2019/07/01 | 0 | 3794
الرُّؤْيَةُ الْإِصْلَاحِيَّةُ لِلسَّيِّدِ هَادِّي السُّلَّمَانِ
تمهيد
أثار بيان السيد هادي بن السيد ناصر السلمان –حفظه الله- الذي أعلن فيه تخليه عن الوكالة الشرعية عن مرجعية المرجع الديني السيد علي السيستاني -سلمه الله- ردود أفعال واسعة جداً بالأحساء ما حولها، خصوصاً وأن مثل هذا الإجراء يندر حصوله ولم تعتد عليه الناس في مجتمعاتنا، ولعل ما ساهم في حصول ردود الأفعال هذه -بالإضافة لما سبق- يعود لما ذكره السيد هادي من عبارات تُشير إلى بعض الأمور التي عانى منها بسبب مخالفته لممارسات بعض الوكلاء الآخرين.
يقول السيد هادي في إعلان تخليه عن الوكالة مخاطباً المرجع السيستاني:
"أحببت إحاطتكم علماً بأني من هذا اليوم قد قررت من منطلق الحرص على المصلحة العامة لوطني وأبناء مجتمعي إرجاع الوكالة الشرعية التي مُنحت لي من قبلكم قبل 18 سنة لغرض القيام بخدمة المجتمع في مساعدتهم في حل بعض الأمور الشرعية التي تتوقف على الوكالة الشرعية من سماحتكم كالولاية على الأيتام والحقوق الشرعية والأوقاف وغير من ذلك من الأمور التي تحتاج إلى إذن شرعي من المرجعية المعظمة، وذلك؛ لأن نفسي أبت وتأبى أن أرى الكثير من المسائل الدينية الفقهية المهمة التي تمس واقع المجتمع في أموره الدينية المالية والاجتماعية كالخمس ومجهول المالك والأوقاف وغيرها قد تُعمد إخفاؤها من قبل الكثير من وكلائكم في الخليج، نظراً؛ لأن الإفصاح عنها يضر بالدخل المالي لهم ولم تُراعَ فيها الأمانة العلمية الدينية الفقهية ولا مقام المرجعية المعظم ولا الضرر الديني والمالي لأبناء المجتمع"[1].
ففي هذا النص يُشير السيد هادي -بشكل ضمني- إلى أنه واجه ما واجهه من ضغوط وحملات تسقيط نتيجةً لبيانه لبعض الأمور التي حرص غيره من الوكلاء على إخفائها عن عامة الناس، وهذا ما يُثير بعض التساؤلات المهمة: ما هي هذه الأمور؟ وما هي رؤية السيد هادي في التعاطي مع أموال الحقوق الشرعية بالتحديد؟ وما هي إشكالات معارضيه من الوكلاء الآخرين عليه؟!
إن الإجابة عن هذه التساؤلات مهمة للغاية، غير أن الكثير من أبناء مجتمعنا يجهل إجاباتها، لأن البعض من معارضي السيد هادي -من وكلاء المرجعية الدينية أو من المحسوبين عليهم- لم يُبينوها صراحة، وإنما اكتفوا بالقول "أن تصرفاته غير شرعية" دون أن يُقدموا أي توضيح كافٍ لهذه التصرفات التي يُشكلون عليها (شرعاً)، فما هي هذه التصرفات؟ وكيف ولماذا هي غير شرعية بنظرهم؟! كل هذه التساؤلات ظلت حائرة ولم تقدم إجابات وافية عنها.
في اعتقادي أن هذا التجاهل من هؤلاء يتم عن إرادة وقصد؛ لأن الإجابة عن هذه التساؤلات بنحو وافٍ وشافٍ سيتطلب منهم أولاً أن يتناولوا رؤيته مفصلاً بالشرح والتوضيح قبل أن يُوردوا اعتراضاتهم عليها، وهذا ما سيكشف للناس كيفية تعاطيه مع أموال الحقوق الشرعية، والتي هي مختلفة عن الطريقة التي اعتادوا عليها، وهذا إِنْ تم قد لا يكون في مصلحتهم، لِأنَّ الكثير من الناس ربما يستحسنون طريقته ويُطالبوهم باتباعها.
والأنكى من ذلك؛ أن يُنسب مثل هذا القول "أن تصرفاته غير شرعية" لبيت المرجعية الدينية (لاحظوا بيت المرجعية وليس المرجعية) أو إلى مكتب المرجعية الدينية[2]، كما ورد في رسالة كتبها أحد رجال الدين المناوئين للسيد هادي وبثها في المجتمع عبر وسائل التواصل الاجتماعي (الواتساب تحديداً)، وضمنها ببعض أسماء رجال الدين المعروفين في المنطقة، ومفادها شهادتهم أن مكتب السيد السيستاني في النجف غير راضٍ عنه ويرى أن تصرفاته غير شرعية، غير أننا عند التأكد من حقيقة هذه الشهادة من أحد المقربين من بعض من ورد أسمهم في الرسالة نفى ذلك نفياً قاطعاً، بل ذكر –أي رجل الدين المعني الوارد اسمه في الرسالة- أنه لا علاقة له بمكتب السيد السيستاني حتى يُقدم مثل هذه الشهادة[3]!!
والغريب أن بعضهم لم يكتفِ بذلك فحسب، بل تجرأ بنسبة عبارات غير لائقة –برأيي- على لسان ابن المرجع السيد محمد رضا السيستاني –حفظه الله-، وهي تتضمن عبارات تهديد ووعيد في حق السيد هادي، ويا ليت هؤلاء لم يتفوهوا بها ولم ينسبوها له حتى وإِنْ كانت هذه النسبة صحيحة بالفعل، لأنها في الحقيقة –لو تأملوها جيداً- تُسيء لمن نسبت له وليس للسيد هادي!
لذلك؛ سأحاول في هذا المقال تناول أهم معالم ومرتكزات الرؤية الإصلاحية للسيد هادي السلمان، معتمداً في الدرجة الأولى على بياناته وخطاباته المكتوبة، لأني أرى أن هذه البيانات تمثل باختصار آراءه الأخيرة التي أراد إيصالها للمجتمع، علماً بأني -كعادتي في مثل هذه المقالات- لن أحاول تصويب وجهة نظره ولا تخطئتها؛ لأني لا أريد أن أحمل الناس على تأييده أو على معارضته، وإنما كل ما أريده هو أن يفهموا رؤيته على حقيقتها قبل أن يُبدو تأييداً أو معارضةً لها.
مع الرؤية الإصلاحية للسيد هادي السلمان
أولاً: من هو السيد هادي السلمان؟
هو السيد هادي[4]بن السيد ناصر بن السيد هاشم الكبير بن السيد محمد بن السيد علي بن السيد حسين بن السيد سلمان بن السيد محمد الموسوي الأحسائي، ينتهي نسبه إلى الإمام الهمام موسى بن الإمام جعفر الصادق عليهما السلام[5].
تولى إمامة مسجد الجامع الكبير (الجبلي) بالمبرز في السنوات الأخيرة، وكان يحظى بالاحترام والتقدير من عموم أبناء المجتمع قبل أن يُعلن عن مواقفه النقدية التي ساهمت في انقسام الناس حوله، وخير شاهد على ما أقول هو ما جاء فيما نُشر من أوراق بعد وفاة والده السيد ناصر، حيث ذُكر في سياق الحديث عن أبنائه بالقول: "العلامة السيد عبدالهادي وهو من العلماء الزاهدين وقد أمضى سنوات من التحصيل في الحوزات العلمية ولا يزال مواصلاً لدراسته"[6].
ولعل أبرز ما جعله يحظى بالاحترام والتقدير في أوساط المجتمع الأمور التالية:
أولاً: انتسابه لعائلة سادة السلمان، وهي عائلة علمية عريقة لها تاريخها الطويل في قيادة المجتمع الأحسائي، نظراً لتخريجها للعديد من الشخصيات الدينية البارزة منذ زمن وإلى يومنا هذا.
ثانياً: والده السيد ناصر السلمان الذي كانت له مكانة مرموقة عند الكثير من أبناء المجتمع الأحسائي، والذي كان يؤم المصلين بالمسجد الجامع (الجبلي)، وهو مسجد الحوزة العلمية بالأحساء آنذاك.
ثالثاً: طبيعته الشخصية التي تتميز بالتواضع والبساطة والعفوية، وهي صفات محببة لدى عموم الناس، وغير متوفرة في العديد من رجال الدين الآخرين.
ثانياً: مرتكزات الرؤية الإصلاحية
ترتكز الرؤية الإصلاحية للسيد هادي السلمان على القيام بالتسهيل ورفع العسر والحرج عن عامة الناس قدر الإمكان، وبالخصوص في الأحكام الفقهية المتعلقة بالأمور المالية، فهو يرى أن هناك حلولاً فقهية يُقرها الفقهاء يمكن اتباعها لرفع أو تخفيف ما يعانيه أفراد المجتمع من حالات عسر وحرج[7].
وبعبارة أخرى؛ يرى السيد هادي أن بعض الموارد التي يأخذ فيها الوكلاء الخمس من المكلفين من الممكن أن يتبعوا فيها حلولاً شرعية فقهية يُقرها الفقهاء أنفسهم، غير أن الوكلاء لم يُفعلوا مثل هذه الحلول، بل يرفضون تفعيلها ويتشددون كثيراً في مسألة أخذ أموال الخمس.
وهذا الأمر مُلاحظ في العديد من الوكلاء الذي يتشددون كثيراً في هذه المسألة، تارةً بحجة أن هذا هو الحكم الشرعي ولا يجوز أبداً التنازل عنه أو التساهل معه، وتارة أخرى بحجة الاحتياط والحرص على إبراء ذمة المكلفين، حيث يرى البعض أنه حتى لو أمكن التيسير في بعض الحالات إلا أن سلوك طريق الاحتياط أولى[8]، بل أنَّ بعضهم يتشدد كثيراً لدرجة أنه حتى لو جيء له بفتاوى فقهية من موقع المرجعية الدينية نفسها، فأنَّه يتجرأ على مخالفتها بالقول أن من يُجيب على الاستفتاءات في الموقع مشتبه في الجواب ولا يُمثل رأي المرجع نفسه.
لذلك؛ قد يستغرب البعض من أطروحات السيد هادي وبعض تصرفاته المعاكسة لأطروحات وسلوكيات بعض الوكلاء الآخرين، والتي يمكن استعراض أبرزها في النقاط التالية:
في الوقت الذي يحرص فيه الوكلاء لبيان الأمور التي يجب فيها الخمس، وسبل الاحتياط وإبراء الذمة في التعامل مع هذه المسألة، نجد السيد هادي يُكرس أطروحاته ويُركزها لبيان المسائل التي لا يجب فيها الخمس، والمسائل التي يمكن إيجاد مخارج فقهية لتجنب الخمس فيها أو للتقليل من نسبته على الأقل[9].
في الوقت الذي نجد فيه الوكلاء يحرصون على استلام كامل مبلغ الخمس كي يصرفوه على ما يروه هم بأنفسهم، نجد السيد هادي يخالفهم في هذا ويرجع جزء من أموال الخمس للمكلفين كي يصرفوها كما يرون في مواردها الشرعية[10].
في الوقت الذي يضغط بعض الوكلاء على المرجعية الدينية لتغيير بعض الفتاوى الصادرة منهم حول بعض الأموال لتتحول من أموال لا يجب الخمس فيها إلى أموال يجب الخمس فيها، نجد السيد هادي يُطالب بمراجعة المرجعية الدينية كي تعيد النظر في بعض الفتاوى التي توجب الخمس في بعض الأموال وتتسبب في حالات عسر وحرج لدى المكلفين.
ثالثاً: أهداف الرؤية الإصلاحية
من خلال تتبعي لتصريحات السيد هادي السلمان، وبالخصوص بياناته المكتوبة التي وجهها للمجتمع لاحظت أنه يهدف من خلال مشروعه الإصلاحي للأمور التالية:
1- توضيح رؤى المرجعيات الدينية كي يستطيع أفراد المجتمع تجاوز الكثير من حالات العسر والحرج، ولذلك نجده في مسائل الخمس لم يُركز على ببيان المسائل التي يجب فيها الخمس كما هي العادة لدى الوكلاء الآخرين، بل ركز على الأمور التي لا يجب فيها الخمس أيضاً، بل أنَّ هذه المسائل كانت هي محور أطروحاته كما سوف يأتي[11].
2- توظيف الأموال التي تأخذ من أبناء المجتمع –ليس الخمس فقط بل شمل في كلامه أيضاً الأموال الخاصة بأداء بعض أعمال العبادات المتعلقة بالأموات كالصلوات والكفارات والصدقات وأعمال الخير وغيرها- لخدمة المجتمع نفسه داخل الوطن، ولذلك يُشدد على أهمية أن تصرف هذه الأموال مع مراعاة أمرين: الأول: المرئيات الفقهية للمرجعية الدينية. الثاني: المرئيات القانونية والدولية المراعاة داخل الوطن[12].
3- عدم الجمود على الوضع الراهن في حال تسببه في حالات عسر وحرج، بل لابد من مواجهته وخدمة المجتمع من خلال محاولة إيجاد حلول فقهية وفقاً للضوابط الشرعية المعمول بها[13]، ومن هنا نجد السيد هادي يسعى لإيجاد مخارج شرعية تارة، ويُطالب المراجع الدينية بإعادة النظر في بعض الفتاوى التي يرى أنها قد تتسبب في حدوث حالات عسر وحرج تارة أخرى.
رابعاً: دوافع الرؤية الإصلاحية
وأما عن الدوافع التي دفعت السيد هادي لتقديم هذه الأطروحات، فيمكن ملاحظاتها من خلال تصريحاته أيضاً، والمُلاحظ أنها تتمحور حول أمرين:
الأول: حرصه على مصلحة أبناء المجتمع الدينية والوطنية والاجتماعية[14]، وهذا نتيجة إحساسه بالمسؤولية كطالب علم لاطلاعه الكامل على أوضاع الناس في المجتمع، وعلمه بما يعانون منه من حالات عسر وحرج في حياتهم[15]، فكل هذه الأمور جعلته -كما يُؤكد- حريص على أداء الأمانة العلمية الفقهية التي أقرها مراجع الدين من خلال بيانها ونشرها في المجتمع بشكل كامل وصريح وشفاف[16].
الثاني: ملاحظته مدى الاستغفال الذي مارسه بعض المتصدين من أهل العلم ضد أبناء المجتمع، وذلك من خلال الالتفاف عليهم في الأمور المالية، وإظهار ذلك وتمريره تحت مظلات دينية[17].
