2019/09/09 | 0 | 3944
هل بكى الإمام الحسين لأجل قاتليه؟
تتصدر مأساة الإمام الحسين بن علي -عليهم السلام- الوجدان الإسلامي كل حين مدار الأيام، سيما في عاشوراء. ويقوم الخطباء والعلماء في سرد فاجعة كربلاء حسب التسلسل الزمنكاني للفجيعة. وهذه الملحمة الكربلائية لها مفاصل يذكرها الخطباء الحسينيون دون الإشارة إلى المصادر للمتلقي، كونها أضحت من المسلمات، من ذلك عندما رأت زينب بطلة كربلاء أخيها الحسين -عليهم السلام- يوم عاشوراء يبكي، سألته عن سبب بكائه، قال: "أبكي لهؤلاء القوم الذين يدخلون النار بسببي". هذا المفصل في سرد ملحمة كربلاء (متفق عليه) ومن المسلمات، ويجتهد الخطباء في تأكيد هذا البكاء، وإيجاد المخارج والشواهد لدعمه، وتجذيره. لكن إذا أخذنا بالتدبر والتحليل لهذه الجزيئية، يتضح لنا أن التثبيط أقرب منه إلى التثبيت في صحة هذه المقولة، وذلك للأسباب التالية:
1- قول الإمام الحسين: "أبكي لهؤلاء القوم الذين يدخلون النار بسببي". فيه فرضية أن هذا الجيش الأموي الجرار، الذي هو في الأصل جيش معاوية بن أبي سفيان، والذي به قاتل أبيه الإمام علي بن أبي طالب -عليهم السلام- وقضى من خلاله على خلافتة؛ هو جيش مؤمن سيدخل الجنة، بشهادة سيد شباب أهل الجنة، سبط نبينا محمد صلى الله عليه و آله وسلم، -عليه السلام-.
2- مصطلح (سبب) في موروثنا الثقافي تعني (المسؤول. ومن ذلك قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ) ولهذا تقول العرب: (لولا المسبب لم ينجح السبب). وعليه يكون الإمام الحسين هو (المتسبب) بدخول (القوم) النار، فلولا الحسين بن علي لكان القوم من أهل الجنة، إذا سلمنا بصحة هذه المقولة.
3- مقولة الحسين التي أعتقد بعدم صحتها، تجعل الإمام الحسين هو المبادر لدخولهم بإصرار وعزيمة، كونه خرج من مكة بأهله إلى العراق. وهذا يعطي تصور في العقل الباطن أنه لو بقي في مكة لم يدخل (القوم) في النار، وبهذا يكون هو متسبب، حسب ما يفهم من المقولة.
4- هذه الجزيئية من مفاصل ملحمة كربلاء باعتقادي ينضح منها نفس أموي، بقلب الحقائق وتغليفها، ففي معركة صفين تفتقت حيلة بتوهين جيش الإمام علي -عليه السلام- برفع المصاحف، وعكر وفتت عمرو بن العاص بحيلته جيش الإمام أيما تفتيت. وكذلك عندما قُتل عمار وهو من أعمدة جيش الإمام، ثار جيش معاوية عليه استناداً على حديث نبينا محمد صلى الله عليه و آله وسلم، والذي أورده البخاري 1-122: "ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار". لكن النفس الأموي كعادته قلب المعادلة بمقولة: إنما قتله من أخرجته معاه للقتال.
5- إذن نستنتج أن كما أن الإمام الحسين (تسبب) في دخول (القوم) النار. بالمقابل الإمام علي بن أبي طالب -عليهم السلام- تسبب في مقتل عمار بن ياسر، وهذا النفس والطبخة الإعلامية من مطبخ وقدر واحد. وبالتالي تظهر لنا كتب السير والتاريخ أن أهل البيت -عليهم السلام- يتسببون بالمسلمين بقتلهم، وإدخالهم النار. بينما الأمويون يحتكمون بالمصاحف.
6- ودائماً في دحض المألوف تواجهك ردود فهل قوية كل حسب قناعته وثقافته ونفسيته، برفض ما اعتاد عليه، وعدم القناعة والتصديق والاستنكار، والتساؤل: هل يعقل أن ما قيل أو سطر في الكتب غير صحيح؟
للإجابة إننا نعيش عصر الانفجار المعلوماتي، والذي تحول فيه الفرد إلى وكالة أنباء عن طريق الجهاز المعجزة (الجوال) والكم الهائل من القنوات الفضائية والتواصلية، ومع ذلك تجد صياغة الأحداث والأخبار حسب الأهواء، والأجواء. وبما تقتضية المصلحة والمصلخة.
7- ومما يدعم طرحنا هذا، ما نراه مماثلا له من حيث النسق بمفصل آخر في ملحمة كربلاء، إذ عندما طلبت بطلة كربلاء زينب من الحسين -عليهم السلام- بقولها: «أخِي حُسَين هذا عبد الله قَد دَلَعَ لِسَانَهُ مِن شِدَّةِ العَطَشِ وَكَانَ بِأبِي وَنَفسِي لَهُ ثَلَاثَةُ ايَّام لَم يَذق قَطرةَ مِن المَاءِ فَهَل تَأخُذَهُ يَا أبَا عَبدِ الله لِهؤلاءِ القَومِ كَي يَسقُونَهُ شَربَة مِن المَاءِ فَانَّ امّه قَد جَفَّ لَبَنها». عند ذلك طلب الإمام الحسين من جيش يزيد أن يسقي الرضيع ذو الستة شهور، عندها انشق الجيش إلى شقين، منهم من طالب بإعطاء الرضيع شربة ماء، والآخر رافضاً تلبية طلب الحسين، حتى أن الجيش اضطرب، فأمر عمر بن سعد (حرملة) بقطع نزاع القوم وقتل عبدالله الرضيع بسهم مسمم ذو ثلاث شعب.
من خلال السرد في مفصل قتل عبدالله الرضيع، يراد تجذير رسالة مفادها أن جيش يزيد فيه من الانسانية بحيث أن نصفه أراد سقي الطفل الرضيع،والحال أن الفعل الذي قام به الجيش من قتل الأطفال وحرق الخيام وقتل سبط نبينا محمد صلى الله عليه و آله وسلم، وتهشيم العظام بالخيول الأعوجية، والسبي واقتياد وضرب الهاشميات وترويعهن، يسقط جزيئية موافقة نصف الجيش بسقي الطفل.
الفكرة:
إذا تمسكنا بمقولة: "أبكي لهؤلاء القوم الذين يدخلون النار بسببي". فإن هذه جد خطيرة، ولها تداعيات في العقل الباطن، مفادها إذا كان الإمام الحسين -عليه السلام- وهو المعني بالفاجعة بالمقام الأول ، يبكي لأجل الجيش الذي استدر العاطفة والدموع، (فلماذا تكون ملكياً أكثر من الملك). فمن باب أولى أن يقتدي الشيعة بإمامهم ويبكون على قتلة الحسين، الذين دخلوا النار بسببه، ولولاه لم يدخلوا، ولهذا كوجهة نظر هذه الجزيئة تحتاج وقفة جاده لتثبيطها. فليس من المعقول أن يترك ما حل به وسيحل به، وبأهل بيته ومحبيه ومناصريه من فواجع. يترك كل ذلك ولا يؤثر فيه، ويتأثر بما سيؤول إليه أعدائه ممن عقدوا العزم والنية لقتاله؟ أيعقل ذلك؟؟
جديد الموقع
- 2024-09-26 افراح العبدالله والشقاق تهانينا
- 2024-09-25 سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم "نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً"
- 2024-09-25 مؤسسة البريد السعودي | سبل تصدر طابعاً تذكارياً بمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ 94
- 2024-09-25 برلمان الطفل العراقي حاضرا في معرض بغداد الدولي للكتاب
- 2024-09-25 رئيس مركز يبرين يهنئ القيادة بذكرى اليوم الوطني ال 94
- 2024-09-25 ( في رثاء المعلمة بتول الحمادة )
- 2024-09-25 اليوم الوطني 94 في دائرة الأوقاف والمواريث بالأحساء
- 2024-09-24 أفراح البخيتان وسادة الحسن تهانينا
- 2024-09-23 أمين عام جمعية البر بالاحساء م. صالح بن عبدالمحسن ال عبدالقادر: اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى
- 2024-09-23 حسين الجسمي يصدح في حب السعودية بأغنية "الفخر من هنا" في اليوم الوطني الـ 94