مقالات صحفية
2014/01/27 | 0 | 3113
مسألة الحرية وقوة الرأي في المجال العام 1-2
قوة الرأي وتأثيره على عموم المجتمع, لم تبرز هكذا فجأة في الإعلام المعاصر. هذه إحدى البدهيات التي يعرفها الجميع.
فصعود قوة الرأي تزامن مع تحولات بنيوية شهدتها المجتمعات الغربية, ولولا هذه التحولات, ربما لم نشهد تطورا, في الإعلام ولا في التعليم أو الثقافة والحقوق والحريات المتصلة بفضاء المجال العام.
لا أريد هنا سرد مقولة الرأي تاريخيا إلا بمقدار ما أبين فيه أن صناعة الرأي جاءت بعد مشوار طويل تداخلت في تكوينه عوامل شتى, لا يمكن فصل مسارها عن مسار عوامل تحول المجتمع الغربي إلى الحداثة.
وعليه من الحيف والظلم الحديث عن قوة الرأي وحضوره كسلطة تضارع بقية السلطات بمعزل عن ثلاثة مسارات تتصل به من العمق: مسار تشكل الدولة بمفهومها الحديث, ومسار مفهوم المواطنة, ومسار المجال العام.
عدا ذلك, فإن كل حديث خارج إطار هذه المسارات يعد ناقصا, وسوف نرى لاحقا التشويه الذي طال مقاربات من هذا القبيل, حين عولت كثيرا على قوة الرأي في الإعلام العربي , كي يرتقي بمجتمعاته تعليميا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا.
نعم لا يخفى على الجميع مظاهر هذا الارتقاء، لكن حدث ذلك بالاتجاه السلبي, وبدلا من وجود رأي مستقل نابع من فضاء حر يتصل بالشأن العام -كما هو الحال في الغرب- نجد فضاء من المؤسسات الإعلامية التي تهيمن تجاريا على رؤوس الأموال المدعومة بقوة من شركات احتكارية, خلفها مدعومة أيضا بقرارات سياسية, في عملية تواطئ , لا يخفى على الجميع الخسران الذي تجنيه المجتمعات العربية جراء هذا التواطئ.
ربما يعترض حديثنا أحدهم, ويقول: هذه ظاهرة بالأساس مجلوبة من الغرب من خلال ظواهر عديدة, أبرزها سياسات العولمة, وتداعياتها على سلطة الدولة, وتفتت سلطة المجال العام وتحوله إلى سلطة هويات ثقافية متشعبة ومتفرقة على الجغرافيا والتاريخ.
لذلك لم يسلم جل المجتمعات من هذا التأثير , وانخرط أغلبها سواء على مستوى الدول أو المجتمعات في أتون سلطتها التي لا تقاوم.
لقد كان هذا صحيحا، لكن ينبغي أن ندرك أن ثمة فرقا كبيرا بين الغرب الذي يتحكم في نفسه, والغرب الذي لا يتحكم فيها.
الأولى هي صورة الميراث الفكري والفلسفي والعلمي الذي انحدر للمجتمعات الغربية, ومكتسبات هذا الموروث وأثره على تلك المجتمعات منذ ثلاثة قرون ماضية على الأقل.
وهي مكتسبات -اتفقنا معها أو اختلفنا- مازالت قيمها تشكل المرجعية لها في الأخلاق والثقافة والدين والاجتماع, يعتزون بها بقدر ما يمارسون عليها ضرباتهم النقدية القوية.
هذه الصورة أو هذا الميراث نشأت في وسطه تلك المسارات الثلاثة التي أشرنا إليها: الدولة, المواطنة, المجال العام إزاء المجال الخاص.
ودون الدخول في تفاصيل تشكل هذه المسارات -التي ربما تخرجنا عن الموضوع- فإن الخلاصة التي يضعنا تاريخ هذه المسارات أمامها, وما انتهت إليه في قناعة الغربيين, هو أن حرية الرأي حقيقة مطلقة, وهذه الحرية تحديدا, لا يمكن النظر إليها من خارج علاقتها بالدولة من جهة, ومن خارج علاقتها بمفهوم المواطنة من جهة أخرى، حيث محتوى حركتها دائما يكون في المجال العام.
هذا هو تحديدا السياق العام الذي نشأ فيه وتربى عليه الأوروبيون في علاقتهم بحرية الرأي، ثم حدثت تحولات لاحقا منذ منتصف القرن العشرين الفائت, أوجدت ما يمكن تسميته انبعاث كل ما همشه ذلك الموروث، وحاول استبعاده عن مجال تفكيره وحياته على العموم .
وهنا الصورة الثانية التي نتحدث عنها، وهذا الانبعاث لم يكن من السهل التحكم فيه, كما هو حال التطور العلمي والتقني الذي اقتنع مفكرو الغرب وفلاسفته بأنه أصبح يتقن لعبة التطور الذاتي, الذي لا يمكن أن تكون مهارة الإنسان كافية في تدخله في تطوير هذه اللعبة.
فصعود قوة الرأي تزامن مع تحولات بنيوية شهدتها المجتمعات الغربية, ولولا هذه التحولات, ربما لم نشهد تطورا, في الإعلام ولا في التعليم أو الثقافة والحقوق والحريات المتصلة بفضاء المجال العام.
لا أريد هنا سرد مقولة الرأي تاريخيا إلا بمقدار ما أبين فيه أن صناعة الرأي جاءت بعد مشوار طويل تداخلت في تكوينه عوامل شتى, لا يمكن فصل مسارها عن مسار عوامل تحول المجتمع الغربي إلى الحداثة.
وعليه من الحيف والظلم الحديث عن قوة الرأي وحضوره كسلطة تضارع بقية السلطات بمعزل عن ثلاثة مسارات تتصل به من العمق: مسار تشكل الدولة بمفهومها الحديث, ومسار مفهوم المواطنة, ومسار المجال العام.
عدا ذلك, فإن كل حديث خارج إطار هذه المسارات يعد ناقصا, وسوف نرى لاحقا التشويه الذي طال مقاربات من هذا القبيل, حين عولت كثيرا على قوة الرأي في الإعلام العربي , كي يرتقي بمجتمعاته تعليميا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا.
نعم لا يخفى على الجميع مظاهر هذا الارتقاء، لكن حدث ذلك بالاتجاه السلبي, وبدلا من وجود رأي مستقل نابع من فضاء حر يتصل بالشأن العام -كما هو الحال في الغرب- نجد فضاء من المؤسسات الإعلامية التي تهيمن تجاريا على رؤوس الأموال المدعومة بقوة من شركات احتكارية, خلفها مدعومة أيضا بقرارات سياسية, في عملية تواطئ , لا يخفى على الجميع الخسران الذي تجنيه المجتمعات العربية جراء هذا التواطئ.
ربما يعترض حديثنا أحدهم, ويقول: هذه ظاهرة بالأساس مجلوبة من الغرب من خلال ظواهر عديدة, أبرزها سياسات العولمة, وتداعياتها على سلطة الدولة, وتفتت سلطة المجال العام وتحوله إلى سلطة هويات ثقافية متشعبة ومتفرقة على الجغرافيا والتاريخ.
لذلك لم يسلم جل المجتمعات من هذا التأثير , وانخرط أغلبها سواء على مستوى الدول أو المجتمعات في أتون سلطتها التي لا تقاوم.
لقد كان هذا صحيحا، لكن ينبغي أن ندرك أن ثمة فرقا كبيرا بين الغرب الذي يتحكم في نفسه, والغرب الذي لا يتحكم فيها.
الأولى هي صورة الميراث الفكري والفلسفي والعلمي الذي انحدر للمجتمعات الغربية, ومكتسبات هذا الموروث وأثره على تلك المجتمعات منذ ثلاثة قرون ماضية على الأقل.
وهي مكتسبات -اتفقنا معها أو اختلفنا- مازالت قيمها تشكل المرجعية لها في الأخلاق والثقافة والدين والاجتماع, يعتزون بها بقدر ما يمارسون عليها ضرباتهم النقدية القوية.
هذه الصورة أو هذا الميراث نشأت في وسطه تلك المسارات الثلاثة التي أشرنا إليها: الدولة, المواطنة, المجال العام إزاء المجال الخاص.
ودون الدخول في تفاصيل تشكل هذه المسارات -التي ربما تخرجنا عن الموضوع- فإن الخلاصة التي يضعنا تاريخ هذه المسارات أمامها, وما انتهت إليه في قناعة الغربيين, هو أن حرية الرأي حقيقة مطلقة, وهذه الحرية تحديدا, لا يمكن النظر إليها من خارج علاقتها بالدولة من جهة, ومن خارج علاقتها بمفهوم المواطنة من جهة أخرى، حيث محتوى حركتها دائما يكون في المجال العام.
هذا هو تحديدا السياق العام الذي نشأ فيه وتربى عليه الأوروبيون في علاقتهم بحرية الرأي، ثم حدثت تحولات لاحقا منذ منتصف القرن العشرين الفائت, أوجدت ما يمكن تسميته انبعاث كل ما همشه ذلك الموروث، وحاول استبعاده عن مجال تفكيره وحياته على العموم .
وهنا الصورة الثانية التي نتحدث عنها، وهذا الانبعاث لم يكن من السهل التحكم فيه, كما هو حال التطور العلمي والتقني الذي اقتنع مفكرو الغرب وفلاسفته بأنه أصبح يتقن لعبة التطور الذاتي, الذي لا يمكن أن تكون مهارة الإنسان كافية في تدخله في تطوير هذه اللعبة.
جديد الموقع
- 2024-04-20 افراح المبارك والموسى تهانينا
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .