2024/03/07 | 0 | 1264
( عصامْ البقشي ..... ذاكرةُ الأحساءْ المسكوتِ عنها)
كلما صدرَ كتابٌ في الأحساءْ يوثقُ تاريخها شفاهيًا منْ خلالِ إجراءِ حواراتٍ معَ شخصياتٍ لنبشِ ذاكرتها التاريخيةِ والاجتماعيةِ والعلميةِ.
كنتَ أتصفحها لأبحثَ عنْ أسماءٍ مخضرمةٍ عاشتْ التحولاتٍ التي مرَ بها المجتمعُ، وتمتلكَ تجربةٌ ثريةٌ في قراءةِ المجتمعِ الأحسائي وسجلتْ تجاربُ ومراحلُ مهمةٌ في تحولاتهِ، ويمتلكونَ منْ الرأيِ الجريءِ والشجاعِ في تناولَ مختلفُ تجاربهِ، ولكنْ أتفاجأُ بتكرارِ الشخصياتِ نفسها معَ احترامي لمنجزها وتاريخها ودورها، ولكنْ أصبحتْ كتبُ السيرِ التاريخيةِ الشفاهيةِ مكررةً منْ حيثُ اختيارِ الشخصياتِ، والموضوعات والتناول النمطي للمجتمعِ وكأنهُ تيارٌ واحدٌ راكدٌ الجريانِ في نهرهِ الثقافيِ والاجتماعيِ، وتحولاتِه الطبيعيةِ وليس كبقيةِ المجتمعاتِ، وتوقفَت عندَ فترةِ الثمانيناتِ تحديدًا ، وحتى هذهِ الفترةِ يتمُ تناولها منْ بعدها الإيجابيِ دونَ ذكرِ أية سلبياتٍ للتيارِ السائدِ فيها، وهنا يغيبُ دورَ المؤلفِ أوْ الباحثِ التاريخيِ أوْ الراصدِ، معَ الاحترامِ لجهودهمْ في الذكاءِ البحثيِ لاستفزازِ ذاكرةِ ضيوفهمْ واستخراجُ مكنوناتهمْ منْ الخبراتِ والتجاربِ المتنوعةِ، أوقدَ يكونُ هناكَ تواطؤُ بقصدِ أوْ غيرِ قصدٍ لتمريرِ مفهومٍ نمطيٍ متفقٍ عليهِ في العقلِ الجمعيِ، وتكريسَ تيارٍ أحاديٍ، وهوَ ما يمثلُ حالة غيرَ دقيقةٍ في نقلِ تحولاتِ المجتمعِ الأحسائي للأجيالِ القادمةِ، وعدمَ الجرأةِ في استضافةِ أصحابِ الرأيِ والتفكيرِ المختلفِ في المجتمعِ، وربما محاولةٌ لتغييبهمْ أوْ تهميشهمْ، وتجاهلَ تجاربهمْ الثريةِ التي تتناولُ الجانبَ المسكوتَ عنهُ في المجتمعِ. ومنْ أبرزَ هذهِ الشخصياتِ (عصامْ البقشي)، وهوَ أحدُ الناشطينَ عبرَ وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِ، ولهُ تجاربُ ثريةٌ واطلاعٌ واسعٌ ورأيُ فرديٍ مختلفٍ، ويعبرَ عنْ آرائهِ التي يراها البعضُ خارجةً عنْ السائدِ والنمطيِ منْ خلالِ مداخلاتهِ ونقاشاتهِ، وتسجيلاته الصوتية، وقصصهُ الساخرة. ورغمُ طرحهِ المختلفِ وجدَ قبولًا منْ أبناءِ المجتمعِ منْ خلالِ كاريزما شخصيته، وطريقة تناولهِ للمختلفِ عليهِ منْ القضايا. ما يميز عصام هو تناولهُ لقضايا فكريةٍ، وثقافيةٌ معقدةٌ بطريقةٍ شعبيةٍ مبسطةٍ وأحيانًا ساخرة، تجدُ قبولًا للمتلقي أيًا كانَ مستواهُ الثقافيّ مثل قصةٍ (سائقُ التاكسي) التي لاقتْ انتشارًا ورواجًا، وهيَ قصةٌ عميقةٌ، وحساسةٌ في مضامينها، ولكنَ تناولها بطريقةٍ ساخرةٍ جعلتها مقبولة. وتمَ تداولها وكثيرًا منْ القصصِ والكتاباتِ. عصامْ المثقفِ الناغمْ والمتمردَ على التقليديةِ، والإنسانِ القلقِ بأسئلةٍ معرفيةٍ تزلزلُ أصحابَ التفكيرِ الكلاسيكيِ هوَ أيضًا فنانَ لديهِ ذائقةٌ فنيةٌ منْ خلالِ اختياراتهِ للمقطوعاتِ الموسيقيةِ للاستماعِ لها، وللارتقاءِ بالذائقةِ الفنيةِ لمتابعيهِ بلمساتٍ ذكيةٍ تمزجُ بينَ التفكيرِ الجادِ، والاستراحة للذائقةِ الروحيةِ، وهيَ إحدى ركائزِ شخصيةٍ (بو ماهر) التي أكسبتهُ قبولًا اجتماعيًا رغمَ تجاوزهِ للسائدِ. هوَ عاشقٌ للموسيقى وجعلتهُ محبًا منْ خلالها لكلِ ثقافاتِ وفلكلورِ شعوبِ الأرضِ، لأنهُ عاشقٌ للجمالِ في كلِ شيءٍ، وهوَ أيضًا طباخ ماهرٍ والطبخ بالنسبةِ لهُ فلسفةٌ وإبداعٌ، وليسَ مجردَ هوايةٍ
. عرفَ عصامْ بتواقيعَ تمزجُ بينَ العمقِ والسخريةِ وتذكرنا بالشخصيةِ التراثيةِ (بهلول) لتمريرِ رسائلهِ منها تيسِ بنْ قحطبة، وملا سمعدنْ بيرقيرفرفْ.
وكانتْ شخصيةٌ (إسعيدة) الحفافة مشروعهُ الذي لمْ يرَ النورُ بشكلٍ مكتملٍ مثل بقية كتاباتهِ المبعثرةِ. هذا جزءٌ منْ سيرةٍ بعضهُ وبعضهُ الآخرُ - كما يقولُ - يجوبَ مدنَ الملحِ بحثًا عنْ معشوقتهِ التائهةِ. فهوَ كما يصفهُ كلٌ منْ عرفهُ إنسانٌ لا يحبُ تصنيفَ البشرِ، وتجمعهُ بهمْ إنسانيتهمْ، وشعارهُ الذي يرفعهُ دائمًا " لي خياراتي ولكَ خياراتكَ احترمَ خياراتي، لأحترمْ خياراتكَ " أتمنى منْ المهتمينَ والمشتغلينَ بتوثيقِ السيرِ أوْ تاريخِ الأحساء الشفاهيِ الالتفاتِ لهذهِ الشخصياتِ المخضرمةِ لنقلِ الذاكرةِ الواقعيةِ للمجتمعِ الأحسائي.
جديد الموقع
- 2024-12-26 نحو معارض للكتاب الخيري
- 2024-12-26 معادلة الانتصار الإلهي والقيم العليا
- 2024-12-26 أحياة هي أم ظروف حياتية؟
- 2024-12-26 د.نانسي أحمد أخصائية الجلدية :العلاج البيولوجي أحدث وأهم الخيارات في معالجة الصدفية
- 2024-12-26 "ريف السعودية" ونادي الشباب يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز المسؤولية المجتمعية
- 2024-12-26 تجهيز عربة عيادة أسنان في الأحساء
- 2024-12-26 4 مليارات لفرص المسؤولية الاجتماعية خلال 21 شهرًا
- 2024-12-26 نقوش ميدان عام تؤصل لقرية أثرية بالأحساء
- 2024-12-26 ما الكون إلا زمان .. إلاك
- 2024-12-25 قراءة في حياة الشاعر علي الحمراني