2020/08/31 | 0 | 1428
فيض متقاعدة
بقلم : ليلى بنت عبدالمحسن الشايب مدرسة البنات الإبتدائية الثانية بالجبيل
سلامي اليكم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف الخلق النبي الأمين و على آله الطبين و صحابته المنتجبين
لم يكن سهلا أن أتخذ القرار بالتقاعد المبكر و لكن عندما يصل الإنسان الى مجموعة توازانات في حياته عليه ان يتجاوز مخاض القرار لتضارب المصلحة ، عند انخاذ القرار يؤمن بنفس مطمئنة أن الخير بعون الله فيما وقع و هكذا كان بعيدا عن ارهاصات المشجعة للقرار أو تلك التي تساند عدم اتخاذه ، مررت في مجتمع لم يكن فيه تعليم الفتاة موجودا و هنا اترحم على والدي الشيخ عبدالمحسن بن علي الشايب الذي سعى بأن تفتح مدرسة ابتدائية بمسقط رأسي الجبيل و كان موقفا آخر ايضا لقنح المدرسة المتوسطة ، و درست الثانوية في القارة ، و كان وقتها صعوبة مقاعد الجامعة و والدي كان يحفز ذلك و يرى أن التعليم أهم حاجة انسانية و مع ذلك و في مجتمع تقليدي آثر أن أغترب للدراسة على القعود بدونها ، و كان بهذا رياديا قبل ثلاثة هقود مع مجموعة من الآباء من مختلف مدن الأحساء ، و درست مع مجموعة من الحساويات في جامعة فطر تخصص اقتصاد منزلي ، و وفقت أن تم تعييني في نفس العام قريبة من سكن أهلي بمدرسة الجبيل الثانية الإبتدائية للبنات ،و هنا كنت ارى واجبين في آن : واجبي الوظيفي و واجب تربوي أنهم بنات أهلي و بلدي مما ضاعف المسؤولية حتى خارج الدوام او مضاعفة الجهد و البذل المالي ماأمكن ذلك ، كل ذلك و المنّة لله سبحانه أن مكنني أن أعيش حالة الرضا عن عطائي الذي وجدت مخرجاته ممن درستهم لاحقا في سيدات المجتمع وخاصة مع تمكين المرأة في العهد الجديد فكنّ ضمن ركب التنمية بالضابطة الأخلاقية .
و أنا إذ يدخلني سرور التقاعد ينازع قلبي هذا الإنفصام المفاجئ مع من عملت معهم طوال السنوات الماضية و تراكم الخبرة و العلاقة الحميمية و رابطة الأخوة و ...و .... و أيضا انتزاع تلك الصلات مع الأمهات العزيزات اللواتي يتواصلن معي من أجل عزبزاتهن ، اعتقد هناك روابط كثيرة ستكون محل غياب اتمنى أن تكون محل ذكريات جميلة أتأمل فيها مفاصل الإيجابيات في الحياة .
و أنا اذ اكتب لكم كلمتي أوجهها :
- للآباء و الأمهات : فلذات اكبادكم بين ايدينا معلمات و هم في مرحلة التنشئة ، بين الجهد الرسمي التعليمي و بين كفاءة المعلمات صلة كبرى هي أساس مقوم للفتاة تعليميا و تربويا ، كنتم بالطبع من خلال ممارستي خير عون لنا كمعلمات وكنتم حريصين جدا على حضور البنات و الإستفادة و ما لمسته أكثر التنافس للتفوق .
عرفتكم كثيرا و كنت قريبة لتلمس المسائل و حتى حل الإشكالات بمساعدتكم حتى أن مدرستنا تقف في صف المدارس المثالية بين مدارس الأحساء ، بتقاعدي اكون خسرت افاضل للتواصل معهم ، لكنني مطمئنة أن هناك دائما من بحمل المسيرة من الزميلات ، دعاي من الله أن أكون قمت بحسن عمل لبناتنا و أن تكون صورة الجهد لديكم و انتم محل تقدير تكون متقّدة و إن كان ثمة تقصير و الله اعلم انني عملت مابوسعي راضية لضميري مستعينة لحلال الرزق اطلب سماحكم و الله المسدد لما فيه الخير .
- للأمهات قد تكون لغتنا المشتركة اوضح لأننا نحمل روح الأمومة و نجيد بشكل افضل معنى الضّنى و ندرك قلقنا الأكثر على البنات و حرصنا عليهن و تحصينهن، هذه اللغة التي تُرجمت بتواصلكن المستدام و بحضوركن و تفهمكن وتقديركن الذي لمسته بكوني معلمة و تربوية و هو ما يعزّز عندي إيجابية الأداء في العملية التعليمية ، هذا الحرص الذي لمسته مبكرا في سيدات الجبيل بوعي مما يجعل تلك العلاقة تأتي مفعمة بالحوار و لعل ماادركته انني كنت معلمة لطالبات قد درّست أمهاتهن و هن الآن عاملات و منهن سيدات منزل ، إن تعاونكنّ خاصة في النشاط اللامنهجي الذي كان يوسع مداراك الطالبات و مشاركتهن في الأيام الفاعلة كاليوم الوطني و يوم الشجرة و يوم المعلّم و غيره . و أنا إذ أخسر هذه المتعة في التواصل معكم و تبادل الآراء أثق تماما أن المشعل محمولا من زميلاتي المعلمات و إدارة المدرسة مشكورة ، و أنا يهمني أن أقدم لكم الثناء خاصة أن المرأة تعيش في ظل العهد الجديد مكرمة بتمكينها استحقاقها ، و ماذا بعد افضل من ذلك الا أن ندعوا الله ان يسدد خطاكن و ان نرى بناتكن الطالبات قد تأهلن و لكم مني خالص الدعاء متنمية تواصلكن و الإستئناس بأخبار كم وطالباتي ماامكنن ذلك .
- الى القائدة و الطاقم الإداري: لعل الجهد المبذول في قبادة المدرسة الجميل و المشهود مما أعطى تعاملا و انسجاما في تطبيق المقررات التعليمية و النقاش حول القضايا و ايجاد الحلول ،و الإنضباط الذي لم يكن مقصورا فقط على الحضور و الإنصراف انما الإنضباط في العملية التعليمية ذاتها مما تُحقّق نتائج متميزة . ان تعاملنا يرقى مع الطالبات على انهن بناتنا ، كان هو الفيصل الرائع في الصلة بين التعليم و التربية حتى في لحظات حل مشاكل الطالبات ان وجدت .
فعلا شعوري بفقدان هذه الكوكبة الجميلة سيكون له محل في حياتي سيجعلني ان انقل التجربة في احاديثي .
اليكن عزيزاتي و من سبقكن في ادارة المدرسة تحياتي الكاملة و العبقة انثرها وردا حساويا على رؤوسكن مبتهجة بكل اللحظات معكن و بإرادة أن نبقى على تواصل ،شكرا من الأعماق.
- الى زميلاتي المعلمات ،: بالطبع منهن من تقاعد سابقا و منهن من انتقل من المدرسة و منهن من ترقين وضيفيا ، و من عشت معهن هم التعليم في السنوات الأخيرة ، أجدني ممتنة لكن هذه الرفقة الجميلة في اسمى عملية وضيفية و هي اعداد الناشئة ، كان تعاونكن محل تقديري و انا اعرف اجتهادكن و اخلاصكن ، سؤالكنّ عني في حالة الغياب و الإطمئنان ، معكنّ في كل مامن شأنه يخدم الطالبات و العلاقة المتواصلة مع الأمهات حتى اصبحت مدرستنا محط نظر للإلتحاق بها من المستجدات ، لعل أهم مايثلج صدري اننا مثّلنا قدوة كأسرة واحدة بعيدين عن تقاطعات التمييز الإحتماعي خارج المدرسة . بكن كل مفاهيم التربية دائرتها في السلوك مع الطالبات ، نعم عزيزاتي اخسر ببعدي عنكم لقاءكن الشخصي و بعض احاديثكن الطيبة ، سأحرم من مشاركتكن الأنشطة ، فهل سأكون معكن قادرات على بقاء سخونة التواصل ، هذه ما اتنماه من ربي الكريم و انتن ترفلن بثوب الصحة و العافية و استمرار خدمتكن الرائعة لمستقبل زاهر في وطننا الكريم .
- الى الوطن : كل ماكان محفوفا بمحبة وطني الكريم و القيادة الرشيدة التي استشعرت فيها وجود المرأة لتكون فاعلة في الوطن ،ومع تمكين المرأة استحقاقها حقا تلمسنا هذا الفرق الذي ينسجم مع رؤية ٢٠٣٠ ، وطني انت اغلى شيء متمنيّة لبناتي مستقبلا يليق بهن و هو كذلك فعلا ، و هذا يعطيني دافعية ان ارشدهن لذلك لمستقبل زاهر و هذه دعوة بإذن الله فتيات وطننا الرائع . مكلّلة بالأمن و الأمان .
- الى أهلي :اليقين أن أمي رحمها الله لاتغيب عن ناضري و لا زلت ادعو لها بالمغفرة و الرضوان ، كانت السند المحفّز في مجتمع تقليدي ، لكنها نقلت اليّ كل خصائص الشهامة و الحنو العطاء ، و مدينة لها بكل شيء جميل في حياتي ، و لوالدي رحمه الله و موقفه في إدخال تعليم البنات في مجتمعنا ماجعله رياديا ان تكون اسرته مبكرا كلهن متعلمات . و انا اعلن تقاعدي اودّ ان اشكر اخوتي جميعا لوقفتهم معي و لتعاملهم الرحمي الجميل و عيالهم جميعا الذين ينادوني بالعمّة او الخالة و هو أمر يثلج صدري ، اشكر حسن تعاملهم و ادعو لهم برابطة جميلة بعد ان فقدنا جمعتنا في حضن والدتي رحمها الله كل ليلة خميس ، مع تقاعدي وكما هو منزلي مستمرا مفتوحا دروازته لكم في كل الأوقات و لا عذر ، اتمنى ان اكون عند حسن الظن أن اتمكن من زيادة حراكي في صلتكم و ووصلكم بعون الله تعالى، التقاعد محطة في حباتي اتمنى ان استثمرها بنشاطات طوعية ايضا مع اعطاء نفسي فرصة لذاتها .
والى أسرتي الصغيرة كل التحايا .
أسعد بكم جميعا و دعاي من الله ان يوفق الحميع لما فيه الخير و الصلاح
جديد الموقع
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .
- 2024-04-18 مختارات من الرسائل
- 2024-04-18 الأمير سعود بن طلال يرعى توقيع عقد إنشاء بوابة الأحساء
- 2024-04-17 أحدث إصدارات الشيخ اليوسف: «الإمام العسكري: الشخصية الجذابة»
- 2024-04-17 تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم في دورتها الـ 44 تنطلق في شهر صفر القادم 1446هـ بمكة المكرمة
- 2024-04-17 الطبيب أشرف العيسوي يرزق بمولود هاشم