سوء المعاملة في مرحلة الطفولة يؤثر سلبًا في مادة الحيوان المنوي اللاجينية وقد يؤثر في نمو أدمغة الجيل القادم

التوريث اللالجيني (1) [فوق الجيني] (2) ترجع إلى نقل المعلومات المتعلقة بالحالات المكتسبة إلى الجيل التالي دون تشفيرها في تسلسل الحمض النووي DNA  (التوريث الجيني). وبالتالي فإن التغييرات التي تسببها البيئة (سوء التغذية والسموم البيئية والضغوط النفسية وما إلى ذلك) قد تنتقل من جيل إلى جيل عبر الأمشاج.

باحثون من دراسة FinnBrain  في جامعة توركو Turku السويدية قد وجدوا سابقًا علاقة بين تعرض الأب لسوء معاملة في وقت مبكر من حياته (لما كان طفلًا) ونمو دماغ طفله الصغير. في دراسة حديثة، وُجد أن سوء معاملة الأطفال يرتبط بالعديد من الخصائص ألّاجينية للحيوانات المنوية التي قد تسبب تأثيرات في نمو دماغ النسل، بما في ذلك مستويات التعبير لجزيء الحمض النووي الريبي غير المشفر (الرنا غير المشفر) (3) hsa-miR-34c-5p  وميثيل CRTC1  وجينات GBX2.

"بعد ذلك، نريد أن نتناول بالدراسة سوء معاملة الأطفال، ولاجينية الحيوانات المنوية، وخصائص النسل معًا. "إثبات الوراثة اللاجينية عند البشر من شأنه أن يعيد كتابة قوانين أو قواعد الوراثة، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى مزيد من الدراسات،" كما قال جيترو تولاري Jetro Tuulari،  وهو المؤلف الأول للورقة.

بالرغم من أن جميع الخلايا في الجسم لها نفس الجينات والحمض النووي، إلا أن لها أنماطًا لاجينية متميزة، والتي من شأنها أن تحدد مظهرها ووظيفتها المختلفة. وبالتالي فإن التنظيم اللاجيني يمكّن من حدوث اختلافات في خلايا الدماغ والعضلات والجلد وذلك بتثبيط الجينات أو تنشيطها. تلعب التغيرات اللاجينية في الأمشاج دورًا خاصًا، لأنها يمكن أن تؤثر أيضًا في الأجيال اللاحقة عبر الوراثة الاجينية. [فقد اكتشف باحثون أن تجارب الوالدين المجهدة يمكن أن تؤدي إلى تغييرات في التعبير الجيني المشفر في الحيوان المنوي أو البويضة وتوٓرث إلى الأبناء. بمعنى آخر، هناك طريقة يرث بها الأبناء تجارب والديهم المجهدة تختلف عن وراثة الجينات كوراثة لون العينين، مثلًا، كما ورد في تقرير جامعة توفتس في 23 يونيو 2023] (4)]،

"الوراثة اللاجينية عبر خلايا الحيوان المنوي التي تنقل معلومات لاجينية من الأب إلى النسل هو موضوع بحثيٌُ مدهش، والآليات المعنية هي قيد الدراسة النشطة في مجموعتي البحثية. يوجد حاليًا الكثير من المشاريع التي تدرس هذه الظاهرة على كل من النماذج الحيوانية والبشر. وتقول البروفيسور نورا كوتاجا Noora Kotaja، إحدى كبار الباحثين في الدراسة: "كانت هذه الدراسة أكبر وأشمل دراسة أجريت على البشر حتى الآن."

رسم تخطيطي يمثل المسار اللاجيني من سوء المعاملة إلى مخرجات صحية وصحة عقلية (5).

وجدت الدراسة مستويات أقل من مثيلة الحمض النووي للحيوانات المنوية في ثلاث مواضع من الحمض النووي وغيرت مستويات الكثير من جزيئات الحمض النووي الريبي الصغيرة غير المشفرة لدى الرجال الذين عانوا من مستويات عالية من سوء المعاملة في مرحلة طفولتهم. وتمت مقارنتهم بالرجال الذين لم يعانوا من تجارب سوء المعاملة في طفولتهم، كما قيست من خلال الاستبانات. وشارك في الدراسة 55 رجلًا في منتصف أعمارهم.  في النمذجة الإحصائية، تم التحكم في الكثير من العوامل الصحية الأخرى مثل سن المشارك في الاستبانة ووزنه وعادات التدخين.

"مجموعة الأتراب المشاركين في دراسة الـ FinnBrain  وغيرها من البيانات متعددة الأجيال من مركز البحوث السكانية ستمكن الباحثين من إجراء دراسات أخرى مماثلة عالية الجودة حول الوراثة اللاجينية البشرية. "بيد أنه لم يتم إثبات نتائج هذه الوراثة بعد، لذا هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات،" كما قال البروفيسور الفخري هاس كارلسون Hasse Karlsson، الذي بدأ مشروع دراسة FinnBrain.

أُطلق مشروع دراسة  FinnBrain  في عام 2010، وهي دراسة أتراب في جامعة توركو تشمل أكثر من 4000 أسرة وتهدف إلى استكشاف العوامل البيئية والجينية التي تؤثر في نمو الطفل. تعد دراسة الوالدين (الأم والأب) للمجموعة أيضًا جزءً أساسيًا من المشروع، وتركز هذه الدراسة الفرعية على صحة الأب من دراسة الأتراب.

نُشرت الدراسة (6) في مجلة الطب النفسي الجزيئي في 3 يناير 2025.