أهم معالم الرؤية الإصلاحية للسيد هادي السلمان
سوف أتناول بعض النقاط التي تكشف عن أهم معالم الأطروحات الإصلاحية للسيد هادي من خلال النقاط التالية:
أولاً: بيان المسائل التي لا يجب فيها الخمس
ركز السيد هادي على هذا النوع من المسائل، وطرح عدة أمور يرى أنها لم يكن فيها وجوب للخمس طبقاً للرأي الأساسي للمرجع الراحل السيد أبوالقاسم الخوئي، والمرجع الديني السيد علي السيستاني[18]، وذلك من منطلق عدم دخولها في ضمن العقود التي أمضتها المرجعية المعظمة المعاصرة، والتي يجب فيها الخمس –أي العقود الممضاة- أي الأموال المتحصلة عليها من العقود التي أمضتها المرجعية، وهذه المسائل على قسمين[19]:
القسم الأول: وهي الأموال التي لا يجب فيها الخمس ما دامت محفوظة في البنك. وأما إذا تم سحبها من رصيد البنك فلا يجب فيها الخمس أيضاً إلا إذا مضت عليها سنة كاملة من تاريخ السحب، علماً بأنها إذا صرفت في أساسيات الحياة كما لو صرفت في شراء سيارة أو أرض أو منزل أو بناء منزل، فلا خمس فيها أيضاً حتى لو حال عليها الحول.
ومن المهم –كما يُبين السيد هادي- أن يُلاحظ في هذا النوع من الأموال أمران:
الأول: أن التحويلات من بنك إلى بنك لا يُعتبر سحباً ولا قبضاً للمبلغ.
الثاني: أن استلام الشيكات لا يُعتبر قبضاً للمال، وعليه فلا يُعد سحباً للمال.
وكنماذج لمسائل هذا القسم (الأول) ذكر الأمور التالية:
1. حساب المواطن.
2. حافز.
3. المكافآت الشهرية والفصلية والسنوية.
4. التأهيل والإعاقة.
5. الضمان الاجتماعي.
6. بدلات السكن والنقل وغيرهما من البدلات.
7. فوائد الادخار من أية شركة.
8. رواتب المتقاعدين عن طريق التأمينات.
9. الرواتب الشهرية للمتقاعدين المتحصل عليها من الشركات عامة.
10. الحقوق المتحصل عليها بعد التقاعد ما دامت في البنك.
11. الهدايا من الأموال، من أي جهة كانت سواء كانت قليلة أو كثيرة.
12. رواتب المتقاعدين من الوظائف الحكومية الرسمية المحترمة.
13. المنح العقارية من أراضٍ من أي طرف سواء كانت من الجهة الرسمية المحترمة أو من جهة العمل أو من سائر طبقات المجتمع من أرحام وأقارب وغيرهم.
القسم الثاني: وهي الأموال التي لا يجب فيها الخمس سواءٌ تم سحبها من البنك أو لا، ومن النماذج عليها ما يلي:
1. الميراث من المورث الذي كان يخمس في حياته، أو لايعتقد بوجود الخمس.
2. صداق الزواج من نقود أو ذهب.
3. جميع أرباح آخر السنة من الأموال إذا لم تتجاوز الرقم المالي من المديونات.
ويُؤكد السيد هادي أن النماذج التي استعرضها هي مسائل لا خمس فيها وفقاً للأصل الأولي الأساسي لرأي المرجعين السيد الخوئي والسيد السيستاني، وأن أي رأي آخر يُنسب لهما خلاف ذلك، فهو راجع إما لوجود بعض التفاصيل والاستثناءات أو لتغيير رأي المرجعية الدينية لاحقاً في بعض الموارد أو ربما لوقوعه هو في الخطأ والاشتباه العفوي في فهم الفتاوى[20].
نماذج يمكن تجنب الخمس فيها
بالإضافة إلى ما سبق؛ قام السيد هادي ببيان بعض الأمور التي لا يجب فيها الخمس أو يمكن تجنب الخمس فيها أو يمكن إجازة التصرف فيها واعتبارها من ضمن الخمس، وذكر مثالاً لكل نموذج في التالي:
- أولاً: عدم وجوب الخمس في مجهول المالك: يقول السيد هادي: "إن ملخص نظرية مجهول المالك التي تتبناها المرجعية المعظمة تتضمن عدم وجوب الخمس على جميع ما يعطي الموظف من إضافات وبدلات على مرتبه الأساسي ما دامت في البنك، فعليه ممكن القول أن تسعين بالمئة مما يتحصل عليه أصحاب الوظائف لا يجب فيه الخمس"[21].
- ثانياً: تجنب الخمس في مصارف الحج: حيث يقول: "إِنَّه يوجد أكثر من مخرج علمي يستطيع من خلاله من أراد أداء فريضة الحج تجنب ضريبة الخمس في الأموال التي يدفعها للحملات"[22].
- · ثالثاً: احتساب دفع الزكاة من الخمس: يقول: "إِنَّ حضرات مراجع التقليد وكبار العلماء في المنطقة أفتوا بأن دفع زكاة التمور للجهات المختصة المحترمة مبرئ للذمة، كذلك أفتوا لمن أراد دفع الزكاة الواجبة عليه في تجارته للجهات المختصة المحترم في أي مجال من المجالات من محلات وغيرها، يمكنه احتسابها من الخمس الواجب عليه من حق الإمام، لأن موارد الصرف للجهات المختصة المحترمة للزكاة مماثل في الغالب لموارد صرف الحق الشرعي من قبل حضرات المراجع والعلماء كما في دفع مرتبات الضمان الاجتماعي وغيره من الخدمات الصحية، مع وجود فتاوى لكثير من المراجع الدينية وشخصيات علمية معاصرة وغير معاصرة تفتي ببراءة ذمة المحتسب لذلك، ومن ضمنها بعض المرجعيات المحلية سابقاً والتي لا داعي لذكرها"[23].
لماذا لا تطرح هذه المسائل على المجتمع؟!
قد يتساءل البعض قائلاً: أين هذه المسائل التي ذكرها السيد هادي من الأطروحات المتشددة لبعض الوكلاء حول الخمس؟! ولماذا لا تطرح أمثال هذه الأمور على أبناء المجتمع؟!
يُلفت السيد هادي إلى أن هناك ضغوطاً تُمارس كي لا تبين بعض الأمور الفقهية للمرجعية الدينية قائلاً: "إن مسألة مجهول المالك ومسألة الزكاة من المسائل الموجودة في دواليب المؤسسة الدينية التي لم يعلن عنها، وأن أي استصدار لفتوى لا تتفق مع ما ذكرته أعلاه فهو نتيجة ضغط الوكلاء المتنفذين لتغيير الحقيقة والواقع"[24].
ثانياً: السعي لإيجاد مخارج شرعية إن أمكن
لم يكتفِ السيد هادي بتبيان الرؤى الفقهية الواضحة والمشهورة للمراجع الدينية التي يمكن أن تساهم في رفع حالة العسر والحرج عن الناس فحسب، بل أَنَّه يسعى وبكل جهده لإيجاد مخارج شرعية لتفاديها ما أمكن، وهذا الدور لا يُفهم من تصرفاته أو من بعض مقولاته فحسب، وأنما نجده يُصرح به علناً وبكل صراحة ووضوح كما في قوله: "أنا على استعداد لتقديم خدمات علمية فقهية تتضمن مخارج فقهية لحضرات المراجع تساعد الكثير من أبناء المجتمع لمن أراد المحاسبة الشرعية التخلص من نسبة كثيرة من ضريبة الخمس الواجب طبق فتاوى المراجع بدون مقابل وبدون أن يتعامل معي في دفع الخمس، فهي فقط خدمة كان واجب علي تقديمها"[25].
ويقول في مورد آخر: "أقول لكل من أراد من أبناء المجتمع البحث عن حل وحلول علمية فقهية في أي مسألة فيها عسر وحرج في أي باب من أبواب الفقه فأنا بخدمته كما أن هذه الخدمة موجودة -إن شاء الله تعالى- عند جميع حضرات أهل العلم حفظهم الله تعالى من كل مكروه وسوء في –أي مكان كانوا ورفعها للمراجع الدينية لإيجاد حل ومخرج لها بأسرع وقت لأن هناك الكثير من الأفكار الفقهية التي تساعد على إيجاد وحل ما في مسألة فيها تعقيداً ما لا يستطيع حضرات أبناء المجتمع الوصول إليها إلا من خلال بوابة الفقه وهم أهل العلم -حفظهم الله تعالى-"[26].
ففي هذه التصريحات نجد السيد هادي يُعلن صراحة عن استعداد لتقديم مخارج شرعية للتخلص مما يمكن دفعه من أموال الخمس (مع مراعاة الضوابط الشرعية)، بل أَنَّه يذهب إلى أبعد من ذلك، حيث يُلفت النظر لاستعداده لإرشاد أبناء المجتمع لمراجع تتوفر فيها الكفاءة العلمية، وترى بعدم وجوب الخمس في بعض الأمور الأساسية للحياة، فيقول: "أنا على أتم الاستعداد لمن أراد أن يقلد حديثاً أن أرشده إلى مرجعيات تتوفر فيها الكفاءة العلمية، وتتبنى عدم وجوب الخمس لخصوص من يجمع مالاً لأساسيات الحياة من زواج وشراء أرض أو منزل أو أثاث وغير ذلك، كذلك يوافق هؤلاء المراجع على عدم إخراج الخمس من الوطن وعلى توظيف الزائد من الخمس لمساعدة الطبقة الضعيفة من الشباب في مجال التزويج وبناء الوحدات السكنية لهم"[27].
ثالثاً: مطالبة المرجعيات الدينية بالنظر في بعض المسائل
لم يكتفِ السيد هادي كذلك بالبحث عن مخارج وحلول فقهية ضمن الفتاوى الحالية المشهورة للمراجع الدينية، بل إنه طالبها بإعادة النظر في بعض الفتاوى أو الإجراءات التي يتخذوها، وذلك تسهيلاً على الناس ومحاولة منه لرفع حالة العسر والحرج عليهم، فنجده لذلك يكتب خطاباً للمرجعية الدينية يُطالبها فيها بإعادة النظر في مسألة الخمس في الأموال التي يجمعها الإنسان للزواج أو لتأمين منزل، فيقول مخاطباً لها: ".... إِنَّ حضراتكم تفتون في رسائلكم العملية المباركة بوجوب الخمس في كل الأموال التي جمعت لغرض الزواج أو لتأمين منزلٍ وهذه الفتوى المباركة تشكل عائقاً كبيراً أمام مقلديكم في حل مشكلة الزواج والسكن ولذلك: نطلب من حضراتكم النظر في حل هذه المشكلة واستبدال هذه الفتوى بفتوى أو برخصة لمقلديكم تعفيهم من الخمس ولو لفترة زمنية تكفي لتجاوز هذه المشكلة المالية. كما تنبه لهذه المشكلة المرجع الديني الراحل آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبيكاني قدس سره الشريف"[28].
كما كانت للسيد هادي بعض المُطالبات ببعض الإجراءات المتعلقة بالمرأة، حيث طالب المرجعية الدينية بإعادة النظر في أمرين وهما[29]:
§ الأولى: قولهم بوجوب دفع المرأة عند الطلاق الخلعي جميع ما يطلبه الزوج من مال مهما كان حين مطالبة المرأة له بالخلع، حيث طالب بتغيير هذه الفتوى بفتوى أخرى ترى كفاية التعويض بالمال على حسب المتعارف والممكن.
- الثانية: مطالبته بإعطاء صلاحية الطلاق لأكثر من شخصية من الشخصيات العلمية في البلد للنساء اللاتي يرفض أزواجهن التوكيل في طلاقهن مع عدم قيام أزواجهن بتأدية حقوقهن الواجبة، وذلك لئلا تبقى النساء معلقات سنين طويلة ما يؤدي إلى كثرة النساء المعلقات.
ثالثاً: آليات مقترحة لتحسين إدارة الأموال الشرعية
قدم السيد هادي عدة مقترحات أو خارطة طريق -كما يُعبر- يرى أنها سوف تسهم في ضبط إدارة الأمور المتعلقة بأموال الحقوق الشرعية، وأعلن عن أهدافه من تقديم هذه الخارطة قائلاً: إِنَّهَا "تحمل كل ما يعنى التقدم والثقة وحل المشاكل المالية بشكل كبير للمحتاجين وإعطاء ومنح العزة والاستقلالية للفقراء وخصوصاً طلبة العلوم الدينية"[30].
ويُركز السيد هادي في كلامه على طلبة العلوم الدينية، لأنه يرى أن من أهم موارد الصرف في هذه الخارطة أو الصندوق الموحد للخمس -كما سوف نبين لاحقاً- هو "صرف مرتب لكل طالب علم في البلد بالشكل المناسب بدون استثناء"[31]، وذلك؛ لأن البعض من الوكلاء – كما يُبين السيد هادي- وللأسف الشديد يُوظف أموال الحقوق الشرعية لإذلال طلبة العلوم الدينية ولفرض بعض التوجهات والقناعات عليهم.
يقول السيد هادي في سياق الحديث عن العشوائية التي يعيشها الوكلاء في التعامل مع أموال الحقوق الشرعية: "كل يستلم من جهته ويصرف بطريقته بدون برنامج ومنهج، وهذا ما نتج عنه طيلة العقود والقرون الماضية إلى هرج ومرج وفوضى في الصرف وتضييع للمال وتضييع حتى لحقوق طلبة العلوم الدينية خصوصاً الذين لا حول لهم ولا قوة، وفرض كثيراً من الأفكار عليهم والإذلال لهم مقابل إعطائهم نزراً من المال، مضافاً إلى توظيف بعض الوكلاء بعض للحقوق الشرعية في صرفها من أجل رفع هذا ووضع ذلك ظلماً وعدواناً"[32].
آليات لإدارة فاعلة لأموال الحقوق الشرعية
يمكن سرد الآليات التي ذكرها السيد هادي للمساهمة في تحسين وضبط وإدارة حركة الأموال الشرعية في النقاط التالية[33]:
1. إنشاء صندوق موحد توضع فيه جميع أموال الحقوق الشرعية، بحيث يتم وضع الأموال من قبل جميع الوكلاء لجميع المراجع دون استثناء.
2. أن يكون دور الوكلاء مقصور على توصيل المعلومات الفقهية فقط، إذ عليهم توضيح مسائل الخمس لمن أراد من المكلفين (تحديد ما إذا كان يجب عليه أو لا يجب، وما هو مقداره؟)، وعلى المكلف نفسه أن يتولى مسؤولية إيداع مبلغ الخمس المستحق عليه في الصندوق بنفسه، لأن الوكيل وفقاً لهذه الآلية لا يحق له أن يزاول أي دور يتعلق باستلام أي مبلغ مالي من الحقوق الشرعية، ويقتصر دوره على تبيان الأمور الفقهية فقط.
3. أن يقتصر عمل الصندوق على داخل الوطن فقط، فلا يأخذ أموالاً من الخارج ولا يصرف أموالاً في الخارج، بحيث تكون جميع الحقوق الشرعية ابتداءً من قبضها إلى صرفها من الوطن وإلى الوطن بلا استثناء.
4. أن يتم إعطاء المستحقين من أموال الحقوق الشرعية بحسب تشخيص الأولويات في حياة المحتاج.
5. عدم وضع المال في يد المستحق مباشرة، بل يُكتفى بتأمين ما يحتاج إليه.
6. أن يتم انتخاب أشخاص من الطبقة المثقفة يتمتعون بالثقة والتخصص لإدارة هذا الصندوق الموحد.
7. أن تدفع أجور ومرتبات للعاملين في الصندوق الموحد، سواءً القائمين على إدارته أو اللجان التي يتم الاستعانة بها للقيام بالتحري عن أوضاع المستحقين.
8. توظيف الأموال الفائضة لعمل مؤسسات تخدم الوطن كبناء مراكز خدمية صحية وغيرها.
9. أن يتم تقديم الخارطة المذكورة بما تتضمنه من نقاط أعلاه، وما تحتاجه مستقبلاً من تصحيح أو توضيح إلى الجهات المختصة المحترمة، لأخذ الموافقة عليها ومشاركتها للإشراف على طريقة العمل في هذا الصندوق، وذلك لضبط الحركة المالية فيه من ناحية الاستلام والصرف.
10. ضرورة عدم وجود رجل دين في هذه المؤسسة، وأن يكون دوره مقتصر فقط على التنسيق والتعاون لا أكثر، وذلك حرصاً على مكانته.
النتائج المرجوة من تطبيق هذه الآليات
بعد أن بينا النقاط التي أشار إليها السيد هادي للكيفية التي يراها لإدارة أموال الحقوق الشرعية؛ بقي لنا أن نذكر النتائج الإيجابية المرجوة من تطبيق فكرة هذا الصندوق الموحد بحسب ما يراه، والتي يمكن تلخيصها في الآتي[34]:
1. تحقيق ثقة أبناء المجتمع وتشجيعهم على أداء الحقوق الشرعية(ثقة الممولين للصندوق) من جهة، ومن جهة أخرى تحقيق (ثقة المستفيدين من الصندوق) من خلال وثوقهم بحسن إدارة هذه الأموال من خلال مساهمته في تحقيق العدالة في العطاء وحفظ كرامة المحتاجين.
2. رفع مستوى الثقة والاحترام في رجال الدين، وذلك لوجود آليات واضحة وشفافة من جهة، ولابتعاد رجل الدين عن التعامل مع الأموال بشكل مباشر من جهة أخرى.
3. حفظ الأموال الشرعية وخفض نسبة الاحتياجات المالية في المجتمع؛ نتيجة لتحقيق الكفاءة في إدارة هذه الأموال من جهة حفظها من التضايع والضياع عند تعدد مصادر الإعطاء والتوزيع، ومن جهة القضاء على الحالات المرضية في التوزيع كالمحسوبية والتهميش والإقصاء وشراء الذمم.
4. تحقيق الشفافية والوضوح وسد باب القيل والقال وإنهاء حالة الشكوك والتهم والطعون المتبادلة بين أبناء المجتمع من جهة والوكلاء من جهة أخرى، وذلك من خلال معرفة حال الحقوق من أين وإلى أين تذهب؟
السبيل لإنجاح هذه الخارطة
من أجل المساهمة في إنجاح هذه الآليات أو الخارطة، ولتحقيق النتائج المرجوة منها؛ فَأَنَّهُ لابد من تنفيذها وتطبيقها على أرض الواقع، وإلا ستبقى مجرد حبر على ورق (بلا أي أثر)، ولذا يُشدد السيد هادي على أهمية الحرص على الالتزام بتنفيذ هذه الآليات -التي فيها حفظ للحقوق الشرعية من الضياع وسد لباب القيل والقال المُثار في المجتمع- من جميع الأطراف المعنية بها وهم: 1- المراجع الدينية. 2- وكلائهم. 3- أبناء المجتمع[35].
موقف المرجعية الدينية من هذه الآليات
يُؤكد السيد هادي السلمان أن المرجعية الدينية لا تعترض على وضع آليات لتنظيم أموال الحقوق الشرعية، وإنما الاعتراض والممانعة سيكون من بعض الوكلاء بقوله: "... وثقوا بأن فكرة السلة والصندوق الواحد لا تعترض عليها المرجعية والمراجع وإنما إذا كان اعتراض وممانعة من بعض الوكلاء المتنفذين والمستفيدين الذين يوصلون للمرجعية المعظمة معلومات مغايرة للواقع، وحتى إذا امتنعت المرجعية والمراجع ظاهراً فإنه بضغط من خلف الكواليس من قبل الوكلاء المتنفذين أصحاب المصالح الخاصة كما حصل في مجهول المالك حينما ضغطوا على المرجعية المعظمة في النجف الأشرف بتغيير رأيها في المسألة، وعملت طريقة إمضاء العقود مما أدى إلى حرمانكم من الكثير من الخدمات المالية التي فيها توفير لكم..."[36].
ويقول في مورد آخر أيضاً: "والمراجع الدينية لا تعترض على ما فيه مصلحة الوطن والمجتمع، وإذا كان هناك اعتراض فهو من بعض الوكلاء المتنفذين الذين ينقلون الصورة غير الواقعية للمرجعية الدينية، لغرض أن يبسطوا وجودهم على الغير مهما كان الثمن ولو أضر ذلك بالدين والمجتمع وبسمعة المراجع"[37].
دور المجتمع في تفعيل هذه الآليات
يُوضح السيد هادي أن للمجتمع دوراً أساسياً للضغط على المراجع الدينية ووكلائها وإلزامهم بهذه الآليات التي يرى أنها المخرج الأمثل للإشكاليات التي نعاني منها في مسألة إدارة الحقوق الشرعية، ولهذا يُقدم وصيته لأبناء المجتمع قائلاً: "توصية لكل أبناء المجتمع بعد دراسة هذا الطرح باعتماده واتفاقهم جميعاً على مطالبة الوكلاء بالقبول به وذلك لإثبات حسن النية من الجميع وإثبات صدق الجميع في حرصه على خدمة المجتمع، وإلا إذا لم يبادر المجتمع بمطالبة الوكلاء بذلك عملياً فلا معنى لأن يشتغل باللوم والنقد لأن العصا والكرة بيده وهو صاحب القرار أولاً وآخراً... ونصيحتي للمجتمع أن لا يدفع هللة واحدة لأي أحد من أهل العلم حتى يقبل بنظام الصندوق المؤسساتي وإلا فلا حل ولا ثقة"[38].
ولا يفوته أيضاً أن يُنبه المجتمع من الممارسات غير النزيهة لبعض الوكلاء قائلاً: "أتمنى من أبناء المجتمع اليقظة وأخذ الحيطة من بعض أهل العلم المتلبسين بلباس الدين والمرجعية، والتأكد من حقيقة ما يقولونه باسم الدين أو المرجعية حتى لا يتكرر الخطأ الفادح الذي حصل في العقود السابقة سيما فترة مرجعية السيد الخوئي –قدس سره- والسيد السيستاني –دام ظله الوارف- في مجهول المالك الذي أدى إلى فرض وجوب الخمس في أموالٍ طائلة لا يجب الخمس فيها، مع العلم لولا طرحي لهذه المسألة في الجامع لبقي المجتمع يخمس ما لا يجب الخمس فيها"[39].
الحلول التي تقدمها الآليات المقترحة
يُشير السيد هادي إلى أن تنفيذ هذه الاقتراحات من شأنه أن يلعب دوراً إيجابياً في تحسين مستوى حياة أبناء المجتمع، بل إنه يتعهد بذلك قائلاً: "أتعهد لكم بإمكانية قدرتكم على بناء وحدات سكنية للفقراء من طبقة الشباب في كل سنة بأعداد كبيرة على نظام شقق صغيرة والقدرة على التكفل بتزويج عدد كبير من الشباب الضعفاء، إذا تم تفعيل السلة والصندوق الواحد طبق الآليات الآنفة الذكر تحت إشراف النخب المثقفة الأمينة، والجهات المختصة المحترمة"[40].
بعض المواقف المهمة للسيد هادي السلمان
أفرزت الرؤية الإصلاحية للسيد هادي بما تضمنته من آليات لتنظيم إدارة الحقوق الشرعية الكثير من ردود الأفعال العنيفة التي وجهت له العديد من الاتهامات الخطيرة، رغم أن من يُجالسه يعرف أن طبيعته الشخصية تتسم بالبساطة والعفوية والبعد عن التناحر[41].
وفي المقابل حاول السيد هادي الدفاع عن نفسه وبيان وجهات نظره وتحديد مواقفه تجاه العديد من القضايا المهمة والشائكة، وسوف نستعرض أبرز هذه المواقف الصادرة منه في التالي:
أولاً: موقفه من القضايا الدينية (العقائد، الفقهية، الأخلاقية):
نتيجة لأطروحاته أثير عنه بأن تصرفاته "غير شرعية" كما أشرنا سابقاً، رغم أنه حريص كل الحرص على أن تكون جميع أطروحاته حتى في الحلول والمخارج الشرعية التي يقدمها لأبناء المجتمع ملتزمة بالضوابط الشرعية التي قرها المراجع الدينية.
لذا نجده يؤكد التزامه بما بنى عليه كبار علماء الطائفة في الأمور العقدية والفقهية والأخلاقية قائلاً:
"إخواني وأخواتي من أبناء الطائفة بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أأكد لكم جميعاً مرة أخرى وأخرى أني كما كنت عليه منذ بداية حياتي وحتى هذه اللحظة وإلى آخر لحظة في حياتي –إن شاء الله- وكما كان عليه آبائي وأجدادي السادة العلماء من هذه السلالة العلمائية العريقة الشريفة زادها الله شرفاً وعزة ورفعة، المنتسبة أباً عن جد للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قلباً وقالباً مع كل ما جاء به الرسول الأعظم وأهل بيته الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم، وبنى عليه كبار علماء الطائفة -رضوان الله عليهم- في كل الأمور العقدية والفقهية والأخلاقية ظاهراً وباطناً وقولاً وعملاً إيماناً مطلقاً"[42].
ويردف قائلاً: "وإني أكدت مراراً وأأكد مر أخرى وألف مرة أخرى لكل أبناء الطائفة أن كل من تعمد أو يتقصد التعرض من بعض أبناء الطائفة ممن يعبر عنهم بالمثقفين لإثارة الشك والتشكيك بين طبقات المجتمع –عبر وسائل التواصل الاجتماعي- في القرآن الكريم أو السنة الشريفة الواردة عن النبي الأعظم وآله الأطهار -صوات الله عليهم أجمعين- أو في أمور عقدية وفقهية وأخلاقية أو غيرها من ضروريات الدين والمذهب ومسلمات حضرات كبار علماء الطائفة -رضوان الله عليهم-، إني بريء منهم وإِنَّهُمْ غير مرحب بهم، ومرفوضة أفكارهم وأقوالهم وأفعالهم التشكيكية في ضروريات الدين والمذهب الحق إذا كان لها مساساً بمبادئ ديني ومعتقداتي الحقة التي جاء بها الرسول الأعظم وآله من ربه، و-إن شاء الله- سأواصل المسيرة على نهج آبائي وأجدادي الأطهار محمد وآله الطيبين -صلوات الله عليهم- ورفض كل تشكيكات المشككين فيما جاء به محمد وآل الأطهار -صلوات الله عليهم وسلامه إن شاء الله تعالى-"[43].
ثانياً: موقفه من المرجعية الدينية
نتيجة لمواقفه وآرائه المُعلنة من الوكلاء الذين يمارسون الالتفاف على المجتمع والمرجعية الدينية، حاول البعض أن يبث في المجتمع بأن السيد هادي يتجاوز على المرجعية الدينية[44] أو يعارضها أو يخالفها أو يدعو لعدم طاعتها ونحو ذلك، رغم أنه كثيرٌ ما يُؤكد على أهمية الالتزام برؤى المراجع الدينية كما في قوله: "أيضاً أؤكد على أهمية الالتزام بالعمل برؤى المراجع الدينية المعظمة المحترمة المعاصرة وغيرها، في الموارد الفقهية بقسميها المعاملات والعبادات إلى جانب الالتزام بجميع المقررات القانونية المحترمة لنيل رضا الله -سبحانه وتعالى- أولاً وليدوم الأمن والأمان في كل المجالات في الوطن العزيز"[45].
ثالثاً: موقفه من الدور السلبي للوكلاء
يرى السيد هادي أن الوكلاء المعنيين بخطاباته والذين يعارض سلوكياتهم يمارسون دورين خطيرين:
§ الدور الأول: استغفال أبناء المجتمع[46]والالتفاف عليهم من خلال إخفاء بعض المعلومات عنهم، فنراه يُبين ذلك صراحة كما في خطاب إرجاع الوكالة، حيث قال مخاطباً المرجعية: "... لأن نفسي أبت وتأبى أن أرى الكثير من المسائل الدينية الفقهية المهمة التي تمس واقع المجتمع في أموره المالية والاجتماعية كالخمس ومجهول المالك والأوقاف وغيرها قد تُعمد إخفاؤها من قبل الكثير من وكلائكم في الخليج، نظراً؛ لأن الإفصاح عنها يضر بالدخل المالي لهم ولم يُراعَ فيها الأمانة العلمية الدينية الفقهية ولا مقام المرجعية المعظم ولا الضرر الديني والمالي لأبناء المجتمع..."[47].
ونجده يُكرر المضمون نفسه ولكن في صيغة مُطالبة للوكلاء بترك ممارسة هذا الأمر قائلاً: "أتمنى من حضرات الوكلاء ترك فكرة الالتفاتات على المجتمع واعتماد منهج الشفافية والصراحة والأمانة العلمية لبدء صفحة جديدة تتسم بالشفافية والصراحة والحرص على المصلحة الدينية والاجتماعية والوطنية بعيدة كل البعد عن المصالح الشخصية التي جرت الويل والويلات للدين وللمرجعية وللمجتمع، وشوهت رجال الدين"[48].
§ الدور الثاني: استغفال المرجعية الدينية والالتفاف عليها من خلال إخفاء المعلومات الصحيحة عنها، وهذا ما وضحه بعد أن قدم بعض الآليات أو خارطة بقوله: "والمرجعية الدينية لا تعترض على ما فيه مصلحة الوطن والمجتمع، وإذا كان هناك اعتراض فهو من بعض الوكلاء المتنفذين الذين ينقلون الصورة غير الواقعية للمرجعية، لغرض أن يبسطوا وجودهم على الغير مهما كان الثمن ولو أضر ذلك بالدين والمجتمع وبسمعة المرجعية"[49].
كما يُبين في مورد آخر بكل صراحة ما يقوم به بعض الوكلاء من الضغط على المرجعية وإعطائها معلومات مغايرة للواقع بقوله: "وثقوا بأن فكرة السلة والصندوق الواحد لا تعترض عليها المرجعية الدينية وإنما إذا كان اعتراض وممانعة من بعض الوكلاء المتنفذين المستفيدين الذين يوصلون للمراجع معلومات مغايرة للواقع..."[50].
ويقول في مورد ثالث: "فالمشكلة والمشاكل التي يواجهها المجتمع في الأغلب من الوكلاء ومن يسير في ركبهم لا من المرجعية المعظمة، بل هم يخفون الكثير من الحقائق عن المرجعية أو يوصلونها بشكل آخر"[51].
وكلاء يُلغون المرجعية عملياً ويمارسون أدوارها
نتيجة لهذين الدورين الذين يمارسهما البعض من الوكلاء يرى السيد هادي أن هؤلاء عملياً يُلغون دور المرجعية ويمارسون أدوارها، لذا نجده يُصارحهم بهذه الحقيقة علناً قائلاً: "أقول لهؤلاء الوكلاء المتنفذين أن زمن المراهنة على سحب الوكالات والمساجد وعلى فكرة نسبة الضلال والتضليل وضعف العقيدة لإرعاب الغير قد ولى، وفكرة التسقيط والتشهير والتفسيق لكل من خفتم أن يفضح التفافاتكم على المجتمع لغرض التسقيط باسم المرجعية قد انكشف لكثير من أبناء المجتمع، وأني كما في الآتي القريب سأكشف الكثير من الأوراق والملفات التي تحمل بصمات الالتفاتات الدينية الفقهية غير الواقعية على المرجعية والمراجع الدينية من جهة وعلى المجتمع من جهة أخرى لغرض الظفر بالوجاهة والمال والتسلط على طلبة العلوم الدينية الصغار وعلى المجتمع الذي لا حول لهم ولا قوة، والتي تعنى أنكم أخذتم دور المرجعية من حيث لا يشعر أحدٌ لا من المراجع ولا من سائر أبناء المجتمع"[52].
فهنا يكشف السيد هادي حقيقة ما يُمارسه بعض الوكلاء باسم المرجعية الدينية لتحقيق مآربهم الشخصية الخاصة، وهو في بيانه لذلك يُدين هؤلاء ويبرئ ساحة المرجعية الدينية من تصرفاتهم[53]، ففي الخطاب نفسه وتحت عنوان (تنبيه) يقول السيد هادي: "هناك بعض الوكلاء المتنفذين ومن يسير في ركبهم وركابهم من طلبة العلوم الدينية، قد امتهن فكرة التقول والافتراء على المرجعية الدينية المعظمة بدون علم لغرض تصفية الحسابات مع من يختلف منهم، سيما في نسبة الضلال والتضليل والانحراف لكل من خالفهم من أهل العلم، ونسبة ذلك للمرجعية وللمرجعيات المعظمة، بعيدة عن الورع والتقوى بحق شخصيات كانت مقدسة وموضع ثقة عند المرجعية والمجتمع"[54].
رابعاً: موقفه الإيجابي من المرجعية المحلية
رشح السيد هادي بعض الشخصيات العلمية من أبناء المنطقة (الأحساء والقطيف) التي يرى توفر شروط التقليد فيها بعد الاستعانة بآراء بعض أهل الخبرة من حوزتي النجف الأشرف وقم المقدسة بقوله: "من منطلق الحرص على كل ما يعني الخير للدين ولأبناء المجتمع والوطن ومن منطلق العلم بتوفر جميع شروط صحة التقليد في مجموعة من الشخصيات العلمائية الفذة، قررت ومن منطلق الوظيفة الشرعية والاجتماعية الوطنية الإفصاح عن أسماء تلك الشخصيات لأبناء المجتمع لكل من أراد منهم التقليد الابتدائي لحديثي التكليف أو لمن أراد الرجوع لهم في مسائل الاحتياط مع إمكان الرجوع لحضراتهم في المستقبل مع أي حالة فراغ تحصل بغياب أحد المراجع المقلدين فعلاً"[55].
والمُلاحظ أن ترشيحه لبعض الأسماء في المنطقة -هو كما أعتقد- من باب اعتقاده بكفاءتهم العلمية من جهة، ولمعرفتهم بما يواجهه أبناء المنطقة من إشكاليات وتحديات صعبة من جهة أخرى، حيث أن هذه التحديات تتطلب أحياناً أن يكون من يُعطي رأياً صحيحاً أو تشخيصاً دقيقاً فيها قريب من المجتمع، بل ومُرتبط ومُنتسب للمجتمع نفسه.
خامساً: موقفه ممن يُعارض أطروحاته
يبقى ما طرحه السيد هادي السلمان -حفظه الله- في رؤيته الإصلاحية -رغم أهميته- قابل للمناقشة، سواءً في الرؤية الكلية أو في الجزئيات التفصيلية، فقد يُخالفه البعض فيها أو في بعض جزئياتها وتفاصيلها، وهذا من حقه ما دامت مخالفته منطلقة من منطلقات موضوعية نزيهة بعيدة عن المصالح الشخصية أو الفئوية.
يقول السيد هادي: "على كل فرد من أبناء المجتمع قبل أن يعطي رأياً بالموجب أو بالسلب أن يستمع إلى كل محاضرة بشكل دقيق- وكل نقطة غامضة عليه أن يستفسر مني إذا كان حريصاً على حفظ حرمة وكرامة الإنسان المؤمن... إني أرحب بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى بالحوار والمشورة وبالنقد البناء وبكل ما يرفع من مستوى محاضراتي وخطاباتي الفقهية من أمور مكمله ومصححه، وإنني أؤمن بأن النجاح في كل شيء بعد التوكل على الله والإخلاص له -سبحانه وتعالى- يأتي من خلال الحوار والمشورة والاستماع للرأي الآخر وللنقد البناء"[56].
هذا هو موقف السيد هادي ممن يُعارضه أطروحاته وهو ينطلق من أسس ومنطلقات موضوعية، وأما الطرف الآخر الذي يعارضه انطلاقاً من أسس غير موضوعية، فيوجه له كلامه قائلاً: "ليعلم كل من فكر ويفكر من طلبة العلوم الدينية أو من عامة أبناء المجتمع –لا سمح الله- بالوقوف بدون مسوق علمي أمام هذه الخدمات العلمية الدينية الفقهية التي قدمتها وسأقدمها في المستقبل لأبناء المجتمع لمنعي من تقديمها، فأنَّ وقوفه وقفته ومنعه وممانعته ليست وقفة أمامي ومنعاً لي بل وقوفاً أمام إرادة المجتمع ومنعاً للخير عن الوطن وأبناء المجتمع"[57].
