2022/06/07 | 0 | 3108
الملامح الذاتية و الموضوعية في شعر السيد هاشم الشخص
عندما تصفحتُ ديوانَ (بلابل و أبابيل) للسيد أبي ياسر استوقفتني كثيراً مقولةُ السيد عدنان العوامي في تقريضِهِ
((أتركُ الرأيَ للقارئِ المتذوقِ فحسبي به حاكماً للديوان لا عليهِ )) لكي أكونَ منصفاً لم أستطِعْ أن أمرَّ مرورَ الكرامِ على الديوانِ أعدتُ قراءتَهُ أكثرَ من مرةٍ و حاولتُ جاهداً أن أستنطقَ القصائدَ لا من مطالعِها فحسب بل توغلتُ فيها حتى أصبحتُ أسيراً و أيقنتُ صدقَ ما تفوَّهَ بهِ الشاعرُ الكبير جاسم الصحيح ((عندما تدخلُ قصيدةُ السيدِ هاشمِ إلى قلبِ القارئِ لا تَخرجُ منهُ إلى الأبدِ )) و هذا ما حصلَ بالضبطِ
الملامحُ الذاتيةِ و الموضوعيةِ في شعرِ
السيد هاشم الشخص أبي ياسر
الملامحُ الذاتية :- تنقسمُ إلى ثلاثةِ محاورٍ
المحورُ الأول الاعتدادُ بالنفسِ والاعتزازُ بالانتماءِ
للدوحةِ الهاشميةِ :-
يقول الناقدُ و الشاعرُ القديرُ علي طاهر البحراني
((الشاعرُ السيدُ هاشم الشَخص شعرُهُ هو و هو شعرُهُ تستصحبُ و أنتَ تسمعُهُ أو تقرأُهُ النجفَ و شعراءَها و مجالسَها الأدبية))
و إليك عزيزي القارئُ/المستمِعُ أستشهدُ بهذه الأبياتِ التي تَدُلُّ على ذلك من ناحيةِ اعتدادِهِ بذاتِهِ التي وُلِدَ من بصيرتِها الأملُ :
أطلقتُ بالشعرِ العقيرةَ صادحاً
فأجابتْ الدنيا رنيمَ صُداحي
...
و يقول معبراً عن إبائِهِ:
أحرفيْ إنني أَبْيتُ انحناءً و ركوناً إلى رموزِ العبيدِ
فاعذريني إذا وطأتُ بنعلي من عدا نحو عزَّتي و وجودي
...
و هو القارئُ الواعي :
و قرأتُ ما عاثَ الطغاةُ و أجرموا
فلعَنتُهم من أَلْفِهِمْ للياءِ
...
و هو الكاتبُ البارعُ :
إني سأكتبُ بالدماءِ عقيدتي
هيهاتَ يَخدَعُني النعيمُ الفاني
...
و هو الابنُ البارُ السالكُ نهجَ آبائِهِ الأطهار :
أبناءُ حيدرَ و النبيَّ مَفَاخِرٌ
غمروا الوجودَ بأنعمٍ و صلاحِ
...
و كيف لا يكونُ كذلك و دماؤهمُ الزكيةُ تجري في عروقِه:
حافلٌ منكَ عالمي بالخُزامى
فالهوى و الدِما بنبضِ وريدي
....
و قد أوتي الحكمةَ فنالَ الخيرَ الكثيرَ :-
لستُ غَرَّاً بجهلِهِ يَتمادى
بل حكيماً و من زمانِ الجدودِ
...
و قد حباهُ اللهُ بالهيبةِ و المقامِ السامي و الذكرِ المحمود:
و إني سليلُ القومِ من آلِ هاشمٍ
و عني نوادي الفضلِ تَروي و تُسمِعُ
المحور الثاني انعكاسُ الثقافةِ الدينيةِ و وضوحِ بصماتِها:-
و لأنهُ ابنُ النجفِ الأشرفِ و بيتُ أهلِهِ من بيوتاتِ العلمِ و الأدبِ تشبَّعَتْ ثقافتُهُ بالقرآنِ الكريمِ و السيرةِ العطِرِةِ للنبي و آلهِ الأطهارِ و نهجِ البلاغة و عيونِ الشعرِ فلا عجبَ إن توغَّلَ الإيمانُ في معانيهِ و تشبَّثَ العلمُ في ألفاظِهِ
و لست في صددِ ذكرِ الآياتِ و الرواياتِ التي يُدرِكُها اللبيبُ بمجردِ أن تطرِقَ أبياتُهُ الأسماعَ
و على سبيلِ المثالِ لا الحصرِ أوجزُ ذِكرَها في أربعةِ مواطن:-
الموطن الأول:
قرأوا ((أعدوا ما استطعتم)) للوغى
فإذا بهم عند النِدا فُرسانُ
....
الموطن الثاني:
لَكَم فرتْ فوارسُ من عليٍ
((فرارَ الحُمرِ من أَسدٍ)) هصورِ
...
الموطن الثالث:
بكِ باهلَ القرآنُ يا ابنةَ أحمدٍ
و اللفظُ تعظيمٌ فأنتِ ((نساءُ))
...
الموطن الرابع:
هيهاتَ مثلُكَ من ((يَبيتُ ببطنةٍ))
و إزاءَكَ الأيتامُ و الأسراءُ
...
المحور الثالث الهمُّ الانساني لنشرِ المحبةِ و السلام :-
يقول جيمي هنتركس ((عندما تتغلبُ قوةُ الحبِ على حبِ القوةِ سيشهدُ العالمُ السلامَ))و هذا المعنى يتجلى في نَفَسِهِ الشعري بوضوح في قصيدةِ (أضأتَ كعالي النجم) :
هلِموا إلينا فالتسامحُ نَهجُنا
و هيهاتَ أرضى أن أجورَ و تَخضعوا
إلينا إلينا فالتقارُبُ وِحدةٌ
و ميثاقُنا أنا على الشرِّ نَربَعُ
...
و كذلك يظهرُ جليَّاً في قصيدة (أمة القرآن):-
يا أمةَ القرآنِ عودي تَحظي بأنوارِ الوجودِ
المجدُ أن تستيقظي و إذا نَهضَتِ فلا تَهيدي
الملامح الموضوعية :-تنقسم إلى ثلاثةِ محاورٍ
المحور الأول ثنائيةُ التضادِ و المفارقةِ على مستوى
البيتِ الواحدِ :-
يقول الناقدُ الحاذقُ جاسم المشرف ((بلابل و أبابيل يقومُ العنوانُ بلاغياً على التضادِ و أسلوبياً على المفارقةِ في مجملِ المجموعةِ الشعريةِ للسيد هاشم ثُنائيةُ الطربِ و الغضبِ حاضرةٌ )) و لك عزيزي أن تتمعنَ بهذهِ المَلَكةِ الشعريةِ في ومضاتٍ سبعٍ :-
الومضة الأولى :
و قد يُغنيكَ إيجازٌ يسيرٌ
عن الإسهابِ في شرحٍ كثيرِ
...
الومضة الثانية:
غنَّت لك الأيامُ و هي طروبةٌ
لما اكتستْ للحزنِ ثوبَ حِدادِ
....
الومضة الثالثة:
فإذا العداوةُ أُلفةٌ و إذا التفــ
ــرُّقُ لُحمةٌ و بوحدةٍ إخوانُ
...
الومضة الرابعة:
و غيَّرَ ظُلمَها قسطاً و عدلاً
و أبدلَ لُؤمَها كرماً و جودا
...
الومضة الخامسة:
و إن أرخى ظلامُ الجهلِ سِتراً
أضأتَ الكونَ من هديٍ و نورِ
...
الومضة السادسة:
لكم صالوا و كم جالوا ليوثاً
و عادوا بعد وثبتِهِم نَعاما
...
الومضةُ السابعة
هم حاربوكَ بزعمِهِمْ متطرفاً
بل ألَّهوكَ بزعمِهم مربوبا
المحور الثاني محاكمةُ التأريخ و استنطاقُهُ و تقريعُهُ:-
يقولُ المؤرخُ و المفكرُ المغربي عبدالله العروي (( الخاصيةُ التي تُميِّزُ الثقافةَ العربيةَ عن غيرِها هي :إضفاءُ القداسةِ على التاريخِ))
في هذا الديوانِ تَميَّزَ شاعرُهُ بسحبِ بساطِ القداسةِ عن هذا التأريخِ المليءِ بالظلمِ و الجورِ و أزالَ أقنعةَ الرواةِ الذين زيَّفوا الحقائقَ ، و كم طوَّعَ قريحَتَهُ لإحقاقِ الحقِّ و ردِّ المظالمِ و لطالما دوَّت صرخاتهُ الغيورةُ في أكثرِ من موضعٍ من قصائدَ شتى :-
الموضعُ الأول:
صرختُ يا دهرُ هل ما زلتَ ذا غِيرٍ
من عهدِ صفينَ حتى يومِ حطينِ
أجابني الدهرُ و الأحزانُ تَملؤهُ
لا قسوةَ الدهرِ بل جورِ السلاطينِ
...
الموضعُ الثاني:
هي لعنةُ الأجيالِ فوق سقوطِهم
تِعدادُها قد ضجَّ منها المَرقَمُ
...
الموضعُ الثالث:
يا كاتبَ التأريخِ ما أنصفتَنا
أطلقتَ سهمَكَ غادراً صوبَ الهُدى
المحور الثالث استدعاءُ الرموزِ التأريخيةِ
و توظيفِها داخلَ النصِّ ببراعةٍ :-
يقول الناقدُ المتألقُ الدكتور ناصر النزر ((شعرُ المناسبةِ
لا يستهلِكُ الشاعرَ بقدرِ ما يَمنحُهُ ،
أحياناً ما تحتاجُهُ القصيدةُ هو كيف نُديرُ أصابعَنا على الأوتارِ القديمةِ بخفةٍ و رقةٍ و وضوحٍ ))
رغمَ الزخمِ العاطفيِ الذي تفرَّدتْ بهِ قريحةُ السيد هاشم الولائيةِ يَصدِمُكَ بقولهِ :-
في محضرِ العظماءِ ألفُ قصيدةٍ
تعيا و تخرَسُ في لسانِ الشادي
و الواقعُ الذي نتلمسُ آثارَهُ في مشهدِهِ الشعري بأنهُ لم يُقصِّرْ أبداً و يَكفيكَ تصريحُهُ :-
هي قصةٌ أروي جميعَ فصولِها
بختامِها كلُّ الطغاةِ تَزولُ
...
و في الختامِ أتطرقُ لرمزينِ تأريخيينِ من الرموزِ الكثيرةِ التي ذُكِرت في الديوانِ أضافا نكهةً خاصةً و إيقاعاً متفرداً ففي قصيدة أزِفَ الرحيل في الحسين عليه السلام
يتراءى الحقدُ بأبشعِ صِورِهِ عند حضورِ قابيل الذي يمثلِ رمزَ الأبابيل :
في ساحةٍ كشفتْ أميةُ زَيفَها
و بها تراءى حِقدَهُ قابيلُ
...
و في قصيدةِ يا ثامن الأطهار يبرُزُ دِعبل بكلِّ كبريائهِ و ذوبانهِ في الولاءِ الذي يُمثلُ بدورِهِ رمزَ البلابل :
أكبرتُ دِعبلَ في مقالٍ موجزٍ
جمعَ الحقيقةَ مُلهِماً متفرِدا
الفيءُ في أيدي العبيدِ موزعٌ
و ابنُ الدعيِّ هناك أمسى السيدا
جديد الموقع
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .
- 2024-04-18 مختارات من الرسائل
- 2024-04-18 الأمير سعود بن طلال يرعى توقيع عقد إنشاء بوابة الأحساء