الأحساء بين الأسماء الغريبة والعجيبة ...

تغيير أسماء المعالم والأماكن في الأحساء حقيقة لها أسباب وجذور ، فكما قال أرباب فقه اللغة والرحالة الأجانب عن منطقة البحرين الكبرى: " هم عرب استعجموا ".

دخول العجم ، والترك ، والقرامطة والزط وغيرهم إلى المنطقة، كان له أثر في التغيير والتشويه للأسماء إما بحد السيف كهجر ، وإما بما تجود قرائحهم العجمية .

فكون التغيير في التهيمية [ التيمية] يعتبر في رأيي بسيط جداٌ ، وقد لا يكون تغييراً عجمياً من الترك ، بل هو تحريف بفعل تغير السليقة اللفظية لأهل المنطقة ، أو لتقارب الحروف ، كما هو في شأن بلدة "بني معن" وتنطق "بني نعم "...

وقد يلجأ بعض الأخوة الباحثين إلى أن التحريف شبه كلي للفظة بلدة" التيمية " وهي مشتقة لفظاً من مزرعة "التخيمية "، وهو أعتقاد بعيد كل البعد عن المعنى اللفظي للقرية ؛لأن وجود التراجم لعلمائها قديم منذ القرن الثامن أو التاسع الهجري، تُبعد تلك الفكرة .

ومع تقديرنا لجهود الباحثين عن الحقيقة وشكرهم ، إلا أنه لا ينبغي الوصول إلى مرحلة الاستذواق أوالتمليح في تقبل وطرح أسماء قريبة من اللفظ المعني إلا إذا كان هناك قرائن وشواهد ...

ولعل سعة الأحساء مساحة ، وإطلالتها الجميلة على الصحراء ، وبعدها النسبي عن البحر ساهم و كرَّس هذه الفجوة في اختلاف الأسماء، فصار للحي الواحد لهجة خاصة ، وللساقية والعين اسم خاص ، وربما لدى الدولة اسم خاص ...!!

وقد نجد معالم طرأ عليها التغيير اللفظي بشكل كامل، ومع ذلك بقيت شواهد لم تتغير مثل: ( تيثار ، وقارة ، والرميلة ، وناظرة، بني معن، بني شافع ، الفضول .... ).

أما ما ورد من عن بعض الأخوة من تسمية المزارع بأسماء خوفاً من الحسد والعين، فسميت بألفاظ نابية وخشنة أطلقها الأحسائيون فهي أمر موجود ، لكنه غير سائد ...

توجد تسميات لمزارع بأسماء جميلة :( كعقار محيسنية ،ضاحية الزينة، عقار الحرة ، شطيب البديعة ، ساقية الحاني ،ساقية الساب ،عقار العمار،خيس أم السعد، ضاحية الرويضة، عارض طوبا ، قرية ناظرة ، ونهر الأصفر ، وعين الجوهرية، نهرالجازي، عين فريحة ، الصباحية ، عين بهجة، عين عمارة، نهر الزهيري ، نهر ابن راضي، نهر غزالة ....).

ومن ضمن العوائل التي تبين إظهار الفرح والسعادة والحسن والجمال عند الأحسائيين مثل : العيد، الفرحان الفريح، الفريحي، السعيد، الضحاك، الحلو ، الحليو، الزين، الصبيح، الصبيحة ،بوصبيح...

و قد تسمى العرب عبيدها: بغزال ، و مها ، وريم ،وورد، وزهر،وحمامة....
بينما تسمي أبناءها من أصلابهابأسماء خشنة وجافة ومرعبة؛ لتدخل الرعب في قلوب أعدائها، فكان من أسمائهم : صخر، جبل، كلب ،كليب ، أسد، أسيد، معاوية، سبع ، سبيع ، صقر، شاهين...

أوقد تكون التسمية على سبيل المفاجأة، كأنْ صادف أحدهم كلبًا،فسمى ابنه بهذا الاسم ...

وكذا ابن الأحساء ابن بيئته ، وجد قطة فسمى العين بها ، وجد ثعبانًا
" أبي جنيب" تكثر بالمكان فسمى الساقية بها ،وجد عظمًا فسمى الساقية بها ، وجد غنمًا فسمى الطرف بطرف بأم غنم، وجد عقارب ، وجد كلبًا عند الساقية فسماها بها ، وجد ناقة سريعة فسمى المزرعة بها ( الشمردلية) ، وجد سراويل مرماة فسمى السطر ( الشطيب) بها ...!!

وقد نجد أسماء لعوائل اسمها مصغر، ويقصد بها الثناء والتمليح، وهو أمر منتشر عند العرب، وفي الأحساء على وجه الخصوص مثل: المُحيمِيد تصغير المحمد، وكذا الثُّويني - الثاني، السُّويعي - الساعي، الشُّويفعي - الشافعي ، العُويض - العوض، القُويضي - القاضي، الصُّويلح - الصالح، الشُّويهين - الشاهين ، الحُويدر - الحيدر، النُّويصر- الناصر ، الرُّويشد - الراشد، السُّويكت - الساكت،الحُليو- الحلو،كُنين- كنان، النُّصير- النَّصير،النُّويحل- الناحل، الهُليِّل- الهلال،العُويشير- العاشور ،الغوينم- الغانم ،النُّجيدي- النجدي، الصُّويغ- الصَّايغ، العُليوي- العلي، الخُليف- الخلف، الرُّويجح- الراجح، المُهيني- المهنا، الخُميّس- الخميس ،الجُويهر- الجوهر ،التُّريكي- التركي، المُسيليم- المسلّم، السُّليطين- السلطان، الحُويجي- الحاجي، السُّويلم- السالم،الضُّويعن- الضاعن، العُويشي- العايش، الصُّويل- الصول، القُرينيس- القرناس، المُزيعل- المزعل، العُديل العادل، المُريحل -المرحل، الهُميلي- الهملي ، الفُهيد-الفهد، المُليفي- الملفى، المُعيلي -المُعلا، السُّبيتي - السبتي، المُخيدير- المُخيدر، الخُضير-الخضر، العُبيدان- العبدان، الحُميدي -الحمدي، الحُميد- الحمد، الشُّبيث -الشبث، الُّدليلي- الدليل، المُقيبل- المقبل، السُّنيني -السني، النُّمير- النمر، المُعيبد -المعبد، المُحيسن- المحسن...

وقد يستخدم الأحسائي أسماء الكنى ، في أسماءالأنهر والعيون مثل:نهر أبي الثيران، ابي جنيب، عين أم خنور، عين أبي هلال، أم سيف، عين أبي مدلي، أم سريويل، أم الليف، أم الخيس، أم جمل...

وبارزة في عوائل مثل : أبي كنان، أبي علي، أبي حسن، أبي ناصر، أبي حمد، أبي حيزة، أبي طيبان ،أبي عيسى، أبي عبدي،أبي عريش،أبي عبيد،أبي فهيد،أبي رشيد،أبي سعد ،أبي سعيد،أبي قسمي،أبي جبارة (بوجبارة)، أبي ذر ( الباذر)، أبي خمسين، أبي شقراء، أبي سرور، أبي عامر، أبي دويحس، أبي صالح، أبي مجداد...

أوقد يقتصر اسم العائلة على الذرية كماهو موجود في عوائل مثل: آل بن نصر، آل بن عيسى، آل بن علي، آل بن حسن، آل بن معن،آل بن عبد...

وقد نجد جمع كثرة في عوائل مثل : الشباعة، المخايطة، الشواكر، المطاوعة، الزمامرة، البقاشي ...

وظهرت أسماء أخرى لأفراد ولعوائل بسبب شهرة أحد حكام المنطقة أو أحد زعماء القبائل في تلك الفترة، فتسمت الناس بها : الأجود، الزامل، النفجان، القضيب، مليخان، جماز، السياب ، الفدغمي، الصليبيخ...

 واختص الشيعة بأسماء لعوائلهم مثل : آل محمد علي، آل محمد سالم، آل محمد صالح، آل حاجي محمد، آل حاج أحمد، الملا أحمد،الملا حسين...، وهي من الأسماء المركبة تركيباً مزجياً ، وقد وردت عند العرب في عدة كلمات من بينها :"حَضْرَمَوْتَ" و"مَعْدِ يكَرِبَ"....

ومن أسماء العوائل الأحسائية ما هو إلا حرفة انضوت في شعوره وكيانه الحضاري والإنساني، فصارت رمزاً له، وهذه الأسماء موجودة ومنتشرة في العصر العباسي، ومنها أسماءالعوائل الكثيرة والكبيرة العدد: القطان، الحواج، المخايطة، الحايك، الصفار، الحداد، النجار، الصايغ، الصويغ، البطاط، البناي، الصباغ، المحسّن، القفاص، الغراش ، الغواص.....

وقد يلتزم الأحسائي بحبه لوطنه، ويتناسى بل يغيب أي زحام آخر يشتت ذهنه، فينسب نفسه إلى بلده الأساس ومسقط رأسه، فنلحظ ذلك في عوائل مثل: الحليلاوي، الناظري، البلادي، البدي، المبرزي، الهفوفي ، الجبيلي، الدالوي، النحوي، بن معن، الشرقي،الجنوبي، الشبعان، البحراني، المازني،القريني ، الحساوي....

وقد يميل الأحسائي إلى الاحتفاظ بآلته في المهنة داخل اسمه، فكانت عوائل مثل : الكري، السريج...

ومن ضمن الأسماءالتي انقرضت، وانمحت كون هذا اللقب صفة بارزة، أوعلامة فارقة مثل : سادة أبي ظهر، وسادة أبي حديدة ،وأبي اللوز، العلجي....

ونظراً لأنّ الأحسائي هو ابن بيئته المطلة على الصحراء ، وابن القبيلة التي كانت يوماً جزءاً منه ، فكان له عدة خيارات بين الثبات على اسم مضى واندثر ، أو أن يسمي بما تجود به قريحته وفطرته عليه من أسماء...

 أدعو الباحثين والمطلعين في التأريخ إلى البحث والتأني ، وخاصة في كتب اللغة ، وتحديداً في فقه اللغة ، ومقارنة الاسم واشتقاقاته، ومعانيه...

وأشدد أخيراً على أن أسماء الأحسائيين لعوائلهم ومعالمهم نابع من صميم عروبتهم، وثقافتهم، وحضارتهم الأصيلة التي انصهرت فيها مسارح الأمم التي عاشت فوق أرضهم ، وبقيت تلك الأسماء شاهدة و بارزة بها الأحساء عن بقية أرجاء جزيرة العرب...