كيفية التأكد من أن أطروحاته تصب في مصلحة المجتمع:
إِنَّ كلام السيد هادي السابق قد يطرح علينا سؤالاً مفاده: كيف يمكن التأكد من أن ما يطرحه يخدم المجتمع بالفعل؟!
وبعيداً عن الاحتمالات والتكهنات، فأنَّ من الأفضل أن نتلقى الإجابة عن هذا السؤال من السيد هادي نفسه، حيث يقول في أحد بياناته: "يستطيع كل من أراد من حضراتكم التأكد من أن جميع أطروحاتي كانت من منطلق الحرص على المصلحة الدينية والوطنية والاجتماعية، فليستمع لجميع محاضراتي التي ألقيتها في مسجد الجامع الكبير خلال السنوات الخمس الماضية ليرى مدى صدقي وحرصي الكبير على توصيل المعلومات الدينية الفقهية بشكل شفاف وصريح بالرغم من تعرضي لضغوطات كبيرة من بعض المصلحيين من الوكلاء ومن يسير في ركبهم من صغار الطلبة الذين باعوا ذممهم بثمن بخس"[58].
ففي هذا النص يُحيل السيد هادي الحكم والتقييم لأبناء المجتمع بعد اطلاعهم على أطروحاته، وهذا ما يدل على ثقته الكبيرة في كون هذه الأطروحات ستلقى قبولاً اجتماعياً لو فهمها الناس وتأملوها جيداً، نظراً لكونها تصب في المصلحة العامة للمجتمع، وتساهم في معالجة العديد من المشاكل والصعوبات التي يعاني منها أفراده.
كلمة الختام
بعد أن تناولنا أهم معالم ومرتكزات الرؤية الإصلاحية للسيد هادي بن السيد ناصر السلمان –حفظه الله-أحببت أن أوجه كلمة لكل من:
الأولى: كلمة للسيد هادي السلمان
إن ما كتبته في هذه الأوراق يُمثل ما فهمته من أطروحاتكم وبياناتكم الأخيرة المكتوبة، ومن غير المُستبعد أنَّ أكون مخطئاً أو مشتبهاً في نسبة بعض الأمور لكم، أو أن يكون ما ذكرته صحيحاً ولكنه بحاجة للمزيد من البيان والتوضيح أو أن أكون قد وقعت في غير ذلك من نواحي الضعف والقصور.
لذا آمل منكم بعد الاطلاع على هذه الأوراق أن تبادروا بتوضيح وجهة نظركم في الأمور التي ترون أنها بحاجة للتصحيح أو التوضيح أو التكميل والتتميم.
الثانية: كلمة لمعارضي أطروحاته
ليس من الصحيح الاكتفاء بمحاولة صرف الناس عن السيد هادي وأطروحاته -كما فعل البعض منكم-بالاكتفاء بالقول "أن تصرفاته غير شرعية" أو ما شابه ذلك أو اقترب منه، فهذا مجانب للصواب، بل عليكم إن كنتم جادين فعلاً وتمتلكون المبررات الشرعية لمواقفكم السلبية منه القيام بالآتي:
§ أولاً: لابد أن تُبينوا أوجه اعتراضاتكم عليه بدقة وبنحو صريح وتفصيلي، بحيث تتناولوا كافة أطروحاته وطرق تعاملاته التي تعترضون عليها بالتحديد، وهذا ما يتطلب أن تحددوا موقفكم من جميع ما يخص رؤيته التي استعرضناها آنفاً، ومن ضمنها الإجابة عن التساؤلات المهمة التي سوف أوردها في التالي:
o ما هو موقفكم من أطروحاته حول المسائل التي لا يجب فيها الخمس؟ ولماذا اتخذتم هذا الموقف؟
o ما هو موقفكم من طريقته في البحث عن المخارج الشرعية لتجنب الخمس أو للتقليل من نسبته؟ ولماذا اتخذتم هذا الموقف؟
o ما هو موقفكم من مطالبته للمرجعيات الدينية بإعادة النظر في بعض الفتاوى بهدف رفع ما قد تسببه من حالات عسر وحرج للمكلفين؟ ولماذا اتخذتم هذا الموقف؟
o ما هو موقفكم من الآليات أو خارطة الطريق التي قدمها لإدارة أموال الخمس؟ ولماذا اتخذتم هذا الموقف؟
o ما هو موقفكم حول رأيه بضرورة أن يكون التعامل مع أبناء المجتمع في مسألة الحقوق الشرعية بشفافية دون إخفاء أي معلومات فقهية عنهم؟ ولماذا اتخذتم هذا الموقف؟
o ما هي رؤيتكم البديلة -إن وجدت- والتي تختلف عن رؤيته لإدارة أموال الحقوق الشرعية؟! ولماذا اتخذتم هذه الرؤية؟ وكيف يتم تطبيقها على أرض الواقع؟
فكل هذه التساؤلات آمل أن يُجاب عنها مفصلاً من قبل بعض الوكلاء المعارضين لأطروحات السيد هادي حتى يمكننا تفهم وجهة نظرهم في هذه الملفات المهمة والشائكة بكل دقة.
§ ثانياً: لابد وأن يكون تركيزكم على بيان موقفكم من الأمور الأساسية والمحورية في أطروحاته أكثر من غيرها، إذ لا يكفي العثور على خطأ أو اشتباه أو عدم دقة في بعض الجزئيات لمحاولة هدم رؤيته وإثبات عدم صحتها بالكامل، لأن ذلك -على فرض وجوده- لا يُثبت خطأ رؤيته كلياً، بل يعني أن رؤيته اشتملت في بعض تفاصيلها وجزئياتها على بعض الأخطاء أو الأمور التي هي بحاجة للمراجعة والتصحيح.
الثالثة: كلمة للفاعلين من أبناء مجتمعنا
من المهم أن تأخذ أطروحات السيد هادي ما تستحق من العناية والاهتمام والتأمل الذاتي الجاد من قبل أفراد المجتمع، إذ لا يصح الاعتماد على الآخرين في تقييم رؤيته وأطروحاته مهما كانوا ومهما علت منزلتهم العلمية أو الاجتماعية، فهذا ليس شأناً خاصاً بطبقة معينة كطلبة العلوم الدينية أو وكلاء المراجع الدينية أو غيرهم كي يُعتمد فيها على آرائهم، بل لابد أن يثق كل فرد في نفسه ويُعمل فكره ليحدد بنفسه ما يراه صحيحاً أو خاطئاً.
وعليه؛ آمل من جميع فئات مجتمعنا، وبالخصوص ما يُسمى بالطبقة المثقفة أن لا يتجاهلوا هذه الرؤية المهمة والحساسة، كما آمل أن يكونوا فاعلين فيها بالمساهمة في مناقشتها وتقييمها سلباً أو إيجاباً، نظراً لكونها تتضمن بعض الأطروحات المهمة التي تمس الواقع الاجتماعي المُعاش.
جديد الموقع
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.
- 2024-11-22 نظرة على البنوك في المملكة.
- 2024-11-22 المخرج الشاب مجتبى زكي الحجي يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان غالاكسي السينمائي الدولي35
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».
- 2024-11-21 البيت السعيد