2023/08/13 | 0 | 2759
نسيج بين شاعر وناقد
حوار : محمد بوصالح
لطالما كانت الفكرة بحرا يطوف من خلالها المرء من أجل بلوغ الآمال، ومكانة ترويها الأجيال على مر الزمان نعم إنها الفكرة تخلد وتؤسس لتصل بموقف يسطر، وكلمة لكتب، ورأي يصدع ويحلق في الأمام بالعمل الذي يمتلها، فلا يوجد انفصال وجديبين الفكرة والتطبيق، بل إنها علاقة تلازميه تحتم على المفكر أن يبلور ما بتشكل في ذهنه من تصورات من أجل التحام الفكرة في أرض الواقع، ومن هنا يتعين على القارئ التأمل بجوانب الأفكار وحقائق الكلمات لكي يملك رأيه ويصوب فكره ويرتقي بنفسه، فشرارة الانطلاق تبدأ بلحظة السؤال وتعالج المشاعر ومن هذا أتت التساؤلات مغلفة في ظرف على باب الشعر، ومصقولة ب
لكي نوضح علاقة الفكرة بالتطبيق حوار مع الأستاذ: محمد الحرز من التجربة إلى الممارسة التي يخوضها المثقف المتجول في حقول الشعر قبل النقد والشاهد على التحولات الماضية والراصد للمجريات الفكرية السعودية، الذي يجسد الحوادث الواقعة في وقته بقلم أدبه .
بما أن الأستاذ محمد شاعر تنقل بين أحضان الشعر ودفاتر الأدب كيف يبدو سكب القصيدة لديه:
1- هل القصيدة وليدة اللحظة أم الفكرة العامة للقصيدة هي التي تقرر مسار القصيدة؟
ج١ / القصيدة لا تولد إلا بمخاض عسير ، لأنها ليست لحظة ولا فكرة فقط ، هي مجموعة من التراكمات الشعورية والفكرية واللغوية والتأملية في العالم والكلمات والأشياء والعلاقات الإنسانية ، بحيث تظل هذه التراكمات تغلي في الداخل مثل بركان ، وفي لحظة ما بين وعي الشاعر ولا وعيه تولد القصيدة .
ما أقوله مجرد توصيف لحالة شاعر ، قد أكون أنا هذا الشاعر ، قد يكون غيري . لكن المهم في كل حالة من الحالات ، لا تشبه الواحدة الأخرى ، فكل تجربة شعرية لها منظورها الخاص في وصف تلك الولادة.
2- هل التجربة تولد حالة التماهي التي تظهر بها القصيدة؟
ج٢/ لا أعرف ماذا تقصد بحالة التماهي ، إذا كنت تعني كما فهمت أن التجربة ترتبط ارتباطا وثيقا بمظهر القصيدة ، فهذا أمر لا بد منه ، فالشاعر الذي يكتب على الطريقة الكلاسيكية سيكون بالتأكيد خاضعا للنظام الكلاسيكي من إيقاع وبلاغة ومضمون ، وهكذا ..، لأن ثقافة الشاعر ووعيه بها هي التي تحدد شروط ما يكتب .
3- لماذا بعد الأستاذ محمد الشعر بوابة الأدب ومفتاح النقد
٣ج/ لأن الشعر أساس المعرفة الإنسانية ، لم يدخل الإنسان إلى الحضارة إلا من بوابة الشعر . كل الحضارات الموروثة حين ترجع إلى مدوناتهم تجد أن الشعر هو المخيلة الأولى للإنسان حين خرج من كهفه الأول : جلجامش ، الأساطير البابلية واليونانية والهندية والصينية جميعها تدل دلالة قاطعة على أن المجاز اللغوي هو فاتحة الثقافة الإنسانية . ناهيك عن مرجعية الشعر العربي القديم للإنسان العربي في قيمه الروحيه والدينية والاجتماعية.
4- ما علاقة النزعة الصوفية بالشاعر الشيعي من منظور نقدي؟
ج٤/ النزعة الصوفية في التراث الإسلامي ارتبط أكثر ما ارتبط من الفرق الإسلامية بالمعتزلة والشيعة الإسماعيلية والأثنى عشرية ، هذا الارتباط تولد منه موقف ينظر للأدب وخصوصا الشعر على أنه صورة تمثل الكمال الإنساني ، ولن تجد من أئمة أهل البيت أكثر كمالا لتمثل تلك الصورة . لذلك تجد الصفات الكمالية التي يسبغها الشاعر على الأئمة لها ارتباط بهذه النزعة.
5- من المعلقات إلى القصائد الحديثة كيف يجد الأستاذ: محمد الحرز هذا التحول من منظور الثورات الشعرية في الحياة العربية؟
ج٥/ هذا تحول طبيعي في مجرى الحياة ، لا يوجد شيء ساكن لا على مستوى الإنسان في حياته الجسدية من تحولات من الصغر إلى الكبر ، ولا على مستوى العلاقات الاجتماعية التي تتبدل وتتغير حسب الظروف والمصالح ، وكذلك الحياة الثقافية والبيئية والجغرافية. التحول والتغير سنة من سنن الله الكونية ، ومن يرفض التغير يموت . أما لو أردنا الحديث عن تفاصيل التحول الشعري من المعلقات كما تقول إلى الشعر المعاصر ، فهذا يطول شرحه.
6- يتحدث الأستاذ محمد عن أنه لا يمكن تعرف نفسك إلا بالاشتباك ما هي المقومات التي تضمن لنا حوارا مفضيا إلى فهم وليس إلى تعنتا؟
ج٦ / أنت تقع في شباك الآخر . هذه مقولة مفصلية في فهم العلاقة المعقدة التي تجمع بين إنسان وإنسان وبين مجتمع ومجتمع وبين الإنسان والأشياء من حوله نباتات حيوانات والعوالم التي تحيطه .
إذا ما فهمنا ثم اقتنعنا أن ذواتنا لا وجود لها دون الآخر ، وهذا معناه بالدرجة الأولى أن الخصائص التربوية والروحية والاجتماعية التي نراها جزء من شخصيتنا هي نابعة في الكثير منها من تأثرنا بهذا الآخر دون أن نعي ذلك . لذلك هذا ما يجعلنا نغير من طريقة نظرنا إلى هذا الآخر مهما كان هذا الآخر ، ويجعلنا أقل نفورا منه وأكثر تقبلا .
7- يرى الأستاذ محمد بأن "كل قراءة. ليست معزولة من سياقها، وكل تأويل ليس مفرطا بالضرورة."
ج٧/ مجاوزة الزمن محاولة من الإنسان لتخليد ذاته عبر النصوص التي يتركها في الحياة ، أو عبر سيرته التي يتم تداولها عبر الأجيال من خلال أعمال جليلة قام بها كالملوك والقادة والأنبياء والعلماء .. ألخ .
لكن المأساة بالنهاية للإنسان هو اصطدامه بجدار الموت الذي تنكسر عنده كل طموح عند الإنسان لتجاوزه ، فالكثير من هؤلاء المخلدين ماتوا وهم لم يدركوا مجدهم عندما كانوا أحياء ، بل أغلبهم كان مغمورا .
والتأويل جزء من الآليات التي يستخدمها الإنسان بفعل تفكيره العقلي والمجازي لمقاومة سلطة الزمن والموت والتاريخ ، وهذا أمر يحتم عليه الصراع مع الأصل دون إلقائه .
8- لدى المفكر مالك بن نبي فكرة عن التغير "لأن كل تغيير خارجي في مظهر الحياة وفي نسق هذا المظهر وفي أشكاله، يؤدي حتما إلى تغير داخلي في نفوسنا"
أ. هل يتفق الأستاذ محمد مع فكرة المفكر مالك بن نبي؟
ب كيف يرى الأستاذ محمد التغير الحالي وآثاره في المجتمع .
ج٨ / لا يوجد تغير آلي من الخارج للداخل والعكس أيضا صحيح إذا ما فهمت فكرة مالك بن نبي . عندي ثمة جدل قائم بينهما حسب الظروف التي يمر بها أي مجتمع أثناء لحظة تحولاته وتغيراته . المجتمع السعودي على سبيل المثال ما ظهر من تحولاته منذ خمس سنوات على الأقل لم يكن ما ظهر من هذه التغيرات والتحولات سوى رأس الجبل منه . لكن كان هناك سنين من التراكمات التي ظلت تعمل عملها في بناء الشخصية السعودية حتى وصلنا إلى نقطة أبانت هذه الشخصية عن نفسها للعلن عندما تهيأت الظروف ، وكما ترى لا يوجد هنا عامل داخلي يسبق العامل الخارجي والعكس أيضا غير صحيح ، التغيير أو التحول هو خاضع لصراع دائم بين حرية الإنسان من جهة وبين العوائق الممانعة التي يصنعها الإنسان نفسه من جهة أخرى.
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين