
2025/02/16 | 0 | 517
استقرار الرأي: بين الثبات والمرونة
في عالمٍ تتسارع فيه وتيرة التغيير، وتتصارع فيه الأفكار بلا هوادة، يبرز مفهوم "استقرار الرأي" كقيمةٍ تُحفظ بها الهُوية الفردية والجماعية، وتُبنى عليها القرارات المصيرية. لكن ما المقصود باستقرار الرأي؟ وهل يعني التمسك بالرأي دون مراجعة، أم أنه توازنٌ بين الثبات على المبادئ والانفتاح على الجديد؟ هذا المقال يستكشف أبعاد هذا المفهوم، ويطرح رؤيةً لتحقيق استقرارٍ فكريٍّ صحيٍّ في زمنٍ يموج بالاضطرابات.
استقرار الرأي: التعريف والأهمية
يُقصد باستقرار الرأي قدرة الفرد أو الجماعة على الحفاظ على وجهات نظر مُتسقةٍ وقابلةٍ للدفاع، تستند إلى أسسٍ عقلانيةٍ أو قيم راسخة. هذا الاستقرار لا يعني الجمود، بل يُشكل مرجعيةً تُسهم في بناء الثقة بالنفس وبالآخرين، خاصةً في المجالات التي تتطلب اتخاذ قراراتٍ حاسمة، في كل المجالات كالقيادة والسياسة والإدارة والفكر وغيرها . فالشخص ذو الرأي المستقر يُصبح مرجعاً يُعتمد عليه، بينما تُواجه المجتمعات ذات الرؤية الواضحة التحديات بوعيٍ أكبر.
التحدي: حين يتحول الاستقرار إلى تعصب
لكن الخطر يكمن حين يتحول استقرار الرأي إلى انغلاقٍ يُرفض معه أي نقدٍ أو تجديد. التاريخ مليءٌ بأمثلةٍ عن أفكارٍ ثبت خطؤها، لكن التعصب لها أدى إلى كوارث، كالنظريات العنصرية أو المعتقدات الطائفية. هنا يبرز الفرق بين "الثبات على المبدأ" و"التعصب للرأي": الأول قائمٌ على الفهم النقدي، والثاني نتاجُ انعدام المرونة الفكرية. يقول ابن خلدون: «الرأي لا يُستعار، وإنما يُبنى بالعلم والتجربة»، مما يؤكد أن الاستقرار الحقيقي للرأي يحتاج إلى أساسٍ متينٍ من المعرفة.
المرونة: شرطٌ لاستقرارٍ ديناميكي
لا ينفي استقرار الرأي ضرورة المراجعة والتطوير. فالعالم يتغير، والمعلومات الجديدة تفرض إعادة تقييم الآراء. العلماء، مثلاً، يُعدلون نظرياتهم عند ظهور أدلةٍ تُناقضها، لكن ذلك لا يُضعف استقرار منهجهم العلمي، بل يُعمقه. الفيلسوف اليوناني هيراقليطس قال: «التغيير هو القانون الوحيد الثابت»، وهذا ينطبق على الرأي أيضاً. فالاستقرار الصحي هو ذاك الذي يسمح بالنمو، كالشجرة التي تثبت جذورها في الأرض بينما تتفرع أغصانها نحو السماء.
من عوامل تحقيق الاستقرار المتوازن حسب رأيي المتواضع هي :
1.المعرفة العميقة : الرأي المستقر يُبنى على فهمٍ شموليٍ للقضية، لا على الانطباعات السطحية.
2.النقد الذاتي : القدرة على مساءلة الذات وتقبُّل النقد تُجنب الوقوع في فخ التعصب.
3.التفريق بين الجوهري والعرضي : الثبات على القيم الجوهرية (كالعدل والحرية الفكرية ) لا يعني التمسك بالتفاصيل العرضية التي قد تتغير بمرور الزمن.
4. الحوار البنّاء : التفاعل مع آراء الآخرين يُثري الفكر ويُجنبه الجمود.
استقرار الرأي في عصر التكنولوجيا المتطوره والاضطرابات في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُغرقنا المعلومات المتناقضة بكم هائل من الآراء، وهنا يصبح استقرار الرأي تحديًا أكبر. البعض يُصاب بحيرة الرأي فيتقلب بين الاتجاهات، والآخرون يتشبثون بآرائهم كرد فعلٍ للخوف من التغيير. الحل هنا يكمن في تبني "المرونة الواعية": أن نتمسك بثوابتنا، لكن بأعينٍ مفتوحةٍ على حقائق العالم المتغيرة، مستخدمين الأدوات النقدية لتمييز الصحيح من الزائف.
ولتحقيق رأيٍ مستقرٍ وحيوي بالنسبة لإستقرار الرأي بإعتباره ليس غايةً في ذاته، بل وسيلةٌ لتحقيق الاتزان الفكري والاجتماعي. إنه الجسر بين الماضي والمستقبل، حيث نحمي تراثنا الفكري دون أن نحبسه في قوالب جامدة. كما قال الإمام الشافعي: «رأيي صوابٌ يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأٌ يحتمل الصواب». فبالجمع بين الثبات على المبادئ والانفتاح على الحكمة، نصنع رأياً مستقراً يُثري الحياة ولا يُقيّدها تجعل صاحبها مبدع في آرائه .
جديد الموقع
- 2025-02-22 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس
- 2025-02-21 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس
- 2025-02-21 سمو محافظ الأحساء يشهد ختام منتدى الأحساء 2025
- 2025-02-21 "الأحساء في تدوين المؤرخ المتخصص"
- 2025-02-21 دار مكتوب تكرّم نادي فضاء الكتّاب وتؤكد دعمها المستمر للأدب والثقافة.
- 2025-02-21 الأمين العام لجمعية الكشافة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة يوم التأسيس
- 2025-02-21 وكيل إمارة الشرقية: يوم التأسيس مناسبة وطنية نستذكر فيها مراحل بناء وتطور وطننا الغالي
- 2025-02-21 فعاليات وطنية في احتفاء أمانة الاحساء بيوم التأسيس
- 2025-02-21 تاريخ مجيد
- 2025-02-21 يوم التأسيس ذكرى تتجدد