2024/11/09 | 0 | 124
ماذا تفعل لو كنت أحد هؤلاء الآباء؟
مع كتاب كيف تسعد أبناءك، للمؤلف محمد الكاتب، الطبعة الأولى 1988م.
كيف تسعد أبناءك وتربيهم بنجاح؟
الأبناء مثل الواحة الخصبة، فان احسنت حرثها واجهدت نفسك لإروائها بماء السواقي ، وبذلت العناية بزرعها حتى يترعرع ويشب حينئذ ستحصد نتاجها الخير ومحصولها اليانع. والا فلا يمكن ان تنتظر منها إلا أرضاً جدباء مقفرة، لعلك ان مشيت عليها تعثرت بأحجارها وسقطت في حفرها، ومستنقعاتها الآسنة.
وأما ما هي التربية الصالحة؟
وكيف يجب ان تكون؟
وما هو طريق الى سعادة الأطفال؟
وكيف نتصرف مع أبنائنا على أحسن ما يرام؟
ماذا تفعل لو كنت أحد هؤلاء الآباء؟
ماذا تفعل تجاه أبنائك لو كنت أحد الأشخاص التالين الثلاثة:
لو كنت: فقيراً؟
لو كنت: غنياً؟
ولو كنت: شخصاً مرموقاً أو عظيماً؟
أولاً: ماذا تفعل لو كنت فقيراً؟
أي لو كان دخلك محدوداً أو كنت. تعيش في ضائقة مالية فماذا تفعل وكيف يجب أن تتصرف مع أبنائك؟ حينما يخرج إبنك الى المدرسة، وهو لا يرتدي غير الأقمصة والملابس العتيقة البالية، ويصادف زملاءه في الدراسة، وقد لبوا أفضل الأقمصة والثياب الجديدة الأنيقة، إن هذا الموقف - لا شك - سيترك أثراً في نفس الطفل، ويجعله يشعر بنقص أو دناءة عن الأطفال الآخرين. وكذا لو كان المسكن متواضعاً ولا تعتبر له قيمة بين القصور والبيوت العاليات - وبالخصوص - لو كان البيت خرباً أو فيه عيوب يذهب بماء الوجه. فالطفل - مثل الكبير - يدخله الخجل والحياء من رؤية منظر بيتهم المتداعي أمام الأصدقاء والأتراب. وهكذا الأمر - أيضاً - بالنسبة للطعام، والشراب، فأطفال الجيران، أو تلاميذ المدرسة يتساءلون فيما بينهم عن وجبات الغذاء أو العشاء في اليوم الفائت، ما هي، وماذا كانت؟ ويتفاخر بعضهم بأن وجبة غذائهم كانت دسمة وشهية.
أمام هذه المواقف يظل طفلك يشعر بالحرج والنقص.. ويفكر ترى اليس الآخرين أفضل منه؟! وتزداد المسألة سوءاً فيما لو كان الأب يعير إهتماماً للأغنياء، ويعتبرهم أصحاب القيمة العليا، ويشعر تجاهم بحقارة وتذلل. والخطورة في الأمر، أن يخلق هذا الوضع و "عقدة الحفارة"، في نفسية الأبناء، ويجعلهم يشعرون بنقص في شخصيتهم أمام الآخرين، وبالتالي يؤدي بهم الأمر إلى التراجع وعدم الإقدام في الصراع مع مشاكل الحياة التي تتناولهم في كل الأوقات ...
وللتخلص من هذه النتائج السيئة، عند الأطفال المحرومين، يرى خبراء التربية ضرورة إتباع الوصية التالية: "لا تجعل قيمة للمال، في نفسك وفي ولدك، وحاول - دائماً - أن تعلم أبناءك بأن قيمة الإنسان في عقله وعمله، وخلقه، وليست في ماله".
ولذلك فإن " أكرم الحسب حسن الخلق"، كما قال الإمام علي (ع). فالأخلاق الحسنة هي التي يجب أن تكون مقياساً للتفاضل والرفعة، لقد جاء في الحديث عن الإمام علي (ع) أيضاً: " كم من وضيع رفعه حسن خلقه ".
وعلى هذا الأساس يجب أن تعلم أبناءنا بأن المال لربما يكون مصدراً لشقاء الإنسان وعذابه إذا ما يخل الإنسان به واستغنى، ومنع رفده عن الناس. وفي هذا الصدد نجد أن الإسلام يجعل الإنسان قد إعتبر أن العمل الشائن والمقيت أن يجعل الإنسان للمال قيمة، وللغني وزناً لا لصفة غير الغنى وقد قال الإمام الرضا (ع): "من لقي فقيراً مسلماً فسلم عليه خلاف الغنى لقي الله (عز وجل) يوم القيامة وهو عليه غضبان". ويقول الإمام علي (ع): " لا تضعوا من رفعته التقوى، ولا ترفعوا من رفعته الدنيا".
ثانياً: لو كنت غنياً..
قبل أن نتطرق الى ما يجب أن تتصرف به حيال أبنائك، نود القول بأن الغنى والنعمة الوافرة، والحياة المرفهة السعيدة، ليست من الأمور المقيتة في الإسلام، بل هي من الأمور الحسنة والمطلوبة، فالقرآن يقول:﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ...﴾ .[ الأعراف: 32]
ونحن نقرأ في الدعاء المروي عن الإمام السجاد (ع) ونقول: " اللهم أرزقني من فضلك الواسع، الحلال الطيب رزقاً واسعاً، حلالاً طيباً، بلاغاً للدنيا والآخرة، صبا صبا هنيئاً مريئاً من غير كد ولا من من أحد من خلقك إلا سعة من فضلك الواسع".
كما وهناك أحاديث كثيرة تذم الفقر مثل الحديث الذي يقول: "الفقر الموت الأكبر". بناء على ذلك، فليس المطلوب أن لا تملك المال، وإنما المطلوب أن لا يملكك المال. ومن هذا المنطلق عليك - أيضاً – أن لا تعير أهمية للقيم المادية، وأعلم أن الإمام علي (ع) يقول: " ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك وأن بعظم حلمك".
إذن.. فالقيمة التي يجب أن نعتز بها ليست قيمة المال، وإنما هي قيمة العلم والأخلاق. وهذا هو بالضبط - ما يجب أن تقوله لأبنائك حتى لا ينامون على حرير المال، ويظنون أنهم فوق البشر، وأفضل من الناس جميعاً، وهم - في حقيقة الأمر - لا يملكون من الكفاءات العلمية، والمواصفات الإنسانية والتي بدونها يفقد الإنسان إنسانيته، ويصبح عبداً للمال والمتجر، ولا يهمه سوى نفسه فخير هدية تقدمها لأبنك - إذا كنت غنياً - أن تجعله لا يؤمن بالمادة كأساس للرقي والتقدم، وتدفعه لأن يبحث عن الصفات الأصيلة والأخلاق الحميدة، والعمل الصالح كما ولا تنسى أن تنمي فيه الكرم والعطاء وخدمة الناس، وفعل الخير، ومساعدة الفقراء والمحرومين، واحترامهم. - بأن لا يحفروا فقراء المسلمين، ولا يرو لأنفسهم وذكرهم – دائماً فضلا أو علواً عليهم. فإن الرسول الأعظم (ص) يقول: "من إستذل مؤمناً أو مؤمنة، أو حقره الفقره أو لقلة ذات يده شهره الله ( تعالى ) يوم القيامة ثم يفضحه " ، ويقول الإمام الصادق (ع) : « من حقر مؤمناً مسكيناً لم يزل الله له حاقراً ماقتاً حتى يرجع عن محفرته إياه " .
ثالثاً: لو كنت شخصية مرموقة.. أو كنت عظيماً من العظماء. عالماً من العلماء!
هنالك مقولة مشهورة تقول: " إبن العظيم لا يصبح عظيماً!"
لماذا؟
الجواب: ليس لأن هنالك أشكال أو خلل في تكوين أبناء العظماء وليس هناك قصور في عقولهم - مثلاً - حتى لا يكونوا مثل آبائهم. وإنما هنالك شيء واحد، هو الذي يعيقهم - غالباً - من إرتقاء سلم العظمة والنبوغ، وهو: "العيش على أمجاد آبائهم، ووراثة سمعتهم، وشرف عظمتهم بين الناس ".
وهذا ما نجده بالفعل، فإن كثيراً من الناس إنما ينطلقون في درب العلم وإرتقاء سلالم العظمة، إنما تكون - من جملة - دوافعهم القوية، هو حب أن يكونوا شيئاً مذكوراً في الحياة أو لفت أنظار الناس حولهم حتى يشار إليهم بالبنان. بيد أن هذا الدافع قد لا يكون لدى أبناء العظماء أو ليس الناس يلتفون حولهم، ويتمنون الجلوس إليهم، والتحدث معهم.. فلماذا إذن التعب، والنصب أو ليس يكفيهم ما ورثوه من آبائهم من الشرف والعظمة؟!.
هذا من جانب، ومن جانب آخر نجد أن من العوامل الأخرى التي لا تحالف أبناء العظماء من بلوغ درجة آبائهم، هو عامل إنشغال الآباء بأنفسهم والآخرين، دون أن تكون لهم فرصاً كافية للاهتمام بأبنائهم بشكر مطلوب. وعلى أي حال، لا ينبغي إهمال هذه الملاحظة، لما لها من نتائج لا تحمد عقباها، ولربما قد تسيء إلى شخصية الأبناء، وتترك أثراً سلبياً قد يكون - على أقل الإحتمالات - باعثاً للشعور بالعظمة الجوفاء! ولكي تنقذ إبنك وتنجيه من كل النتائج والإحتمالات الخطرة، التي يمكنها أن تحدث.
يرى العلماء أن تتبع الوصايا التالية في هذا الصدد:
1- إخلق له دوافع أخروية .. أي إجعل الدافع الوحيد فيه هو دافع العمل لليوم الآخر، يوم يقوم الناس ليوم الحساب، وليس دافع السمعة والسلطة، والعلو في الدنيا.
وتستطيع أن تحقق هذا العمل عبر تغيير المنطلق في ابنك منذ الصغر، فعلى سبيل المثال: لو كان إبنك يريد أن يصبح عالماً أو ما أو طبيباً فليكن المنطلق ليس من أجل الحصول على المادة أو السمعة والشهرة، وإنما ليكن منطقة تحقيق رضا الله (عز وجل) عبر خدمة الناس والبلاد. وهكذا في كل شيء.. وليكن سعيه وعمله من أجل الحصول على الأجر الأخروي والفوز بالجنة. ولتأكيد هذا المنطلق في الطفل، نرى من الضروري له التحدث عن الجنة وما أعد الله (تعالى) للمؤمنين من خير ونعيم.
2- دعه يعتمد على تكوين شخصيته بعيداً عنك.
وذكره دائماً، بالحكمة التالية: " ليس الفتى من قال كان أبي.. وإنما الفتى من قال ها أنا ذا"!
3- إمنع الناس من التعامل الخاطئ معهم.
يحدث، أحياناً كثيرة أن الناس، ولأنهم يعظموك، ويودوك، فإنهم يحبون كل شيء يمت إليك بصلة، وأبناؤك أول من تنزل عليهم بركاتك. ويأتون في الدرجة الثانية بعدك في التقديس والتعظيم والإكرام، والمحبة، ليس لأنهم عظماء وإنما لأنهم ينتمون إليك والى شخصك الكريم فقط.
ولا نرى بأساً في ذلك ضمن حدود المعقول. فالحديث الشريف يقول: "جاهدوا تورثوا أبناءكم عزاً".
ولكن.. إذا ما كانت النتائج معكوسة ، ووجدنا أن آثارها على الأبناء ستكون بشكل سلبي عندئذ يجب التدخل وتنبيه الناس بطريقة فنية الى تغيير تصرفهم حيال الأبناء ، والمسألة مهمة حتى إذا ما إضطر الأب بأن يصرح بعدم رضاه للطريقة الخاطئة التي تتم فيها معاملة أطفاله ، مثل تدليلهم ، وتقبيلهم - بصورة كثيرة - وإجلاسهم في الأحضان - بالرغم من تجاوزهم مرحلة الطفولة - والتغاضي عن أخطائهم، والضحك في وجههم عند إقترافهم بعض الأخطاء المتعمدة ، والسكوت على كل شيء يفعلونه لا ترتضيه - نحن - من أطفال الآخرين ، بل وحتى من أطفالنا .
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى.. على الأب العزيز - في مثل هذه الحالات - أن يرشد أبناءه الى الأعلان عن رفضهم وعدم ارتياحهم لكل من يتصرف معهم خارج الحدود المتعارف عليها. كما وعليه - أيضاً - أن يقول لهم ان ما يواجهونه من الإحترام والتقدير البالغ، ليس لأنهم على شيء، وإنما هو خلق كريم وتفضل من الناس إعتادوا عليه.
جديد الموقع
- 2024-11-12 مستشار أسري يؤكد: الزواج السعيد يحتاج إلى استعداد والعاطفة هي الحاضن
- 2024-11-12 أفراح ومسرات البخيتان والمحمد والناجم والزيد تهانينا
- 2024-11-12 افراح البحرني والشيخ تهانينا
- 2024-11-11 ختام حملة التبرع بالدم الـ 17 بخيرية الفضول
- 2024-11-11 الغزال وسادة الهاشم بالاحساء يحتفلان بزواج الدكتور عقيل
- 2024-11-11 الأعمار مجرد أرقام: تأثير الفترة العمرية في القرارات الذكية فيما يتعلق بالخيارات المحفوفة بالمخاطرة
- 2024-11-11 فحص مبسط للتنبؤ بما إذا سيتمكن المدخن من الإقلاع عن التدخين أم لا
- 2024-11-11 افراح الناجم بالمطيرفي تهانينا
- 2024-11-09 الإيجاز.. فضيلة أم قصور؟
- 2024-11-09 القراءة والمهارات الاجتماعية