2021/01/22 | 0 | 4551
السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) على لسان الأئمة ( عليهم السلام ) و أمهات المؤمنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾.[ طه: 25 ـ 28.] .
قال أبو الفرج الإصفهاني في مقاتل الطالبيين: «وكانت وفاة فاطمة عليها السلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله بمدة يختلف في مبلغها، فالمكثر يقول: بستة أشهر. والمقلل يقول: أربعين يوماً. إلا أنّ الثابت في ذلك ما روي عن أبي جعفر، محمد بن علي، أنها توفيت بعده بثلاثة أشهر». [مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الإصفهاني: 31.] .
عظم الله أجورنا وأجوركم بهذا المصاب الجلل، أي شهادة السيدة الزهراء (ع) وهي الرواية الثالثة في شهادتها، التي ذهبت إلى أنها كانت بعد هذه الفترة، أي التسعين يوماً. وقد ذهب جمع من العلماء والفقهاء إلى أنها هي الأقرب إلى الصحة من بين روايات عدّة، ذهب بعضها إلى أنها استشهدت بعد أبيها بأربعين يوماً، وبعضها الآخر ذهب إلى خمسة وسبعين يوماً من بعد أبيها، ونحن اليوم نعيش أيام الرواية الثالثة، وهي رواية التسعين يوماً، التي تصادف الليلة الآتية، وهي ليلة الأحد، الثالثة من جمادى الآخرة.
وبهذه المناسبة سوف نذكر بعض الروايات التي وردت عن الأئمة (ع) بخصوص الزهراء (ع) وكذلك الروايات الأخرى التي وردت عن بعض أمهات المؤمنين، بما يتسع له الوقت:
الرواية الأولى: عن الإمام العسكري (ع) أنه قال: «نحن حجج الله على الخلق، وجدّتنا فاطمة حجة علينا».[عوالم العلوم والمعارف، المولى عبد الله البحراني11: 1030.] . وهذه الرواية تبين لنا حقيقة أن الزهراء (ع) محدِّثة ومحدَّثة، فهي محدِّثة بلا إشكال عند أحد من جميع المسلمين، وهي محدَّثة بإجماع الشيعة على ذلك.
فقد كانت الملائكة تحدثها، خصوصاً بعد فقد أبيها لكي تسلّيها. وهذا التحديث كان المنشأ لمصحف فاطمة (ع) وهو ليس بأيدينا اليوم، إنما كان بأيدي الأئمة (ع)، وفيه الكثير من الإخبارات الغيبية، وما يجري على الزهراء (ع) وعلى أبنائها، وما يحدث من الحوادث المستقبلية. وكان علي عليه السلام يدوّن تلك الأخبار في مصحف عرف باسمها. وهو ليس بقرآن كما يدّعي بعضهم، متهماً الشيعة ومفترياً عليهم. وقد ورد في الروايات أنه لم يكن فيه حرف واحد من كتاب الله تعالى.
ففي الكافي عن أبي عبد الله (ع) وقد سئل عن مصحف فاطمة فقال: «مصحفٌ فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات. واللهِ ما فيه من قرآنكم حرف واحد».[ الكافي، الكليني1: 239.].
وفي الكافي أيضاً، عن الإمام الصادق (ع): «إن الله تعالى لما قبض نبيه (ص) دخل على فاطمة (ع) من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فأرسل الله إليها ملكاً يسلّي غمها ويحدثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين (ع) فقال: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي. فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين (ع) يكتب كل ما سمع، حتى أثبت من ذلك مصحفاً. قال - الراوي - ثم قال: أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكن فيه علم ما يكون».[الكافي، الكليني1: 240.] .
فهو ليس قرآناً كما يصوّره أصحاب النوايا السيئة من أعداء التشيع، وكلمة (مصحف) وإن أطلقت على القرآن فيما بعد، وأصبحت تنصرف في العرف إلى القرآن، لكنها ليست من أسماء القرآن التي سماه بها الله تعالى، كالقرآن، والذكر، والفرقان، والكتاب، وغيرها. فلم يرد في القرآن لفظ (المصحف) إنما استعمله الناس فيما بعد، أما في لغة العرب فالمصحف تعني الكتاب، أيّ كتاب كان، ويعني الصحف المجموعة لبعضها.
ويقع هذا المصحف كما في الرواية الشريفة في ثلاثة مجلدات، أي أنه يعدل القرآن ثلاث مرات من حيث الحجم.
ومن هنا ندرك كيف أن الزهراء (ع) حجة عليهم، مع أنهم حجج الله تعالى، ذلك أنها محدَّثة ومحدِّثة. وقد وصل عن طريقها للأئمة (ع) الكثير من العلوم والمعارف والأخبار، وهو ما يؤكد عظمة هذا المرأة وشرف منزلتها.
والإيحاء والوحي من الأمور الطبيعية في حياة العظماء الإلهيين، والقرآن الكريم يؤكد ذلك بوضوح، فقد أوحى الله تعالى إلى مريم: ﴿وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ عَلى نِساءِ الْعالَمين﴾. [آل عمران: 42. وغيرها الكثير من الآيات.]. وإلى الحواريين: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوَارِيِّيْنَ أَنْ آمِنُوْا بِي وَبِرَسُوْلِي﴾.[المائدة: 111.]. وإلى أم موسى: ﴿إِذْ أَوْحَيْنَا إلى أُمِّكَ مَا يُوْحَى﴾ [ طه: 38.]. ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوْسَى أَنْ أَرْضِعِيْهِ﴾.[القصص: 7.]. بل حتى للنحل: ﴿وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾.[النحل: 68.]. فإذا كان الله تعالى يوحي لمريم وأم موسى والحواريين، وحتى للنحل، فما الذي نستكثره ونستغربه من الإيحاء لفاطمة (ع) وهي أفضل النساء على وجه الأرض، وسيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين؟
فالزهراء (ع) حجة على أفضل الخلق بعد رسول الله (ص) وهم الأئمة (ع).
الرواية الثانية: عن الإمام الباقر (ع) أنه قال: «والله لقد فطمها الله بالعلم». [الكافي، الكليني1: 460.].
الرواية الثالثة: عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «وإنما سميت فاطمة لأن الخلق فُطموا عن معرفتها». [تفسير فرات الكوفي: 581.].
أما ما ورد بحقها على لسان زوجات النبي (ص) من الشهادات فكثير أيضاً، مع أن الزهراء (ع) لا تحتاج لشهادة من أي مخلوق بعد أن شهد الله ورسوله وأوصياؤه بعظيم منزلتها، ولكن من باب الاطلاع وإلقاء الحجة على من يريدها.
فمن ذلك ما ورد عن أم سلمة زوج النبي (ص) من قولها: «كانت فاطمة بنت رسول الله أشبه الناس وجهاً وشبهاً برسول الله (ص)».[بحار الأنوار، المجلسي43: 55.].
وعن عائشة زوج النبي (ع): «أنها كانت إذا ذكرت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله قالت: ما رأيت أحداً كان أصدق لهجةً منها، إلا أن يكون الذي ولدها». رواه الحاكم في المستدرك، وقال عنه: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.[المستدرك على الصحيحين، الحاكم النيسابوري3: 161.].
وعن عائشة أيضاً أنها قالت: «كنا نخيط ونغزل وننظم الإبرة بالليل في ضوء وجه فاطمة».[شرح إحقاق الحق، المرعشي النجفي10: 244. عن أخبار الدول وآثار الملل.].
وهذا ما تؤكده الكثير من الروايات الأخرى التي بينت سبب وصفها بالزهراء، وهو أنها كانت تزهر لأهل السماء. ففي علل الشرائع للشيخ الصدوق رحمه الله، عن الإمام الصادق (ع): أنه سئل عن فاطمة (ع): «لم سميت الزهراء؟ فقال: لأنها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما تزهر نور الكواكب لأهل الأرض».[علل الشرائع، الشيخ الصدوق1: 181.].
وفي رواية أخرى وهي أبيات من الشعر لحفصة زوج النبي (ص) قالتها عند زفاف فاطمة (ع)، وهي قولها:
فاطمة خير نساء البشر ومن لها وجه كوجه القمر
فضّلك الله على كل الورى بفضل من خص بآي الزمر
زوّجك الله فتى فاضلاً أعني علياً خير من في الحضر
فسرن جاراتي بها إنها كريمة بنت عظيم الخطر
[ مناقب آل أبي طالب، ابن شهر آشوب المازندراني3: 131.].
وعن أم سلمة أنها قالت بعد أن حُرمت الزهراء (ع) ميراثها، وقال بعضهم ما قال: «ألمثل فاطمة بنت رسول الله يقال هذا؟ وهي الحوراء بين الإنس، والأُنس للنفس، ربيت في حجور الأنبياء، وتداولتها أيدي الملائكة، ونمت في حجور الطاهرات، ونشأت خير منشأ، وربيت خير مربى؟! أتزعمون أن رسول الله حرم عليها ميراثه ولم يعلمها؟!...».[دلائل الإمامة، الطبري: 124.].
وما ورد في حق فاطمة على لسان زوجات رسول الله الكثير، وكذلك ما ورد على لسان غيرهن، من النساء والرجال، لأنهم شاهدوا بأم أعينهم، وأدركوا بعقولهم عظمتها، من خلال سلوك النبي (ص) معها، ومن خلال سلوكها هي وسيرتها.
فصلوات الله وسلامه عليها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين