2008/08/19 | 0 | 5855
التكامل الأخلاقي في دولة الإمام المهدي
أسباب الفساد الأخلاقي
قد يسأل سائل : ما الأسباب والدواعي لانتشار الرذائل في المجتمع الإسلامي وبمعنى آخر إلى هذا التبدل الأخلاقي في الوسط الإسلامي في الوقت الذي ينبغي على الأمة التمسك بمبادئها وأخلاقها السامية التي جاء بها نبي الأمة ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) .
هذا التبدل الأخلاقي يمكن إيجاز أسبابه فيما يلي :
1-الاستكبار العالمي وأهدافه الاستطماعية في المجتمع الإسلامي وذلك من خلال محاولته لهدم الصورة الإسلامية الصحيحة في المجتمع الإسلامي وتحويله إلى مجتمع مادي فاسد بهدف السيطرة على ثرواته.
2-التثقيف المنحرف من قبل الدول من خلال الإعلام المرئي والمسموع .
3-الحاجة المالية الفردية والاجتماعية والتنافس على ذلك وهذا ما يدعو الفرد إلى ارتكاب كل الأساليب للحصول على المال .
4-التنافس الاجتماعي على متطلبات الحياة اليومية والعصرية من السكن وغيره كالوجاهة الاجتماعية
5-الإغراء الجنسي بأشكاله وصوره المختلفة .
فهذه العوامل هي الأكثر في تبدل الأخلاق الإسلامية في الوسط الاجتماعي الإسلامي فترى الناس تتعامل بالربا سواء في المعاملات البنكية وغيرها ، وترى الناس تكذب ، وترى الناس تتناول الخمور علانية ودون أدنى تحفظ ، وترى الزنا منتشراً في الدول الإسلامية دون أي رادع ومانع له ، وترى العاريات والصور المبتذلة في المجتمعات الإسلامية أكثر من غيرها من الدول الغير إسلامية وكأننا مجتمع غربي مادي ، هذه الصورة الواقعية اليومية في المجتمعات الإسلامية ، فأين أنت يا إمام العصر ؟
دور الإمام المهدي في إصلاح الأخلاق
عند خروج الإمام المهدي واستتباب حكمه العادل في العالم وانتشار دولته المباركة تتغير كل تلك الصور المشينة في المجتمع الإسلامي . فيسعى الإمام -روحي فداه - إلى التغيير على جميع المستويات خلافاً للأسباب السابقة ونلمس ذلك من مرويات أهل البيت عليهم السلام.
- § فالإمام -عجل الله تعالى فرجه الشريف - سيهزم الاستكبار العالي وسيسيطر بحكمه العادل على جميع الدول الإسلامية وسيعيد للإسلام والمسلمين كيانهم الحقيقي وعزتهم الكريمة ، فلا استكبار عالمي في دولة الحق وبالتالي فلا محاولة لمحو الإسلام وصورته في جميع المجتمعات بل على العكس من ذلك تماماً سينتشر الإسلام في جميع أنحاء العالم وسيكون هو الدين الرسمي للدول .
- § الإمام سيثقف الأمة الإسلامية التثقيف الصحيح ، ثقافة الله وثقافة رسوله الثقافة التي تقوّم الإنسان وتهديه إلى الخلق الرفيع وذلك من خلال توجيهاته المباشرة أو من خلال أجهزة الإعلام كالإذاعة والتلفزيون والصحف والمجلات وغيرها .
- § ولن يكون في زمن الإمام تنافس مادي - مالي- لأن الحالة الاقتصادية في زمنه روحي فداه لا يمكن أن يتصورها الفرد وما يمكن معرفته أن الحالة الاقتصادية سوف تزداد على المستوى الفردي والجماعي حتى تصل الحالة إلى أن يبحث الفرد عن شخص يعطيه الصدق فلا يجد كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
ليأتين على الناس زمان يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب ثم لا يجد أحدا يأخذها [[1]]
ومن أن الإمام يعطي من يسأله ما يستطيع أن يحمله الفرد كما جاء عن أبي سعيد الخدري ، عن النبي ( ص ) في قصة المهدي قال :
فيجئ إليه الرجل فيقول : يا مهدي أعطني أعطني أعطني. قال : فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله[2] ( رواه الترمذي )
وهذا يعني أن الأموال ستوجه إلى ما فيه خير وصلاح الأمة في دولته المباركة .
ومعلوم أن الحاجة المالية من أعظم أسس الجريمة في العالم في أيامنا هذه لكن هذا إلى زوال في دولة الحق والعدالة .
- § وفي عصر الإمام ينعدم الإغراء الجنسي وذلك بعد تطبيق الأحكام الإسلامية الصحيحة في تنظيم العلاقة بين الجنسين .
هذا ما سوف يبذله الإمام روحي فداه عند استتباب الحكم ، وما سوف ينشره من الصورة الأخلاقية الجميلة في ربوع العالم .
الأهداف الأخلاقية المهدوية
من الأهداف الأساسية التي يخرج من أجلها الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف التكامل الأخلاقي في المجتمع الإسلامي خاصة والعالم بأسره عامة ، فالإمام روحي فداه سيأتي كما أتى جده رسول الله أو لِنَقُلْ مصداقاً لقول جده ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) بعد تلك الانتكاسة الأخلاقية العظيمة في المجتمعات وسيقيم الإمام مجتمعه على نفس المستوى الذي أقامه رسول الله في مجتمعه . ولنا في هذا الحديث جنبة معينة نتحدث عنها وهي الأخلاق الشيعية من منظور المرويات.
اختلاف الشيعة
تزداد الحالة الأخلاقية سوءاً في الوسط الشيعي كما نُقل عن أبي عبدالله عليه السلام قوله :
: كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين ، فيأرز العلم كما تأرز الحية في جحرها ، واختلفت الشيعة وسمى بعضه بعضا كذابين ، وتفل بعضهم في وجوه بعض ؟ قلت : جعلت فداك ما عند ذلك من خير ، فقال لي : الخير كله عند ذلك ، ثلاثا .[1]
فالشيعة قبل خروج الإمام يكونوا في حالة سيئة كما وصفت الرواية فيتفل بعضهم في وجوه بعض ويسمي بعضهم بعضاً كذابين ونلتمس من ذلك أمرين :
الأمر الأول : أن هذه الأخلاق وما يصل إليه الشيعة من حالةٍ علامةٌ من علامات خروجه عجل الله فرجه الشريف وهذا يدل عليه قوله (الخير كله عند ذلك) وهذا لعمري مصداق لما يحدث في زماننا الحالي ، فكأن الرواية تتحدث عن هذا الزمان .
ويؤدي ذلك أيضاً الرواية المروية عن علي بن أبي المغيرة ، عن عميرة بنت نفيل ، قالت :
سمعت الحسين بن علي ( عليهما السلام ) يقول : لا يكون الأمر الذي تنتظرونه حتى يبرأ بعضكم من بعض ، ويتفل بعضكم في وجوه بعض ، ويشهد بعضكم على بعض بالكفر ، ويلعن بعضكم بعضا . فقلت له : ما في ذلك الزمان من خير ؟ فقال الحسين ( عليه السلام ) : الخير كله في ذلك الزمان ، يقوم قائمنا ويدفع ذلك كله [3].
الأمر الثاني : أن هذه الحالة تكون قبل خروج الإمام ، أما بعد خروجه فإن الأمر سيختلف لأن الإمام سيؤاخي بين الناس وسيزرع الأخوة كما قلنا سابقاً ، فلا تجد أحداً يتفل على أحد فكيف بك والشيعة فإنهم سيكونون أكثر تمسكاً وأخوة وأخلاقاً وسيجمعهم على أمر واحد كما جاء في خبر مالك بن ضمرة مع أمير المؤمنين :
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : يا مالك بن ضمرة ، كيف أنت إذا اختلفت الشيعة هكذا - وشبك أصابعه وأدخل بعضها في بعض - ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما عند ذلك من خير ؟ قال : الخير كله عند ذلك يا مالك ، عند ذلك يقوم قائمنا فيقدم سبعين رجلا يكذبون على الله وعلى رسوله ( صلى الله عليه وآله ) فيقتلهم ، ثم يجمعهم الله على أمر واحد [4]
أخلاقية المنْتَظِر
بُعد الأخلاق الإسلامية لا بد أن يكون له تجسيد ملموس في وسط المجتمع المنتظر .فالمجتمع المنتظر لا بد أن يكون مجتمعاً إسلامياً -وأبرز سمات التمايز بين المجتمع الإسلامي والمجتمعات الأخرى هو خصوصية الأخلاق الإسلامية الوضاءة .الإنسان المنتظر لا بد أن يتمتع بالخلق الإسلامي ، ولا بد أن يكون المجتمع المنتظر انعكاساً للأخلاق الإسلامية . يقول الإمام الصادق (ع) :
( من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الأخلاق ،وهو منتظر، فإن مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه ، فجدُّوا وانتظروا هنيئاً لكم أيتها العصابة المرحومة )[6][6]
كل التأكيد الذي حصل على ضرورة كون الشيعة (زيناً) لا (شيناً) لأئمتهم تتحتم رعايته بشكل أكبر في عصر الانتظار .
فلا بد للشيعة من أن يكونوا ظلاً طيباً ، ومشرفاً للأئمة الطاهرين ، عن طريق المواظبة على رعاية قيم الإنسانية ، والتحلي بالأخلاق المحمدية ، والاتصاف بالخصال العلوية ، والفضائل الجعفرية . وهذه المواظبة أكثر لزوماً لتحليل الإمام إبّان مرحلة غيبته .
جديد الموقع
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد
- 2024-11-21 القراءة للكسالى
- 2024-11-21 القراءة واتباع الأحسن
- 2024-11-21 روايات أسامة المسلم بين جيلين.
- 2024-11-21 ( غرق في المجاز، مَجازٌ في الغرق ): قراءة في ديوان الشاعر جابر الجميعة
- 2024-11-20 الدكتور عبدالمنعم الحسين يدشن حملة التشجير الثالثة ببر الفيصلية