2022/07/30 | 0 | 3910
الخطيب الحسيني الشيخ أمجد الأحمد عاشوراء الحسين عليه السلام لعام 1444 هـ عنوانها : العاطفة الدينية تقييم و تقويم
الليلة الأولى // حسينية الرسول الأعظم (ص) بالرميلة.-أعدّ التقرير/ حسين عبدالله الجعفر
بدأ الشيخ بقوله تعالى " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ "
تناول الشيخ المحاضرة في ثلاثة محاور
المحور الأول : أهمية العاطفة الدينية و دورها في حياة الإنسان .
ركز الإسلام على أبعاد ثلاثة في شخصية الإنسان :
1- البعد العقلي و الفكري من خلال الحجج و البراهين التي قدمها الإسلام في قضايا الفكر و الدين .
2- البعد العملي السلوكي فقدم الاسلام شريعة متكاملة من واجبات و محرمات و اخلاق و غيرها .
3- البعد العاطفي الوجداني من خلال التأكيد على حب الله و حب أوليائه و على الخوف و الرجاء وغيرها
وهذا يعني ان الإسلام لا يريد ان نتربط به ارتباطاً عقلياً عقيدياً فقط بدون عمل ولا ارتباطاً سلوكياً عملياً بدون ارتباط قلبي و جداني . يريد الاسلام ان يجعل مشاعرنا مشاعر متدينة . وان يربطنا به ربطاً قلبياً وجدانياً من خلال عدة برامج كالدعاء و الدعوة الى حب النبي و أهل بيته .
لهذا نجد القرآن كثيرا ما تحدث عن الانبياء و قصصهم و عن اهل البيت في آيات عديدة لترسيخ تلك العاطفة .
ثم طرح الشيخ سؤالاً : لماذا الإسلام يركز تركيزاً كبيراً على البعد العاطفي في صناعة الشخصية المؤمنة ؟
فكان الجواب في النقاط التالية :
- لأن هدف الاسلام ليس التصرفات و المواقف العملية فقط وانما هدفه ان يبني انساناً صالحاً متكاملاً من فكر و روح و وجدان .
- الاسلام ينظر للشخصية الانسانية على انها وحدة مترابطة يؤثر بعضها في البعض الآخر فلا يمكن ان نبني مجتمعاً سليماً بدون ان نغير مفاهيم الانسان للكون و الحياة ولا يمكن ان نضبط هذا الانسان بدون برنامج عملي و سلوكي . ولا يمكن ان نضمن التزامه بالسلوك الصالح الا اذا غيرنا وجدانه و عاطفته و جعلناها منسجمة مع الفكر الذي يحمله و مع السلوك الذي يمارسه .
- البعد العاطفي له دور كبير في ترسيخ العقيدة فالإنسان الذي يحب عقيدته و ارتبط بها ارتباطاً عاطفياً سيتمسك بها و ترسخ في قلبه و العاطفة تدفعه للإلتزام بما يقول هذا الدين .
- العاطفة تزاحم العقل في امور كثيرة و يميل الإنسان مع عاطفته غالبا في حال كان هناك صراع بين العقل و العاطفة و رد عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم " الحب يعمي و يصم " .
- ثم اشار الشيخ الى ان ارتباط الناس بالدين ارتباطاً فكرياً ليس على مستوى واحد بينما العاطفة تؤثر في الجماهير عموماً و هذا ما نقرأه في موسم عاشوراء الحسين فهذا الموسم يحمل زخماً عاطفياً يفجر عواطف المؤمنين و التفاعل مع مصاب أهل البيت عليهم السلام . و هذا البعد العاطفي هو الذي جلب الجماهير و جعل الذكرى متحركة في حياة الناس و جعل قضية الإمام الحسين عليه السلام خالدة و باقية و متجددة .
- المحور الثاني // تقويم العاطفة الدينية .
عرفنا اهمية العاطفة في الاسلام ولكن علينا ان نقوّم هذه العاطفة و نرشدها و نحميها لكي لا تنحرف .. كل عاطفة يحملها الانسان اذا كانت في حدودها الطبيعية فهي جيدة اما اذا خرجت عن حدودها تكون مضرة .
- كيف لنا ان نقوّم هذه العاطفة و أن نحميها ؟
1 . لابد ان ترتكز العاطفة على الوعي و العقل و البصيرة فلا تكون عاطفة مجردة بل ترتكز على العلم و الوعي فتتعرف على قادتك لتنجذب اليهم انجذاباً عقلياً و عاطفياً ورد عن الرسول الاعظم " إذا بلغكم عن رجل حسن حال فانظروا في حسن عقله، فإنما يجازي بعقله " العاطفة لوحدها لا تكفي وهنا نتسائل ماهي سلبيات العاطفة اذا انفصلت عن البصيرة و العقل و الوعي ؟ وماهي سلبيات الخطاب اذا كان يغذي العاطفة و يهمش العقل ؟
- عندما تنفصل العاطفة عن الفكر تصنع شخصية ضعيفة لا تصمد امام الرياح العاتية و التيارات المتصارعة .
- تكون شخصية متلقية لكل ما يلقى إليها حتى لو كان مضراً طالما يعزز الجانب العاطفي حتى لو تعارض مع مبادئه الدينية . كما يقدم بعض الشعراء مضامين تتعارض مع القرآن أو مع أهداف المشروع الحسيني و لكن المستمع العاطفي يتلقى بعاطفتة المجردة فلا يستطيع ان يقيم و ان يرد و ينقد.
- الشخصية العاطفية لا تقبل النقد فتراها ترفض مثلاً أي عالم او محقق يريد ان يحقق او يصحح في السيرة الحسينية او في الشعائر فيقابل ذلك بالاتهام و الرفض و التسقيط .
- اذا جُرّد الخطاب العاطفي عن العقل فإنه سيكون اداة في يد المفسدين لتجهيل الامة و تخديرها و التلاعب عليها بإسم الحسين عليه السلام فتقدم ممارسات بعيدة عن اجواء الدين بإسم الشعائر الحسينية و يتلاقها الانسان العاطفي لانه لا يستطيع ان يميز ماهي مقاييس الشعيرة و كيف ان الشعيرة يجب ان تنسجم مع الهدف الذي ضحى من اجله الحسين و يجب ان تقدم الصورة الحسنة عن اهل البيت عليهم السلام .
لهذا نرى ان الناس تعاطفوا مع دولة بنو العباس لانهم رفعوا شعار يا لثارات الحسين و وقفوا معهم بسذاجة .
2. لابد من تجسيد العاطفة عملاً و سلوكاً فاذا احببنا الله نلتزم بأوامره و اذا احببنا اهل البيت نسير في هديهم . عن الامام محمد الباقر عليه السلام " يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه ... يا جابر ابلغ شيعتي عني السلام و قل لهم ليس بيننا و بين الله قرابة .. من اطاع الله فهو ولينا و من عصى الله لن تنفعه محبتنا "
3. لكي نقوّم العاطفة الدينية علينا ان نحرص على استقامتها و اعتدالها و عدم خروجها الى الغلو و الخرافة كما جرى عند النصارى " يا أهل الكتاب لا تغلو في دينكم " و جاء عن النبي الاعظم " لا ترفعوني فوق حقي فان الله اتخذني عبدا قبل ان يتخذني نبيا " .
و حذر الشيخ من بعض القصائد التي تقدم خطاباً مغالياً في اهل البيت عليهم السلام و لهذا جاءت بيانات السيد علي السيستاني حفظه الله للخطباء و المبلغين و الشعراء و الرواديد في عام 1441 هـ : ليحذر الرواديد و الخطباء ان يطرحوا للناس ما يوهم الغلو في اهل البيت .
4. لتقويم العاطفة الدينية لابد ان نجعلها منسجمة مع بقية القيم الدينية لهذا نجد شخص يريد ان يدافع عن دينه مثلاً ولكنه يقع في امر اعظم من سب الآخرين و شتمهم و يلعن رموزهم معتبراً ذلك منطلقا من عاطفته الدينية .. يريد ان يدافع عن الشعائر و عن الحسين و لكنه يتهجم على رمز علمي و مجموعة من المؤمنين و يتهمهم و يقذفهم .
- المحور الثالث // عاشوراء الفكر و العاطفة
1- لا يمكن ان نستغني عن الفكر في موسم عاشوراء لانه يمثل الهدف الذي ضحى من اجله الامام الحسين عليه السلام فلم يضحي بدمه من اجل ان نبكي عليه فقط فإحياء ذكره عليه السلام يجب ان يخرج الناس من الجهالة و حيرة الضلالة و يصب في الاصلاح الذي ضحى من اجله .
2- اذا ابعدنا الجانب الفكري فان ذلك يتسبب في تكرار المأساة فمأساة الحسين لم تكن في البعد العاطفي فالأمة كانت تحب الحسين عليه السلام لكن تلك عاطفة كانت عاطفة جوفاء سطحية بدون وعي . فنجد هناك من يبكي على الحسين و يقف مع يزيد زمانه و يخذل حسين زمانه .
لهذا الإمام الرضا عليه السلام حينما قال " احيوا امرنا رحم الله من احيا امرنا " قيل له وكيف نحيي امركم ؟ قال عليه السلام " يتعلم علومنا و يعلمها الناس فإن الناس لو سمعوا محاسن كلامنا لتبعونا "
3- و اما البعد العاطفي لا يمكن الاستغناء عنه في الاحياء الحسيني ايضا ولا يمكن ان نقول ان موسم الحسين للفكر و الثقافة فقط بدون البكاء و العاطفة لان العاطفة من الخصوصيات الذاتية للذكرى و فصل العاطفة عن ذكرى الحسين يعني فصل الشي عن ذاته لان مضمون كربلاء فيها مأساة و ألم فالعاطفة ركيزة اساسية في عملية الاحياء و لن يكتب لعاشوراء الدوام و الاستمرار فدوامها يكون في هذا الوهج العاطفي الذي يجعل العلاقة بينك و بين الحسين و أصحاب الحسين تنشد اليهم . و أهل البيت عليهم السلام أكدوا على الحضور و البكاء في مجالس الحسين عليه السلام .
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين