2020/03/26 | 0 | 3570
كورونا... عقمتنا وسنعقمها
غيرت (كورونا) قناعات كثيرة، وأظهرت ثقافة كونية كورونية متساوقة، من هذه المستجدات المتمظهرة مع هذه الجائحة ثقافة التعقيم. حيث التهافت على المعقمات والمنظفات، للنظافة الشخصية والعمومية.
لكن واقعاً (كورونا) كما أجبرتنا بالتعقيم جسدياً، كذلك عززت تعقيمنا عقدياً وفكرياً وإنسانياً، ولا زلنا نعيش هاجس (التعقيم). أما بشأن ثالث كلمة بالعنوان (...سنعقمها) نظرة تفاؤل ورجاء وإشادة بتكاتف جهود الحكومات والعلماء قطع نسل هذا الفيروس وتكاثره، وبالتالي يكون عقيماً. وسنورد رشوحات التعقيمات (الكورونية)! بالمحاور التاليه:
1- التعقيم دينياً
كل أماكن العبادة في العالم سماوية كانت أم وضعية، أوصدت أبوابها ونوافذها ووفودها. وهذا الإجراء رسالة واضحة مفادها: (الإنسان..قيمته وصحته، فوق كل اعتبار).
وهذا الإجراء الأممي عملية (تعقيمية دينية) للمتطرفين المتشددين، الذين جل همهم ومشروعهم المناكفة والمخاصمة والاحتراب والاضطراب. وقطعاً سيكون هناك مراجعة واستنهاض حسابات ذهنية، لهولاء الطائفين بالعالم، بغية الرجوع إلى الجادة والانفتاح، بسبب هذا الاغلاق لأماكن العبادة. مع قناعتنا باستثناء الشواذ ممن يقتات من دور وقدور الشحناء.
2- التعقيم طائفياً
أخذت حكومتنا السعودية -أيدها الله- إجراءات احترازية استباقية، من ذلك اغلاق الحرمين المكي والمدني. وهذه الإجراء من باب المسؤولية العظمى التي تقع على عاتق الملك سلمان -حفظه الله- بصفته (خادم الحرمين الشريفين) حيث أمن وأمان ضيوف الرحمن وقداسة الحرمين الشريفين في المقام الأول.
وهذا الاهتمام رسالة إسلامية رسمية معناها: (الحرمين الشريفين مسؤولية كبرى، فلا يدخلهما إلا الصحيح جسدياً وعقدياً) وكما أن حكومتنا -حفظها الله- أثبتت ولا تزال، أن لديها القدرة والقوة لخدمة الحرمين الشريفين. ومع (كورونا) اتضحت الصورة أكثر. وعلى ذلك من يكفر غيره من الطوائف، وهو يعلم علم اليقين دخولهم البيت الحرام للحج، سيعيد حساباته بفضل الاجراءات (الكورونية) التي يفترض أنها عقمت نفسيته. لأن حكومتنا الرشيدة لا تسمح بدخول الحرمين الشريفين، إلا للمسلمين الاصحاء، كما تقتضيه تعليمات الشريعة! ومن المؤكد أن من يخرج حجاج بيت الله من دائرة الاسلام علانية بجهله وحقده، يحاسب ويعاقب من الجهات المختصة، حينما يرفع أمره، حفاظاً على وطننا بوجاهة (كلنا أمن).
3- التعقيم الفكري
تمسكت الشعوب بالعالم أجمع، بالمبدأ الأنجع مع (كورونا) لضمان صحتها من شراستة بالوقاية. وهذه اللفظة (الوقاية) تجدها في كل الأدبيات المتعلقة بالجائحة. وبتعبير أصح الشعوب أخذت تتمسك بمصطلح (التقية) وقاية لها من الهلاك!
إذن الشعوب أخذت (التقية) درعاً يقيها من خطر (كورونا) حتى تبقى بصحتها. كما هو الحال عندما تأخذ الشعوب بمصطلح (التقية) دينياً، حفاظاً على عقيدتها، إذا داهمها خطر المختلف المترصد المتصيد. وفي خليجنا العربي الطوائف متجانسة متآلفة -ولله الحمد- لهذا لا تحتاج أي طائفة للتحصن بالوقاية (التقية) لأنه لا يوجد خطر متربص بها، فدول الخليج العربي باختلاف أطيافهم مسلمون مسالمون. ولهذا كل من ينبز ويسىء لغيره ويوصمه بعنوان (التقية) إنما مفهوم ذلك أن هناك ثمة خطر ضد هذا المكون أوذاك. وهذا الاتهام ليس ضد أصحاب (التقية) ؟ وإنما هذا الاتهام ضد حكومات الخليج وشعوبها بصفتهم يشكلون خطراً، بناء على الاتهام! مما استدعى التحصن بمصطلح (التقية). وهذا غير صحيح فشعوب الخليج العربي قاطبة لا تحتاج (التقية) لأنها تعيش في طمأنينة وأمن وأمان. من هنا باعتقادي ستكون (كورونا) معقماً فكرياً لمثل هؤلاء، حيث تبين أن (التقية) يؤخذ بها في حالة الخطر للوقاية. وخليجنا العربي ولله الحمد متجانس متآلف!
4- التعقيم الاخلاقي
داهمت (كورونا) العالم من خلال إصابة واحدة بفيروس ضئيل، ولو تم معرفة المصاب الأول ومعالجته لم يستفحل المرض ليكون (جائحة). وفي هذا النسق يقول (ابن الجوزي) الدمشقي:
كلُّ الحوادثِ مبدأُها من النظر
ومُعظَمُ النارِ مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِر
ومن هنا يتبادل للذهن أن كل من ينشر تغريدات ومقالات ومقاطع ومقابلات فضائية وخطب منبرية يرشح منها سوء خلق، وتنم عن ضعف إيمان وقلة تربية. ونفس بغيض يتمثل في التجاسر والقدح بالتخوين، التكفير، السخرية، الاستهزاء، البهتان، الافتراء، الاستعلاء، والاستعداء من أي طائفة فإنه ".. مِنْ مُستَصْغرِ الشَرِرِ".
ومما سبق يتضح لنا أن كورونا تعقمنا خلقياً بقناعة أنه كما أن فيروس (كورونا) ينتشر ويهتك العالم صحياً من خلال فيروس واحد، لم يتم وأده، والقضاء عليه مباشرة. بالمقابل ضروس الكراهية والاحقاد والتمايزات تفتك بضراوة، حتى لو كانت من مريض واحد لأن ما ينفثه من تلوث خلقي ينتشر ويستفحل، وبالتالي يصعب علاجه. ومحاربتنا ضروس (الكراهية) ببدايتها وفي مهدها ينجينا ويوحدنا. لأنه كما هو معلوم بداية الكوارث من الكلام السيء، والله تعالى يأمرنا بالحسن من القول: ﴿..وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾ والآية فيها شمولية ﴿ لِلنَّاسِ ﴾ وليس احتكارًا للمؤمنين أوالمسلمين. وبهذه المنهجية الإنسانية تعيش الشعوب وتزدهر للأحسن. وفي هذا المسار يقول أحمد شوقي:
وإِنَّمَـا الأُمَـمُ الأَخْـلاقُ مَا بَقِيَـتْ
فَـإِنْ هُمُ ذَهَبَـتْ أَخْـلاقُهُمْ ذَهَبُـوا
5- التعقيم الذهني
فرضت (كورونا) نمطاً غير مسبوق بالتعامل عالمياً من الباب الإنساني. وذلك باغلاق أماكن (العبادات) والتركيز على (العيادات) كما أسلفنا، فالإنسان قطب العناية، أياً يكون انتمائه وتوجهاته واتجاهاته. وفي هذه المعمعة ظهرت الكوادر والمظاهر الطبية والأمنية والاقتصادية والاعلامية والتجارية. بينما كبار العلماء والعلماء والشيوخ والخطباء والكاردينالات والقساوسة والحاخامات وغيرهم، يؤدون فروضهم الدينية في منازلهم، متساوون بالمثل مع أتباعهم.
وهذا المسلك المفروض قسراً، على البشرية. أيقظنا وخلصنا مما نحن فيه من قناعات. وأصبحت هذا الحالة الاستنفارية، تدرج ضمن التنظيف (التعقيم الذهني) حيث تجلى أن العبادات هي حالة تعبدية وعلاقة العبد بخالقه. وبذلك تبقى العلاقة الانسانية الأسمى، وأن من تختلف معاه دينياً وعقدياً ومذهبياً ومرجعياً، ربما هو من تحتاج إليه في العلاج والدواء والأمن والتموين الغذائي.
الفكرة:
تحث الحكومات وتنادي بالتعقيم حتى تضمن لشعوبها الصحة الجسدية إزاء (كورونا). كإجراء وقائي لأن هذا الفيروس ينتقل بسرعة هائلة حتى أصبح (جائحة). وكذلك نحتاج للتعقيم دينياً وفكرياً وعقلياً واجتماعياً وإنسانياً، لنتخلص من السخامات والتلوثات المتلازمة بالتربية السلبية.
وكما أن التخلص من فيروس (كورونا) برصده ومعرفة من يحمله. كذلك نتخلص من ضروس (الكراهية) برصدها والتعريف على من يحملونها وينشرونها، والتبليغ عنها لدى جهات الاختصاص. وحكومتنا الرشيدة، ودول الخليج لا تقبل بأي حال من الأحوال أن تنتشر ضروس (الكراهية) في مجتماعتنا الآمنة سواء كانت هذه الضروس من الداخل أوالخارج.
جديد الموقع
- 2024-09-26 افراح العبدالله والشقاق تهانينا
- 2024-09-25 سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم "نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً"
- 2024-09-25 مؤسسة البريد السعودي | سبل تصدر طابعاً تذكارياً بمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ 94
- 2024-09-25 برلمان الطفل العراقي حاضرا في معرض بغداد الدولي للكتاب
- 2024-09-25 رئيس مركز يبرين يهنئ القيادة بذكرى اليوم الوطني ال 94
- 2024-09-25 ( في رثاء المعلمة بتول الحمادة )
- 2024-09-25 اليوم الوطني 94 في دائرة الأوقاف والمواريث بالأحساء
- 2024-09-24 أفراح البخيتان وسادة الحسن تهانينا
- 2024-09-23 أمين عام جمعية البر بالاحساء م. صالح بن عبدالمحسن ال عبدالقادر: اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى
- 2024-09-23 حسين الجسمي يصدح في حب السعودية بأغنية "الفخر من هنا" في اليوم الوطني الـ 94