2013/01/18 | 0 | 4944
الحاج عيسى المؤمن - أبوفيصل - ومشواره في مجال الطب العربي (التجبير)
الحاج عيسى بن يوسف بن محمد بن الشيخ عبدالله (الكبير) المؤمن, ينتسب لأسرة المؤمن العربية المعروفة في المنطقة, وهناك في الخليج والجزيرة العربية أكثر من أسرة تحمل لقب المؤمن, ونحن نتحدث عن عائلة المؤمن, والذين ينتسبون لجدهم الشيخ عبدالله (الكبير) والذي يقطن بالأحساء في بلدة المطيرفي, وبعد ذلك نزحت ذريته للسكن بحي السياسب, ثم استقروا بحي الشعبة بالمبرز.
والمعروف أن المنطقة تعرضت للكثير من العواصف السياسية والإجتماعية, وخصوصا بعد أحداث عام 1210 هـ, مِمّا اضطر بعض سكان المنطقة (ومنهم بعض عوائل قبيلة المؤمن) للنزوح إلى مناطق آخرى كالعراق وإلى الغرب من إيران, ثم عاد البعض منهم لموطنهم الأصلي الأحساء, ولا يزال بعضٌ من ذريتهم في إيران وبعض دول الخليج العربي.
ومن المهاجرين من الأحساء في تلك الفترة, الشيخ حسن بن الشيخ عبدالله المؤمن, والذي توجه أولاً إلى العراق, وبعد بقائه في مدينة البصرة لفترة بسيطة, نزح إلى المحمرة (خوزستان), وذلك بطلب من الوجهاء والمؤمنين هناك, وذلك إبان فترة الإمارة العربية هناك. اقترن الشيخ حسن المؤمن (رحمه الله) من بنت المرحوم محمدصالح بن الشيخ أحمد الرمضان, وهناك قام بدوره الديني في الوعظ والإرشاد, وإمامة الجماعة, وتعليم القرآن الكريم, كما تشرف بخدمة حجاج بيت الله الحرام في تلك البقاع, ومن آثاره القيام بتأسيس مسجد في جزيرة (مينوا) الواقعة في شمال الخليج العربي.
وعن هجرة الكثير من عوائل المؤمن من الأحساء إلى العراق وإيران, كتب الشيخ محمد بن علي الحرز في كتابة بعنوان (أحسائيون مهاجرون) :
"المؤمن, وهي أسرة كانت رحلتها من العراق إلى (عبادان) في منطقة (الجزيرة) من بلاد فارس, ولا يزال منها أعداد كبيرة هناك. وأصلهم من مدينة المبرز محلة الشعبة. ومن أوئل من هاجر منهم الشيخ حسن بن الشيخ عبدالله بن محمد بن حسين بن علي بن مهنا آل مؤمن, والذي هاجر من مدينة المبرز إلى المحمرة (تعرف حاليا بمنطقة خوزستان بإيران) قبل عام 1286 هـ. وهو عالم فاضل له مقام جليل, من تلاميذ المقدس السيد هاشم السلمان (ت 1309), وقد قام الشيخ حسن آل مؤمن بنسخ المصحف الشريف بخط يده". آنتهى.
ونقل لنا الأستاذ / رسمي بن عبدالله بن عيسى المؤمن (من المهتمين بتاريخ أسرة المؤمن) (1) :
"أنه اطلع على مخطوطات بخط يد الشيخ حسن المؤمن في إيران بمدينة قم, منها مخطوط لكتاب مصباح الكفعمي, وكتاب آخر حول مقتل الإمام الحسين, وهذه المخطوطات لا تزال لدى بعض أحفاد الشيخ في مدينة قم المقدسة. أما مخطوط القرآن الكريم والذي أشرنا إليه, فهو في حوزة حفيد الشيخ سعادة السفير / علي بن محمد المؤمن, سفير الكويت لدى العراق.
وينقل الأخ الفاضل محمد بن الحاج عبدالوهاب المؤمن (بو ماجد) :
إنه في عام 1979 م, قام بزيارة جزيرة (مينوا) التابعة لمنطقة المحمرة في الغرب من إيران, والتقى هناك ببعض أبناء عمومته, حيث يعمل البعض منهم بمهنة الصياغة, وقد دمرت هذه الجزيرة جراء الحرب العراقية الإيرانية, ولكن بقيت هذه الحسينية في تلك الجزيرة. ولهم موكب باسمهم هناك يحرص بعض أفراد العائلة في إيران والمنطقة, على إحياء مراسم عاشوراء فيها كل عام" آنتهى.
المولد والنشأة :
وفي لقاء مع الحاج عيسى المؤمن (أبوفيصل) بمنزله في العام 1432, وبحضور أبناءه الأستاذ طالب وعلي, ذكر لنا (رحمه الله) أنه :
من مواليد 1337 هـ بالأحساء (تقريبا), فقد أشار على أن ولادته كانت بعد معركة كنزان بأربع سنوات أو خمس سنوات(1), وتعلم قراءة القرآن الكريم لدى السيد علي بن السيد حسين العلي (رحمه الله), حيث أكمل على يديه جزء عمَّ يتساءلون.
وكان والده يحترف مهنة الصياغة ومن العاملين بخدمة الحجيج (كحملادار). أما أمه فهي المرحومة مريم بنت محمد بن علي المؤمن (محمد هذا يلقب بالعنبر لسيرته العطرة), وهي من القارئات في مأتم سيد الشهداء, وله خالة هي : المرحومة آمنة بنت إبراهيم المؤمن وهي أيضا من خدام مأتم الإمام الحسين (عليه السلام). وكانت تعلم الأولاد والبنات القرآن الكريم في حي السياسب, ومن ضمن من تعلم لديها الشيخ عيسى الحاجي, وأبناء وبنات من أسرة العبد القادر. كما عرفت بمهارتها في تطريزا ثياب النساء. آنتهى.
اقترن أبوفيصل بالمرحومة آمنة بنت علي (الزين) المؤمن, وهو الذي عرف (أي الحاج علي بن حسين الزين) بإيمانه وتقواه, ومن الملازمين للسيد هاشم بن السيد محمد العلي (الكبير), محافظاً على صلاة الجماعة بالمسجد الجامع بالشعبة, ومن الذين يرفعون نداء الآذان فيه, كذلك حفظ الكثير من الأحكام الشرعية, وعمل معلماً للحجاج مع والده وأبناء عمومته.
كانت (أم فيصل) رحمة الله عليها مقصداً للناس في الحي, في طبابة الأطفال بالزيوت والدهان, وخصوصا الأطفال (الممصوعين) كما يقال. وقد سارت على نهجها ابنتها أم رياح (حفظها الله) في أداء هذه المهمة الإنسانية.
وللحاج عيسى المؤمن أخت من الأم, وهي الحاجة : فضيلة بنت عبدالله المؤمن (رحمة الله عليها), وهي من محبي مجالس سيد الشهداء, كانت تقوم برعاية مأتم أسرة المؤمن النسائي في الحوش, والواقع في الغرب لحي الشعبة, وتعرف بفضيلة بنت فضل المؤمن, محبوبة من المجتمع, لها شهرة عند أفراد قبيلة المؤمن والمجتمع بورعها وتفانيها في خدمة مجالس الذكر, أسست أمها (أم عيسى) مأتما حسينياً قبل أكثر من سبعين عاما في حي السياسب, واستمر هذا المأتم حتى نزوحهم لحي الشعبة وسكنهم في الحوش(2). ومن أوائل من أحيا القراءة وقام على تأسيسها في الحوش المرحومة آمنة (الأحمد) المؤمن.
ورثت المرحومة فضيلة عن أمها خدمة مجالس الإمام الحسين (عليه السلام), فسخرت وقتها وبذلت ما ورثته من أبيها (والذي كان من الأثرياء) على إحياء ذكرى النبي الأكرم وآله الأطهار, ولا يزال المؤمنون والمؤمنات من أفراد الأسرة يتذكرون (قوري فضيلة) والتي كانت تستخدمه لإعداد الليمون الساخن أو الشربت البارد. انتقلت إلى رحمة الله في الأحساء في شهر ربيع الثاني عام 1399 هـ, وليس لها عقب, وقبرها محل اهتمام الكثيرين من أبناء العائلة, يقع بجانب سور مقبرة الشعبة الشرقي, فرحمة الله عليها وأسكنها فسيح جنانه
مشواره مع الطبابة :
بدأ مشواره في العمل في مجال النجارة, ثم التحق بشركة أرامكو في عام 1363 (كان رقم بطاقته 7798). ومن زملائه في أرامكو الخطيب الحسيني الشيخ عبدالله بن حسين السمين, والشيخ عبدالله بن حسن السمين (العنبر), والمرحوم الحاج محسن بن علي المؤمن, والحاج عبدالله السالم, والحاج ياسين بن الشيخ علي الرمضان, وامتدت خدمته في الشركة لأكثر من ثلاثين عاما, حيث عمل في منطقة راس تنورة, وفي الظهران وأخيراً في منطقة بقيق, حتى استقال عام 1389 . وفي أثناء عمله في الشركة بدأ مشواره في مجال الطبابة وتقديم خدماته العلاجية لمن يحتاج إليها.
وعن بداياته في مجال الطب الشعبي, ذكر لنا أبوفيصل (رحمه الله) :
أنه عندما كان طفلاً تعرض لحادث حيث كُسرت إحدى يديه, فحمله الحاج موسى المؤمن (الحملادار المعروف) إلى منزل رجل يدعى صهيب (رحمه الله), وهو رجل كفيف البصر, من سكان بلدة المطيرفي, عرف بقدرته على علاج الكسور. فوضع بعض القطع الخشبية على موضع الكسر لشده, ثم وضع عليها بعض الصمغ, بطريقة بسيطة وبدائية. ويتذكر أنه في بداية شبابه, حدث وأن سقطت فتاة من أسرة المؤمن من على ظهر أحد الجمال, وذلك في حوش المؤمن. وتعرضت لبعض الكسور, فبادر (أبوفيصل) بعلاجها وعمل لها الاسعافات اللأزمة.
يقول: "كانت تلك أول تجربة لي في العلاج وتجبير الكسور, كان ذلك بمحضر من الأقارب وتشجيعهم, والمصادفة أن تلك الفتاة, والتي تعرضت لذلك الحادث هي (أم فيصل) قبل أن يقترن بها, وبعد هذه التجربة العلاجية, أصبح مقصداً للأهل والناس في الطب الشعبي وبالخصوص في علاج الكسور. ونتيجة للممارسة والاطلاع, ساعده في ذلك عمله في شركة أرامكو, حيث راقب كيف كانوا يتعاملون مع الكسور وأساليب علاجها. وهو صاحب ابتسامة دائمة على محياه. يحرص على حمل لوازم العلاج والتجبير معه حيثما حل, حتى أثناء السفر. وينقل عنه أنه قد جلس في صحن الإمام الرضا (عليه السلام) لتقديم خدماته للزوار هناك, وذلك في إحدى سفراته."
نوه عن قدراته الأستاذ عبدالله بن أحمد الشباط (4) يقول: "وفي مجال تجبير الكسور على الطريقة العربية, فقد برز في مدينة المبرز شخص يدعى محمد الفهد, وبعد وفاته خلفه آخر يعرف (بالمؤمن). وكانت طريقته في تجبير الكسور, هو الإمساك بموضع الكسر ومحاولة ترتيب العظام لإعادتها إلى وضعها الأصلي. ثم يقوم بوضع شرائح من أعواد النخل يضعها إلى جوانب الكسر ويلصقها بالصمغ, فإذا تساوت, ورأى أن العظام في وضعها الطبيعي, قام بلفها بقطعة من القماش حتى تمنعها من الحركة والإختلال. آنتهى.
كما ذكره الدكتور عبد الله أحمد الطاهر في كتابه بعنوان (مدينة المبرز) ضمن المعالجين بالطب الشعبي. والجدير بالذكر, أنه يوجد في حي الشعبة من الرجال والنساء, من لهم مساهمات وقدرات معتبرة في العلاج الشعبي, مثل الحاج المرحوم ناشي وأخيه الحاج حسن المهنا وذلك في مجال الوسم (الكي). وكانت لدى المرحومة أم شعب البراهيم تركيبة خاصة (للعيون), وهي قطرة لما يعرف بخطفة العين. وقد أورثت هذه الوصفة لإحدى بناتها. وعرف المرحوم محمد المعني حيث بالعلاج بالدهان, وأم عيسى في مجال التوليد.
سماته الشخصية ...
عُرف عنه الشهامة والكرم. وحُب عمل الخير, رجل مضياف, واسع الصدر يغلب على تعامله الفكاهة, عطوف على الفقراء والمحتاجين وخصوصاً أقاربه, ففي الماضي كانت تقام مناسبات الزواج في البيوت, ولم يعرف المجتمع بعد صالات الأفراح. فكانت مناسبات أسرة المؤمن (في الغالب) تقام بمنزله, وذلك (لسعته) بمقاييس تلك الأيام. وبعد استقالته من شركة أرامكو, تفرغ لخدمة المجتمع في مجال الطبابة, حتى أقعده المرض. وينقل البعض موقفه مع أحد جيرانه, وكيف أن أبوفيصل (رحمه الله) قد تنازل له عن جزء من بيته (تقريبا متر أو أكثر بطول البيت) للتوسيع على ذلك الجار.
ولقد عايشنا تلك الفترة, والتي كان يستخدم فيها الدّراجة الهوائية (السيكل) في تنقلاته اليومية, معتمدا على نفسه, وذكر لي بعض أبنائه أنه (أي أبوفيصل) تعرض لحادث قرب محلة الحزم, حيث صدمته سيارته بالقرب من متوسطة سعد بن أبى وقاص. وأصيب إصابات بسيطة, وعندما نزل سائق السيارة ليطمئن عليه, فقال له أبوفيصل :
اذهب لحال سبيلك حتى لا تقع في مشكلة مع المرور. وهذا ينم عن طيب معدنه وسمو نفسه. وكان (رحمه الله) غزير الدمعة على مصاب سيد الشهداء, وكان في شبابه من المساهمين النشطين في إقامة حلقات العزاء بحسينية السادة بالشعبة, مع أبناء عمومته من آل المؤمن ومع المرحوم ملا عبدالرزاق بن علي المؤمن.
ومن مظاهر حبه للخير والعطاء, نقل لنا هذه القصة:
كان ذلك قبل عشرات السنين, حيث كان هناك أعمال بناء في بيت الحاج المرحوم علي بن أحمد البحراني (والد الحاج الشيخ عبدالكريم البحراني), في بيتهم بمحلة الشعبة القديمة, قرب المسجد الجامع. ففي أحد الأيام سقط أحد الجدران حديثة البناء على العاملين في ذلك اليوم, وتصوب جراء ذلك أغلب العاملين, فهناك من اصيب بكسور وآخرين بإصابات مختلفة. فتم إخطار الحاج عيسى المؤمن بالموضوع, وهب مسرعاً على الدراجة الهوائية (السيكل), وبعد معاينة المصابين, ذهب لمحله حيث أحضر لوازم العلاج (البيض, والخشب, والقماش, وغيرها), وباشر بعلاج المصابين, وحول مجلس الحاج المرحوم علي بن أحمد البحراني إلى غرفة عمليات.
وبعد أن أنهى عمله واطمئن على حالة المصابين جميعا, ونقلهم لبيوتهم, عرض علية مبلغ من المال لقاء ما قام به, فأبى أن يأخذ شيئاً منه. نقل لي هذه الحادثة الخ الفاضل احمد بن الشيخ عبدالكريم البحراني, وهو بدوره سمعها من عمه المرحوم محمد بن الحاج علي البحراني (بوعبدالله). إنتهى.
وهذا مؤشرٌ على أن ما يقوم به من خدمة علاجية للمجتمع كانت دوافعها إنسانية, حيث جبل على حب وبذل الخير والمعروف للغير وفي جميع الظروف.
ومن ذكريات ... يقول :
كنا نرافق الوالد في أثناء ذهابه للحج, وكان أبي يضعني أنا وأخي مهنا (في خرج الناقة), فأنا في جهة وأخي مهنا في الجهة الاخرى, حتى لانسقط ونفقد القافلة. وكان من محبي الحج, حيث قام بأداء فريضة الحج مع والده لأول مرة, ومع عمه / حسين الزين (عدة مرات) وذلك بواسطة الجمال, كذلك رافق أخاه حسين (خمس مرات), وهو الحملادار المعروف.
ولد وترعرع في حي السياسب, وهو الحي الذي كان يسكنه أغلب عائلة المؤمن قبل نزوحهم لحي الشعبة, ثم انتقل إلى حوش المؤمن, ثم سكن في الشرق لحي السياسب, قرب سوق اللحم. (الجلعة). بعدها سكن بجوار المسجد الجامع بالشعبة. وبعد ذلك بنى له بيتاً من شركة أرامكو في منطقة الحزم (قرب بلدية المبرز). وبعد تركه العمل في أرامكو سكن بشقة في عمارته في شارع بوعظم, ثم انتقل في بيت بجوار براحة المصبغة (قرب بيت الشيخ داود الكعبي), وبعدها سكن في الشعبة الجديدة (قرب خزان الجبر), , وأخيراً استقر في بيته بحي المسعودي (شمال مسجد الإمام العسكري).
ومن ذكريات (أبوفيصل) أن والده المرحوم يوسف بن محمد المؤمن كان حملادار معروف على مستوى المنطقة, وأنه سمع أن والده كان ضمن من حارب مع جيش الملك عبدالعزيز آل سعود في معركة كنزان ضد العجمان(4). وقد أصيب بجروح عميقة نتيجة لتعرضه لطلقات نارية في بطنه, وقامت على علاجه امرأة من أهل البادية. وكما ينقل الحاج محمد بن إبراهيم بن عبدالله المؤمن (بوعبد الواحد), يقول: "عاد المرحوم يوسف بن محمد بن الشيخ عبدالله المؤمن, كان بطنه مربوطاً من أثر الإصابة في تلك المعركة". توفي يوسف المؤمن (رحمه الله) في البحرين أثناء رحلة علاجية, ودفن في منطقة راس الرمان. وأما عمه فهو (أي عم الحاج عيسى المؤمن) فهو الحاج حسين الزين, وهو حملادار. وكذلك عمه الحاج وائل المؤمن, وهو معروف على مستوى الخليج, وكان يقوم على رعاية الحجاج من إيران والعراق والكويت.
ومن ذكريات أبنائه معه :
كان يؤكد على الذهاب إلى المساجد والمحافظة على الأمور العبادية. كما عرف عنه التأكيد على الإهتمام بالدراسة والتعليم. يوصي بحسن الآلة (أي بالجودة عند إختيار معدة أو أدوات كهربائية), والحث على مساعدة الآخرين وتقديم المعروف للناس وإغاثة الملهوف
يتذكر أبناؤه, أنه عندما يهم أحدهم (أو من يحضر مجلسه) للذهاب للمسجد, كان دائما يردد: (هنياً لمن وفق), أي هنيئاً لمن وفق لتلبية هذا النداء الرباني لأداء الصلاة في المساجد, وهو ينسب هذه المقولة للمرحوم الشيخ عبدالله بن حسن السيمن (العنبر) رحمه الله. وكان دائما يردد هذا المثل القديم : إن صبرتم ظفرتم والدهر جاري... وإن ما صبرتوا... ماظفرتم والدهر جاري.
محبا للخير ساعيا لبذله (فقد أوصى إحدى بناته بالتبرع بأول راتب لها من وظيفتها لأعمال البر, وقد عملت بوصيته). ويتذكر ابنه فيصل : "أن والده كان يضع خيمة بقرب عين نجم (في طريق العضيلة) لخدمة الحجيج, وتقديم الماء والزاد لهم في أثناء عودتهم بعد أداء فريضة الحج والزيارة".
