2025/01/04 | 0 | 152
يحيى العبداللطيف بين الابتسامة والكلمة سفورٌ ومغزى
انطباع مختصر : خفيف ظل ، كاريزما لطيفة ، متبسِّط اللقاء ، لمّاح الفكرة،
ما إنْ يُذكر الفريج الشمالي من الرفعة بمدينة الهفوف -وإليه ينتسب يحيى بميلاده عام ١٩٨٤ م - إلاّ ويرد اسم الشيخ حبيب العبداللطيف (ت2009م) الذي كان ناسخاً معتبرا للوثائق و الرسائل والمعاريض الحقوقيّة، بلغة رائعة وخط نسخ جميل ، هذه الشخصية هو جد الشاعر يحيى العبداللطيف و هو من ذلك البيت الأديب .
العبداللطيف يحيى مرهف الحس ، يتسمّ بالأدب الجم ، وحركيّة عفويّة دون قيد التّزمت الشخصي ، وهي صفةٌ إيجابيّة لازمة ، ومن دون تكلّف ممّا يجعل ألفته سريعة ، فهو حاضر بابتسامته ، فهل هو حقّاً شخصيّة مشاغبة؟!
إنّ الدخول معه في الحديث متيّسر، وهذا ماجعله قريبٌ من المجتمعات الثقافيّة المختلفة ، فهو الأكاديمي الذي حرص أن ينتمي للطبقة الباحثة في الأدب والنقد مضافا إلى حماسه ،وتوثبه الدائم ، وشغفه بالقراءة، والإطلاع.
الدكتور يحيى العبداللطيف الذي حصل على درجة الدكتوراه من جامعة الملك فيصل برسالة بعنوان : (الخبر النقدي في آثار المرزباني) ، وهو الأستاذ الممارس للعمليّة التعليميّة و التربويّة في مدارس التعليم العام.
يكتب العبداللطيف بشفافيّة عن رؤاه و علاقته بالمجتمع ، ولكونه يؤمن بالقيم ، يسترشد من خلالها متأملاً ومراجعاً حركيته الاجتماعية ، فلديه قدرة على قراءة محيطه و تصنيفه ممّا يجعل دراسته له مبنية على جانب التعددية للمنحى الفكري ، فقد كتب ذات مرة ّ:" دخلت في أوساط المتدينين ، ثم المثقفين ، ثم الأدباء ، ثم الأكاديميين ، وخرجت بخلاصة أنها أوساط ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب
فأقنعت نفسي أن كل وسط في أي مجال يعج بالحسد وغيرة الأقران والمؤمرات، وأن دورك أن تأخذ من الناس أجملهم وتحذر من أسوأ ما فيهم ....وحافظ على نقائك دائما" .
ومنذ حداثته في السن كان يقرض الشعر، وهو محل ذائقته الأولى فهو ينساب معه وفيه (كثبر الخدود) وليس له حد، و يطيعه في صكيك الهفوف الضيقة و سوابيطها ، تتنامى تجربته مع الوقت لتغدو إضافة للمشهد الثقافي الأحسائي .
يصف نفسه بأنّه " مشتبه بارتكاب قصيدة ، يشاغب بحب، يتعامل مع الأفكار مثل حكم مباراة لكن لا يملك صافرة ، أكثر جملة تلهمه : غير قابل للنشر" ، وفي موقع آخر يقول : "قناعاتي مثل ملابسي أغيرها متى شعرت أنّها اتّسخت . أؤمن أن الضحك منهج حياة "، و أمّا علاقته مع شعره فيصفها : "أنا من نوعية الشعراء الذين يشبهون أصحاب المتاحف ، فقصائدي أصفّها على الرفوف وفي الأدراج ، وأخرجها بين الفينة والأخرى لأمسح عنها الغبار ، أنظر إليهم بتباهٍ ".
عرفته ذو خلق عال و لي معه ذكرى طيبة حين بلغت الستين قبل عشر سنوات ، كتب مشكورا قصيدة بالمناسبة :
ستون مرت ولم تسأمْ ولم تقف
وفي دماك غرام جد مختلف
فإن بسمت يميل النخل في طرب
كأن ثغرك مخصوف من السعف
وإن شكت نبعة للماء ...صحت بها :
لديك دمعي تعال الآن واغترفي
فحينما هجر تبغي مغازلة
تشكو إليك فتجني أنضج الشغف
ستون عاما وخيل العمر سابقة
ومقلتاها تباري نقطة الهدف
في كل يوم تصف النخل محتشدا
للرائعات وحلم بالجمال حفي
وتستثار إذا مانالها وشل
وفي ضلوعك يغلي مرجل الشرف
والحوار مع يحيى العبداللطيف لطيف و لذا فإنّ مجلسه يتسمُّ بالمعرفة و الأدب و لا يخلو من طرفة أو تعليق فكِه .وعندما حصل على الدكتوراة باركت له وكتبت عنه في منصةX , كما يحضرني دائما الإعلان عن إصداراته و كونها إضافة مميّزة و جميلة وهو صديق مشهد الفكر الأحسائي ، و و أعطانا فرصة الإسهام في إصدار دراسته النقديّة : جاسم الصحيح بين الشاعر والأسطورة.
