2021/06/16 | 0 | 1905
ولادة السيدة المعصومة (ع)
1 ذو القعدة 1442 هـ - كلمة حفل ذكرى ميلاد السيدة فاطمة المعصومة عليها السلام في مسجد الشيخ الأوحد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. [ طه: 25 ـ 28.].
نبارك لكم ذكرى ميلاد السيدة فاطمة المعصومة صلوات الله وسلامه عليها التي تصادف هذه الليلة.
مقام السيدة المعصومة (ع):
في الرواية الواردة عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «إنّ لله حرماً وهو مكة، وإنّ للرسول حرماً وهو المدينة، وإنّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، وإنّ لنا حرماً وهو بلدة قم، وستدفن فيها امرأة من أولادي تسمى فاطمة، فمن زارها وجبت له الجنة». [بحار الأنوار، المجلسي 57: 216].
إنها قم، وما أدراك ما قم! تلك المدينة المقدسة التي ذكرها الإمام الصادق (ع) قبل ولادة فاطمة المعصومة عليها السلام، فالسيدة المعصومة كما هو معروف، هي ابنة الإمام الكاظم (ع) فهي حفيدة الإمام الصادق (ع) لكنه ذكرها وذكر مدينة قم قبل ولادتها.
ومن هذه الرواية الشريفة نستفيد الكثير من الفوائد، منها: أن مدينة قم هي (حرم أهل البيت) بأجمعهم، كما أن للنبي (ص) حرماً، ولأمير المؤمنين (ع) حرماً. فهي الحرم الجامع لجميع أهل البيت (ع). ومنها إخبار الإمام بأن هذه المدينة سوف تدفن فيها امرأة من ولده، تسمى فاطمة، أي أنه ذكرها بالعنوان والاسم، ولم يذكرها بالعنوان فقط. أي أن شرف هذه المدينة، وكونها حرماً لأهل البيت (ع) كان بسبب هذه السيدة الجليلة. ومنها بيان مقام السيدة المعصومة بشكل صريح وواضح، بحيث إن زيارتها توجب الجنة.
وقد امتازت هذه السيدة الجليلة العظيمة - هي والسيدة زينب الكبرى - من بين جميع أبناء الأئمة (ع) بخصائص كثيرة، وقد وردت فيها روايات خاصة من الأئمة الأطهار (ع) منها الرواية التي ذكرناها سابقاً، وروايات أخرى تدل على عظمتها، منها ما رواه صاحب البحار، عن القاضي نور الله التستري، عن الإمام الصادق (ع):
«إنّ لله حرماً وهو مكة، ألا إنّ لرسول الله حرماً وهو المدينة، ألا وإنّ لأمير المؤمنين حرماً وهو الكوفة، ألا وإنّ قمّ الكوفة الصغيرة. ألا إنّ للجنةِ ثمانيةَ أبواب، ثلاثة منها إلى قم. تُقبض فيها امرأة من ولدي اسمها فاطمة بنت موسى، وتدخل بشفاعتها شيعتي الجنة بأجمعهم».[بحار الأنوار، المجلسي57: 228].
ومن هذه الروايات وغيرها نستكشف أن هذه المرأة ليست امرأة عادية، إنما لها خصوصية ومقام عظيم عند الله تعالى.
نعم، نحن نعرف أن بلدة قم تميزت كذلك بالعبادة والعلم، وهي اليوم مركز الحوزة العلمية، وأصبحت لها مكانة عالمية. إلا أن هذا الشرف لم ينلها إلا بشرف السيدة المعصومة. لذا فإن الروايات التي تمدح أهل قم، وأن الغالب فيهم أنهم يدخلون الجنة، ليست بعيدة عن بيان مقام السيدة المعصومة.
ومن الروايات التي وردت في فضل مقام السيدة المعصومة (ع) ما ورد عن الإمام الرضا (ع). فقد روى ابن قولويه في كامل الزيارات عن سعد بن سعد، قال: «سألته عن زيارة فاطمة بنت موسى، قال: من زارها فله الجنة». [كامل الزيارات، ابن قولويه: 324].
وهنالك رواية أخرى أوردها صاحب البحار عن سعد بن سعد أيضاً، عن الإمام الرضا (ع) وفيها كيفية زيارة المعصومة عليها السلام وهي، عن الإمام الرضا أنه قال لسعد:
«يا سعد، عندكم لنا قبر؟ قلت: جعلت فداك، قبر فاطمة بنت موسى عليهما السلام؟ قال: نعم، من زارها عارفاً بحقها فله الجنة. فإذا أتيت القبر فقم عند رأسها مستقبل القبلة، وكبّر أربعاً وثلاثين تكبيرة، وسبح ثلاثاً وثلاثين تسبيحة، واحمد الله ثلاثاً وثلاثين تحميدة، ثم قل: السلام على آدم صفوة الله، السلام على نوح نبي الله السلام...». [بحار الأنوار، المجلسي99: 266].
وفي كامل الزيارات أيضاً، عن الإمام الجواد (ع): «من زار قبر عمتي بقم فله الجنة». [كامل الزيارات، ابن قولويه: 324].
وهكذا نجد أن الروايات الواردة في فضلها قد وردت عن الأئمة (ع) في عصور مختلفة، ولم ترد عن إمام واحد، ولا في زمان واحد، مما يؤكد فضلها وشرف مقامها سلام الله عليها.
جانب من سيرة العلماء في تقديس السيدة المعصومة:
ومن هنا نجد أن المراجع والعلماء الأخيار، من أمثال السيد الإمام والسيد المرعشي رحمة الله عليهما، إذا أرادوا زيارتها سلام الله عليها، يتقدمون بين يديها بأسمى درجات التواضع والخشوع، فيقبّلون الأعتاب والجدران.
ومما يجدر بنا ذكره في هذا المقام، ما ذكره السيد عادل العلوي حفظه الله تعالى، قال: حدثني سيّدنا الأستاذ، عن والده آية الله السيّد محمود المرعشي، أنّه كان يبحث عن قبر سيّدة النساء فاطمة الزهراء (ع)، فرأى في المنام مولانا الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، فقال له: عليك بكريمة أهل البيت .
قال والده: توهّمت أنّه يريد فاطمة الزهراء عليها السلام، فقال عليه السلام - دفعاً للتوهّم والخيال - فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهما السلام، المدفونة في قم .
ثمّ قال سيّدنا الأستاذ: في أيّام الشباب، حينما حفّت بي المشاكل والصعاب، وأردت تزويج ابنتي، ولم أملك من المال شيئاً، ولا يسوغ لي أن أسأل أحداً سوى الله سبحانه وتعالى. فأتيت حرم السيّدة المعصومة كريمة أهل البيت (ع) معاتباً، ودموعي تسيل على الوجنات وقلبي مفجوع، وقلت مخاطباً سيّدتي ومولاتي: كأنّما لا تهتمّين بي، ولا تبالين بأمري، فكيف اُزوّج ابنتي ولا شيء عندي؟
ثمّ أتيت الدار محزوناً، فأخذتني الغفوة، فرأيت في عالم الرؤيا قد دقّ الباب، ولما فتحته رأيت شخصاً، قال: السيّدة تريدك. فسرعان ما تشرّفت بزيارتها عليها السلام. وحين الدخول في الصحن الشريف رأيت ثلاث إماء يكنسن الرواق الذهبي، فسألتهنّ عن السبب فأجبن: الآن تأتي السيّدة. وبعد برهة رأيت مولاتي السيّدة المعصومة - وكانت نحيفة الجسم صفراء اللون، شمائلها شمائل سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام،كما رأيتها من قبل ثلاث مرّات. فتقدّمتُ وقبّلتُ يدها - إذ هي عمّتي في النسب - فقالت سلام الله عليها: يا شهاب، متى لم نبالِ بأمرك حتّى تعاتبنا وتشكونا؟ فمنذ دخلت قم وأنت في رعايتنا. فتفطّنت وعلمت أنّي أسأت الأدب. فاعتذرت منها. ثمّ استيقظت فأتيت الحرم الشريف زائراً معتذراً، وسرعان ما انقضت حاجتي وسهّل الله أمري.
ثمّ حدّثني عن مقام السيّدة المعصومة الشامخ وعظمتها ومنزلتها الرفيعة عند أهل البيت (ع)، وأنّه من زارها عارفاً حقّها وجبت له الجنّة. ثمّ قال: دخلت قم، عشّ آل محمّد (ص) ولا أملك إلّا القباء والرداء، واليوم كلّ ما لديّ هو من بركات وجود وكرم هذه السيّدة الطاهرة أرواحنا فداها. [قبسات من حياة السيد المرعشي، السيد عادل العلوي: 102].
ومما يذكر في هذا الباب أيضاً ما أورده العلامة الشيخ محمد علي المعلم في كتابه: «الفاطمة المعصومة عليها السلام»: إنّ مقام الشفاعة، وإن كان شامخاً، إلّا أنّ للسيّدة فاطمة المعصومة مقاماً آخر عبِّر عنه بـ «الشأن».
وممّا يدل على ذلك ما نقله لي صديقي العزيز المحقّق الشهير الفاضل السيّد مهدي الرجائي - ورأيته في أكثر من كتاب - عن السيّد محمود المرعشي، عن أبيه السيد شهاب الدين، عن جدّه السيد محمود المرعشي، أنّه كان يريد معرفة قبر الصّدّيقة الزهراء عليها السلام، وقد توسّل إلى الله تعالى من أجل ذلك كثيراً، حتى أنّه دأب على ذلك أربعين ليلة من ليالي الأربعاء من كل أسبوع في مسجد السهلة بالكوفة، وفي الليلة الأخيرة حظيَ بشرف لقاء الإمام المعصوم عليه السلام، فقال له الإمام عليه السلام: «عليكَ بِكريمة أهل البيت»، فظنّ السيّد محمود المرعشي أنّ المراد بكريمة أهل البيت عليها السلام، هي الصدّيقة الزهراء عليها السلام، فقال للإمام عليه السلام: «جُعلت فداك، إنّما توسّلتُ لهذا الغرض، لأعلم بموضع قبرها، وأتشرّف بزيارتها»، فقال عليه السلام: «مُرادي مِن كريمةِ أهل البيت قبر السيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام في قمّ»
ثمّ قال: «إنّ الله تعالى قد جعل قبر الصديقة الزهراء من الأسرار، وقد اقتضت الإرادة الإلهية تبعاً لبعض المصالح أن يكون قبرها مخفيّاً لا يطّلع على موضعه أحدٌ من الناس، فلا يمكن الإخبار عنه، ولكنْ جعل اللهُ قبرَ السيّدة فاطمة المعصومة موضعاً يتجلّى فيه قبر الصديقة الزهراء عليها السلام، وإن ما قُدّر لقبر الصديقة الزهراء (عليها السلام) من الجلال والعظمة والشأن - لو كان معلوماً ظاهراً - قد جعله الله تعالى لقبر السيّدة المعصومة.
وعلى إثر ذلك، عزم السيّد محمود المرعشي على السفر من النجف الأشرف إلى قمّ لزيارة كريمة أهل البيت عليها السلام. [مجلة الشعائر، العدد التسعون، السنة الثامنة. عن كتاب: الفاطمة المعصومة، لمحمد علي المعلم: 176].
جديد الموقع
- 2024-05-02 تزامناً مع اليوم العالمي للصحافة و باستضافة نادي كيو بارك .المعلق الرياضي جعفر الصليح .16 عام أمام المايك في 6 قنوات و المعلق العربي و الأجنبي اضافة لمتعة الكرة السعودية
- 2024-05-02 أفراح العايش والفرحان تهانينا
- 2024-05-01 النقد الأدبي بين الفاعلية والمجاملات الرقمية والإعلامية.
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس المجلس المحلي للمحافظة
- 2024-04-30 سمو محافظ الأحساء يرأس اجتماع اللجنة العليا لإنشاء المستشفى الجامعي التعليمي
- 2024-04-29 وعي القلم والأمل نص مستخلص من مجموعة (كلام العرافة) للدكتور حسن الشيخ
- 2024-04-29 ريم أول حكم سعودية لرياضة رفع الأثقال حازت على الشارة الدولية
- 2024-04-29 بيئة الأحساء تدشّن أسبوع البيئة 2024 تحت شعار "تعرف بيئتك"
- 2024-04-29 منتدى البريكس الدولي يكرم الفنان السعودي الضامن في غروزني الشيشان ..
- 2024-04-29 حققوا المركز الأول على مستوى المملكة كأعلى تسجيل للطلاب طلاب "تعليم الرياض" يفوزون بـ13 ميدالية في أولمبياد "أذكى"