2020/08/02 | 0 | 1361
أزمة الخطاب الديني بالأحساء (2)
لازال حديثنا عن تشخيص الخطاب الديني كظاهرة حضارية عنيت بها المدارس الدينية كمنهج تبليغ استطاعت من خلاله تكوين مصفوفات بشرية واستطاعت النهوض بالمرحلة التي تعايشها الى مراحل أكثر تقدم ورفعة رغم الصعاب التي عايشها أهل الحل والعقد من كل زمان .
وكما كشفنا في ذيل حديثنا السابق عن مثال لأزمة الخطاب الديني وضرورة أن ينبري أهل المسؤولية في اعداد صياغة متوازنة والحالة التي يعيشها المشهد الفكري الذي تراكمت عبر عقود وقرون حضارة أسسها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآلة وسلم ورعاها النخبة من كل زمان ابتداء بالأئمة عليهم السلام واستكمال ببقية السلف الصالح في عصر الغيبة وهم العلماء المجاهدون رضوان الله عليهم فكانت المواقف تنبئ بعمق وثقة تجاوزت مراحل الخلاف ولم تقف عند حد بل ولم تفقد بريقها في أي عصف أو أزمة فكرية .
نحن نعيش حالياً في زمن لم يعهده أسلافنا ، فالعالم بكامله تحت أنظار المبلغ وفي قبضة يده بل وكل حركة أو همزة هي محل رصد اجتماعي وعليها تبنى المواقف . نعم هذا اقرب تشخيص لهذه المرحلة مما يعطيها زخم المسؤولية العالمية في الخطاب والموقف بل تعتبر مؤشر بين العمق والسطحية .
المشهد الفكري لا يتحمل القفز على الموضوعية والاستدلال كونه ضد المهنية العلمية فمن غير المعقول بل من الخيال أن نقابل فكرة استدلالية بعبارات الزجر والتضليل ودعوات الانحراف ، اذ أن تقدم الآليات في العصر الحاضر كفيل بتمييز الصحيح في الفكر من العقيم .
نعم ، قد ينبري شطر من هذه الأمة يستميت في تثبيت ما تعاهدنا عليه من موروث سواء فقهي أو عقائدي أو فكري على العموم ، ولكن تبقى ضرورة التقدم والارتقاء بما تمثله من نزعه طبيعية بل عفوية هي الدافع نحو الإثارة والبحث بل والتنقيح فإلى متى ندعي الثبات على ما وصل اليه الآباء والأجداد ونحارب التجديد .
قد تكون مقدمتي تحمل جرأه غير معهودة ، ولكن حاجة المذهب لرجال قادرين على تقديم المذهب للعالم كتعريف ومنهج واسلوب حياة تجبرنا على الايمان بضرورة البحث والتجديد وإلا لن ندرك عصر الظهور الذي طالما نختم فروضنا اليومية بتعجيله والذي يعتمد على وصول الأمة لمؤهلاته.
ولكي لا نشعب موضوع الحديث كثيراً ونقتصره على ساحة الاحساء وخطابها الديني وما يحمله من أزمة بين العقلانية وما تفرضه وبين التمسك بما يملى على الساحة مما تحاول بعض الشخصيات تصديره الينا ، حيث أنه وفي العقد الأخير انتشرت ظاهرة غريبة بمجتمعاتنا تتلخص بتزايد تنمر فئة من ابناء المجتمع وتحت غطاء علمائي تجاه فئات وتيارات فكرية أخرى وبعناوين براقة ظاهرها الدفاع عن العقيدة والثبات ولكن واقعها تسقيط بل واعدام لشخصيات فكرية وعلمائية اسهمت في حركة النهضة العلمية للمذهب وقدمته للعالم بلغة العصر اعتقاداً منها بضرورة المكاشفة عن واقعنا المغيب والذي اضحى العوبة حسابات واصطفاف على حساب الحقيقة ، نعم الحقيقة والتي يمعن البعض على فرض الوصاية العلمية والفكرية والمنهجية حتى فسد الشباب و ماعت سلوكياته وأصبح هدر كرامة أهل الفضل والعلم تسلية بيد الشباب الأرعن وأدخلنا عنوة في مهاترة لا تمت للموضوعية بصله بل ينتابها الاسفاف والبعد عن منهج القرآن وتوصيات آل البيت عليهم السلام .
من ذلك نسأل ، أين دور الخطاب الديني الذي نعتد به كمنقذ وملاذ في مثل هذه الملمات العصيبة ؟
ولماذا تغيب شجاعة الخطيب عن تصويب انحراف البوصلة عن سيرة آل البيت عليهم السلام وهو يدعي الدعوة لنهجهم المعتدل .
بل لماذا تخلوا مساجدنا من كلمة شجاعة لتقويم هذا الخلل السلوكي البين والواضح . فعندما تشيع وتستساغ المنبوذ من الكلم وتسفيه المقامات فهل سنجني القيم أم سنجر المجتمع نحو هاوية الانحدار والسقوط السلوكي ،وبحسابات الربح والخسارة ، كم سيجني من يعتقد الصف المتقدم من الربح وهل مغانمه ستعم على كامل اتباع المذهب أم أنها مجرد ترجيح لفئة قبالة فئة أخرى .
أزمة الخطاب الديني ستستمر في حال انزواء أهل الخطاب عن دورهم التاريخي في المواجهة ولن تفيد حالة التغافل إذ أن صاحب التعدي ستزيده اعتباراً ومشروعية والضحية ستعزز له الانحسار وقد يلجأ للتقية داخل المذهب .
قد ننتظر قرار فاصل من مكتب المرجعية الدينية للفصل ووأد هذه الفتن المتلاحقة ، ولكن نلتمس العذر دائماً فليس حال الانحسار من نصيب الضحية فقط وانما قد تعاني منها المرجعية كذلك فما أشبه اليوم بالأمس حينما أحاط بمخيم الامام علي عليه السلام مجتمع الكوفة بعد رفع المصاحف ولولا قبول الامام بالتحكيم لكان طعم التصفية الجسدية والتشويه التاريخي .
وهذا هو حال الأمة عندما تسلك العنف منهجاً قبالة الحوار والموضوعية فلن نجني سوى التراجع والتعطيل وقلة الحيلة .
لذا من اللازم الاشادة بالمنابر التي وقفت ضد هذا الغزو السلوكي بالإمكانات المتواضعة وتقديمها كواجهة لصوت الحكمة مهما علقت معها من تراكمات قد تكون غالبيتها عفوية غير مقصودة ، ولكن يبقى الموقف الذي تناوله بعض الاعلام مشعل للآخرين للاقتداء وتوسيع الآفاق نحو بيئة خالية من عقد المعاداة والدعوات المفتنة بالمجتمع .
جديد الموقع
- 2024-09-19 سمو محافظ الأحساء يشيد بمضامين الخطاب الملكي في افتتاح أعمال السنة الأولى من الدورة التاسعة لمجلس الشورى
- 2024-09-19 أمير الشرقية: الخطاب الملكي أكد على مضي بلادنا لتحقيق المزيد من التطور والازدهار والنماء
- 2024-09-19 سمو نائب أمير الشرقية يشيد بمضامين الخطاب الملكي السنوي
- 2024-09-19 قصيدة النثر باعتبارها صندوقا مملوءا بالذهب
- 2024-09-19 أفراح العباد والبخيت بالمطيرفي تهانينا
- 2024-09-18 التعصب والمتعصبون
- 2024-09-17 الفتيات الصغيرات تستخدم مستحضرات مضادة للشيخوخة شاهدنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. الضرر النفسي الحاصل بسببها أعمق من الضرر الذي أصاب البشرة
- 2024-09-17 التدخين أثناء الحمل يضر بالأم وبالجنين ولاحقًا بمستوى تحصيل الطفل الدراسي
- 2024-09-17 الأدلة لا تفيد بأن من عاشوا خلال المراحل الأخيرة من العصر الحجري في شمال غرب المملكة العربية السعودية قد واجهوا تحديات موجات جفاف مما اضطرّهم الي الترحال، بل عاشوا حياة متقدمة ومزدهرة
- 2024-09-17 ما الصور الذهنية وما فوائدها؟