2022/08/08 | 0 | 5185
الشيخ أمجد الأحمد : الجريمة أسبابٌ وآثار
المأتم: حسينية المطر (الأحساء ـ الفضول) الليلة الثامنة محرم 1444هـ
يقول تعالى: ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)) المائدة
ظاهرة الجريمة من الظواهر القديمة التي عرفها المجتمع البشري منذ أن هبط الإنسان على وجه الأرض كما في قصة قابيل وقتله لأخيه هابيل كأول جريمة ارتكبت على كوكب الأرض.
أسباب الجريمة
إن للجريمة أسباب رئيسة مهمة لخصها الخطيب في العوامل التالية:
1- ضعف الوازع الديني والخوف من الله: فقوة العلاقة بالله والخوف منه هي التي تحصن الإنسان من هذه الإقدام على هذه الجريمة وفي ضعف الوازع الديني يجعل الإنسان يتجرأ على الإعتداء، يقول تعالى: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) المائدة 28. وهنا تكمن أهمية التنشئة الدينية وتعزيز القيم الدينية.
2- العنف الأسري: كالضرب والتحقير والتوبيخ والاستهزاء (لفظي أو جسدي) ، فتنشئة الإبن في هذا الجو هو أقرب للعدوانية وارتكاب الجرائم على عكس الإبن الذي يعيش في بيئة ملؤها المحبة والعطف والحنان هو أقرب إلى الاستقرار النفسي وحفظ شخصيته. وفي دراسة أمريكية للتعرف على الآثار السلبية من العنف اللفظي على الطفل وكانت النتيجة أن هذا العنف اللفظي يؤدي إلى التفكير في الانتحار أو أذية النفس بآلات حادة وتقليل الثقة بالنفس وارباك علاقاته بأقرانه وأصدقائه والميل إلى أذية الآخرين.
هذا وأكد الخطيب على أن الأسرة هي التي توفر الأمان والاطمئنان لأفراد العائلة ، كما حذر بأن من أقبح الظلم هو ظلم الضعيف وهما الزوجة والأبناء ، وفي هذا ورد عن المصطفى صلى الله عليه وآله: (فأي رجل لطم امرأته لطمة، أمر الله عز وجل مالك خازن النيران فيلطمه على حر وجهه سبعين لطمة في نار جهنم، وأي رجل منكم وضع يده على شعر امرأة مسلمة، سمر كفه بمسامير من نار ) وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: (ولا يكن أهلك أشقى الخلق بك).
3- الشعور بالنقص والدونية: وأكثر ما يكون هذا الشعور لدى الأيتام وأبناء الطلاق ، فشعورهم بالنقص والدونية يجعلهم ينتقمون من المجتمع للفت الانتباه إليه من خلال بعض الممارسات العدوانية. وفي ذلك وجه الخطيب على الاهتمام بهذه الشريحة لقوله تعالى: ( كَلا بَل لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) الفجر 17، وقوله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) الضحى 9. ووصية أمير المؤمنين عليه السلام للإمامين الحسن والحسين عليهما السلم لما ضربه ابن ملجم لعنه الله: (الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " من عال يتيما حتى يستغني أوجب الله عز وجل له بذلك الجنة كما أوجب لآكل مال اليتيم النار).
كما حذر الخطيب استخدام أبناء الطلاق أداة للصراع ولضرب الآخر(بين الزوج والزوجة) باستخدام منع الأبناء من الآخر إلا من خلال المحاكم ومراكز الشرطة فإن هذا أمر مؤسف يؤدي إلى فشل الأبناء علمياً ومجتمعياً وأقرب إلى الجريمة، كما حث الخطيب الالتزام بالتعاليم الدينية في هذا الخصوص كما يقول تعالى: (لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ) البقرة 233 .
كما لفت الخطيب إلى نوع جديد من الطلاق اسمه الطلاق الناجح (الطلاق الراقي) لتقليل سلبيات الطلاق للابتعاد عن الظلم والانتقام والاضطراب والكيدية بين الزوجين المطلقين لقوله تعالى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة 229.
4- إثارة العنف والغرائز: وذلك من خلال مشاهدة الأبناء لأفلام وبرامج العنف والقتل والتي تعمل على إثارة الشهوات الجنسية وإثارة قوة الغضب والانفعال لدى الأبناء من خلال النزعة إلى تقمص الأبناء لشخصيات أبطال هذه الأفلام تنعكس في شخصيته بكسر القوانين والتمرد على الدولة والقتل والسلب والنهب والاعتداء على الآخرين.
5- تعاطي المخدرات: شدد الخطيب على أن خطر المخدرات هو خطر قائم وموجود يعاني منه المجتمع، واعتبر بأن أكبر عامل للإقدام على الجريمة هو الإدمان على المخدرات بمختلف أنواعها وأشكالها كما هو معلن من الدولة عن حالات الاعتداء على الأمن وكذلك جرائم السرقة والقتل لشراء المخدرات. كما حث الأب على الاهتمام ورقابة الأبناء قبل تورط الأبناء من هذه الآفة الخطيرة. كما حث الخطيب إلى وعي وتآزر المجتمع لمحاربة هذه الآفة الخطيرة بإبلاغ الجهات المختصة وعدم التستر عليهم لأي سبب كان. كما وجه الشاب المبتلى إلى زيارة المراكز المختصة للعلاج.
علامات وأعراض تعاطي المخدرات:
- ارتفاع وزيادة وتيرة الصرف المالي بشكل ملفت.
- العزلة والإنكفاء وعدم مخالطة الأسرة والمجتمع.
- التغير المزاجي لدى المراهق والإنفعال بسرعة وممارسة بعض التصرفات غير المنضبطة كسب الأب والأخوان.
- دخول أصدقاء جدد في حياته والانتباه إلى مخالطتهم ومعرفة أسمائهم.
- كثرة الغياب عن المنزل: على الوالدين ملاحظة وجود الأبناء قبل الذهاب للنوم والتحذير من التأخر خارج المنزل.
6- البطالة: أكد الخطيب على أن وجود البطالة في أي مجتمع فإن هذا المجتمع مهدد بالجريمة والقتل والسطو والاحتيال لوجود مشكلتين لدى الشباب العاطل أولهما الفراغ لقول أمير المؤمنين عليه السلام (من الفراغ تكون الصبوة، وتحصل النـزوة، وتحدث الخطرة) والمشكلة الثانية الفقر المدمر للمجتمع لقوله صلى الله عليه وآله: (كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر)، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: (إذا ذهب الفقر إلى بلد قال له الكفر خذني معك). وفي تفسير مقولة: (لو تمثل لي الفقر رجلاً لقتلته) وهذا معناه لو أن الفقر رجلاً لكان مجرماً ومعتدياً ، فالفقر يقود أحياناً إلى الجريمة عند الشاب إذا لم يكن لديه وازع ديني يردعه ، وكجعل الفقر يجعل الفتاة تبيع شرفها لأنها فقيرة وهذا بالطبع غير مبرر لقول الإمام علي عليه السلام: (تَجُوعُ الحُرَّةُ وَلاَ تَأكُلُ بِثَدْيَيْهَا) للحفاظ على عفافها وشرفها.
بناء عليه حث الخطيب على محاربة الفقر ومحاولة القضاء عليه من أجل تحصين المجتمع من خلال أوجه الدعم كدعم الجمعيات الخيرية بالبلد من خلال برامجها المتنوعة في خدمة الأسر المستفيدة فإن هذا الدعم يعتبر مساهمة في شراء سلامة المتبرع وسلامة عائلته ومجتمعه وتحصينه من الجريمة. كما حث الشباب على الصبر والحصول على العمل والصبر على مضايقة زملاء العمل.
7- ضعف التربية الأخلاقية: فإن تدني أو ضعف بعض الأخلاق لدى الفرد تقوده نحو الجريمة مثل الحسد كما في سبب قتل قابيل أخيه هابيل، وعليه حث الخطيب تنشئة الأبناء تنشئة أخلاقية على المحبة والعفو والتسامح واحترام الناس ومن الضروري تربية الإبن على ضرورة احترام ممن يختلفون معه خاصة لو كان الإبن متديناً فأحياناً يحمل الإبن شيئاً من التعصب والتشدد والحقد على من يختلفون معه في الدين أو المذهب أو الفكر فهذا مهيأ إلى تغذية عقله بأفكار التكفير والتضليل واهدار الدم والكرامة وبحجة نصر للدين فإن هذا يؤدي إلى الجريمة في حق الآخرين. كالإعتداء على العلماء وأتباع بعض المذاهب بسبب الاختلاف الفكري.
كما شدد الخطيب على حث الأسرة على تربية الأبناء على الدين الصحيح في احترام المذاهب الأخرى واحترام الآخرين ممن يختلفون في معه في التوجه والفكر واحترام الآخر في إنسانيته وعدم الإعتداء على الآخرين والتمسك بمبدأ القرآن الكريم في قوله تعالى: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) الممتحنة 8.
كما حث الخطيب إلى توجيه الشاب إلى توظيف طاقته وعنفوانه في مجالات الخير والانخراط في أعمال خدمة المجتمع وذلك من باب الشكر لله واستخدامه في الخير بعيداً عن مجالات الشر والظلم. يقول تعالى على لسان موسى عليه السلام: (فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) القصص 24.
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين