2019/06/30 | 0 | 5083
توقيع الشاعر الأستاذ جاسم عساكر في كتاب ( حكاية منتدى الينابيع الهَجَرية )
حين قررت الالتحاق بمنتدى الينابيع الهجرية، لم يكن هناك أيَّ داعٍ، لأنقر رابطا تقنيا، وأقوم فيه بتعبئة بياناتي من أجل إنشاء حساب خاص بي، أتلقَّى من خلاله كلمة مرور يجب علي أن أحفظها، للانضمام.
لكنَّ ذلك أيضاً لا يعني مجّانية الالتحاق بالمنتدى، ولا ابتذال العضوية، وإنما الرابط هو الشعر، والبيانات الشخصية هي القصائد، وكلمة المرور هي الإبداع وأما الرمز الذي يجب ألاّ أنساه فهو (ناجي بن داوود الحرز).
وإنَّ أهمَّ ما أملكه من معلومات عنّي، هو بلد الإقامة/هجر، ومن هنا كان يجب عليَّ أن أتكوّن ينبوعاً تتدفّق مياهي الجوفية شعراً بعد اعتمادي على مصادري المائية التي تتسرَّبَ إلى أعماقي من أمطار الأدب الغزيرة التي تهطل من غيوم الإبداع المعلقة في سماوات المنتدى، فتتحرك بذلك الصخور في قاع نفسي، مما يعينني أن أبتل بماء الشعر، فأتلمَّس الدربَ إلى المنتدى بنبضٍ غير خجولٍ وخُطى غير وئيدة.
ولئن أصبحت المواقع التقنية في فضاء الإلكترون هذا اليوم تتيح نشر التعليقات كتابةً، فقد كانت هُناك في فضاء (الينابيع) تتيح البوح بها دون مواربة أو أقنعة، ولئن صارت وسائل التواصل الاجتماعي هذا اليوم تمنح صلاحية نشر الصور الفوتوغرافية بألوان زاهية، فقد كان المنتدى يزاول عمله في تحميض الصور الشاعرية عن طريق ستوديو الرؤية ومعمل النقد بما تسيَّله محابر المبدعين في المنتدى، وما يرسمه مداد إبداعهم، ولئن غدت صفحات المواقع الإلكترونية هذا اليوم تتيح طرح الأسئلة على صفحات الأخصائيين والاستشاريين ووجوب الانتظار في الطابور الطويل لتلقي الإجابة، فقد كان المنتدى يتلقى السؤال ثم يثار حوله نقيع الحوار مباشرة، فما ينجلي غبار المناقشة إلا عن جواب مصقول كمرآة عروس. وذلك ما يأخذ بي لقراءة ملفات الآخرين التعريفية مكاشفة، ويجعلني في حالة إدمان دائم لمزاولة النشاط التثقيفي والأدبي بحضرتهم.
ومما لاشك فيه أن "المنتدى" كان بالنسبة لي ساحة رحبة لصقل الموهبة الشعرية، واكتساب المهارة، حيث فيه تمددت رقعة علاقاتي الاجتماعية والشعرية، مما وسّع مداركي وأكسبني خبرة في التعامل مع الجمهور عبر إتاحته الفرصة لي لاعتلاء منصاته شاعرا ومشاركا في الكثير من فعالياته.
كنتُ أتباهى مع بعض الأصدقاء حين وجدنا لنا مقاعد في المنتدى كلما خرجنا وأتيحت لنا فرصة للسمر أن نكرر بعفوية لا تخلو من زهو (أنا الحين عضو في منتدى الينابيع الهجرية) هذه العبارة، كانت بالنسبة لي جواز عبور نفسي إلى عالم فسيح مليء بالإثارة والدهشة، وهل هناك ما هو أكثر دهشة من الشعر!!
المكافأة الأكبر التي أتلقاها عند قدومي هي بسمة آسرة من مؤسس ورئيس المنتدى الشاعر الكبير الأستاذ/ ناجي بن داوود الحرز، الذي لم يكن شحيحا في إسداء النصح والتوجيه والرعاية، ويا لهذا القلب المشرّع منذ ثلاثة عقود، ولم يضق بالعابرين والماكثين!!
علاوة على ما أتلقاه من دعم وتشجيع من بقية أساتذتي الشعراء الذين أشعلوا المصابيح أمامي في ليل القصيدة كالأستاذ الشاعر جاسم الصحيح والأستاذ الشاعر محمد الجلواح والأستاذ الشاعر محمد الحرز، والأستاذ الشاعر معتوق العيثان، والأستاذ الشاعر علي النحوي، وما إلى هنالك من مبدعين تطول القائمة بتعدادهم لكنهم في البصيرة أقمار لا تميل إلى الأفول.
لم أجد ما يثير حماسي أو يناسب ميولي في كلية آداب، ولا في مؤسسة رسمية أو أهلية، قدر ما يثيره هذا المنتدى وراعيه، فلم أشأ أن أفوّت الفرصة التي يقدمها لتقديمي إلى المشهد، وإن لم يكن لذلك فعلى الأقل ليرضي نهمي وتطلعي الأدبي والشعري عبر حضور ما يعقده من ندوات وورش تدريبية وقراءات نقدية وأمسيات شعرية، تثري وتثير وتضفي وتضيف.
لم أكن أنتظر إتمام دراستي في المنتدى وأعلن بعدها "لحظة تخرجي" مسجلا أعلى معدل للالتحاق بوظيفة ما، لأن المنتدى كما أشرت أعلاه، ليس كلية آداب مؤقتة يسلكها الطالب مدة من الأعوام المعدودة، ثم ينفصل عنها، وإنما هو دائم العطاء لمن قصده، داني القطف لمن مد يده، يستفيد منه المرتادون عبر الأجيال دون كلل أو ملل، وأما الوظيفة ففيه ومعه وهي ممارسة الحب وصناعة الجمال، واقتفاء النور بأبسط الأدوات، إلى أن أصبح يحرج المؤسسات الثقافية الأخرى التي تتلقى الدعم تلو الدعم ماديا، فيما يُكتب الخلود له هو كمعنى وتنتهي بغيره المادة إلى العدم.
جديد الموقع
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.
- 2024-11-22 نظرة على البنوك في المملكة.
- 2024-11-22 المخرج الشاب مجتبى زكي الحجي يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان غالاكسي السينمائي الدولي35
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد