بسم الله الرحمن الرحيم ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، خير الخلائق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين .

روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله ) : " سُمي شهرُ رجب شهرُ الله الأصب لأن الرحمة على أمتي تُصب فيه صبًا "

بما أنه لم يبق على شهر رجب إلا أيام قلائل ، فلا بأس أن نتحدث عن فضل هذا الشهر ، وما ورد فيه من أعمال ، حتى نغتنم الفرصة في هذا الشهر المبارك من التزود الروحي 1- عناصر الكلمة :
- مقدمة :
الأصل من الله عزوجل الرحمة ، يعني أن الله تبارك وتعالى أوجد هذا الكون وسيَّره بلطفه ورحمته .
قال تعالى : { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ۚ }

وفي الدعاء ( يامن سَبَقَت رحمتُهُ غضبَهَ )
والعذاب والغضب الإلهي هو أمر طارئ ، وعارض لمن تعد حدود الله عزوجل .
قال تعالى : { عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ ۖ}
إن شاء تبارك وتعالى عذب من تعد حدوده ، وإن شاء عفا بكرمه ومنه .

2- فضل شهر رجب :
١- هو من الأشهر الحرم ، حرم الله القتال فيه .
روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " إنَّ رجب شهر الله العظيم ، لا يقارنه شهر من الشهور حرمة ، والقتال فيه حرام ، ألا إن رجب شهر الله ، وشعبان شهري ، وشهر رمضان شهر أمتي ".

وفي رواية ( شهر أمير المؤمنين ) .

٢- هو موسم الدعاء .
٣- وموسم العبادة .
٤- ويمكن القول شهر رجب هو تهيئة وإعداد لاستقبال شهر شعبان ، وشهر شعبان هو إعداد وتهيئة لاستقبال شهر رمضان ، وشهر رمضان هو إعداد وتهيئة لاستقبال ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر ، فتدخل علينا ليلة القدر وقد استعددنا و تهيئنا
نفسيًا و روحيًا لاستقبالها ، والتعبد فيها .

٥- شهر رجب محطة لمن أراد الزاد الروحي .
فالإنسان ينشغل بالحياة المادية ، وصخبها وينشغل عن الجانب المعنوي والروحي ، فعليه أن يستغل فرصة دخول شهر رجب من أجل أن يتزود روحيًا ومعنويًا .

قال تعالى : { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ }

3- بعض أعمال شهر رجب :
ذكرت النصوص الشريفة الواردة عن أهل البيت ( عليهم السلام ) بعض الأعمال في شهر رجب ، نذكر منها على سبيل الاختصار :
١- الاستغفار :
الاستغفار: هو تصفية القلب ، وطهارة الروح من أدران الذنوب والمعاصي .

والاستغفار : مشتق ومأخوذ من مادة ( غَفَرَ) وهي بمعنى سَتَرَ وغطى .
وعلى هذا يكون معنى الاستغفار هو طلب الستر والتغطية ، والعفو من الله تبارك وتعالى .
روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : " رجب شهر الاستغفار لامتي ،أكثروا فيه الاستغفار، فإنه غفور ، فأكثروا من قول ( أستغفر الله وأسأله التوبة ) "

٢- الصوم :
هناك نصوص كثيرة تؤكد على الصيام في شهر رجب ، ومنها :

روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله : " ألا فمن صام من رجب يومًا استوجب رضوان الله الأكبر ، وابتعد عنه غضب الله ، وأُغلق عنه باب من أبواب النار "

وعن أمير المؤمنين ( عليه السلام : " من صام يومًا من رجب في أوله أو في وسطه أو في آخره غُفر له من ذنوبه "
وهذه كانت سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، حيث كان ( صلى الله عليه وآله ) يصوم أول يوم خميس من الشهر وآخر خميس منه ، وأربعاء من وسط الشهر ، وفي مضمون الخبر من فعل ذلك فقد ( صام الدهر) .

وعن الإمام موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) : " من صام يومًا من رجب تباعدت عنه النار مسير سنة "
وعنه أيضًا : "
" رجب نهر في الجنة ، أشد بياضًا من اللبن ، وأحلى من العسل ، من صام يومًا من رجب سقاه الله عز وجل من ذلك النهر "

ومن صام ثلاثة أيام وجبت له الجنه .

٣- الدعاء :
شهر رجب شهر الدعاء ، ووردت أدعيه خاصة في شهر رجب ، مذكورة في مفاتيح الجنان ، فيغتنم المؤمن هذه الفرصة للدعاء في شهر رجب ،
والدعاء كما في الخبر ( مخ العبادة .

٤- زيارة الإمام الحسين ( عليه السلام ):
في كثير من المناسبات الدينية نجد فيها زيارة خاصة بالإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ومنها في شهر رجب .
روي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " من زار الحسين بن علي ( عليهما السلام ) أول يوم رجب غفر اللهُ له البته "'

وعن أبي نصر أنه قال : سألت أبا الحسن الرضا ( عليه السلام ) : في أي شهر نزور الحسين ( عليه السلام ) قال : " في النصف من رجب ، والنصف من شعبان "

٥- زيارة الإمام الرضا ( عليه السلام ) .

٦- الصدقة :
الصدقة لها فضل عظيم ، فإنها تدفع البلاء ، وميتة السوء ، وتطيل العمر ، وغيرها من الآثار ، وهي مستحبة في كل وقت ، ولكن قي بعض المناسبات والاوقات يكون لها فضل أكبر وأكثر ، ومنها في شهر رجب .
روي عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " … من تصدق بصدقة في رجب ابتغاء وجه الله أكرمه الله يوم القيامة في الجنة من الثواب بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر "

٧- مسائل فقهية :
بما أنه ذكرنا استحباب الصوم في شهر رجب نشير إلى مسألتين في الصوم المستحب .
١- من عليه صوم واجب من قضاء شهر رمضان لا يجوز له أن يصوم صومًا مستحبًا ، فيجب عليه أولاً قضاء ما عليه من صوم شهر رمضان ، وبعد ذلك يصوم المستحب .
نعم يمكنه أن يقضي ماعليه من صوم القضاء في شهر رجب ويحصل على الثوابين ، ثواب القضاء ، وثواب الصيام المستحب .

٢- نية الصوم المستحب تمتد إلى ما قبل الغروب ، فلو أن شخصًا جلس من نومه الساعة العاشرة صباحًا مثلاً ولم يرتكب مفطرًا جاز له أن ينوي الصيام ويكمل ذلك اليوم .
بل لو بقي على الغروب دقائق ولم
يرتكب مفطرًا يجوز له ينوي الصيام ويُحسب له .
طبعًا هذا خاص بالصوم المستحب .

الخاتمة :

يا مَنْ يَمْلِكُ حَوائِجَ السَّائِلِينَ وَيَعْلَمُ ضَمِيرَ الصَّامِتِينَ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْكَ سَمْعٌ حاضِرٌ وَجَوابٌ عَتِيدٌ
اللّهُمَّ وَمَواعِيدُكَ الصَّادِقَةُ وَأَيادِيكَ الفاضِلَةُ وَرَحْمَتُكَ الواسِعَةُ
فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَقْضِيَ حَوائِجِي لِلْدُنْيا وَالآخرةِ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ .

وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .