل والمأوى اللائقين. وتشير بعض الوثائق الشرعية القديمة, لما لهذه المحكمة من صلاحيات كبيرة, فكانت تشمل إصدار صكوك رسمية لتملك العقارات, مثل البيوت والنخيل وغيرها. وكان نهجه الصلح بين المتخاصمين, و لا يصدر حكمه, حتى يستنفذ جميع سبل الإصلاح والتراضي بين جميع الأطراف. كانت تلك, بعض الوقفات عن المحكمة الجعفرية في فترة تولي المقدس السيد حسين العلي وأبنه العلامة السيد محمد, والتي دامت قرابة الستين عاماً, حتى عام ١٣٨٨ هـ. وبعد وفاة السيد محمد السيد حسين العلي, انفصلت بشكلٍ عملي مهمة القضاء الجعفري عن الزعامة الدينية, حيث تولى سماحة الشيخ باقر بن الشيخ موسي بو خمسين (رحمة الله عليهم جميعا), مهمة القضاء للشيعة في الأحساء, وتولى المرحوم الشيخ حسين بن الشيخ محمد الخليفة الوكالة الشرعية, وبذلك سد ذلك الفراغ الهائل, والذي خلفه فقد السيد محمد السيد حسين العلي (رضوان الله عليهم).
والعالم الرباني العلامة السيد محمد السيد حسين العلي (القاضي) غني عن التعريف, وهناك عدد من الرسائل (نشر البعض منها الباحث القدير السيد هاشم السيد محمد الشخص في موسوعته القيمة أعلام هجر بالجزء الرابع ) بين المرجع الديني الشيخ محمد رضا آل ياسين وبين المقدس السيد حسين السيد محمد العلي, حيث يشيد آل ياسين بالسيد محمد ويدعوه بالإبن. وينوه لمستواه العلمي وسمو أخلاقه.
وكانت هناك محاولات للبعض لطرح مرجعيته, ولكنه صدها بحزم (المصدر السيد حسين السيد علي الياسين السلمان في كتابه أسرة السلمان).
وهناك بيت من الشعر معبر وجميل للمرحوم الشيخ كاظم المطر, ضمن قصيدة طويلة له, حيث وصف: زهد السيد محمد وتعففه, وعلى أنه كان يعتمد على قراءة القرآن الكريم كمصدر لعيشه وقوت عياله, يقول:
من شحمِ عينيه وكَد يَمنيه....... قوت العيالِ ومنهما يقتاتُ
خرجت لنا هذه القامة العلمية والمدرسة الأخلاقية, جيلٌ من التلاميذ النجباء, ومنهم السيد محمد الحسن, والذي كان ضمن تلك الدائرة المحيطة بالسيد بمجلس القضاء, وممن يحظى بثقته ويعتمد عليه. وتلك الشواهد تدل على عمق العلاقة بينهما, توجها العلامة السيد محمد العلي, بأن جعل السيد محمد السيد علي الحسن وصيه بعد موته. وقد قام السيد محمد الحسن (رضوان الله عليه) بإنفاذ وصية خاله على أكمل وجه.
ثالثا: مسلكه الحياتي ...
عرف السيد محمد السيد علي الحسن (رضوان الله عليه) بالهدوء والسكينة, منشغلا بما أوكل إليه من عمل, وهو إقامة صلاة الجماعة في عدة مناطق وترويج الشريعة الغراء كما أسلفنا. اعتمد على تلاوة القرآن الكريم للأموات لقاء أجر, وهي مصدر عيشه وأهل بيته, وهو مسلك أستاذه ونهج الخلف الصالح من قبله.
وننقل ما كتبه لنا الأخ الفاضل زكي بن محمد بن عبد المحسن الخويتم (بو كميل), من أهل المطيرفي, عن
السيد محمد السيد علي الحسن العلي:
"ولد السيد محمد الحسن (العلي) في المطيرفي, ويعتقد أن ولادته كانت بين سنة ١٣٢٠هـ - ١٣٣٠هـ. و كعادة أهل هذه القرية, إمتهن الفلاحة في مقتبل عمره, وكان مشهور (بشق) جذوع النخيل (وهي القيام بقطع جذوع النخيل وإستعمالها في بناء المنازل).
وفي أثناء زيارات خاله السيد محمد السيد حسين العلي (القاضي) للمطيرفي, لاحظ عليه علامات النباهة والجدية, وأن لديه القابلية لهذه المهمة النبيلة, فوجهه للذهاب إلى المبرز لطلب العلوم الدينية. وبعد فترة من الدراسة, وبعد أن تلقى قدراً من علوم أهل البيت, أمره خاله بالصلاة في المطيرفي, وتولي شؤون الناس الدينية والإجتماعية.
وبالفعل كان يأتي إلى المطيرفي كل يوم أربعاء, ويذهب إلى قرية القرين ماشيا على الأقدام, وذلك ليقيم صلاة العشاءين ليلة الخميس, وهناك يقرأ مجلس حسيني لدى عيال المرحوم عيسى العباس, ثم يعود في ليلته إلى المطيرفي حيث ينام. وقد تكفل كل من الحاج حسين وأخيه الحاج عبدالرسول أبناء الحاج عيسى الناصر (رحمهما الله) بتوفير مسكن مناسب للسيد, وذلك في منزلهما بموقع المجيلس, الكائن بجوار مسجد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي. والجدير بالذكر أن المرحومين (الحاج حسين والحاج عبدالرسول أبناء المرحوم عيسى الناصر )كانا من أهل الورع و التقوى.
وكان السيد محمد الحسن (رحمه الله) يقضي يوم الخميس بين أهله و ذويه في المطيرفي, ويصلي الظهرين في مسجد الشيخ أحمد بن زين الدين, وكذلك فرضي العشاءين. ويتناول وجبة الغداء ليوم الخميس, والعشاء في ليلة الجمعة بمنزل الحاج عبدالمحسن بن صالح حسين الخويتم رحمه الله, وكذلك قراءة مجلس حسيني في مجلسه العامر, وذلك في ليلة الجمعة في كل أسبوع.
أما ليلة السبت, فكان يقرأ مجلس حسيني في بيت الحاج حسين العايش وأبن أخيه محمد, في مجلسهم المحروس, وبعد تناول وجبة العشاء معهم, يغادر عائدا للمبرز في نفس الليلة.
عرف عنه (رحمه الله) مداومته على زيارة مقبرة المطيرفي, عصر الخميس من كل أسبوع, وقراءة ما تيسر له من القران الكريم, و الدعاء لأهل القبور. ولقد شاهدنا هذا العمل منه, وكان يحرص عليه حتى آخر أيام حياته.
وكان (رحمه الله) المرشد الديني والأستاذ والموجه في المطيرفي, ومن ضمن جهوده الخيرة تحرير الكثير من حجج الإستحكام (والتي تتناول البيع و الصلح و الزواج وغيرها), وقد شاهدنا الكثير من هذه الوثائق المهمة, والتي تعبر عن قمة الدقة, والبلاغة, وجمال الخط, والإهتمام بالشأن العام في المجتمع.
ومن أعماله الجليلة السعي في توسعة مسجد الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي وكذلك إعادة بنائه.
ومن ذكريات الوالد الحاج محمد عبدالمحسن الخويتم (حفظه الله), عن توسعة مسجد الشيخ أحمد, يقول:
قام السيد محمد الحسن (رضوان الله عليه) على توزيع مهام العمل, فأوكل لكل شخص أو مجموعة القيام بمهمة معينة, من البناء أو النجارة أو جلب المواد الضرورية للمشروع. يقول الوالد :
ولقد أوكل السيد لي مهمة القيام بأعمال النجارة, وتشييد أعمدة المسجد الجديدة, وبتوفيق من الله, فقد تم إنجاز ذلك العمل, وبشكل جديد وأقوى من السابق. استطاع السيد من تنفيذ هذا العمل بروح الفريق الواحد. كان (رحمه الله عليه) مبدعا في كل شيء.
ولا نزال مع ملاحظات الأخ زكي الخويتم عن السيد محمد الحسن:
ومن الأمور التي يتذكرها أهل المطيرفي جيداً, صوت السيد الجوهري والعذب, بالخصوص عند تأدية الأذان, والبعض لا يزال يحتفظ بتسجيل لصوته وهو يؤذن (رحمة الله عليه).
وكان يتوجه في كل عام للحج, وزيارة نبي الرحمة وأجداده الكرام في المدينة المنورة، مع حملة من أهالي قرية بني معن كمرشد ومعلمٌ فاضل.
و في غاية الاهتمام أذكر هذا الأمر:
أتذكر أنا شخصيا, أن السيد محمد (رحمة الله) كان يذهب أكثر من مرة في السنة, مبلغاً إلى هجرة الصرار, ليرشد المؤمنين هناك, ويزودهم بما يحتاجون في أمور دينهم. وقد سألت عن هذا الموضوع أكثر, فتم تأكيد هذا الأمر.
فينقل الوالد وبعض الإخوان أن هؤلاء المؤمنين كانوا يفدون إلى الأحساء, ليصحبوه معهم لتلك الهجرة, ويقيم بينهم عدة أيام, ثم يعود إلى الأحساء مبجلاً مكرماً.
نعم لقد عايشناه لبعض الزمن, وكان قمة في الورع والزهد والتقوى. وما أن تسأل عنه أحد, إلا ويبدي لك هذا الشعور, وهذا الإجلال إتجاه هذا السيد الجليل (رحمه الله واسكنه الفردوس من جنانه). انتهى.
وقد يكون ذهابه لهجرة الصرار كما أسلفنا, بإيعاز من خاله العلامة السيد محمد السيد حسين العلي, وذلك للوعظ والإرشاد الديني, ونقل لنا أنه كان يشرح لهم المسائل الفقهية, بطريقة مبسطة, وبأسلوب يتناسب مع طريقة (لهجتهم الدارجة). ويكتب لهم الوصايا وعقود الزواج.
وفي القرين كان له نشاط ديني: أفادنا الأستاذ الفاضل حسين بن الحاج ناصر العباس (معلم بثانوية القرين) بمعلومات قيمة عن السيد. فكتب لنا :
"وكانت بداياته في القرين, حيث دعي لدى عائلة العباس بالقرين. وهي عائلة معروفة وثرية. وهم أبناء المرحوم عيسى العباس (علي, وحسين, وعبدالله, وصالح, ومحمد). كان السيد محمد الحسن يقيم صلاة الجماعة في مجلسهم, وبعدها يقرأ مأتم حسيني وذلك ليلة الخميس. وبعد فترة زمنية, أقام صلاة الجماعة بالمسجد الجامع في ليلة الخميس. وأقيم مجلس حسيني أخر في بيت عائلة الجندل.
وفي أثناء تواجده, كان يجيب على الأسئلة الفقهية, ويجري عقود الزواج, ويعلم الناس أمور دينهم. ويذهب معلم ومرشد لحملات الحج, مثل حملة السلمان (في بني معن)".
يقول الأستاذ حسين العباس (وفقه الله):
أتذكر, عندما كنت في سن السابعة أو الثامنة, وكنت أزور العم المرحوم محمد العباس بمجلسه, كنت أرى السيد محمد الحسن هناك, وكان رجل كبير في السن. كان ذلك في أواخر حياة العم المرحوم محمد العباس, والذي توفي عام 1402 هـ, وهو أخر من توفي من إخوانه الأربعة. فرحمة الله عليهم جميعا.
وعرف عن السيد محمد الحسن (رحمه الله) حرصه على زيارة أقاربه من السادة ومعارفه في القرين, دمث الأخلاق, مرح في مجلسه, يسأل ويتفقد الجميع, متواضع, كما أن له مكانة وإحترام لدى الرجال والنساء والصغير والكبير. انتهى.
وينقل الأخ الفاضل عبدالله بن الحاج عبدالمحسن الجاسم هذه المعلومة عن السيد محمد الحسن,:"تحدثنا مع الحاج علي النجاد (أبو أحمد من أهالي المطيرفي) عن سماحة السيد محمد الحسن (رحمه الله), فقال :
كان السيد رحمه الله رجل المجتمع, وصاحب كلمة مؤثرة على جميع أهال القرية. فكان رحمه الله له الباع الكبير في جل الاعمال الاجتماعية بالكلمة وحث المجتمع على كل مايفيد القرية كترميم المساجد والحسينيات وغيرها وكان رحمه الله تعالى ابا للمجتمع بحيث كان يصلي ويلقن الموتى بالاضافة الى زيارة المقبرة والدعاء لهم وحضور مجالس الفاتحة طيلة ايام الفاتحة".
ومن الشواهد على ورعه وتقواه, ما كتبه عنه سماحة السيد حسين بن السيد علي الياسين السلمان (في مخطوط بعنوان أعلام سادة السلمان), يقول:
هو الفاضل الزاهد التقي السيد محمد بن السيد علي بن السيد حسن (ولذلك عرف بالسيد محمد الحسن). وذكر (السيد حسين الياسين ) هذا الموقف للسيد محمد العلي (الحسن) :
"وهو صاحب الكرامة المعروفة, حيث تحداه البعض, وبنحو من السخرية في إثبات سيادته. فأجابهم متحديا وبثقة:
بأني سأضع جمر الموقد في حجري, وأدور به المجلس, فإن كنت سيداً, فلن يحترق ثوبي, وإلا فأنا لست سيدا. فدار في المجلس حاملا الجمر في حجره, دون أن يؤثر في ثوبه. فبهت الجميع لذلك المشهد, وتلك الكرامة. (أوردها السيد هاشم السيد محمد الشخص, بكتابة عن المرجع الديني السيد ناصر الأحسائي - ١٤٣١ هـ). وهي قصة متواترة في مسقط رأسه المطيرفي.
نهاية المطاف ....
وصفه الأخ الفاضل عبدالله بن عبدالمحسن الجاسم (من أهالي المطيرفي), بقوله:
"ويعرف في المطيرفي بالسيد (بوهاشم), وهو بحق أبو الفقراء والأيتام في البلد. أعطى المطيرفي الكثير من جهده ووقته. خدم مجالس الإمام الحسين عليه السلام, وكان مع أخيه السيد طاهر (رحمه الله) ثنائي ناجح في تلك المأتم. وله الفضل في بث الوعي الديني ولعقود من الزمن في مجتمع البلد.
لمسنا منه مسؤولية الأب الحنون, وهو الذي يحظى بثقة واحترام الجميع. مسموع الكلمة, مصلح اجتماعي. واختم بهذا الموقف الجميل معه:
"في أحد الأيام, كنت قادم من شدقم حيث كنت أعمل,وعند مدخل البلد رأيت السيد (بوهاشم) واقف فسلمت عليه.
وقال لي : أين أنت ذاهب, فقلت له سوف اسلم على الوالدة, ثم اتوجهة للمبرز.
فقال هل تنقلني معك للمبرز, فقلت له نعم يسعدني ذلك.
فدخلنا البلد, وطرق السيد (بوهاشم) باب بيت الوالدة, وعندما أجابت الوالدة
سلم عليها السيد (بوهاشم),وقال أريد أن أشرب عندكم (ستكانة) شاي.
ودخلنا الدار, وأحضر إليه الشاي. وجلس بحضور الوالدة, وأخذ بالسؤال عن الأهل والجيران.
ويتضح لنا من هذا الموقف, طيبة معدن ذلك الجيل, والبساطة في التعامل, والتدين الفطري الصافي.
فرحمة الله عليهم جميعا" انتهى.
إنتقل إلى رحمة الله بهدوء, وذلك بتاريخ ١٥/٨/١٤٠٧هـ, ودفن بمقبرة الشعبة بالمبرز في الأحساء. كان الإبن البار بمسقط رأسه (المطيرفي), ميزاته كثيرة, ولكن حيويته وتصميمه على دوره كطالب علم, علمتنا درساً أن الخلود الحق هو في قلوب البشر. فرحمة الله عليك أيها العبد الصالح وأسكنك فسيح جنانه, والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين. والحمد لله رب العالمين.
لتحميل الملف كاملا اضغط هنـــــــــــــــــــــــــــــا
هوامش:
· الشيخ أحمد بن الشيخ زين الدين المهاشير الأحسائي, من مواليد الأحساء بقرية المطيرفي عام 1166 هـ. فنشأ بها وترعرع, وتعلم على الشيخ محمد بن الشيخ محسن الربعي من قرية القرين المجاورة. وعندما بلع العشرون من عمره الشريف هاجر للنجف الأشرف لطلب العلم وذلك في عام 1186 هـ. وللعلم فقد أم الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي المصلين في مسجد المهنا بحي الشعبة, وهذا المسجد تأسس عام 1202 هـ.
· المصدر : (موضوع نشر بمجلة الواحة العدد 56 للأستاذ أحمد حسين المطلق بعنوان المرجع الديني السيد هاشم السلمان)
· ينقل السيد حسين السيد محمد السيد هاشم السلمان, أن (جده من ناحية الأم السيد محمد الحسن): كان يحمل معه (قردة) ليتوكأ عليها, في أثناء تنقلاته في الليل, في تلك الطرق الزراعية, وهي عبارة عن سهم موضوع في جراب خشبي, يستخدم للدفاع عن النفس في حال تعرض لهجوم من بعض الكلاب أو السباع في تلك الطرق الموحشة, والتي يتطلب المسير فيها مستوى عالي من الشجاعة والإقدام.
المصادر :
· لقاء مع السيد هاشم السيد محمد الحسن, في 14/11/1432
· مكالمة تليفونية مع السيد عبدالله السيد محمد الحسن
· لقاء مع السيد تاج السيد علي العلي, المطيرفي
· إفادة خطية من الأستاذ زكي بن محمد بن عبدالمحسن الخويتم, المطيرفي
· إفادة خطية من الأستاذ حسين العباس, القرين
· لقاء مع الأخ عبدالله بن عبدالمحسن الجاسم, المطيرفي
· صور من السيد حسين نجل المقدس السيد محمد العلي
مشجرة مبسطة لذرية السيدة هاشمية بنت السيد علي السلمان
(مصدر معلومات هذه المشجرة السيد حسين بن المقدس السيد محمد العلي)
السيد محمد ابن السيد هاشم (الكبير) العلي –(المعلم)
جديد الموقع
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"
- 2024-04-29 جمعية العمران الخيرية بالاحساء للخدمات الاجتماعية تحظى بتكريم مرموق من مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري .
- 2024-04-29 مبادرة خطوة قبل الشكوى تبدأ فعالياتها بتأهيل اناث الدمام
تعليقات
بو مهدي
2012-01-28شكرا الاخ بو محمد لقد دونت تاريخا مشرقا لهذا السيد الجليل وسمعت أنه كان استاذا لسماحة السيد محمد علي العلي في بدايته نرجو التحقق من ذلك وربما سماحة السيد محمد علي لدية معلومات اضافية وشكرا
عبدالله بن محمد البحراني
2012-01-29الأخ الفاضل بو مهدي .. وفقه الله معلوماتك صحيحة أن سماحة السيد محمد علي العلي وكذالك سماحة السيد علي الناصر (حفظهم الله), قد تلقوا بعض الدروس في بدايات مشوارهم العلمي لدى المرحوم السيد محمد الحسن. ذكر ذلك الأستاذ الشيخ محمد الحرز في بحثه القيم عن حوزة السلمان. وقد سئلت شخصيا سماحة السيد محمدعلي العلي وقد أكد ذلك. فشكر لهذه الإضافة المهمة يا أبا مهدي.
بو عمار
2012-01-30السلام عليكم والشكر لكم على هذا العرض الرائع. للسيد بوهاشم أيادي بيضاء على بلدتنا (المطيرفي), وعلينا أن نعطي هذه الشخصيات شيئاً من التقدير الذي يستحقونه، عرفاناً بالجميل وبالمجهود الكبير الذي قدموه في خدمة المجتمع، فلا أقل من ذكرهم والترحم عليهم لتكون لهم لنا ولهم صدقةً جاريةً. وكذلك إشاعة أعمالهم الخيرة, والمساهمة في جمع تراثهم من صور لهم أو لوثائق بخطهم, لتحفظ من الضياع.