2023/11/13 | 0 | 2153
أخصائي نفسي يدعو الأهل لتنشيط الأبناء سلوكياً، ويحذر من الحزن الخبيث
حاور ملتقى "آراء وأصداء" الأخصائي النفسي والمستشار الأسري ناصر الراشد الأربعاء الماضي, عن طريق برنامج الزووم حول موضوع "الاكتئاب لدى المراهق".
وتناول الحوار بإدارة عضوة الملتقى حليمة بن عطا، والتي أوضحت أن الاكتئاب رابع الأسباب المؤدية إلى المرض في صفوف المراهقين في عمر (15-19) حسب منظمة الصحة العالمية المنشور في 20-21، سبعة محاور حول " التعريف، الأسباب، دور الوالدين، دور المدرسة والمجتمع، دور المراهق، سبل الوقاية، العلاج".
مقدمة المختص:
في كتابه "الحزن الخبيث" لويس ولبرت، يشرح الاكتئاب و يتحدث عن تجربته الضارة والمؤلمة معه، وهو الذي قد لا ينجو منه صاحب الاختصاص فيقع ضحية نفقه، فما بالك بمن لايمتلك ثقافة أو وعي نفسي.
حقيقة الحياة هي قصة بالنسبة للإنسان، و يتحدد مسارها في بداياته، فكلما كانت إيجابية تتشكل صفحته النفسية بما يقيه من الاضطرابات النفسية تحديداً ، فوقت الطفولة ينطوي على فرص عظيمة وبذات الوقت أخطار كبيرة، والذي يحدد كيفية الفرص هم الوالدين والبيئة الأسرية، فأسرة المنشأ هي المكان الأول الذي تنشأ فيه الشخصية، و نوعية التجارب التي يتعرض لها في ذلك الوقت لها فرق حاسم في نماء الأدمغة والعقول، وإذا توفرت للإنسان قواعد وبدايات تربوية قوية سيتعلم الكثير، وتكون حماية ووقاية لسلوكه ونمطه على امتداد الحياة..
س: ما تعريف مصطلح المراهقة، ومتى نطلقه على الأبناء؟
ج- تختلف المراهقة عن البلوغ، مصطلح البلوغ شرعي، بينما مصطلح المراهقة يستخدم في علم نفس النمو اجرائياً، ويقع في نهاية الطفولة وبداية الرشد، ويحدث في هذه المرحلة تحول بيولوجي، والظاهر فيها حدوث نمو في النضج العقلي، والنفسي، والاجتماعي.
ومن تعريفاتها سرعة التغير في شخصية الفرد على المستوى الجسدي و النفسي والعاطفي والعقلي والاجتماعي، ويتأثر هذا النمو بمتطلباته، ومنه أحيانا التكيف مع البيئة وثقافتها وظروفها المختلفة، ومن الخطأ الاعتقاد أن المراهقة تنفصل عن الشخصية الأساسية التي تكونت في الطفولة، فخبرات الطفولة تنتقل إلى المراهقة ومراحل العمر المتقدمة الأخرى.
"أنا فرويد" من الشخصيات التي خففت من النظر للمراهقة باعتبارها "مرحلة نمائية" في حياة الإنسان.
بينما " ستنالي هولد" مثلا، اعتبرها مرحلة عواصف وتوتر وشدة حساسية، بحسب رأيه، والعامل الأساسي لتلك التوترات هو التغيرات الفسيولوجية، والبعض يعزي ذلك للحياة الانفعالية التي عاشها في الطفولة.
س: ماتعريف الاكتئاب وأعراضه، وهل يختلف باختلاف الجنس؟
في العرف يتم التركيز على وصف الحالة المزاجية للشخص أو المراهق؛ الذي قد يتجه للانطواء على الذات، وقلة النشاط، وتغير الحالة المزاجية، وسرعة الانفعال والعصبية، فيقال عنه مكتئب.
ومن الناحية العلمية يعتمد على جملة أعراض إذا تم ملاحظتها يمكن اعتباره كذلك.
و هناك فرق بين الاكتئاب المرضي، والعادي العام؛،فالجميع ربما اختبر مشاعر الحزن والتعاسة، لشيوعها بين البشر بشكل عام.
وهناك اكتئاب موقفي؛ وفيه انزعاج واستجابة للمرور بموقف معين، كاستجابة لوفاة أحد الوالدين أو صديق، طلاق، صعوبة تأقلم مع المدرسة، او اكتساب الصداقات وغيرها من الأمور، التي قد يتوقف معها أشخاص دون غيرهم.
و المزاج الاكتئابي؛ هو خبرة عدم السعادة أو الاكتئاب، ويتضمن مشاعر "نفاذ الخلق، أو الزهق" حسب تعبيرنا، وانخفاض تقدير الذات أو اللامبالاة وفتور الهمة.
وفي التعريف الدقيق للجمعية الأمريكية للطب النفسي في الدليل التشخيصي هو " مجموعة من الانحرافات لا تنجم عن علة عضوية أو تلف في المخ، بل مجموعة اضطرابات وظيفية مزاجية في الشخصية، ترجع للخبرات المؤلمة أو الصدمات الانفعالية، أو اضطراب في علاقة الفرد مع الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ويتفاعل معه، ويرتبط بحياة الطفل وخاصة طفولته".
وقد يكون الاكتئاب "سلوك أو محاولة للتخلص من صراعات واضطرابات تستهدف حل لأزمة نفسية" رغبة منه بحل أزمته بطريقة سلبية، لإحداث نوع من التوازن بداخله، وهي محاولة خائبة لا تجدي في خفض القلق بل تزيده، وإذا عرفنا السبب بإمكاننا معالجة الاكتئاب ببساطة وهدوء.
بيك عرّفه بأنه" حالة انفعالية تتضمن تغير محدد في المزاج مثل مشاعر الحزن، والقلق، واللامبالاة"
وهو من الأمور المهمة فيما يتعلق بالاكتئاب؛ المفهوم السلبي عن الذات، و توبيخها وتأنيبها وتحقيرها ولومها باستمرار، والرغبة في عقابها.
وفي الاكتئاب الحاد قد يقرر المريض المضطرب إنهاء حياته رغبة منه في الهروب والاختفاء والموت، مع تغير في النشاط زيادة ونقص، صعوبة النوم والأكل.
وهناك تعريفات كثيرة تتضمن؛ الشعور بالحزن والتعاسة والضيق والكآبة وتغيرات المزاج لذلك يعد الاكتئاب من "اضطرابات المزاج".
س: ما التغيرات أو العلامات المبكرة التي تطرأ على المراهق وتدل على اصابته، قبل أن يتحول لحالة تستعصي على العلاج؟
ج- العلامات المبكرة مثل؛ الانطواء، اختفاء أنشطة معتادة كان يزاولها ويفقد الاهتمام بها ، فقدان الشهية، والطاقة، وأبرز ما يميز اكتئاب المراهق "سرعة التهيج والانفعال" وهو من المؤشرات، انفعال غير مبرر، هياج نفسي، لوم الذات، أفكار متكررة حول النفس والموت والانتحار، إحساس بانعدام القيمة للشعور غير المناسب بالذنب، انخفاض في الأداء الاجتماعي والمهني والدراسي والتعليمي، أعراض فسيولوجية، آلام ليس لها سبب عضوي" نفس جسمية" كل تلك الأعراض إذا تكررت، او استمرت لأكثر من أسبوعين يتم تشخيصه بالاكتئاب.
وتعتبر تلك الأعراض "محكات التشخيص" وكل أخصائي لديه 5 أعراض على الأقل، لتشخيص المضطرب وإجراء الفحص له، والمقابلة الاكلينيكية مهمة لقياس العناية بالشكل مثلاً، وهناك أسئلة أساسية عن النشاط والطاقة، وفي الجانب السيكومتري يستخدم "مقياس شدة الاكتئاب"، والذي يختلف حسب النوع والشدة "بسيط أو متوسط أو حاد" وهو نقطة أساسية لقياس التقدم، ولا تعتبر تلك المقاييس تشخيصية، وإنما فحص أولي لقياس الدرجة.
وهناك "مؤشرات أولية" يلاحظها الأهل فيأخذوا الابن للعلاج مثل الانطواء والانعزال، تغير في النشاط، و فقدان الطاقة،
وهناك "مؤشرات إكلينيكية" لا يتم التعرف عليها إلا من قِبل الأخصائي، وتتضمن أسئلة مباشرة وغير مباشرة لتحديد إذا كان مكتئب أو لا.
س: مالفرق بين الحزن والاكتئاب، وكيف نفرق بين الأعراض؟
ج- ممكن القياس على المدة؛ فالحزن لايدوم طويلاً، و بسيط يحتوي على مؤشر واحد مثلا و غير كافي لزيارة الاخصائي، فقد يكون الشخص حزين ولكن يمارس حياته الطبيعية، لم يتغير شيء سوى بعض السوداوية طرأت على موده بسبب موقف معين، فليس كل حزن اكتئاب، ولابد من توافر 5 عناصر على الأقل لزيارة الأخصائي لقياس شدته، وأحيانا يكون اكتئاب عارض بسبب موقف معين ويتطور إلى اكتئاب سريري، وهو ما يحتاج إلى خطوات في التقييم.
س: هل هناك فرق بين اكتئاب المراهق وغيره، أو على أساس الجنس؟
ج- ما يميز اكتئاب المراهق "الانفعال على أتفه الأسباب، والتهيج غير المبرر" بينما يشترك مع الآخرين في بقية الأعراض. وبالنسبة للجنس لايوجد فرق يذكر فكلاهما مانسبته 33%، وتبين بعض الأبحاث أن المرأة أكثر عرضة للإصابة به من الرجل.
س: ما أسباب الإصابة بالاكتئاب، وما مدى حاجة المراهق للاحتضان مقارنة بغيره؟
ج- الكل يحتاج الاحتضان، ومرحلة المراهقة "نمائية" لا يمكن فصلها عن بقية المراحل، وبشكل عام يحتاج المراهق التقرب له أكثر، فغالباً ما يميل للارتباط بالأقران ويستمع لهم أكثر من الأهل، فكلما كانت علاقة الأسرة به قوية وتتضمن حب وطمأنينة وثقة وأمان، سيرتبط بها أكثر، مما يساعد على أن لايذهب إلى مزالق أو نفق مظلم أو غير سوي.
وتتعدد أسباب الأصابة بالاكتئاب للمراهق؛ فمنها "وراثي" كالاستعدادات، ومنها "المرسبات" كطريقة المعاملة الوالدية، في ممارسة الضغط، أو التربية التعسفية، أو الحرمان العاطفي أو المادي، أو صراعات داخل الأسرة؛ اضطهاد، عنف منزلي، أو غيره، كلها من المرسبات، و تولد الاستعداد لاصابة المراهق بالاضطراب والاكتئاب الذي يعود للبيئة الأسرية، و أحيانا موقف بسيط يؤدي إلى الاكتئاب، وهناك أقوال حول تسبب قصور الغدة الدرقية في ذلك، وتعاطي بعض المواد.
س: ما تأثير الحياة العصرية في المراهق بشكل عام؟
ج- الحياة العصرية أثرت في الانعزال، فصار الناس يعيشون في العالم الافتراضي بلا روح، و قد يتعرض المراهق لتجارب قاسية" ما أحد يعمل لي لايكات ما أحد يحبني"، أو يقع ضحية لشخص
يستدرجه و لا ينتبه لممارسات المبتزين في السوشل ميديا فيجد نفسه وقع في مصيدة ولا يستطيع التصرف فيلجأ للاكتئاب، إلا إذا كان يملك أسرة قوية تعطيه الأمان والثقة، وأحيانا موقف واحد في العالم الافتراضي يتسبب في ظهور أعراض الاكتئاب، والعالم الافتراضي أبعدنا كأسر عن بعضنا" اختطاف للمشاعر" وقد يتلاعب أحد بمشاعر المراهق وهو لايعلم عمن يختبيء خلف الكيبورد، لذلك العودة إلى "وقت الأسرة" يساعد في حمايتهم من تلك النفايات النفسية، كما أن المواد التي تتم قراءتها في مواقع التواصل الاجتماعي إذا كانت سلبية سوف تنعكس سلباً عليهم، وتعلمهم التشاؤم، واليأس المتعلم، وهو أبرز صفات المكتئبين، وأحد المكونات المعرفية لديهم فقد الأمل، وقد يقرر بعضهم إنهاء حياته بسبب موقف ربما حدث في وسائل التواصل الاجتماعي، أو كثرة مشاهدته للمواقع الاخبارية التي تبرز الحياة بلا تفاؤل أو أمل أو فرص، فعندها يفضل الابتعاد عنها.
س: هل التحول من الأسر الممتدة إلى النووية هو الأفضل لصحة الأبناء؟
ج- الأسر الممتدة كانت أحد مصادر الاحتضان، فيلجأ الاحفاد إلى الأجداد حين تتوتر علاقة الآباء، فيجدوا لديهم حلول خاصة في الجانب العاطفي والشعور بالأمان وكونهم خط مساندة نفسي واجتماعي، فكثير من الأمور يتم تعديلها باعتبار خبرات الأجداد تساعد الآباء الجدد على التعامل مع المراهقين، خاصة إذا كان الأجداد على وعي بتقديم الحب، فستكون الأسر الممتدة ايجابية كثيراً.
س: ما الطريقة المناسبة لدعم المراهق إذا شعر الوالدين بظهور أعراض الاكتئاب عليه؟
ج- لا يوجد علاج دوائي للاكتئاب؛ الموجود هو العلاج المعرفي السلوكي، فحين ينعزل المراهق يحتاج إلى تنشيط سلوكي، وهو دور الأهل في برامج داخل وخارج المنزل، كاستقطابه إلى "نشاط، رياضة، مشي في الهواء الطلق، لإعادته للحياة " ويعتبر التنشيط السلوكي من أهم الاستراتيجيات في علاج الاكتئاب.
و في العلاج المعرفي يتم مساعدته على إيجاد معنى للحياة، واستكشاف أفكاره ومعتقداته وتغييرها" مكتئب- مايحب يطلع" ليش؟ قد تكون الفكرة الأساسية "الخوف من السخرية والاستهزاء"فنعرف أن لديه تقدير ذات منخفض، فيساعده المختص باكتشاف أفكاره، والعمل على البناء المعرفي لديه، وتغييره حسب هذا المفهوم، وقد يحتاج نمط خاص واستقصاء للحالة للوصول للمعتقدات الأساسية والأفكار التلقائية أو الوسيطة التي تتسبب في تولد المشاعر، وهو ما تتضمنه دائرة العلاج السلوكي المعرفي؛ فكرة، مشاعر، تغيرات فسيولوجية، ثم سلوك، وتلك الدائرة هي التي يقوم عليها العلاج المعرفي السلوكي.
س: كيف يكتشف الآباء هوايات المراهق، ويدعموها ؟
ج- قد يكون لدى الشخص تفضيلات أو رغبات، ولكن إذا قلنا أن السلوك الإنساني متعلم، بإمكان الأهل صناعة بعض الرغبات كالهوايات التي يكتسبها من البيئة، وهناك هوايات موروثة، فنرى عائلة بكاملها رسامة ولديها هذا الاتجاه في الحياة، ومن ضمن الدعم عدم نهي الطفل أو المراهق عن ممارسة هواياتهم كما في الرسم و رياضة الكرة، بحجة تعطيلهم عن الدراسة، بل نساعدهم في عملية تنظيم وإدارة الوقت لممارسة هواياتهم بشكل عادي، فلا يكون التركيز على التعليم فقط، مما يتسبب بالاكتئاب.
س: للأصدقاء أثر على الأبناء، فما دور الآباء حول اختيار الأصدقاء للأبناء البالغين؟
ج- جماعة الرفاق لها تأثير كبير على المراهق كما يعبر عنه في أدبيات علم النفس، ولا مانع من حديث الآباء مع أبنائهم بصراحة حول اختيار أصدقائهم دون ذكر الطرف الآخر بسوء " هذه العلاقة ضارة-لا تناسبك- تسبب لك مشاكل،،" فلا نتحدث بسوء عن الآخر حتى لا يتعلم ذلك، وإنما نذكر له الأضرار الذي قد تنتابه من تلك العلاقة ونوجهه بطريقة صحيحة، بأن مصاحبته أصدقاء إيجابيين متفائلين جادين في الحياة متفاعلين وسلوكهم الاجتماعي مرغوب وإيجابي، فهذه ستكون صورته ويعكسوا شخصيته، نتحدث معه بالمنطق الإيجابي بدون إساءة لأطراف أخرى، ولا نستخدم ألفاظ سلبية، بهدف تعديل وتوجيه سلوك فطريقة التوجيه لها دور كبير، و أحيانا يعبر المراهق "أنتو لا تريدوني أصادق أو أماشي أحد" فلابد من التوضيح مالذي سيستفيده من هذه العلاقة، وكيف يختار علاقاته بطريقة إيجابية تطور شخصيته، وتظهره اجتماعيا بطريقة أفضل.
س:ما دور المدرسة والمجتمع مع المراهق الذي يمر بالاكتئاب؟
ج-نطلق على المدرسة والأندية بالمؤسسات الإيجابية، ويفترض بمجرد ملاحظة بعض الأعراض على المراهق كتأخر المستوى الدراسي أو غيره يحصل تدخل سريع، و تكون توجيهاتنا بيننا وبينه كاستدعائه بمفرده، او التواصل بين الأسرة والمدرسة، فقد تكون مشكلة أسرية هي السبب، و محاولة إشراك الطالب في أنشطة مدرسية لتنشيطه، قد يكون السبب الشعور بعدم الكفاءة، وهنا يتطلب تدخل المختص بالمدرسة للعناية به للتعرف سبب هذا الشعور لديه وهل هو حقيقي؛ هل سمع كلمات أدت إلى إعطائه صورة سلبية عن ذاته، أحيانا كلمة جارحة تدفعه للانسحاب من الحياة الاجتماعية والمدرسة تتحمل جزء من المسؤولية تجاه طلابها.
ومن جهة أخرى نفعّل مسؤوليتنا الاجتماعية بشكل إيجابي؛ فحين نلاحظ أعراض معينة على شخص لا نستخدم الوصم "مكتئب، مزاجه سوداوي، متقلب المزاج"، السخرية والازدراء، مما يدفعه للانطواء، بل نأخذ بيده، ونطمأنه أننا جانبه، ونوجهه لمختص ليتخطى حالته المزاجية، أو نرشده لمختص معين.
س: هل يتسبب الاكتئاب بصعوبة الدراسة والتفكير بتركها؟
ج- قد يتسبب بذلك إذا أهمل العلاج، ويعتمد على شدة الاكتئاب كما في الهوس الاكتئابي "ذهاني" البعض استطاع المواصلة وتخطي المشكلة مع العلاج الدوائي والمعرفي والسلوكي، واستمر عليه.
ويؤثر الاكتئاب البسيط في الأداء التحصيلي، والدرجات، وفقد الرغبة، والشغف، والطاقة، والأداء، والمذاكرة، والتركيز، ويمكن المواصلة إذا خضع للعلاج النفسي بطريقة منظمة، وملتزم، وهناك من تخرج من الجامعة وكان يعاني من النوع الشديد.
س: ما دور المراهق ومسؤوليته تجاه نفسه لتخطي تلك الحالة بأقل الاضرار؟
ج-لابد من موجّه للمراهق للاستبصار بحالته، وطلب المساعدة من مختص، لكن المشكلة أنه قد ينكر " لا أشكو من شي" مما يؤدي إلى تفاقم حالته، وينتهي به الأمر إلى الاكتئاب الحاد، و العلاج في البدايات أسهل بكثير، وبالإمكان استخدام أساليب أخرى حين لا يتقبل مصطلح زيارة "أخصائي نفسي" إلى "كوتشنج" المهم يذهب إلى من يتعامل معه مهنياً، سواء عيادة نفسية، أو إرشاد، أو تعليم، أو غيره ،،
س: بحسب رأيك هل يحتاج المراهق إلى قوة خارجية ليتخطى حالته النفسية؟
ج-بالتأكيد يحتاج إلى من يأخذ بيده، والأسرة هي الخط الأول ولها دور كبير ، وأحياناً قد تصل لعقل وقلب الابن لتغيير بعض قناعاته عن طريق الاصدقاء باعتبار طبيعة المرحلة التي تتاثر بالأقران كما ورد في أدبيات علم النفس، لذا موضوع اختيار الاصدقاء مهم جداً بالنسبة للمراهق.
س: ما طبيعة اهتمامات المراهق، والتي قد تؤدي به للاكتئاب في تلك المرحلة؟
للمراهق تفضيلات حسب اهتماماته، بعضهم بالشكل، والبعض بالحضور الاجتماعي، والبعض أن يكون مشهور، وما يميز المراهق البحث عن مساحة من الحرية كالتحرر من قيود الوالدين، لذلك تأتي أهمية التربية "بالعواقب بدلا من العقاب"، أحياناً يبحث المراهق عن مساحة من الحرية والسلطة أو الشعور أنه كبر وفهم وبإمكانه تحمل مسؤولية نفسه، بينما يفسره الأهل عناد و ما يسمع الكلام ولا نشعر أنه قد كبر و يبقى صغير في أعيننا، وهذا النوع من المعاملة فيه سلب لحرياتهم، وكثرة اللاءات والنواهي يؤدي به للكآبة والاكتئاب، فيرى نفسه مقيد أسير بلا حرية نفسية، وبالتاكيد إعطائه فسحة من الخيارات سوف يحميه من الحزن الخبيث.
س: وماذا عن الفتاة وتأثير غياب بعض الاهتمامات على شعورها بالاكتئاب ؟
ج- لا نستطيع القول أن هناك اهتمامات محددة؛ فالجميع له اهتمامات خاصة، لكن طبيعة المرأة مثلاً تهتم بالعلاقات الاجتماعية وتعطيها أهمية، صديقتها تركتها تكتئب، فنساعدها على اختيار صديقاتها، وقد يكون مجال اهتماماتها بالجمال، أو الانخراط في الأعمال الاجتماعية التطوعية، المهم الاطمئنان أن هذا التوجه أو الاهتمام إيجابي يضيف وينمي شخصيتها، "الانتباه للأثر الذي سيتركه هذا الاهتمام على شخصية المراهق، إذا كان إيجابي نشجعه وننميه لديه، وإذا سلبي نوجهه التوجيه الصحيح".
س: إذا تم مضايقة المراهق باهتماماته الشكلية مثلاً، أو ما يتعلق بكبح الشخصية، فهل يؤثر في شعوره بالاكتئاب، خاصة إذا كان منذ الصغر؟
ج- مايميز الاكتئاب ارتباطه بخبرات الماضي، بعكس القلق الذي يركز على المستقبل، لذلك لابد من الاهتمام بالخبرات التربوية و الاجتماعية والدينية التي يتعرض الطفل والمراهق لها، وطريقة التوجيه، و كما ذكرنا هناك فرق بين أسلوب العواقب و العقاب، وهناك بحوث الآن عن أثرها الإيجابي.
س: ما دور العبادة على المراهق المكتئب ؟
ج- الخبرات الدينية لها أهمية كبيرة في حياة الإنسان، فكلما كانت قوية وعميقة تساعد كثيراً في تخطي صعوبات الحياة، فإذا كانت طبيعة المكتئب متشائمة وسوداوية، و النصوص الدينية تدعو للتفاؤل بل تعتبر أدوات تكيفية مع ضغوط الحياة، كالصبر والأمل التي تعززه تلك النصوص، فزراعة الأمل من القيم التي تعززها القيم الدينية، حتى يقال عنها أساليب معرفية عليا، ممكن أن نتخطى بها صعوبات الحياة، وكما قال عالم النفس التحليلي كارل يونج خلال عمله في هذا المجال 30 عام " لم أستطع معالجة أي شخص دون استمالته لعقيدة دينية" اذ لاحظ فقدناهم شيء مما وهبته الأديان لاتباعها، والدين فيه من المفاهيم والقيم ما يدفع للاطمئنان" ألا بذكر الله تطمئن القلوب.