و العبداللطيف أحد أعمدة الأدب الساخر شعرا و نثرا ونقداً في المملكة ، وجاء كتابه النقدي بعنوان: (تداولية السخرية في المعارك الأدبية)، و استحضر العبد اللطيف تلك المعارك بطابع أدبي ، مضيفاً حالة البهجة للمتلقّي من خلال طريقة عرضه .
وقدّم ورقة علمية في ملتقى الأدب الساخر المقام في نادي الباحة الأدبي الثقافي عام 2024م .
ومن تغريداته التي يقتنص فيها التراث الأحسائي كتب :
"مثل حساوي جميل : ( كذب مصفصف ، ولا حكي منتف )
يقصدون أن للسرد الإبداعي متعته ويختصرون ذلك بكلمة ( مصفصف ) التي تعني الصف الجميل من ناحية الأسلوب الجميل ، والحبكة فلأمثال أحيانا تختزل مفهوما تنظيريا يستهلك كتبا.
( المنتف ) توصيف كاريكاتوري للكلام ضعيف البنية المهلهل" .
وهو شاعر مطبوع كتب في اعراض شعرية ، فهل إيقاع الحياة السريع و ذائقة المتلقي جعلت قصائده مركّزة وقصيرة؟
ربّما هو قدرة الإيجاز أيضا لكنه بالتأكيد يتصيّد الصورة الشعرية ، محافظا على بلاغة الكلمة و مستعينا بمفرداته اللغوية .
من نماذج شعره الرقيق :
هذا المكان الذي كنا نراوده
لم يقتنع بسوانا كلما خفتا
ينوء من زحمة العشاق كاهله
لكنه معرض عنهم وما التفتا
كنا نؤجّج في اللقيا مشاعره
ونستثير حكاياه فما سكتا
كنا الثلاثة لا شيء يشتّتنا
نجرب البوح معقولا ومنفلتا
والآن يحرس ذكرانا ، ويفزعه
ذاك السؤال الذي يغلي لديه: متى؟
متى تعودان ؟ لا ضوء يسندني
أنا الجماد الذي عيناه قد بكتا !
و قال:
هل نترك الحب أم في فخه نقع
ردي علي فما في الوقت متسع
قولي بربك من دل الهوى مقلا
يكاد منها منام الليل ينخلع
من أرشد الشوق كي يقفو ملامحنا
أنى نسير فلا يلهو ولا يدع
ومن مرثيته في الشيخ حسن بوخمسين ألقيت في عزائه :
ماخضت معركة في فتنة قدحت
ولم تؤجج مع الأطراف أضغانا
بل كنت في طرف للحب منزويا
بالصمت حينا وبالإصلاح أحيانا
ياشيخ معذرة عندي مناشدة
لا أستطيع لها طيا وكتمانا
هل الجنان ستنسيك الوصال بنا
أقول في ثقة: حاشاك تنسانا
و فد أردف مشهد الفكر الأحسائي و لمتذوقي الشعر ب:
ديوان : أحياناً يشبهون الوجع
ديوان : عروج الى الهامش
ديوان كان يغنّي فأجهش بالبكاء
تم تسطير اسمه شاعرا معاصراً ووضعت له ترجمة في إصدار نادي الأحساء الأدبي ، و إصدار شعراء منتدى الينابيع الهجرية
حظي بالكتابة عنه من مجموعة من النقاد محمد العلي ، ناصر النزر، جاسم الصحيح ، ناجي الحرز هاني الحسن ، و هذا يدل على مكانته الأدبية و الشعريّة في وسط المثقفين . وجاءت التكريمات إحدى وسائل العرفان بحضوره
1-جائز الإصدار الأول في نادي جدة الأدبي بالتعاون مع عبداللطيف جميل، وقد حظي بتكريم وزير الثقافة والإعلام آنذاك د. عبد العزيز خوجة عام 2014.
2-جائزة نادي الباحة الأدبي عن أفضل ديوان عام 2024.
وكظاهرة عامة مع قلّة النقدة في الوسط الأدبي يكون الدكتور شعلة مضيئة بنشاطه فضلا كونه مثالا محل تجربة ثريّة في محل اقتداء و تنشيط في حركة النقد و المشتغلين به.
جديد الموقع
- 2025-01-06 العمل التطوعي بالمطيرفي "مركز إكرام الموتى ونادي التاج الرياضي"نموذجين يحتذى بهما
- 2025-01-06 افراح العبدالنبي والغزال في قاعة نيارة الاحساء
- 2025-01-05 افراح الموسى والحمادة في قاعة أماسي الطرف بالاحساء
- 2025-01-05 الصبر والعوامل المحددة له
- 2025-01-05 الصبر والعوامل المحددة له
- 2025-01-05 الدكتور عبدالله الخضير والدكتورة بشاير محمد يمثّلان الأحساء في الشارقة
- 2025-01-05 ( لغز القصيدة وفق التحليل النفسي) امسية بجمعية الادب بالاحساء
- 2025-01-05 عقد قران الشاب جعفر صادق الجاسم تهانينا
- 2025-01-05 اللقاء..
- 2025-01-04 الحياة والأمل