وذكر لنا الأخ عبدالكريم بن الحاج عبدالوهاب المؤمن (بونايف) أنه يتذكر :
عندما كان أبوفيصل يسكن في محلة الحزم, وقد جِيئ له بطفلة من أهل البادية, وقد سقطت على شحنة من الصخر, وكانت مصابة بعدة كسور ورضوض, وقد تمكن بوفيصل من علاجها وذلك بفضل من الله. ويضيف أبونايف: كان بوفيصل مثلاً للكرم والبذل, فقد كنا ونحن صغار, نفرح بقدومه في الحوش في مناسبات الأعياد, وكان يحمل معه كمية كبيرة من المال, يحرص على توزيعها على أبناء عمومته وجيرانه ومحبيه. آنتهئ.
نهاية المطاف
أعد الحاج عيسى المؤمن (رحمه الله), كفنه واللوح الذي يستخدم في اللحد, وكذلك أدوات حفر القبر, قبل حوالي خمسة وعشرين عاما من تاريخ وفاته, وكان دائما ما يشير إلى مكان تلك الحقيبة والتي وضع فيها الكفن ومتعلقاته, وهذه خطوة ملفته في شخصيته. كما تشير وقفية حسينية الأحسائين بكربلاء لأسماء بعض المساهمين في تأسيس ذلك المشروع, وكان من ضمنهم بوفيصل (رحمه الله). علما أن الحسينية الكربلائية للأحسائين بالعراق قد تأسست عام 1374 هـ(5).
وعندما التقيته قبل عام من وفاته, كان يعاني من ضعف شديد في السمع, وعدم وضوح في النطق جراء المرض, ولكن الملاحظ أن ذاكرته لا تزل قوية, وخصوصا عندما يسترجع المعلومات القديمة. فكان يتحدث عن عمله في أرامكو, وعدد لنا أسماء زملائه ورقم بطاقة العمل, وشرح لنا بعض النقاط باللغة الإنجليزية وبوضوح.
وعندما سألته عن الصورة المعلقة فوق سريره, والتي تجمعه مع سماحة السيد علي بن المقدس السيد ناصر السلمان (عندما كان شابا), حدثنى عن الصورة, وأنها كانت في مدينة النجف الأشراف, وذلك في إحدى زياراته للعتبات المقدسة. وبعد هذه الرحلة الحافلة بالعمل المثمر, انتقل المرحوم عيسى المؤمن إلى رحمة الله في فجر يوم الثلاثاء بتاريخ 8/3/1433 هـ. وأقيمت له فاتحة في الأحساء والدمام, وفي الأحساء اعتلى المنبر الشيخ أنور المؤمن, والشيخ عبدالعزيز الفهيد, حيث تم عرض بعضاً من شمائل الفقيد وأعماله. وأن له أيادٍ بيضاء على الكثيرين.
وقد رثاه الشاعر قصي بن ملا عبدالرزاق المؤمن بقصيدة(6), يقول :
تمتم الحب فكـــــــــانت لغة |
|
سطرت معناك بين العظماء |
فلك الأحساء تبكي أســــفاً |
|
حق أن تبكي رجالاً نبــــــلاء |
آثروا الناس على أنفســـهم |
|
ثم كانوا سند للضعفـــــــــاء |
بلسم الأرواح ياعســى وكم |
|
كنت للأم طـــــــــــــب ودواء |
وبكفين إذا مـــــــــــــــا مرتا |
|
فوق كسر كانتا سر الشفاء |
لعقود تسعة كنت بهــــــــــا |
|
لمحبيك منــــــــــــارا وضياء |
قد مضيت اليوم روحا ملؤها |
|
من حصاد العمر جودا ووفاء |
|
|
|
من عادة بعض الشعوب, الحرص على تخليد أسماء العاملين لخدمة المجتمع, وهناك أمنية أرجو أن نطلق كمجتمع أسم (الحاج عيسى المؤمن) على الشارع الذي يقع عليه بيته بحي االمسعودي, كنوع من الشكر لهذا الرجل والذي أحب الناس وأحبوه. فرحمة الله عليه وأسكنه فسيح جنانه.
جديد الموقع
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"
- 2024-04-29 جمعية العمران الخيرية بالاحساء للخدمات الاجتماعية تحظى بتكريم مرموق من مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري .
- 2024-04-29 مبادرة خطوة قبل الشكوى تبدأ فعالياتها بتأهيل اناث الدمام