
2025/09/13 | 0 | 115
القراءة في كتاب في ذكرى العلامة الشيخ حسين الخليفة
قراءة في كتاب في ذكرى العلامة الشيخ حسين الخليفة – مواقف وذكريات – بمناسبة مرور عشرون عاما على رحيله، للمؤلف/ م. عبد الله محمد البحراني، الطبعة الأولى:1446هــ /2025م
جدتي والسراج:
أتذكر جدتي (آمنة بنت عبد الله البحراني) والتي رحلت لدار الآخرة عام 1399 هجري، وكنت شاباً يافعاً، أتذكرها وهي ترفع وجبة إفطارها الرمضاني يومياً لترسلها لأحد بيوت المعوزين من الجيران أيام الكفاف وقبل زمن الوفرة، حيث تكتفي هي بتمرات وقليل من اللبن، أو ما يتبقى من سفرة الرجال.
وفي أحد الأيام سألتها والدتي (أم عبد الله): لماذا يا خالة تجسّمين (توزعين) فطورك يومياً وأنت في حاجة إليه بعد جوع الصيام؟!.فقالت الجدة: لو كنا نسير في طريق مظلم وعندنا سراج؛ فهل نضعه أمامنا أم خلفنا؟
واليوم أنا أقدم سراجي يا بنيتي.
وأنا أقول: إن مثل عمل الخير كسراج نضيء به حياتنا هذه لننعم بضوئه في دار الآخرة وها أنا أقدم الآن: سيرة سماحة العلامة الشيخ (حسين الخليفة) كسراج يضيء لحياتنا وحياة الأجيال القادمة.
السيرة الذاتية:
الشيخ حسين بن الشيخ محمد الخليفة من مواليد الأحساء عام 1321 هجري بمدينة المبرز في حي السياسب، ويعتقد بأن بدايات مدينة المبرّز كانت قرية صغيرة تسمى العيوني (نواة المدينة) ثم أخذت هذه القرية في النمو والتمدد، ونشأ من حولها عدة أحياء (العتبان والقديمات والمجابل والشعبة وحي السياسب)، حتى أصبحت مدينة تضم عدداً من الأحياء، واكتسبت المبرز أهميتها بعد أن اتخذها آل حميد من بني خالد عاصمة لهم في الأحساء.
حياته الأسرية:
جدهم الأكبر الشيخ حسين الخليفة (الكبير) بن محمد بن خليفة بن حسين بن سعد آل بن سعد اللومة المتوفى عام 1322 هجري، وإليه ترجع أسرة الخليفة. وهناك عدة أسر في الأحساء تحمل اسم (الخليفة)، لكن شيخنا ينتمي للأسرة التي سكنت حي السياسب بالمبرز.
سماته الشخصية:
سماحة الشيخ حسين الخليفة طويل القامة رشيق الجسم بشرته بيضاء بحمرة، يلبس الخفيف من الثياب، لا يميل إلى التأنق في ملبسه وهندامه، ومن لا يعرفه لا يفرق بينه وبين الشيبة الجلوس معه لتواضعه، أريحي عقلاني (غير انفعالي)، قليل الشكوى يبقي آلامه وهمومه في داخله.
لم يكن يلقي مواعظاً دينية أو خطبة بعد الصلاة، لكنه يجسد دائماً مكارم الأخلاق الكريمة في تعامله، ويغلب على جلسائه البسطاء وكبار السن، يتعامل معهم ويمازحهم وكأنه أحدهم، والزهد والتقى سمات بارزة في شخصيته، لا يتكلف أو يتصنع التواضع.
بيت سكناه:
سكن في حي السياسب بالمبرز القديمة حيث منزل والده وبقية الأسرة، وبعد عودة الشيخ من العراق عام 1381 هـ سكن بحي السياسب لفترة قصيرة حتى شيد له منزلاً بحي غصيبة في شمال المبرز، وشاهده بعض الناس يقيم صلاة الجماعة بمنزله في غصيبة قبل بناء المسجد والحسينية المجاورة لمنزله.
سيرته العلمية:
تلقى علومه الأولية بالأحساء لدى والده الشيخ محمد، وعمه الشيخ محسن الخليفة، الشيخ محمد البن سعد، وعمه الشيخ صالح بن الشيخ حسين الخليفة، والسيد محمد السيد حسين العلي (1388هــ)، وفي عام 1349 هـ سافر إلى العراق للدراسة بمعية أخيه الشيخ صادق وابن عمه الشيخ عبد الله بن الشيخ محسن الخليفة (1406هـ).
وبقي شيخنا الفاضل في العراق لأكثر من ثلاثة عقود (1349 - 1381) منشغلاً بالدراسة والتدريس، وقد حضر دروس كبار علماء النجف، منهم:
1 - خاله / السيد ناصر السيد هاشم السلمان. 2- الشيخ محمد رضا آل ياسين.
3-السيد حسين السيد علي الحمامي.4- السيد محسن الحكيم.
5- السيد محمد باقر الشخص.6 - السيد محمود الشاهرودي.7- والسيد أبو القاسم الخوئي
قصة عودته إلى البلاد:
وهذه قصة عودته النهائية إلى البلاد عام 1381 هـ، في أحد الأيام بالنجف الأشرف التقى المرجع الديني آية الله السيد محسن الحكيم بسماحة الشيخ حسين الخليفة، فطلب الحكيم من الشيخ التهيؤ للعودة النهائية إلى الأحساء وذلك لحاجة المجتمع إليه، وأكد السيد على الموضوع وألح في الطلب.
ولكن الشيخ أبدى رغبته في البقاء بالنجف الأشرف للاستزادة من علوم محمد وآله (ع)، فقال الحكيم بأن جميع العلوم التي نعلمها قد أفضنا بها عليك، وأنت اليوم ممن يستفاد منهم، فتمسك الشيخ الله برأيه في البقاء بالعراق، وجرى بينهم حديث طويل ونقاش، لكن الشيخ تفاجأ برد الحكيم عندما قال له: لقد أصبحت العودة واجبة عليك عيناً، وبرفضك اليوم العودة إلى البلاد سوف اعتبرك (متخلفاً عن الزحف).
الهروب من يوم الزحف:
إن هذا التعبير له دلالته الفقهية الخاصة، بخاصة حينما يصدر من مرجع ديني كبير كالسيد الحكيم، وإثر ذلك خرج الشيخ متأثراً وعيناه تفيضان بالدمع، ولم يجد له ملاذا سوى التوجه لحضرة إمام المتقين عليلا، وهناك شاهده ابن عمه الحاج طاهر بن عبد المحسن الخليفة (أبو ضياء)، واستغرب من وجود الشيخ في هذا الوقت، فاقترب منه لمعرفة سر هذه الوقفة، فأخبره الشيخ حسين بما جرى مع السيد الحكيم.
وسأله الحاج طاهر: والآن ماذا تريد أن تفعل؟ قال الشيخ: سوف أطلب وساطة السيد الخوئي في هذا الموضوع.ثم التقى الشيخ رحمه الله بالسيد الخوئي وعرض عليه الأمر وحاول استمالته إلى جانبه، فسأله السيد الخوئي : وماذا قال لك السيد محسن الحكيم ؟ فقال الشيخ: قال يعتبرني (متخلفاً عن الزحف)!
فقال السيد الخوئي: وأنا أيضاً سوف اعتبرك كذلك إذا لم تنفذ ما طلب منك!.
وكان الشيخ الوكيل الأبرز للمراجع بدءاً من الحكيم، الخوئي، الكلبيكاني، وأخيراً السيد السيستاني.
مكانته العلمية:
ويقول العلامة السيد حسين بن السيد علي الياسين بعد وفاة الشيخ حسين بن الشيخ محمد الخليفة، سُئل سماحة السيد محمود الشاهرودي: هل الشيخ حسين الخليفة مجتهد؟. فكان جواب السيد الشاهرودي: بأن الشيخ حسين مجتهد، وقد سمعت بذلك من أستاذي الشهيد الصدر (رضوان الله عليه).
أم محمد رفيقة عمره:
اقترن بالفاضلة مريم بنت الشيخ محسن بن الشيخ حسين الخليفة والتي رافقته إلى العراق للدراسية منذ عام 1349 هــ ولم يقترن بامرأة غيرها. مؤمنة صابرة من بيت عرف بالعلم والفضل ومكارم الأخلاق، والدها الشيخ محسن بن الشيخ حسين الخليفة، وأخوها الشيخ عبد الله الخليفة الكبير (1406هـ).
إنها امرأة فاضلة محبة لمجالس سيد الشهداء حنونة، لها مكانتها في الأسرة والمجتمع، تتواصل مع الجميع وتعود المرضى من الأهل والجيران وتتفقدهم، وتعتبر شيخة (الفريج) وتقوم بعض من نساء الحي بمساعدتها في بعض شؤون المنزل.
سنوات الوحدة والألم:
لقد أحدث رحيل (أم محمد) تحولاً كبيراً في صحة الشيخ النفسية والجسمية، وبقي بعدها ثمان سنوات كلها ألم ووحدة وحزن ومرض حتى وفاته، ولربما لم يقترن بزوجة أخرى لتأكيد الوفاء لزوجته حتى بعد وفاتها، مع أنه عاش في الوسط الديني الذي يرى الاستحباب في التعدد، لكنه ظل بعدها من غير زوجة. وكان الشيخ يردد بأنه موحد، وهو يعني بذلك: (التوحيد في الربوبية لله، والاكتفاء بزوجة واحدة، وإنجاب ولد واحد فقط).
علاقته بأحفاده:
وفي السنوات العشرة الأخيرة من حياته بدأ كبر السن والوهن واضحاً عليه، ومنها ضعف السمع وصعوبة المشي، وكان لوفاة زوجته (أم محمد عام 1418 هـ) تأثير كبير على حياته وفي منزله، وتأثرت نفسيته وتغير مزاجه وضعف إقباله على الحياة، ورأى ذووه وأحفاده بأنه في حاجة لرعاية خاصة ومتابعة صحية، فنقل إلى مدينة الدمام في نهاية عام 1418 هـ للإقامة لدى حفيده الحاج فؤاد الخليفة.
وخلال إقامته في الدمام كان المعارف والجيران من الأحساء والدمام والقطيف يتعاهدون زيارته وخصوصاً في السنتين الأولى من إقامته بمدينة الدمام، وهناك لم يعتزل الناس ففي بعض المناسبات الدينية كان يزور المجلس الكبير لسماحة العلامة السيد علي الناصر، وكذلك يزور مجالس المحمد علي والنمر، ويقوم بواجب العزاء بحسب ظروفه الصحية.
والحق فقد تفاني الأحفاد في رعاية جدهم، والتفرغ لاستقبال زواره والجلوس معه لتسليته، حتى نساؤهم كانت لهن خدمة لهذا الرجل الكبير في سنه ومكانته (رضوان الله عليه)، وبهذا بادله الأحفاد الوفاء وكانوا خير ذرية.
ومن نصائحه لأحفاده:
· عدم التدخل في شؤون الآخرين والحفاظ على خصوصيات الناس فهم أدرى بشؤونهم.
· احترام الجميع وعدم الاستخفاف بأحد من فقير أو ضعيف، فقد يكون عند الله أفضل منزلة.
· حفظ حقوق الآخرين، فسوف نسأل عن كل شيء ومنها حقوق المخلوقات عموماً.
مشهد آخر:
في أحد الأيام دخل سماحة الشيخ حسين الخليفة المسجد الجامع بالشعبة قبيل أو في أثناء أيام عزاء الإمام الحسين، ولاحظ بأن جدران المسجد قد تم تغطيتها بالسواد والأعلام قد نصبت، فقال بأن المساجد مخصصة للصلاة والعبادة والذكر، وإذا رغبتم بوضع السواد يمكن ذلك في الحسينيات، فقام سماحة السيد محمد علي السيد هاشم العلي (رحمه الله) وكان حينها المسؤول الأول عن العزاء في المسجد الجامع برفع السواد من على جدران المسجد امتثالا لملاحظة الشيخ (رحمه الله).
ومن طرائف الشيخ ومفاكهاته:
فقد كنا بعض أصحاب المحلات في قيصرية الهفوف نحرص على الصلاة خلفه في صلاة الظهرين ونغلق الدكاكين بسرعة في أول الوقت. وفي أحد الأيام، كان الشيخ جالس في محرابه، فقام أحد المؤذنين برفع الأذان لصلاة الظهر، وبمجرد أن (قال: الله أكبر). فقال له الشيخ: أقعد، أقعد ما بعد يجون أهل الهفوف، أصبر.
الشيخ الزاهد:
الزهد من الصفات الخفية في حياة الإنسان، فقد تجد من مظهره ولباسه ومجلسه جيد؛ لكنه في حياته الخاصة من الزهاد، تجذبه اللذائذ غير المحسوسة (العبادة، القراءة، الجلوس مع الأهل والأصحاب.... وغيرها) مع توفر سبل المتع المادية في يديه، واللذة العقلية أشد اللذائذ وأقواها لتجردها وثباتها.
وبالنظر إلى بيته على سبيل المثال نجد البساطة، فقد كان يسكن في منزل بمستوى أقل من متوسطي الدخل من الناس، وينقل من وجد الفرصة لمشاهدة بيت الشيخ من الداخل بأنه يخلو من الأثاث وحتى من الأجهزة الكهربائية العادية. وكان لا يلتفت لنوع السيارة التي تقله وقد لا تتوفر سوى سيارة (وانيت) متواضعة، فكان يركب ويواصل طريقه، والشواهد في هذا الجانب كثيرة. ومن المواقف التي تثير الإعجاب مصحوباً بالدهشة فقد يأتيه من يقدم له عطاء أو هدية ويردها لأنه ليس في حاجة إليها، فقد اعتاد كبار العقارين والملاك على تقديم أراضي هدية منهم لبعض من رجال الدين في المخططات الجديدة بقصد جذب الناس لتلك المخططات، وهذا تصرف مشروع ومعتاد عليه. وقد عرض على شيخنا الفاضل شيء من ذلك لأكثر من مرة، لكنه كان يردها ويعتذر بأنه ليس في حاجة لذلك فهو مكتف مادياً، وقد وصفه سماحة السيد عدنان الهادي السلمان بعبارة دقيقة: «نزاهته وصراحته قربت الناس إليه، لأنه لم ينافس أحداً على مكانة أو جاه».
العمر المديد:
لقد كان الشيخ يتمتع باللياقة الجسمية والنفسية حتى العقد التاسع من عمره، وقد يكون مرد ذلك للأسباب التالية:
· قلة الطعام، ويتضح ذلك من رشاقته وخفة حركته، إن وجبته في الغداء لا تتجاوز مقدارها كأساً واحداً.
· صلاة الليل، وكان من الحريصين على قيام الليل وهذا ما يقوله القريبون منه، ففي الرواية عن أبي عبد الله (ع) بصلاة الليل فإنها سنة نبيكم ومطردة الداء عن أجسادكم.
· النوم المبكر، كان يصحو قبل الأذان وينشغل بالعبادة حتى الفجر، ثم يؤم المؤمنون لصلاة الفجر بالمسجد المجاور لمنزله، وبعد الصلاة يقرأ تعقيبات الفجر جهراً وحتى يتابعه كبار السن الحضور بالمسجد. كان يسمع من الشيخ في حال خروجه من المسجد متوجهاً لمنزلة، يردد وبصوت عال (يا رب محمد ارحم أمة محمد).
· أنسه بالناس، وتشير الأبحاث لأهمية الحياة الاجتماعية في تعزيز الصحة النفسية والبدنية، وكان نعم الله قريب من الناس طوال حياته.
ضغوط الحياة:
إن من يتصدى للشأن العام في الغالب يتعرض للأذى والضغوط النفسية من الدائرتين الخاصة والعامة ومن القريب والبعيد، ويعتبر أثر الأولى أشد حرجاً وأمضى ألماً على النفس، لكنه (رحمه لله)، تمكن وبطريقة ما من التغلب على تلك الضغوط، وأخذ الأمور بالصبر والروية ولم يدع تلك المحن أن تؤثر على صحته العامة أو تنفذ لروحه وجسده، وتلك من مهارات الحياة.
تحديات في حياته:
لقد تجاوز عمر الشيخ المائة عام حين وفاته، فعاش تجربة طويلة ومراحل كثيرة واجه فيها تحديات ومشاكل كبرى منها على مستوى الجانب الشخصي (التقدم في العمر المرض والوحدة)، وعلى مستوى الجانب الاجتماعي عبر مطالب الناس.
ومن التحديات التي واجهها الشيخ:
وكان تصله رسائل مكتوبة تصفه بالخواف (والضعيف والعجوز)، نقل لي ذلك أحد الأفاضل في المنطقة، وكان الشيخ يطلعه على بعضها، وسمعت (ولأكثر من مرة من كبار السن المعاصرين للشيخ قولهم استطاع الشيخ القضاء (على الفتنة) ولا شك بأن الفتنة تودي بالمجتمع الى المهالك وتشتت قواه.
الذكاء الاجتماعي:
يقصد بالذكاء الاجتماعي: أن يكون لدى الشخص وعي نفسي عن قدراته، وفي نفس الوقت وعي وفهم عميق لبيئته الاجتماعية والشخصيات المتنوعة التي تعيش من حوله، بحيث يتصرف ويتعامل مع المواقف بشكل ملائم وناجح، وتكون لديه القدرة على الانسجام والتآلف مع الآخرين وكسب تعاونهم وتعاطفهم.
وتشعر من خلال تعامله مع المجتمع بقدرته على قراءة الموقف وفهمه لنفسيات الآخرين وقدرته على معالجته للقضايا المطروحة بذكاء فطري (وكأنه مطلع على نظريات علوم الاجتماع والنفس) لقدرته على فهم من حوله ومعرفته بحساسية بعض الملفات، وحتى عندما يسأل من ناحية فقهية تشعر بأنه يفلتر الإجابة حتى لا يستغلها البعض لشق الصف، لمعرفته بظروف الزمان والمكان، ولذلك كان قريباً من الجميع في كل مكان، وهكذا وعندما يزور مدينة الجفر (على سبيل المثال)، كان الجميع يحتفي به نظراً لما يمتلكه من جاذبية في النفوس ومحبة في القلوب .
إمامة الجماعة:
ولا يتقدم أحد الإمامة الجماعة في المبرز وبعض القرى إلا بعد الرجوع إلى الشيخ، وقد يُسأل عن أحد الطلبة لإمامة الجماعة في إحدى القرى والشيخ لا يعرفه؛ فيقول هو ولدكم وأنتم أعرف به. ولأنه والد الجميع ففي مجلسه تطرح الملفات والحلول.
وجاء للشيخ مجموعة من سكان الفاضلية بالهفوف، وطلبوا منه تعيين إمام لمسجد الإمام السجاد (ع) وذلك بعد وفاة السيد عبد الله السيد أحمد الحاجي عام 1394 هـ. وطلب الشيخ حسين من سماحة الشيخ جواد بن عبد الله بوحليقة، ولم يقبل الشيخ البوحليقة ذلك ولكن الشيخ حسين الزمه بذلك.
تأثيره في مجتمعه:
ومع الوقت تعززت مكانته وعظم تأثيره وشأنه وهكذا أصبح الشيخ حسين الخليفة (رحمه الله) العالم الأول الذي يحترم قوله كلُّ الناس ويكنون له بالغ التقدير والاحترام ويقدمون قوله على كل قول رغم وجود علماء آخرين لا يقلون عنه شأنا.
عرف عن الشيخ في مواقف كثيرة حرصه على وحدة الكلمة، وتضييق فجوة الخلاف بين الآخرين تحت شعار ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]، منها هذا الموقف: يقول أحد أبناء العم إنه في إحدى السنوات، حدث خلاف بين اثنين من طلاب العلم على إمامة صلاة الجماعة في إحدى قرى الأحساء، وعلى أثر ذلك انشق سكان البلدة لفريقين، والتقى الشيخ بهما (وكانا في سن أحفاده) مع جمع من أهالي البلدة في مجلسه عصر أحد الأيام، محاولاً إزالة الخلاف بين الطرفين.
وحاول الشيخ معهم بالنصح والتوجيه، وأنه يمكن لهم التعاون وتقسيم العمل فيما بينهما؛ لكن كل طرف تمسك برأيه ويدعي أحقيته على الأخر، وبعد عدة محاولات قام الشيخ من مكانه محاولاً تقبيل رأس أحدهما واستمالتهما للتنازل في سبيل خدمة الدين وإفادة الناس؛ فكانت النتيجة أنه تم التوافق بين الطرفين. نقل لي ذلك أحد أبناء العم الذي كان حاضراً في ذلك المجلس.
السهل الممتنع:
ولقد عانى شيخنا الجليل من موضوع الهلال نتيجة ضغط المجتمع في المسارعة لإعلان الهلال والأهم وجود علماء كبار في مقامهم ممن لهم مكانة وتأثير واضح في المنطقة للتواصل والتنسيق معهم، لكن الشيخ استطاع بحكمته القيام بالواجب والمحافظة على وحدة الكلمة قدر الإمكان.
رحيله الى ربه:
يموت المرء فيغيب ذكره وأثره، لكن بعض الأفراد يخلد اسمه لعقود وعقود من الزمن، ومن هؤلاء شيخنا الجليل الذي توفاه الله عام 1426 هـ، حيث بقي ذكره وأثره، كما يقول الشاعر (والذكر للإنسان عمر ثاني)، وتلك من النعم الخفية على الإنسان. واليوم وقد مضى عقدان من الزمان على رحيل سماحة الشيخ حسين الخليفة، ولكن لا تزال سيرته حية مؤثرة، فخلد اسمه وبقي ذكره.
نهاية المطاف:
انتقل إلى رحمة الله في الثلاثاء 19/6/1426 هــ في مدينة الدمام، وبعد تجهيز بمغتسل مدينة سيهات نقل إلى جامع الحسين (ع) بالعنود، وصلى عليه السيد علي ناصر السلمان، ونقل إلى الجعفري بالأحساء للوادع الأخير، ومنها جثمانه الطاهر حيث شيعته الجموع الغفيرة. ودفن بمقبرة الشعبة في اليوم التالي، وقبره بجوار والده وأخواله سادة آل سلمان. وكان يوماً مشهودا بذلك التشييع المهيب، وأقيم مجلس العزاء بمقر الحوزة العلمية بالأحساء.
يوم تشييعه:
لقد وصف سماحة العلامة السيد محمد علي بن السيد هاشم العلي (رحمه الله) يوم تشييعه: «ولكونه مرتبطاً بالله قريباً منه فقد أراد الله له أن يكون مثل الوداع الاسطوري، وقد حصل له هذا المظهر المهيب والذي تفرد به دون غيره، مع أنه غاب عنا سنينا إلا أنه عاد مرة أخرى إلى الحياة، فكأنه قد بعث من جديد، ليصبح من المخلدين في قلوب واذهان الأمة كلها، وهذه الخصوصية التي وهبها الله إياه إنما هي تكريم من الله لرجل كان لله وفي سبيل الله».
لقد كانت سيرته ومسيرته رحلة مليئة بالإنجازات والتحديات، وما يهمنا هنا المشهد بعد غياب سماحة الشيخ حسين الخليفة، حيث الفراغ الكبير وتصدع المشهد. وقد نظم الملا محمد صالح المطر أكثر من قصيده في رثاء الفقيد وهذا مقطع من إحدى قصائده:
حسين تجسد فيك الحسين
جهاداً بـســيــرتــك الــهــاديــه
بكيتك والخطب ملء الجراح
وإن جراح الجوى داميه
وحزن مصابك ملء العيون
تدفق نيرانه الحاميه
سلام عليك حسين الندى
سلام على روحك الزاكية
وفي الختام: رحم الله من يقرأ سورة المحترمة الفاتحة ويهدي ثوابها لأرواح المؤمنين والمؤمنات مسبوقة بالصلاة على محمد وآل محمد.
جديد الموقع
- 2025-09-15 إنقاذ طفلة بعد توقف قلبها في طوارئ مستشفى الأمير سعود بن جلوي
- 2025-09-15 كنت هناك ( الدندن ) و( الحاجي ) و( النمر ) يمطرون ( خيمة المتنبي ) بروائعهم
- 2025-09-15 من أنا ؟
- 2025-09-14 نادي معن بالأحساء تحتفي بتجديد الثقة برئيس رابطة الهواة سعد السبيعي في ليلة رياضية استثنائية
- 2025-09-14 افراح العيسى والصباح بالاحساء
- 2025-09-14 وسط متابعة إدارية ادي الفضل بالاحساء يبدأ تحضيراته إستعداداً لإنطلاق الدوري
- 2025-09-14 قوقعة ذكية تعيد الأمل لطفل يعاني من فقدان السمع بمستشفى الجبر بالأحساء
- 2025-09-14 الأحساء تشارك العالم تجربتها في صون الحرف والفنون من قلب "مدن إيطاليا الإبداعية"
- 2025-09-14 سمو محافظ الأحساء يكرّم مواطنًا تبرع بإحدى كليتيه لأخيه
- 2025-09-14 اصدار جديد كان الغوص مهنة في الأحساء والقطيف مثلا