2020/05/30 | 0 | 2569
العقلانية في التعامل مع الغرب
الغرب الاستعماري زرع إسرائيل الصهيونية في قلب الأمة العربية، وعمل باستمرار على إعاقة النهضة العربية، وأحبط تطور المجتمعات العربية، وتطاول علينا بالاحتقار والاستعلاء على تراثنا وحضارتنا، ودمر بلادنا وسرق ثرواتنا، وما زال يخطط في سبيل تدميرنا حتى لا تقوم لنا نهضة أو حضارة.
الغرب الحضاري أطلق نهضتنا عبر استضافته الآلاف من طلبة العلم والمعرفة عندنا، وبنى لنا المصانع والسدود ومدّنا بآلاته ومبتكراته التي سهّلت سبل عيشنا وزادت في إنتاجية غذائنا وتوفير حاجاتنا، وزوّدنا بالأدوية والتقنيات التي أسهمت في إطالة معدّل أعمارنا، ومدّنا بالأمصال التي لولاها لهلك الملايين من أطفالنا.
هذه الإشكالية «الموقف من الغرب» مظهر من مظاهر الغموض والالتباس اللذين يميزان كل القضايا والمفاهيم في فكرنا العربي الحديث والمعاصر.
اختلط مفهوم الديمقراطية بمفهوم الشورى، واختلط مفهوم العلمانية بمفهوم الكفر، واختلط مفهوم الحداثة بمفهوم التغرب، فألحقت بالغرب كل جرائم الاستعمار والإمبريالية والصهيونية، وضاع كل ما أخذناه عن الحضارة الغربية من قيم العقلانية والعلم والليبرالية، وذهب سدى كل ما سرى في نهضتنا الحديثة.
لماذا لم نر من الغرب سوى العادات والمظاهر السيئة التي تسربت إلى مجتمعاتنا، نتيجة ثورة الاتصالات والمعلوماتية والانفتاح؟ وأين موقفنا الشجاع والحضاري الصلب والقدرة على اختيار ما يتناسب مع معتقداتنا وتراثنا؟
أليس هذا تبريرا على تقاعسنا وعدم قدرتنا على مواكبة التطورات العلمية والتقنية في كل المجالات والميادين؟ إنها خطيئتنا وليست خطيئته، ولا يخرجنا من مأزقنا ادعاؤنا بالتفوق الروحي في مواجهة حضارة الغرب المادية.
إن التفريق بين الغرب الحضاري والغرب الاستعماري، أمر مطلوب في عملية خلق التوازن الفكري، إذ لا يمكن تجاهل ما أحدثه في مجتمعاتنا من صدمة ضرورية، لأجل انتقالنا من القرون الوسطى إلى العصر الحديث، ومقاومته ومواجهته لا بد أن تتم من خلال مشروع حضاري كبير، تشترك فيه كل دول العالم الإسلامي والعربي من أجل رسم خطط استراتيجية واضحة تتميّز بالتالي:
1. تكوين وعي مضاد للاستعمار، لا ينكفئ على الذات في موقف انهزامي، بل يحاور الغرب، ويدرسه، ويتفاعل معه من موقع الذاتية والأصالة من دون أن يسقط في السلفية.
2. نقد المرجعية الغربية، لا يكون من خلال إعادة ما كتبه قبل النهضة العربية مفكرونا، كطه حسين، وعلي عبدالرزاق وجمال الدين الأفغاني، فالتحرر من الثقافة الغربية معناه التعامل نقديا مع الغرب بوجهيه الحضاري والاستعماري، والدخول معه في حوار نقدي بقراءة ثقافته.
3. التعرف على الأسس والأركان الرئيسية التي ساهمت في تقدم الغرب والعمل على دراستها وتقييمها والاستفادة منها في سبيل بناء حضارة إسلامية عربية.
لعل قاسم أمين الكاتب المصري والأديب، والمصلح الاجتماعي، كتب مع بداية هذا القرن عام 1900 «إن أوروبا متفوقة علينا في كل شيء، وأنه وإن كان يطيب لنا أن نظن أن الأوروبيين أفضل منا ماديا وأننا أفضل منهم روحيا وأخلاقيا، فإن هذا ليس صحيحا».
جديد الموقع
- 2024-04-25 اترك أثراً إيجابياً.
- 2024-04-25 مؤسسة رضا الوقفية تكرم الفائزين في مسابقتها التصوير الفوتوغرافي - النسخة الثانية
- 2024-04-25 «خيوط المعازيب».. والذاكرة المنسية
- 2024-04-25 ناشط قرائي
- 2024-04-25 يحيى العبداللطيف و ( دكتوراه ) جديدة لسجل شرف ( الينابيع الهَجَريّة )
- 2024-04-25 13298 خريجًا وخريجة أمير الشرقية يرعى حفل تخرج الدفعة الـ 45 من خريجي جامعة الملك فيصل بالاحساء
- 2024-04-25 %150 زيادة الطاقة الاستيعابية لمطار الأحساء
- 2024-04-25 16 جمعية وقفية في المناطق والمحافظات
- 2024-04-25 احصل على 800 ختمة قرآنية شهرياً
- 2024-04-24 جمعية البيئة الخضراء بالأحساء تكرم البورشيد لاطلاقه (ديك الماء)