2022/02/04 | 0 | 1421
أزمة المنبر الحسيني صراع مدرستين
في أحد التسجيلات لمكاشفات عميد المنبر الحسيني الشيخ الراحل أحمد الوائلي ، قابله أحد الحضور باستدراك استفهامي عن جدوى استنزاف الاموال التي يتقاضاها الخطيب الحسيني بثقل الوائلي والتي تتجاوز الحدود الاعتيادية لعموم الخطباء ، فكانت اجابته رحمة الله عليه بأن المبلغ يحتاج لما يشد من عزمه ويسنده نحو متابعة البحوث واللقاءات وحضور المهرجانات التبليغية كونه واجهة للتشيع .
اجابة سماحة الشيخ موضوعية بامتياز قبالة ما قدمه خلال مشواره الذي لم ينتهي بموته وانما ننعم بغزير فكره حتى اللحظة وما بعدها فهو مثل انموذج ومدرسة يحتذى بها في رسم معالم التشييع الحقيقي ، وهنا علينا الوقوف حد الفصل بين الممكن والمأمول من خطيب المنبر الحسيني وما له وما عليه حتى نرسم الدور المثالي الذي نطالبه به لنستوفي حقه بجدارة .
نظرة بسيطة في مجمل الحسينيات الاحسائية لنلحظ تنامي مدارس خطابية انتزعت الاضواء انتزاعاً فزهت وتنامت وجمدت مدارس أصيلة واختفت أخرى .
تمثل الاحساء مركز متقدم للخطاب الحسيني الموضوعي استطاع الصمود والنمو رغم ما ينتابه بين فترات متقطعة من تضييق استطاع رواد هذه المهنة من التعايش الايجابي واستغلالها كنقطة قوة للاستمرار والتحدي.
ورغم شح الموارد العلمية وانقطاع الجو العام للخطابة من الفعاليات العامة لنشر المعارف كتنظيم معارض الكتاب أو المشاركة فيها ومحدودية الاطلاع على الابحاث العلمية ،إلا أن النتاج مبهر والذوق العامة لتمييز الخطاب يحتل مكانة مرموقة بولادة جيل يتع جيل سابق استطاع المبلغ الاحسائي أن يحتل مركز متقدم في الاوساط الشيعية عامة بجودة وأصالة الخطاب بل وموضوعيته حتى تبلوت مدرسة أحسائية المعالم ذات بصمة مميزة بلهجتها واسلوبها العلمي وأطوارها الشعرية .
من المؤسف حقاً أن هذا الاكتساب الفطري والطبيعي لا يخضع لنظام حماية من الغزو والاستحقاق حتى خرج علينا في الآونة الأخير كثير من المزاحمين وببضاعة بخس لا ترقى لأصالة كل هذه التضحيات بل وتحتل المركزية وضرب المثل على حساب أهل الاستحقاق ، فنجد المنشد والناعي على حد المساواة مع الباحث والمفكر ليهبط المزاج العام دون مستوى حقيقة المشهد الواقعي وانما الخيالي .
قلنا أن واجب الراعي للمجلس الحسيني هو تقدير جهد الخطيب بما يلائم خطابه من حيث الاعداد والقيمة النهائية لبحثه ، ولا شك أن ما يقوم به الباحث من استقصاء علمي يكلفه جهد واطلاع ومتابعات تستلزم شراء كتب وابحاث وحضور فاعل في الندوات والمهرجانات العلمية لتحري الدقة في التحصيل ليخرج لنا هذا الخطيب لب الحقيقة ومنتهى الفكرة بخلاصة تتلقاها عقولنا وتهضمها بحجة علمية جاهزة .
لكن ما يقوم به خطباء الانشاد والنواعي فهو استنساخ للجاهز على مستوى الكلمة أو الطور الشعري وحتى الحديث فهو لا يعدو عن الخبر بالتنقل من رأي او رواية الى أخرى دونما التركيز على أصول استنطاقها السندي او المتن ، والبعض يردد بعض الآراء الجاهزة المعلبة لبعض الفضلاء دون الاستعداد للمواجهة وانما يحيلك الى مواجهة العلماء كتهمة حال الاستدراك فهو غير مؤهل للمنهج التحليلي وانما حاله كناقل فقط .
اذا كان دور المنبر الحسيني أن يتحول من منصة وعي وتوجيه الى دكاكين يعتاش عليها البعض بتفاوت العرض والطلب فهي الخيانة لتضحيات الامام الحسين عليه السلام ولا مجال لتعويض القيمة الحقيقية لجهد الخطيب بحفنة من الاموال لأنها ببساطة تهوين للمنبر ونقطة ضعف لاختراقه وتمييعه في المجتمع حتى يصبح وسيلة ترويح فقط تتناغم به المزاجات لتبرر لذواتها الاخلاص في خدمة الامام الحسين عليه السلام .
ان ما يحدث حالياً من غزو لفئة المنشدين على حساب الباحث والمفكر والعالم لهي ظلامة حقيقة للمنبر فها نحن نتابع المنبر في معظم الحسينيات لنجد تحييد واحجام واضح لخطباء المنهج التحليلي الموضوعي حتى لا نظفر الا بخطيب واحد فقط كل شهرين قبالة خطباء الخبر والانشاد الذين لا إضافة وإسهام لهم للوعي الديني (في حال قللنا من خطر شبهاتهم التي في بعض الاحيان تكون على حساب السيرة ) ،هؤلاء الخطباء يحتلون المساحة الاكبر من شغل المنبر بل وبتقدير أكثر من خطباء المنهج الموضوعي .
هذا الميزان المعوج يجب أن يتصدى له أهل الحكمة من المجتمع ، حيث التحدي يتفاقم على مستوى التقنيات والقنوات الفضائية ووسائل التواصل الاجتماعي والتي تحتم علينا مواجهة الشبهات بالعلم والادراك لا بالبكاء والعويل .
على مثقفي المجتمع وأهل الرأي والحصافة أن يبادروا لنصرة المفكر والباحث من طلبة العلوم الدينية وخطباء المنبر الذي أجهدوا أنفسهم لرقي المنبر الحسيني وتفعيل دوره الاجتماعي في التهذيب والحصانة ، عليهم تغليب هذا المنهج ولا نريد من حديثنا الغاء جهد المنشد ولكن لا أن يقدم على الخطيب الموضوعي .
من هنا أرى من اللازم بلورة مفهوم الدرجة للخطيب وأن تتصدى المراكز العلمية ( كالحوزات والمعاهد الخاصة بتخريج الخطباء والتي استحدثت مؤخراً) لتقييم الخطيب ومنحه درجة استحقاق نستطيع بها تمييز الخطيب بجهده وعطاءه كما هو الحاصل مع فئة اساتذة الجامعات فمع كل اضافة بحثية ترتقي درجته العلمية والجامعية .
كما أوصي متعهدي الحسينيات أن لا يبخسوا الخطيب الباحث حقه بمساواته والخطيب المنشد في الأجر والمشقة وعلينا مكافئته بما يعينه ويشد من عضده نحو الاستمرار في البحث والعطاء والتوجيه كون المصلحة العليا للمنبر هي تنشئة الفرد والمجتمع على حد سواء وبذا نحقق هف الانبياء والائمة عليم الصلاة والسلام.
جديد الموقع
- 2024-05-03 افراح الحدب والقطان في صالة الغانم بالاحساء
- 2024-05-03 نوستولوجيا الحنين للذكريات -قراءة لكتب الأستاذ عبدالله عبدالمحسن الجسم
- 2024-05-03 مشروع الشريك الأدبي وإدارة العمل الثقافي
- 2024-05-02 تزامناً مع اليوم العالمي للصحافة و باستضافة نادي كيو بارك .المعلق الرياضي جعفر الصليح .16 عام أمام المايك في 6 قنوات و المعلق العربي و الأجنبي اضافة لمتعة الكرة السعودية
- 2024-05-02 أفراح العايش والفرحان تهانينا
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية