2024/02/15 | 0 | 1307
عن يوم القصة العالمي: حسن الشيخ في لمحة عن تجربته السردية.
البمامة
مثل السرد في واقعنا الثقافي المعاصر، قيمة تعبيرية أدبية رفيعة؛ من حيث مقدرته الهائلة على استكشاف الحياة والكون بمنظور الفرد المندرج في الوجود، والمتشوق إلى السمو بذاته إلى آفاق متعالية من الأفكار والتمثلات. هي حكايته يرويها، ومسعاه عندما نقل واقعه وأحلامه ورؤاه الوجودية إلى بيت اللغة. «فالإنسان يسكن كلامه مثلما ينتمي إلى كينونته» كما يقول هايدغر، والسرد بدوره لا يخفض من طموحه بتطلعاته التي لا تستكين؛ يعمل كبؤرة جذب لجميع الأشكال التعبيرية، يقبل بها في مساحته ويحتويها في نسيجه ويضيف عليها، ثم يستخلص منها ذلك الجنس الأدبي الذي يسمى “سرداً”. فالسرد في حقيقته، طاقة إبداعية لامحدودة عندما يكون باعثه هاجس الأديب عند استبطانه الوجود من خلال فعل المراوحة بين واقعه الذي لا يقبله بكله، ومأموله عندما يستشرفه، ويلوح له كعالم طوباوي يستحق أن يعاش. فمن خلاله يكتسي المكان بحلة زاهية من الألوان رسمتها المشاعر، ويصبح الزمان مجرد مصادفة كونية وقعت تحت ضغط الحنين.
فهذا الباعث والمحرض على الإبداع هو ما يمكننا التقديم به واسقاطه مباشرة على تجربة القاص والروائي حسن الشيخ. المولود في الأحساء، والذي أقام فيها مقتبل حياته قبل أن يغادرها إلى الدمام، إلا أنه سرعان ما وجدها مقيمة بداخله وتحتل كل جميل من أحلامه وفكره. فهي وعلى قصر فترتها، أصبحت: «الأيام الطويلة المليئة باللذة والألم»، كما جاء على لسان عماد العامري بطل رواية “الفوارس”، و«عبرت في خياله كفراشة نهر مبتلة، نجت من دفقات النهر، وأصبحت وجبة شهية في حوصلة طائر» كما يشي بذلك عماد، ويضيف: «هي الأحساء التي كلما اقتربت منها احترقت، وكلما ابتعد عنها تجمدت». وما ذاك سوى جدلية (الواقع والمثال) كما أسلفنا في مقدمتنا. لذا تحضر الأحساء في معظم قصصه ورواياته، وقد قاربها من خلال مزاوجته بين أسلوبي السرد الواقعي والتخييلي، متخذاً من نمطي السيسو -سردي، والسرد التاريخي منهجه الكتابي.
ففي رواياته تطالعنا سيرة المكان – الأحساء - في صورة مكبرة، بل تصبح أحياناً الموضوع الرئيس للحكاية، وعلى أثره تتفاعل الشخصيات منقادة بتأثير منها؛ حتى وكأنه قد زرع في كل زاوية من أرجائها حكاية تتبرعم بمجرد مروره أو إشارته إليها. وهذا ما نلحظه أيضاً في قصصه القصيرة، وكأن بعضها انفلت من نص إحدى رواياته، أو قد بدت كتكملة لسلسلة حكايات تم تجاوز البعض منها هناك، وقام باستدراكها وأثبتها هنا.
السرد الغرائبي أو العجائبي – أي الجن والشياطين والقدر والقوى الميتافيزيقية - هو ملمح آخر في أسلوبه السردي، ونجدها تحف بأغلب أعماله، ويوظفها أحياناً كعامل فاعل لفك عقدة حبكته الدرامية. هذا بالإضافة إلى اتكاءه على ثيمة النهايات المفتوحة؛ عندما يقوم السارد العليم بالإيحاء بالمعنى ولا يقرره.
هذا هو ديدن الحكاية عندما يشعلها الحدث لمرة وتخبو نيرانه. تدخل جحرها مخلفة جميع أرديتها وحاجاتها خارجاً وتنام. الصياد “حسن الشيخ” بمكره ودربته، يعرف مكامنها. يستدرجها بثياب ملونة يجلبها من دكان خاله في سوق “السويق”. وعندما تتمنع، يهزج لها بأناشيد “اطفال الفريج” عند نزول المطر، فتخرج جذلى مقهقة.
أحياناً يتلو عليها تميمتة السحرية وكلمة السر “مريم”، حتى تبوح الحكاية بأسرارها في أشكال سردية عديدة؛ تنوعت بين الرواية والقصة القصيرة والقصيرة جداً في سبعة عشر عملاً مطبوعا خلال ثلاثة عقود زمنية.
جديد الموقع
- 2024-11-18 مؤشرات حيوية على شيخوخة الدماغ: دراسة وصل متوسط مدتها إلى 20 عامًا
- 2024-11-18 نادي الخزامى المعرفي بالجشه يقيم قانون الجذب في التربيه
- 2024-11-17 أنا وأنتِ والنظرة الأخيرة
- 2024-11-17 تحت عنوان (تزهو الفيصلية بفتياتها) نسائي بر الفيصلية ينظم حفلا ترفيهيا للمتفوقات
- 2024-11-17 التأثير القوي لحليب الأم في صحة الرضيع
- 2024-11-16 أنت مثلي مقصر معهم؟
- 2024-11-15 كثير من الأطفال الرضع يتعرضون لاحتمال الاختناق والوفاة بسبب نوم أمهاتهم أثناء الإرضاع
- 2024-11-15 أمي لآخر عمري
- 2024-11-15 الصورة الإيقاعية في ديوان «مشاؤون بأنفاس الغزلان»
- 2024-11-15 عقد قران الشاب / عبدالله بن علي بن يوسف البطيان تهانينا