2020/07/11 | 0 | 1205
فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ
بقلم : حسين عبدالله العبدالله
عندما يمر موسم العمرة رجبية من دون ان نوفق لضيافة الله في مكة المكرمة ونؤدي العمرة ، والتي هي بمثابة (الحج الأصغر) كما في الرواية
وعندما يمر موسم شهر رمضان ، وتعطل فيه بعض شعائره في ليال هي خير من الف شهر
ويأتي بعده العيد ولا نستطيع معه مصافحة احبائنا ولا استشعاره
ولما يأني موسم الحج ، ولا يكن لنا نصيب من ان نجدّد عهدَنا عندَ الله بوحدانِيّته في عرفات ، وذكره كثيرا في المشعر الحرام
وهكذا تكمل الصورة ، عندما يأتي موسم محرم ، ولاتقام الشعائر فيه بالطرق المألوفة
فيحق لنا ان نكون في حيرة على ما نشاهد ، هذه الحيرة التي تضاف الى جهلنا ( وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا ") هل هو عذاب من الله ام هو مقدمة لهداية اكبر للخلق، ام هو محطة ودعوة لتأمل والتفكر في عظمته سبحانه وتعالى، والرجوع لساحة عظمته، بعيدا عن الغفلة و الكبرياء
فهذه المواسم والشعائر العظيمة ، لا يمكن ان تمر علينا وكأنها نزهة ، كما ان الحرمان منها يدعو للتأمل حقا ( عرضت لي بلية أزالت قدمي وحالت بيني وبين خدمتك). لكن في نفس الوقت ، فإن التعاطي معها ينبغي ان يكون بحذر ، وبعيدا عن العواطف في ظل الظرف الراهن
دعونا نستلهم من الاستراتيجية التي اتبعها رسول الله وامير المؤمنين ع للتعامل مع الشعائر في حالات الخوف، والتي يمكن ان تعطي توجها عاما يساعدنا لمعرفة السبل التي يمكن اعتمادها في كيفية التحرك في ظل وجود المخاطر.
ولنأخذ مثالا لواحد من اهم تلك الشعائر ، وهي صلاة الجماعة ، التي يجمع المسلمون على تأكيد استحبابها ، ويذهب بعضهم لوجوبها. كيف تعامل النبي ووصيه معها في احلك الظروف مع هذه الشعيرة؟ ، لنأخذ نموذجين مختلفين للتعامل في حالة الخوف في ظروف الحرب ومواجهة العدو ، وكيف كان التعامل مختلفا حسب مقتضيات الخوف
الحالة الأول بالرغم من ان المسلمين كانوا في خضم المواجهة العسكرية ، إلا ان صلاة الجماعة لم يسقط استحبابها ، بل كانت راجحة، ونزل القرآن لتأكيد ذلك. وكان النبي وامير المؤمنين حريصان ليس فقط على إقامة صلاة الجماعة ، بل كانا حرصهما ان يقيم جميع المسلمون صلاة الجماعة بكيفية خاصة: وهنا شاهدان
رسول الله (ص): وعندما هدد خالد بن الوليد في الحديبية ، بانه سيستغل موعد الصلاة ليهاجم المسلمين اثناء الصلاة، وبالرغم من هذا الظرف العصيب، لم يمتنع النبي ص من صلاة الجماعة. فنزل جبرائيل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذه الآية { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم } وقد ذكر العلامة الطبطبائي في (الميزان) ان "المقصود صلاة الجماعة" وكأن هذه الآية نزلت لتؤطر لاستراتيجية التعامل مع الصلاة الجماعة في ظل هذا الظرف
مع امير المؤمنين ع:
عن زرارة ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا حضرت الصلاة في الخوف، فرقهم الامام فرقتين فرقة مقبلة على عدوهم، وفرقة خلفه كما قال الله تبارك وتعالى، فيكبر بهم ثم يصلي بهم ركعة، ثم يقوم بعد ما يرفع رأسه من السجود فيتمثل قائما ويقوم الذين صلوا خلفه ركعة فيصلي كل إنسان منهم لنفسه ركعة، ثم يسلم بعضهم على بعض، ثم يذهبون إلى أصحابهم فيقومون مقامهم ويجئ الآخرون والامام قائم فيكبرون ويدخلون في الصلاة خلفه، فيصلي بهم ركعة ثم يسلم، فيكون للأولين استفتاح الصلاة بالتكبير، وللآخرين التسليم مع الامام، فإذا سلم الامام قام كل إنسان من الطائفة الأخيرة فيصلي لنفسه ركعة واحدة فتمت للامام ركعتان ولكل إنسان من القوم ركعتان واحدة في جماعة، والأخرى وحدانا
الحالة الثانية لما كان الخوف على اشده ، وسط تلاحم القتال والمضاربة والمناوشة مع العدو، حيث لايمكن للمقاتلين في الحرب أن ينزلوا ويصلوا. هنا الخطر كان كبير جدا ، و هنا انتهج امير المؤمنين استراتيجية أخرى، حيث لم يقم الصلاة جماعة او فرادى بالصورة المألوفة ، حيث لايوجد أي فرصة لذلك ، بل طلب من أصحابه ان يكبروا لكل ركعة (على ظهر الدواب) ، وفي ليلة صفين ، لم تكن صلاتهم ، عند وقت كل صلاة إلاّ التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء، فكانت تلك صلاتهم، ولم يأمرهم بإعادة الصلاة.
بين هذين النموذجين وغيرهما، كيف نتصرف مع الشعائر في ظل جائحة كورونا؟
ربما يختلف القرار باختلاف الخطر ، الذي يمكن ان يختلف في تقييمه اهل الاختصاص في الطب والطب الوقائي ، وكذلك يمكن ان يختلف في تقييمه اهل الإختصاص في الشرع
طائفة أولى
تذهب الى الإمتناع عن فتح دور العبادة ، حيث ان فتحها ربما يؤدي الى زيادة حالات الإصابة ، باحتمال عقلاني معهم، وبحسب تقييم الخطر لديهم ، بأنه "مرتفع" وعلى أساس القيام بكل الإحتياطات اللازمة للحفاظ على الأنفس.
طائفة ثانية
تذهب الى ضرورة فتح دور العبادة مع توخي الحذر، من حيث إن صلاة الجماعة بهذه المرتبة من الأهمية في نظر الشرع فلا يرضى رفع اليد عنها حتّى في بعض موارد الخوف والحرب
وحيث يمكن تقييم الخطر بأنه اقل خطورة وخصوصا بعد الخلاصة التي وصلت اليها وزارة الصحة من التعايش مع الجائحة بحذر والعودة بحذر. وربما يكون من نوع الحذر الذي اشارت اليه الأية الكريمة ، يقول العلامة الطبطبائي في "الميزان" وفي قوله تعالى (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) "نوع من الاستعارة لطيف، وهو جعل الحذر آلة للدفاع"
ويدعون الى زيادة الثقة بالله (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) ، لكن بشرطها وشروطها (اعقلها وتوكل)
على كل حال
ربما يختلف التشخيص من منطقة الى اخرى، وليس بيننا معصوم ليقيم درجة المخاطرة بشكلق قطعي. وربما يختلف اتخاذ القرار باختلاف آلياته واستراتيجياته المتبعه، وباختلاف المعطيات المتوفرة التي يمكن ان تؤدي الى تحليل واستقراء مختلف. وعليه لا بد لنا من قبول الاختلاف ، واحترام وجهات النظر المختلفة، وان نعذر الجميع على قناعاتهم
كذلك، ربما ليس من المستحسن لمن هم قلقون ان يرتادوا دور العبادة ، او حتى الخروج من منازلهم، حيث ان هنالك علاقة بين نسبة القلق واحتمال الإصابة، كما تقول بعض الدراسات ، إلا ان يكون قلقهم هو نوع من الخيال ، عندها ربما تنطبق استراتيجية امير المؤمنين ع (إذا هبت أمرا فقع فيه)
وهذا كله متروك لتشخيص الفرد (بل الإنسان على نفسه بصيرة) او باتباع ارشادات من يثق فيهم
اللّهُمَّ أَنْتَ كَشَّافُ الكُرَبِ وَالبَلْوى وَإِلَيْكَ أَسْتَعْدِي فَعِنْدَكَ العَدْوى وَأَنْتَ رَبُّ الآخِرةِ وَالدُّنْيا فَأَغِثْ يا غِياثَ المُسْتَغِيثِينَ عبادك من هذا الوباء
جديد الموقع
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط
- 2024-03-28 احتفاء جمعية كيان باليوم العربي لليتيم في عيونهم 2/2
- 2024-03-28 دراسة تربط بين السجائر الإلكترونية والسرطان .. واستشاري يعّلق
- 2024-03-28 مداد السلسبيل