2010/06/21 | 0 | 2795
الحاج عبدالرزاق المؤمن - سيرة ذاتية
لاسيما في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجريِّ؛ فهو يعتبرُ من الرعيل الأول (لرواديد) العزاء في المنطقة، حيث استطاع أن ينقلَ العزاء الحسينيَّ في مدينة المبرز- بل وفي المنطقة- من الشكل التقليديِّ إلى طريقة الحلقاتِ المعمول بها حاليًّا، فأضفى على مراسم عاشوراء أبى الأحرار، الحماس، وجذب لها الشباب، فأصبحوا عاموده الفقريَّ حضورًا وتفاعلاً. ففي الماضي، كانت مراسم العزاء الرئيسة، تقامُ في الحسينية الهاشمية (والمعروفة بحسينية السادة بالشعبة)، بمدينة المبرز.
وبعد عودته إلى البلاد، عملَ في شركاتِ المقاولاتِ في عدة مناطق نائية مثل: أبقيق، وعين دار، وغيرها. وفي فترة لاحقة، التحق بشركة (أرامكو) موظفًا لمدة سنتين. وأخيرًا افتتحَ له ورشة حدادة خاصة به في جنوب المبرز لتصنيع الأبواب والشبابيك الحديدية الحديثة، وكان موقع هذه الورشة في جنوب قهوة بوسعيد سابقًا، (على امتداد شارع المتنبي، غربي البقالة العالمية بالمبرز حاليًّا).
عُرف عنه - رحمه الله- عشقه لخدمة مجالس سيد الشهداء. ففي الأحساء انخرط مبكرًا مشاركًا في إحياء مجالس عزاء أبى عبد الله الحسين -عليه السلام- فقادَ العزاء، ونقله من الطريقة التقليدية المعروفة (بالعزاويِّ) إلى طريقة الحلقاتِ، متأثرًا بالعزاء في العراق بقيادة الحاج حمزة الزغير وغيره.
كان العزاء (اللَّطم) في السابق، يعتمدُ على الكلماتِ البسيطة، وردادياتِ ملا عطية الجمريِّ، أومراثي الملاَّ عليِّ بن فايز الأحسائيِّ، وغيرهم. حيث كان اللاطمون وهم في الغالب كبار السن يجلسون على الأرض، بينما يقف الأطفال أمام المنبر. وكانت الردادية (وهي أبيات من الرثاء) تُلقى بعد المأتم. ومن ضمن من يلقونَ ردادية العزاء الملا عليُّ بن حسن الدجانيِّ. ويقول الشيخ حسين بن عليِّ البوخضر: إنه يعتقد أن هذا النوع من العزاء كانت بداياته في حدود العام ١٣٧٠هـ، وبإشراف السيد محمد السيد حسين العليِّ ورعايته.
وبعد رجوع عشيرة آل مؤمن من الجزيرة إلى البلاد في عام ١٣٧٤هـ، دخل العزاء في هذه المرحلة (طورًا) جديدًا من التنظيم والإلقاء لم تعهده المنطقة من قبل؛ فأقيم العزاء في الحسينية الهاشمية (السادة) على شكل حلقاتٍ تتكون من حلقة أوأكثر، يجتمع فيها عددٌ كبير من اللاطمين، يتوسطهم عددٌ صغير من الشباب الحماسيين، حيث يقوم المشاركون بترديد مقطع من مقاطع المرثية، وهم يلطمون بأيديهم على صدورهم بضرباتٍ خفيفة، في ايقاع متواصل، مع صوت (الرادود) الحاج عبدالرزاق المؤمن، والذي كان يقود حركة المشاركين الكبيرة بأدائه الحماسيِّ. وهوأول من قرأ مراثي الإمام الحسين - عليه السلام - واقفًا على المنبر في الحسينية الهاشمية بالشعبة، فأقبل الشبابُ والكهول على العزاء الحسينيِّ وصاروا يمثلون السواد الأعظم من المشاركين في تلك المرحلة.
يُعتبر الحاج عبدالرزاق المؤمن أول من قاد العزاء في مدينة المبرز بطوره الجديد (والذي عُرف بنظام الحلقاتِ)، وكانت بداياته وهو في العشرين من عمره. فاعتمد في تلك الفترة على القصائد التي تُصوِّر المصاب وتبثُّ في نفوس المعزين النخوة والحماس، من كتاب (المنظوراتِ) للشيخ منذور الكربلائيِّ، وكتاب عبدالحسين الشرع، وكتاب عبدالأمير الفتلاويِّ، وبعض القصائد التي كان يلقيها الحاجُّ حمزة الزغير.
كان لتشجيع السيد محمد السيد حسين العليِّ (القاضي) ورعايته، أكبر الأثر في تبنِّي هذه المواهب الفتية. ونقلَ لنا الحاج إسماعيل بن عبدالكريم المؤمن - حفظه الله- وهومن المساهمين الفاعلين في العزاء في تلك الفترة، يقول: "إن السيد محمد السيد حسين العليِّ (أباعدنان)، كان هو المشرف العام على العزاء الحسينيِّ في حيِّ الشعبة، يساعده في ذلك السيد محمد السيد ناصر السلمان، وكان يحرص على حضورِ مراسم العزاء بنفسه في الصباح والليل". ويقول الحاج إسماعيل المؤمن: "إن السيد محمد السيد حسين العليِّ، كان يوجه ويشجع القائمين على العزاء، ويحثُ الجميع على المشاركة والحضور، بل كان يوزع بعض المال على القائمين على العزاء كنوعٍ من الدعم والتشجيع". وفي هذه الفترة، أدخلت ولأول مرة في المنطقة، الهوسة العراقية في مراسم العزاء، في حيِّ الشعبة، وكان ذلك بقيادة آل المؤمن في المبرز. ويمكن اعتبار نهاية السبعينات من القرن الرابع عشر الهجريِّ هي بداية التحول للطور الجديد في عزاء أبي الأحرار في المنطقة.
وفي هذه الفترة برزت على الساحة موهبةٌ عزائية أخرى، لشابٍ يافع لم يبلغ الثالثة عشر من العمر، عشق الحسين ورسالته، فانخرط في تلك المواكب الحسينية مبكرًا، وقاد تلك المناسبات بعد ذلك ولأكثر من خمسة عقود من الزمن بفاعلية وحماس متجدد، ساعده في ذلك صوته الجهوريُّ، وحبه وتعلقه بسيد الشهداء ورسالته، ألا وهو (خادم الحسين) الحاج مهدي بن عبدالكريم المؤمن (أبومؤيد).
ولد الحاجُّ مهدي المؤمن في محافظة البصرة بالعراق في عام ١٣٦١هـ، فترعرع هناك، حتى سن الثانية عشر، عندما عاد مع أسرته إلى موطنهم الأصليِّ (الأحساء)، والتحق بمتوسطة خالد بن الوليد بالمبرز. استمر في خدمة عزاء سيد الشهداء حتى العام ١٤٢٩هـ، عندما نزح الى مدينة الدمام لأسباب صحيَّة. تربطه بسماحة السيد محمد عليِّ السيد هاشم العليِّ، علاقة ودٍّ وتقدير متبادل، وذلك لوجود عامل مشترك بينهما، وهو التفاني في خدمة سيد الشهداء - عليه السلام- وقد أضفى الحاجُّ مهدي المؤمن على عزاء المسجد الجامع في عاشوراء طابعًا متميزًا، وأولاه عناية خاصة، وحرص المؤمنون من جميع مدن وقرى الأحساء على حضور تلك المناسبات، والتفاعل معها.
ومن الجوانب المثيرة للإعجاب في شخصية الحاج عبدالرزاق المؤمن (رحمه الله)، حبه الشديد للأطفال على وجه العموم، فكان يكثر من مداعبتهم، ولم يقتصر في هذا على أطفاله وصغار عشيرته، بل امتد عطفه وحبه إلى أطفال الجيران. وبحكم الجيرة، لاحظناه دائمًا وهو يعمل جاهدًا على أن يُدخِلَ البسمة والسرور على الأطفال وأن يعلمهم ويربيهم على الخلق الرفيع؛ ففي أحد الأيام سَمعَ الحاجُّ عبدالرزاق، أحد أطفال الحيِّ، وهويقول كلمة نابية لطفل آخر في الشارع، فذهب الى بيته وأحضرَ- رحمه الله- كأسًا به ماءٌ نظيفٌ، وطلبَ من هذا الطفل أن يُخرَج لسانه، وقام بغسل لسان الطفل، وقال له: يا بُنيَّ، الآن وقد غسلنا لسانك من تلك الكلماتِ ولسانك الآن نظيفٌ فلا تعُد إلى هذا الكلام! فابتسم الطفلُ بعد أن استوعب الرسالة.
وكان الحاجُّ عبدالرزاق المؤمن معروفًا بحبه للدعابة والمرح، ولكن باتزان يتفق مع هيبته ووقاره؛ فكان يساهم في إحياء مناسبات زواج وأفراح آل مؤمن في الأحساء، وذلك بقراءة المولد، وإلقاء بعض الأشعار، وبعض المواقف الفكاهية التي تضفي على المناسبة روح البهجة والسرور.
ومن مظاهر حبه لمجالس سيد الشهداء، حرصه الشديد على إقامة المآتم الحسينية، للعمال في مناطق أعمالهم، عندما كان يعمل في مناطق نائية مثل أبقيق وغيرها.
تزوج - رحمه الله- من ابنة عمه الفاضلة (أم منتظر)، ورُزق منها بأربعة بنين، وهم: منتظر (عبدالله)، وخالد، وقصيٌّ، وعليٌّ. وخمس بنات صالحاتٍ. وقد عُرف عنهم جميعًا التفاني في خدمة آل العترة الأطهار. ونَحى ابنه (قصيٌّ) منحى أبيه، في عشقه لعزاء سيد الشهداء، كأحد الرواديد الشباب، إلا أن الحسَّ الشعريَّ غلب ما جُبلَ عليه هذا الشاب، حتى غدا ينظم الكثير من القصائد العزائية والولائية النفيسة، في مراثي وأفراح أهل البيت -عليهم السلام- حتى وقتنا الحاضر.
انتقل الحاج عبدالرزاق المؤمن إلى رحاب ربه في ٢١/١٠/١٤٠٠هـ، ودُفن في مقبرة الشعبة، وبهذا فقدت ساحة العزاء عنصرًا فاعلاً كان له الدور الأكبر في ساحة أبى الأحرار - عليه السلام -. وقد أقيمت له مجالس العزاء في الأحساء، والكويت، وخوزستان. واستمرت الفاتحة لمدة سبعة أيام كما ذكر المقربون منه، لكثرة المحبين له والمعزين فيه.
وعلى الرغم من فترة حياته القصيرة، إلا أنَّ الحاجَّ عبدالرزاق المؤمن، استطاع أن يسجل اسمه في سجلِّ سيد الشهداء - عليه السلام- خادمًا للمنبر، ومحبًّا للخير وأهله، حنونًا على الأطفال، وشغوفًا بإسعادهم. فرحمة الله عليك (أبا منتظر)، وأسكنكَ فسيحَ جنانه.
جديد الموقع
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"
- 2024-04-29 جمعية العمران الخيرية بالاحساء للخدمات الاجتماعية تحظى بتكريم مرموق من مركز الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري .
- 2024-04-29 مبادرة خطوة قبل الشكوى تبدأ فعالياتها بتأهيل اناث الدمام