2019/11/16 | 0 | 5028
قتل الشخصية أشد فتكاً من القتل
الاختلافات والخلافات بين البشر متجذرة على مدى الزمان. بما في ذلك الطبائع كالحسد والغيرة والحقد ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ۚ﴾. وكلنا نعلم أن هذه الاختلافات والخلافات العقدية والفكرية والثقافية والاجتماعية والجغرافية والأخلاقية وغيرها، تسبب الخصومات. وبالتالي الخصم الأعنف سيما من لا تقيده قيم ولا أخلاق ولا مبادئ، تتضخم عنده النرجسية والعداوة والبغضاء حتى تصل ذروتها بتصفية جسدية للخصم. مثلما حصل في قصة هابيل وقابيل. أو الشروع بالقتل كما في قصة يوسف -عليه السلام-.
والسؤال الذي يطرح نفسه: إذا كان هذا حال أبناء الأنبياء، وصدر منهم قتل النفس، إذ قابيل لم يتردد بقتل أخيه ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُۚ﴾ وكذلك أخوة يوسف، وهم المعنيين بالتوجيه والتربية في المقام الأول من أبيهم نبي الله يعقوب -عليهما السلام- يشرعون بالقتل؟ ومع من؟ مع أقرب الناس ﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًاۚ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ﴾.
فما بالك ببقية البشر من تتقاذفهم الأهواء والأشلاء والاستقواء والاستعلاء؟ فإذن المحصلة إذا كان هذا حال خلق أبناء الأنبياء، ونتاج تربيتهم وتنشئتهم! من البديهي أن بقية البشر لن يكونوا بأفضل من أبناء الأنبياء. ومن الطبعي وليس (الطبيعي) أن لديهم القابلية للقتل والهتك، شأنهم شأن أبناء الأنبياء، على أقل تقدير !
ومن جهة أخرى العدوات والانتهاكات والتحريضات، بين الأخوة والأسر والجماعات والفرق والديانات والدول، تتحقق بالقوة والتمكن. وهو ما أشار إليه الإمام علي عليه السّلام: "الظُّلْمُ كامِنٌ فِى النُّفُوسِ، اَلْقُوَّةُ تُبْديهِ، وَالضَّعْفُ يُخْفيهِ".
وعليه إذا عجز الخصم عن القتل المتعمد، فإنه لا يستسلم، بل يحاول بكل جهده وجهاده، القتل من خلال هتك شخصية خصمه، بأساليب عدوانية وأحقاد أشد فتكاً وهتكاً، ابتداء بنظرات الأعين، والتشهير والتحريض والإفتراء والتلفيق والغيبة، والتطاول في المجالس بالبذائة، ومفردات الدناءة التي ينضح منها إناؤه وتربيته ونفسيته المريضة.
والحقيقة الدامغة، أن قتل الشخصية أشد خطورة وضراوة، من قتل الشخص. لأنه بقتل الشخص تنتهي مسألة الاختلاف والخلاف، وتعرف النتائج والوقائع بأحقيتها وحقيقتها، دون لبس أو تشكيك. حيث يصبح الخصم القاتل مجرماً بنظر الشرع والقانون والمجتمع.
وفي نفس الوقت تكون النتيجة قناعة الجميع بنعت القاتل مجرماً جانياً، وتسجيله في خانة المجرمين. بالمقابل المقتول يسجل في خانة المظلومية في الدوائر المختصة وفي ذاكرة المجتمع، ويتعاطف الناس معه ومع ذويه.
ولأن قتل الشخصية عملية شيطانية تجري أحداثها في قدور الأحقاد الخفية على نار الضغينة الهادئة، وتتمظهر نتائجها عنيفة، ومؤلمة. وقاتل الشخصية بخبثه وحقده، وتمرسه يقلب الحقائق، ويغلف رذيلته بالفضيلة. والمجني عليه مغيب لا يستطيع ابداء وجهة نظره والدفاع عن نفسه. وكلما ابتعد الخصم عن الله، كلما كان هتكه وقتله المعنوي أشد وأنكى!
والمحصلة النهائية أن أي فرد يقوم بعمل عدائي غايته قتل شخصية ما بطرق شتى، من خلال محراب، منبر، قنوات فضائية، مقالات، تسجيلات صوتية، رسائل إلكترونية، تغريدات، تشهير، وهتك المجالس. بتعمد واصرار، وربما الاستقواء على خصمه ممن يساعده ويساعده بعنوان الوصاية والوشاية، من خارج الوطن، بنفس يرشح منه نفس الشيطنة والضغينة. ولهذا لو تتبعنا من يهتك ويقتل الشخصيات نجد أيقونة الإجرام لديه متوثبة، ولديه القابلية للإجرام. وعدم أقدامه للقتل الجسدي مخافته الأنظمة الصارمة والاقتصاص، والمجتمع ﴿يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ﴾. والمجرم لقناعته بفداحة إجرامه، يقوم بعمله بالخفاء لأنه يخاف الناس. والمؤلم في الأمر أن الشخصية المنتهكة، والمظلومة ينظر إليها بعين القاتل. وبالمقابل القاتل ينظر إليه بصفته الصالح المصلح الذي سلط الضوء على الشخصية المنتهكة المظلومة، بصفتها ظالمة. وبذلك تسقط المعايير والموازين!
وختاماً من يتعمد قتل شخصية ما، بفعل، قول، كتابة، تشهير، تحريض، تلفيق، إفتراء وتغريد فهو في خانة المجرمين، أياً كان مركزه وعنوانه، لأنه في الواقع لديه القابلية للقتل المادي عيناً، لو سنحت له الفرصة. فمن يقتل معنوياً يقتل جسدياً. ونحمد الله على نعمة الأمن والأمان في وطننا الغالي، ويقظة أجهزة الدولةونظام مكافحة الجرائم الإلكترونية لأصبح ضرر هؤلاء أعظم.
الفكرة:
قتل الشخص جسدياً، لا تسبب اضطراباً في تحديد الرؤية، فالمجتمع يعرف يقيناً أن القاتل مجرماً، والمقتول مجنياً عليه. وعلى ذلك المجتمع يتخذ موقفاً إزاء القاتل ويتسع اتخاذ الموقف ليشمل أسرته.
أما قاتل الشخصية فالمسألة يشوبها الضبابية، من هنا تكمن الخطورة. لأن الشخصية المقصودة بالهتك والتسليط، علاوة على مظلوميتها وانتهاكها وتسقيطها، يتخذ المجتمع موقفاً ضدها. هذا الموقف العدائي يطفح ليشمل أسرته والمقربين، ويكون له تداعيات اجتماعية وخيمة. بينما القاتل المجرم يعمل ينعم بالاستقرار، لأنه كالخفافيش تنشط بالظلام والظلم، والخفاء.
وكلنا نعلم أن القتل المادي، يكون بأداة قتل مادية، كالسكين وغيره. بينما قتل الشخصية معنوياً تكون أدوات القتل بالكلمة والكتابة والمقالات، وبأسلوب الأخلاق الهابطة والشيطانية. وسنتعرف أكثر على هذه الأساليب التي ينتهجها قاتل الشخصية ولماذا، بالشمولية والتحليل، في مقال 267 (سلاح المجرم العاجز ..سوء الخلق).
جديد الموقع
- 2024-09-26 افراح العبدالله والشقاق تهانينا
- 2024-09-25 سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم "نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً"
- 2024-09-25 مؤسسة البريد السعودي | سبل تصدر طابعاً تذكارياً بمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ 94
- 2024-09-25 برلمان الطفل العراقي حاضرا في معرض بغداد الدولي للكتاب
- 2024-09-25 رئيس مركز يبرين يهنئ القيادة بذكرى اليوم الوطني ال 94
- 2024-09-25 ( في رثاء المعلمة بتول الحمادة )
- 2024-09-25 اليوم الوطني 94 في دائرة الأوقاف والمواريث بالأحساء
- 2024-09-24 أفراح البخيتان وسادة الحسن تهانينا
- 2024-09-23 أمين عام جمعية البر بالاحساء م. صالح بن عبدالمحسن ال عبدالقادر: اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى
- 2024-09-23 حسين الجسمي يصدح في حب السعودية بأغنية "الفخر من هنا" في اليوم الوطني الـ 94