2021/10/09 | 0 | 2485
رواية عداء الطائرة الورقية لخالد الحسيني
من أجلك ألف مرة ومرة رواية عداء الطائرة الورقية لخالد الحسيني تدور في أفغانستان عن أمير وأبيه وحسن وأبيه وتكون الرؤية من وجهة نظر أمير الطفل الذي بدأ يتفتح على الحياة ويتلمس التناقضات الكبيرة الطائفية والدينية والتضارب في القيم والوقائع... أمير الباشتوني السني وحسن الهزاري الشيعي وكيف تجري الطائفية القميئة في ذلك المجتمع الذي يستضعف فيه الطائفة القليلة فهل يتبع أمير ما كان يقرؤه في الكتب التي تزدري الهزارى فيزدريهم أم يتعاطف معهم حينما يقرأ حوادث قتلهم والانتقاص منهم كيف وقد تربى مع واحد منهم وهو حسن صديقه الذي يدافع عنه بل أخوه الذي رضع معه من ثدي واحد.
في الجهة الأخرى نرى تأثر أمير بوالده الرجل القوي والذي له فلسفته الخاصة بالحياة وبرجال الدين الذين يراهم مجرد منافقين يدعون الدين وهم أشر خلق الله فلو تمكنوا من زمام الأمور لأذاقوا الناس الويلات... يبث الأب حكمته لأبنه وأن كل شر أصله يعود إلى السرقة فالخائن يسرق ممن يهونه شرفه والقاتل يسرق ممن يقتله حياته.
أمير وحسن أصدقاء وإخوة بالرضاعة ولكن تلك ليست الحقيقة لأن حسن ووالده كانا خادمين لأسرة حسن ويسكنان في سكن الخدم ويشترك الولدان في فقدان الأم بعد الولادة فقد ماتت أم أمير بعد ولادته مباشرة وهاجرت أم حسن بعد أسبوعين من ولادته لكن سمعة أمه السيئة لم تهاجر معها فكان حسن يعاني من تلك السمعة.
من الواضح أن علاقة الأب بابنه أمير كانت علاقة يعتورها نظرة بعدم الرضا الكامل لأن أمير شخصية غير قادرة على الدفاع عن نفسها بينما الأب يريده أن يكون نسخة ثانية له وكأن حبه لولده حبا مشروطا.
تمكن الكاتب من جعلنا نتعاطف مع حسن ونتأثر به ونكره أمير فحسن كان يمثل النبل والحب الصادق لصديقه والتضحية لأجله وأمير كان يمثل الأنانية والجبن مع بعض الندم ولكن بعد فوات الأوان.
شخصية آصف الولد القوي المتنمر الوغد شخصية واقعية بامتياز وبصورة عامة كانت الشخصيات في الرواية جميلة بتفاوت واضح في مقدار اهتمام الكاتب بها وتجليته لها فيتصدر أمير مشهد الشخصيات ثم حسن ثم والد أمير ووالد حسن وبعض الأغاوات المستلة من واقع الحياة في أفغانستان.
ثنائية الخير والشر كانت متمثلة في حسن وأمير بصورة يطغى الخير على حسن والشر على أمير وإن كان في بعض الأحيان غير واضح لكنه بالنسبة للقلرئ واضح لأن أمير يتحدث عن وجدانه وأحاسيسه دون تحسين أو مواربة.
ولأن أمير سيد وحسن خادم فقد كان متعارفا أن للسيد حق التعلم ويجب على الخادم أن يبقى أميا لا يقرأ ولا يكتب لكن لدى حسن قدرة ممتازة في قراءة أمير تجعل الأخير يخاف منه لأنه يشعر أنه كتاب مفتوح لديه رغم بعض الإيجابيات في ذلك.
الرواية قدمت ثقافة جديدة ومتكاملة وأعطتني تجربة شيقة ورحلة متكاملة الجوانب تقريبا.
بداية النهاية بخصوص علاقة أمير بحسن بدأت منذ حادثة اغتصاب حسن والتي شهدها أمير من زاوية قصية دون أن يحرك ساكنا بل فضل الهروب لتكون تلك بداية خيانة أمير الذي أدرك أنه لا يمكن لعي وابنه حسن أن يواصلا العيش بعد الآن معهما لا لأنهما غير جديرين بالثقة فعلي وحسن أثبتا اخلاصهما وتضحياتهما في غير مرة بل لأن أمير لم يعد قادرا على التعايش مع خيانته فبدأ يخطط لصرفهما عن حياته وحياة أبيه بتلفيق تهمة بالسرقة لحسن ورغم مسامحة الأب حسنا لكن عليا يقرر الرحيل رغم معارضة صديقه ومخدومه فلقد انكشف موضوع اغتصاب ولده له وانكشفت حبائل أمير أيضا.
رحيل الأب وأمير وهروبهما خفية عن ويلات الحرب التي فرضها السوفييت إلى أمريكا كانت بمثابة ترك الحياة المرفهة إلى شظف العيش إذ تحول الأب من موسر إلى عامل في محطة بنزين ورئيس وردية.
الصدمات تتوالى على أمير فبعد اغتصاب حسن وانقطاع العلاقة بينهما وتسببه في إنهاء علاقة أبيه بعلي التي استمرت أربعين عاما نراه يفقد والده بمرض السرطان ولكن الصدمة العظمى حينما يكتشف أن حسنا ليس ابن علي بل هو ابن والده وأخوه بالدم وهنا انكشاف القناع عن والده فكل المبادئ التي كان يدعيها مجرد زيف فهو أيضا لص سرق من علي حينما خانه وسرق من حسن حينما لم يعترف به ولدا... ولكن أميرا اكتشف ذلك متأخرا بعد رحيل والده وموت حسن مقتولا على يد طالبان.
الموازنة بين السرد والحدث كانت رائعة وموزونة فتارة يأخذنا الكاتب في رحلة سرد شيقة وتارة يأخذنا في قفزات في الحدث كبيرة تتكفل بدفع الحبكة إلى الأمام بين فترة وفترة الأمر الذي أبعد عنا الملل وشوقنا لمعرفة المزيد. والسرد كان عظيما في الرواية ومن أبرز ميزاتها والتدفق السردي مخيف وخالد يثبت في تجربته الأولى أنه الشي الكبير القادم منذ صدورها بداية الألفية. ورغم قلة أعمالها بعدها لكن مراجعاتها ومبيعاتها شجعتني لقراءتها.
كما أن التمهيد والفرش لما سياتي كان رائعا والربط بين أحداث البداية وأحداث المنتصف أو النهاية كان في قمة المواءمة الأمر الذي ينم عن تخطيط متقن لحيثيات الرواية الدقيقة.
لكني في بعض فصول الحوار وجدته أكبر من أن يستوعبه سن الراوي وهو طفل صغير لم يبلغ الحلم خصوصا حينما يتحدث عن الأمور السياسية أو قضايا تتعلق بالثقافة والكتب.
رواية عظيمة ستخلد فترة طويلة من الزمن وفيها عبارات أيقونية كعبارة الوفاء والتضحية التي خلدها حسن بأفعاله وهي "لأجلك ألف مرة ومرة"
جديد الموقع
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.
- 2024-11-22 نظرة على البنوك في المملكة.
- 2024-11-22 المخرج الشاب مجتبى زكي الحجي يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان غالاكسي السينمائي الدولي35
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد