2020/07/13 | 0 | 3572
قراءة انطباعية حول رواية "أيقظني الديك" للكاتبة رجاء البوعلي
هل حشر الأفكار والمعلومات المتعلقة بالتحرش بالأطفال يبني رواية متينة؟! إن كان جوابك لا فيجب أن تختصر نصف الرواية، وإن كان جوابك نعم فأنت في المكان المناسب.
تتحدث الرواية عن مشكلة الاعتداء الجنسي من بعض المعلمين على بعض الطلاب وهي مشكلة واقعية تناولتها رواية واقعية بامتياز نجد ذلك في مراعاة الرواية لمجتمعها المحافظ الذي يفضل لملمة الموضوع وطمطمته على المطالبة بأخذ حق هؤلاء الأطفال الذين تعرضوا لحوادث من شأنها تغيير حياتهم إلى الأبد مجتمع يقف مع الجاني بطرق غير مباشرة يُشم منها لوم الضحية فلماذا يذهب الطالب إلى المعلم حينما دعاه إلى معمله؟
تمنيت لو رسمت الكاتبة مسارين متوازيين هذا المسار ومسار آخر تكسر فيه الواقع بجعل مقابلة بين من ينجر خلف متطلبات المجتمع وبيت من يثور عليها ويواصل المطالبة بحق ابنه أو أخيه الذي تعرض للاعتداء حتى النهاية ويغفل جميع الأصوات التي تدفعه للتنازل ربما تكون تلك شرارة تنطلق منها نيران كسر البوتقة المجتمعية الخاطئة فليس كل سائد صائب.
حينما تتقدم في الرواية تدرك أن التحرش الجنسي بأطفال المدارس ليس الفكرة الرئيسية فهناك التحرش بالأطفال بصورة عامة ولكن هل فعلا هذا موضوع الرواية؟ كلا فموضوع الرواية ميار التي تبحث عن ذاتها ورغبتها بأن تفتتح دارا للمطالبة بحقوق الأطفال وتصطدم بالبرقراطية القميئة، هي رواية ذاتية أكثر منها رواية مجتمعية.
الرواية فكرية بامتياز هدفية باقتدار جريئة موضوعيا خجولة تصويريا تلامس المشكلة لكنها تنكفئ عن التفاصيل والتبعات فلا تُطرق بالقدر الذي يماثل عظم المأساة. الحشو الفكري واضح في الرواية بحيث يفصل ذلك القارئ عن واقع كونه يقرأ رواية إلى أنه يقرأ كتابا اجتماعيا أو عن دور المرأة في المجتمع الأمر الذي أضعف كثيرا حبكة الرواية إن كانت ثمة حبكة أساسا وربما يعود ذلك لهدفية الطرح وذلك أمر خطير في فن الرواية فإن لم تتمكن من إيصال هدفك بطريقة فنية فستقع في مطب الخطابية والمباشرة وهذا هاوية ومقبرة النص الأدبي وقد وقعت الكاتبة في تلك الهاوية بنجاح إذ غفلت أو تغافلت عن موقعها ككاتبة رواية ووجدت نفسها على حين غرة كاتبة خطابات حماسية رنانة.
الجماليات البلاغية حاضرة على استحياء ورغم أنك تجدها منذ السطر الأول لكن الأمر سيخدعك كما خدعني فلن تجد الكثير منها بحيث تروي ظمأك خذ هذه النماذج الفاتنة "البيوت متراصة كعلاقات سكانها... لا تدعي العمر يقتات على ملامحك"
ملاحظات بسيطة
ص١٠ "اقرئي المعوذات" الأصح المعوذتين
أخطاء لغوية متناثرة هنا وهناك أذكر بعض النماذج لا للحصر.
ص١٦ "بأن شهدا" الصواب شهد فهي ممنوعة من الصرف
ص١٦ "يدان صغيرتان تعبثان في الزيت والعجلات تحاول إصلاح..." الأصح تحاولان
ص٢٠ "أريد جاسر" الأصوب جاسرا
ص٢٣ "أن ياسر" الصواب ياسرا
ص٢٥ "سوى تمديدا" الصواب تمديدٍ
ص١٣٧ "لأرى سريرا أبيضا مطلا" الصواب أبيضَ مطلا
ص١٣٨ "وجريان الشعور نهر متشحةباللهفة" الصواب نهرا متشحا.
ص١٤٨ "ولد عاري" الصواب عاريا
ص١٢٠ "إلى ذات الضفائر السمينة والعينين الأمينة" متى كانت توصف الضفائر بالسمينة واضح التكلف في إنشاء السجع على حساب المعنى
لاقيت بعض المشكلات في بعض الحوارات غير المنطقية كحديث طفلة بسن الثامنة عن الحروب تجده مناسبا لسن النضوج أكثر ففيه عمق وفلسفة لا يمكن لطفل أن يطرحها. كذلك حوار كريم وجاسر ص٢٢ يحتاج إعادة نظر مع مراعاة المرحلة العمرية
الحوارات في بعض فصولها فصلت القارئ ونقلته إلى صفوف جامعية رغم أن الشخصيات جالسات في مقهى ربما طبيعة الموضوع تتطلب سجالات فكرية لذلك الأمر ربما يكون مقبولا بعض الشيء. ويعود الحوار مجددا ليسبب المشكلات فبدلا من أن ترينا الكاتبة الحكايا الجانبية كحكاية ناريمان نجدها تحكي قصتها العميقة في حوارات ونقولات لو عشناها وشاهدناها لكان وقعها أكبر
الشخصيات جاءت سطحية غير نامية لم تتعمق الكاتبة في بواطنها كثيرا رغم براعتها في الإطناب فلو وظفت تلك المقدرة بإظهار تنازعات الشخصيات إما عن طريق الوصف أو المنولوج الداخلي لأضفى ذلك مزيدا من الجمال على الرواية نستثني من ذلك شخصية ميار أما بقية الشخصيات فهائمة في تقاطيع الرواية مشوهة الملامح.
اللغة جاءت مؤدية للغرض واضحة الصياغة سلسلة مفهومة للجميع بعيدة عن الأطباق اللغوية التي يمكن للجياع تناولها لم تجهد الكاتبة نفسها كثيرا في الإتيان بالجماليات اللغوية كالمترادفات والأضداد والطباق والجناس فضلا عن الصنوف الأخرى جاءت بتشبيهات خجولة واستعارات حيية...
الفصل الذي يحمل عنوان "حديث مكشوف" فصل يجب هدمه بالكامل وإعادة تشييده إذ يمكنك وصفه بأي وصف إلا رواية وهو بحروف بسيطة واضحة مقابلة تلفزيونية مكتوبة! أعتقد أن ما جاء فيه مهم وهو موضوع اغتصاب الأقارب ولكن طريقة العرض تحتاج تغيير فلو اتبعت المؤلفة استراتيجية سرد الواقعة بكل الدراما التي تحويها بدلا من المقابلة المكتوبة لكان أدعى للتأثير ولما تمكن أحد من إخراج فصل كامل عن مسمى رواية. الحال ينطبق على الفصل المعنون ب "نوفمبر-المؤتمر الدولي لحقوق الطفل".
برعت الكاتبة في وصف الرحلات بيد أن ذلك جاء حشوا زائدا لم يخدم الرواية في شيء إنما كان مجرد استعراض لرحلات ربما تكون الكاتبة جربتها بنفسها وأحبت الحديث عنها لكنها أنشأتها في المكان غير المناسب فلو أفردت لها حكاية خاصة لكان أحرى وهذا هو جانب السيرة الذاتية في الرواية.
لا توجد حبكة واضحة للنص فبينما تظن أنك في غمار التحرش بالقصر تجد نفسك انتقلت إلى رحلة بحرية غيبت الحبكة الأصلية وأدخلتك في جو جديد حتى تكتشف هدف الرحلة الذي يخدم المسار الأول ولكنك تصدم من طريقة العرض المتمثلة بمؤتمر مليء بالبيروقراطية المملة ونفس الكلام الذي توقعته تجده فيه وربما من الترف أن نطالب بحبكة متينة في نص فكري.
جديد الموقع
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.
- 2024-11-22 نظرة على البنوك في المملكة.
- 2024-11-22 المخرج الشاب مجتبى زكي الحجي يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان غالاكسي السينمائي الدولي35
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد