2012/03/03 | 0 | 2613
أمريكا.. وخداع الأقليات
إن اختيار أوباما كرئيس لأمريكا وهو من الأقليات, وله جذور أفريقية إسلامية وآسيوية, وإلقاءه الكثير من الخطابات التي تدعي الدفاع عن الأقليات أو الشعوب, فهذا كله يوضح ملامح توجهات السياسة الخارجية الأمريكية في العقد الحالي, وهو إعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط لمزيد من الهيمنة, ولتصبح سوق سهلة ومفتوحة أمام شركاتها.
إن أمريكا لا تبيع إلا الوهم عندما ترفع شعار حقوق الإنسان. فهي عندما ترفع هذه الشعارات لا تريد إهداء الديمقراطية للشعوب, ولا توزيع الحقوق عليهم, بل تريد مزيد من الهيمنة, ونهب الثروات, وسحق كرامة الشعوب وذلك باستخدام العبارات المنمقه والجذابة والمؤثرة على نفسيات الناس لإثارتهم, وما هي إلا إدعاءات كاذبة. فهم الذين يقتلون البشر هنا وهناك ويدّعون الدفاع عن حقوقهم. ومن يعوّل على أمريكا في نيل حقوقه إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبغ فاه وما هو ببالغه.
المشكلة ليست هنا في أمريكا, فأمريكا ضعيفة كبيت العنكبوت إذا لم تستطع خداع الشعوب, وتكون هي الخاسر الأكبر تحت وطأة الوعي. إن اللعبة التي تلعبها أمريكا اليوم هي الهيمنة على تفكير البشر, ومن ثم إرادتهم وإدارتهم. فهي تعمل على إدارة إرادة البشر عن طريق التحكم في مصادر المعلومات. إن القوّة اليوم هي القوّة المعلوماتية. فعن طريق السيطرة على وسائل الإعلام, ووسائل التواصل الاجتماعي, والتسريبات, ووسائل صناعة الرأي العام, أمريكا تحاول الهيمنة على أسلوب تفكير الشعوب هنا أو هناك, وبالتالي تحركهم بشكل لاواعي لتحقيق أهدافها.
إن المشكلة الحقيقية هي عندما تتقاطع مصالح الأقليات مع مصالح أمريكا, مالذي يحدث, ومن يخسر ومن يكسب؟
إن التاريخ يعطينا دروس بأن الأقليات دائماً ما تكون كبش فداء, ومثال على تخلي أمريكا عن حقوق الأقليات بعد تشجيعها, هو ما حدث في البوسنة والهرسك, وجنوب العراق أبان حكم صدام, أو في البحرين وغيرها. فأمريكا تسمح وتسهل بشكل عملي سحق الأقليات, ومن ثمّ تطالب بدمائهم, كقميص عثمان, فتجعلهم ذريعة للتدخل في شؤون الدول الأخرى واختراق صفوفها.
عندما تكون المطالب جماهيرية وعامه, وليست خاصة بأقلية أو طائفة بعينها, أو أن يكون الحوار الداخلي هو الوسيلة للإصلاح أو التجاذبات, فلن تكون هناك مشكلة حقيقية, وسوف تقطع الشعوب يد أمريكا من التدخل, وهذا ما لا تريده أمريكا. ولكن عندما تكون المطالب خاصة بطائفة معينة أو جهة معينة, وعندما تغلق وسائل الحوار, فهنا جوهر المصالح الأمريكية والصهيونية. إنهم خلف الاختلاف والصراع والقتال.
القضية هي ليست مدى حقانية المطالب أو الإصلاح هنا أو هناك , أو مدى صدقيتها. القضية هي عندما تتقاطع هذه المطالب أو المصالح أو الحقوق مع إرادة أمريكا في التدخل في شؤون الدول الأخرى, وهي العدو اللدود للشعوب, فلعله من الحكمة عدم إعطاء أمريكا أو الدول المتغطرسة ذريعة للتدخل, وعدم تقديم أي عمل قد يكون فيه خدمة للمشروع الأمريكي, ولو قدر أنمله. فالحركة الشعبانية مثلاً, لعلها كانت صادقة في أهدافها, ولكن عندما أتت في توقيت كانت في اتجاه المشروع الأمريكي للتدخل في العراق, سمحت أمريكا بسحقها.
عندما تكون المطالب طائفية, أو تخص مطالب طائفة معينة فقط, ولم تكن جماهيرية, وتقاطعت مع الإرادة الأمريكية, فإنها غالباً ما تستخدم ككبش فداء, بل وتتمنى أمريكا أن تُسحق هذه الطائفة لكي تحصل على مبرر كافي للتدخل السريع. فعلى الأقليات أن لا تنخدع بالدعاية الأمريكية و تلجأ للحوار ما أمكن للمطالبة بالحقوق, ونشر الوعي. ويجب أن يغلق الباب تماماً أمام أي تدخل خارجي, فالإصلاح لابد وأن يكون داخلي بحت.
وفي مثل المسائل الحساسة والمصيرية لابد أن يسود العقل والحكمة وليس العاطفة, فالعاطفة قد تعمي العقول عن الصواب, ولا تعطي حلول منطقية وبالعاطفة يقوم الإنسان بأعمال بلا نتائج محسوبة. وبالعقل يدرك الإنسان عواقب الأمور, ويضع الحلول المنطقية, وتكون أفعاله محسوبة النتائج. إن الإسلام دائماً ما يدعوا إلى الحكمة والصلح بين الناس والسلم, ولا يدعوا للتهور والغرور والإستعداء.
(وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (62) وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)
جديد الموقع
- 2024-08-02 دار الرحمة توقع مذكرة تعاون مع أمانة الأحساء ومؤسسة إكرام الموتى بالرياض
- 2024-08-02 بذكرك لهجاً على خطى السجاد (ع)
- 2024-08-02 الإكتئاب أثناء الحمل مرتبط بارتفاع هرمون الكورتيزول في شعر الأطفال الدارجين مما قد يسبب مشكلات صحية للطفل
- 2024-08-02 تشخيص أنواع مختلفة من الخرف باستخدام الذكاء الاصطناعي أصبح ممكنًا الآن
- 2024-08-02 استراتيجية جديدة للتعامل مع التوتر العاطفي
- 2024-08-02 التاريخ يشكل مادة خصبة للأدب
- 2024-08-02 سوء إخراج الكتب يؤثر سلبا في تسويقها
- 2024-08-02 25 لوحة ترصد تاريخ الأحساء قبل 100 عام
- 2024-08-02 اشرب من الچـوچـب
- 2024-08-01 نبتة الغاف الأحمر والسعودية الخضراء.