وبالتأكيد ممارسة العبادة بشكل صحيح، وبوقتها، يساعد المراهق على الاستقرار النفسي، وتنشيط المفاهيم الدينية في نفوسهم ومكونهم الأخلاقي يساعد على تخطي الكثير من عقبات الحياة بهدوء، فالتنافس والتعاون مثلا سيكون بمكون أخلاقي، لا بطريقة تدفع للحسد والكراهية إذا كان بشكل غير صحيح، مما قد يدفع للاكتئاب أو عسر المزاج.
س: ما دور الدين ورجاله في حماية المراهق من الوقوع في الاكتئاب؟
ج- بالإمكان تبسيط الدين للمراهق، الذي قد يصاب بوساوس قهرية في الصلاة أو الوضوء إذا لم يكن التوجيه الديني بطريقة صحيحة، فلابد من تعليمهم المفاهيم الدينية بما يتناسب مع الطبيعة البشرية، واستخدام الثواب والتعزيز الإيجابي بدلاً من التخويف، و تبيين الفوائد والعائد الروحي والنفسي والصحي والاجتماعي الذي سيحصل عليه أثر التزامه بالقيم الدينية، كوقت الصلاة الذي يساعد كثيراً في تخطي عقبات الحياة، وكلما تميز التوجيه بالرحمة واللطف والهدوء سيؤدي لاستقطابهم للدين بشكل إيجابي وأفضل، ومن الضروري أن يراعي الخطاب الديني طبيعة النفس البشرية، ويتضمن اللطف.
س: كيف نرشد المراهق للطريقة الصحيحة لصياغة أهدافه، حتى لا يشعر بالضياع والملل؟
ج- بالإمكان الاستفادة من "نظرية التوقع" فحين يبدي الآباء توقعات إيجابية من الأبناء يسير العقل الباطن في مسار توقعاتهم، بعكس إذا كانت توقعاتهم سلبية ستكون ردة فعل الأبناء مكتئبة" مو أنت قلت ما يجي مني، وما مني فايدة؟" توقع الأفضل سيؤثر في مسارهم بالحياة و سيحاولون الذهاب لهذا التوقع.
و ما يميز الناجحين هو وجود "أهداف" في الحياة، والذي يتعلق بالتوقعات أيضاً، فكثير من الحالات وصلت إلى مراكز ومراتب معينة بتوقعات أهاليها، بالإمكان مساعدة المراهق على إيجاد هدف في الحياة ليكون لها معنى، و اكون الأمور واضحة له، وهو ما يفتقده المكتئب، الهدف يشكل دافع يعمل ويتحرك باتجاه تحقيقه، والمعنى من الحياة يتضمن عمل وجهد وإنجاز وحيوية ونشاط، ونستطيع مساعدته في وضع وصياغة هدف ذكي، وخطة لتحقيقه، و توفير فرص نجاح بسيطة بتكليفه بمهمة اجتماعية مثلا كتنشيط سلوكي، بدل الذهاب بأنفسنا لتقديم الصدقة لمكان معين نكلفه بها، لتعويده على العطاء والتواصل مع أطراف أخرى من الجمعية أو غيره، وننمي لديه الشعور الاجتماعي بشكل عام.
س :متى يحتاج المراهق لعلاج متخصص للاكتئاب ؟
ج- يختلف تشخيص الاكتئاب بحسب الشدة والنوع، ويفضل الأطباء النفسيين الجمع بين العلاج الدوائي والمعرفي السلوكي للحالات المتوسطة والحادة، ومن الأفضل الاتجاه للعلاج منذ البدايات.
و غالباً فإن الجلسات العلاجية تكفي في الاكتئاب البسيط، ويفترض أن تكون متقاربة ومدروسة، فالتباعد قد يفوت فرص الشفاء ولا تكون الخطة العلاجية مؤثرة، والتي توضع بعد مقياس تحديد المستوى، لقياس تطور الحالة زيادة أو نقص، لتتضح النتيجة.
وإذا كان الاكتئاب حاد يحتاج مقاييس مختلفة لقياس التوجه نحو الانتحار، والذي قد يظهر أيضًا خلال الجلسات العلاجية.
مداخلات الجمهور:
س: كيف يساعد الأهل المراهق لتخطي حالة الحزن؟
ج- أهم أمر في العلاج المعرفي السلوكي، التنشيط السلوكي والإلهاء؛ كالرياضة، والتغذية بالأمل والتفاؤل، وإيجاد معنى للحياة، مساعدته على تغيير العدسة التي ينظر بها للحياة و الإدراك الموسع في النظر لها بطريقة أوسع، هذا حين يكون الاكتئاب بسبب موقف عارض وزمرة الاعراض واضحة لنا أنه بسبب هذا الموقف الحزين، لكن إذا استمر لأكثر من أسبوعين، ولاحظنا أنه ليس عارض بسبب مرض أو موقف معين، يفترض اللجوء لمختص لتحديد شدته والنوع والطريقة المناسبة لعلاجه.
س: ما هي أهم أسباب الاكتئاب في مجتمعنا احصائياً؟
ج- لا توجد أسباب واضحة، أو أعلى من غيرها، غالباً عامة، البعض موقف واحد قد يتسبب له بالاكتئاب، و من الحالات فقدان عزيز، وأحياناً الطلاق، الاضطهاد، العنف المنزلي، المرور بتجربة تاريخية، أو غيره..
س: هل يوجد نوع من الاكتئاب يبدو فيه الشخص ظاهرياً بشوش، ولديه علاقات اجتماعية كثيرة، ولكنه يعاني داخلياً؟
ج- لابد من توافر مجموعة عناصر لكي نطلق عليه اكتئاب أو اكلينيكيا مكتئب، بسبب موقف عارض مثلا، فتظهر عليه أعراض معينة كفقد الطاقة، والشغف، والاهتمام بالانشطة، ولديه مشاكل في العلاقات الاجتماعية، و الشهية، سهولة الاستثارة، قد تكون لهذه الحالة مشاكل أخرى اذ لماذا يرتدي أقنعة اجتماعية ليرضي الناس، بينما يعيش مأساة داخلية، فهذا سيكون له مسمى وتشخيص آخر.
س: هل يوجد مقياس اكتئاب أون لاين معتمد؟
ج- التقييم الذاتي موجود؛ ولكن قد يفتقد للثبات والمصداقية والدقة ولم تقم عليه دراسات للتأكد من صحته ولا يمتلك قيمة تشخيصية، وقد تكون اسئلته عادية، ولا يحدد شدة الاكتئاب، فمن الأفضل اللجوء لمقياس المختص المتعارف عليه، ومضبوط اكلينيكياً، ويعطي نتائج صحيحة.
جديد الموقع
- 2024-12-22 احنا جيرانه (ص) أهداها الله كفوفه (1)
- 2024-12-22 يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك
- 2024-12-22 ألم الرفض الاجتماعي
- 2024-12-22 نمط حياتك قد ينعكس على صفحة دماغك ويؤدي إلى شيخوخته أبكر مما تظن
- 2024-12-22 الكتاب السادس عشر لـ عدنان أحمد الحاجي (تطور اللغة واضطراباتها وعسر القراءة عند الأطفال)
- 2024-12-22 تأثيرات لغوية للقراءة الرقمية
- 2024-12-22 الزهراء (ع) .. المجاهدة الشهيدة
- 2024-12-22 نحو كتب في الشوارع
- 2024-12-22 بين فيزيائية الكتب وكيميائية الكلمات
- 2024-12-22 من أجل القراء المترددين