مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2019/08/25 | 0 | 2384
عيد الغدير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. [طه: 25 – 28].
قال تعالى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْکَافِرِينَ﴾. [المائدة: 3].
نبارك لكم هذه المناسبة العطرة ألا وهي ذكرى عيد الغدير، ذكرى تنصيب أمير المؤمنين (ع) التي تعتبر ثاني أهم الأحداث في الإسلام بعد البعثة النبوية. هذه الذكرى التي تمر في يوم الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة من الهجرة، بعد حجة الوداع المعروفة، ، وكان قد أعدّ العدة لهذه الحجة لما فيها من احداث .
فقد أرسل (ص) الرسل لتنادي في الأمصار، أن رسول الله (ص) سوف يحجّ، فحجّ الكثير من الناس في ذلك العام. وكان (ص) قبل ذلك قد هيأ الظروف الملائمة، وبلّغ بالكثير من الأحاديث، كحديث الثقلين. الذي كرره في حياته، ولكنه بلّغه أيضاً في منى. وكذلك التمسك بالعترة الذي كرره في عرفات، فمهد في هذه الحجة لما سيأتي من البلاغ. حتى لا يُفاجأ المسلمين بما سيحصل يوم الغدير.
فلما انتهى الحج، وسار النبي (ص) حتى وصل إلى مكان هو مفترق طرق، يدعى بغدير خم، وقف في ذلك الوادي بين المدينة ومكة، وهو موضع تلتقي فيه قوافل المدينة والشام ومصر وغيرها. فأمر رسول الله (ص) مناديه أن ينادي بمن ذهبوا أن يرجعوا إليه، ومن تأخروا أن يلحقوا به، فلما اجتمعوا عنده قام فيهم خطيباً بعد أن نزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾. فقال فيما قال: «اللهم من كنت مولاه فعليٌّ مولاه اللهم وال من والاه وعادِ من عاداه». [حديث متواتر مشهور، ذكرته أمهات المصادر، كمسند أحمد بن حنبل وسنن ابن ماجة والترمذي ومستدرك الحاكم ومصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة وغيرها، وصححه الألباني بما لا مزيد عليه].
ومن الملاحظ أن هذه الآية الشريفة فيها من الإشارات العظيمة التي تستحق التأمل فيها طويلاً، فمن تلك الإشارات أن الله تعالى أمر نبيه أن يبلغ ما أنزل إليه في ذلك الموضع، فإن لم يبلغ ذلك، فكأنه لم يبلغ الرسالة بالمطلق، وأن عمله سيكون هباءً منثوراً. ومنها أن فيها إشارة إلى ردة فعل الناس، فطمأنه الله تعالى أنه يحميه من الناس ويعصمه.
لذا قام النبي (ص) بامتثال أمر الله تعالى، وخطب خطبته العصماء المعروفة المذكورة في كتب التاريخ والحديث والسيرة. ومنها ما جاء فيها من قوله: «من كنت مولاه فهذا علي مولاه». ثم طلب منهم أن يبايعوا علياً (ع) منذ تلك اللحظة، ويهنئوه، وجعل لذلك خيمة خاصة، فقاموا يهنئونه ويبايعونه. وأكد رسول الله (ص) في خطبته أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، والوالد الولد، كي تكون تلك البيعة مرتكزة في الأذهان.
وهنالك إجماع لدى المدرسة الإمامية على هذه الحادثة، وأن الآية المذكورة نزلت فيها وأنها في تنصيب علي (ع). وأما المدرسة الأخرى فقد اعترفت بوقوع الحادثة، وأن النبي (ص) خطب خطبته هناك، وقال الكثير منهم بنزول الآية المذكورة هناك، إلا أنهم لم يذهبو الى ماذهبت اليه مدرسة الأمامية في التنصيب.
يقول صاحب تفسير المنار : إنها لا تتعدى إبراز المحبة من رسول الله (ص). فيقال له : هل يعقل من رسول الله (ص) الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، أن يجمع قرابة 120 ألفاً من الصحابة في ذلك المحل الشديد الحرارة، كي يبين لهم أنه يحب علي بن أبي طالب، وأنه يأمرهم بمحبته؟ بل هل يُتوقع ذلك من رجل حكيم وإن لكم يكن نبياً؟ وما هي الفائدة والثمرة من كل ذلك؟ فالحب والولاء للمؤمن قضية عامة لا تحتاج لكل هذا العمل والتجمع الكبير، ولا إلى هذه الخطبة الطويلة، ولا إلى إرجاع الناس بعد انصرافهم، فلا بد من خصوصية لعلي (ع).
كما نقول لصاحب تفسير المنار : ما معنى نزول آية إكمال الدين بعد إبلاغ النبي (ص) تلك الآية التي قبلها؟ وآية الإكمال هي: ﴿الْيَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِينَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْکُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَکُمُ الْإِسْلاَمَ دِيناً﴾.[المائدة: 3]. فما هي المناسبة بين الحب لعلي (ع) ونزول هذه الآية؟
ويقول صاحب المنار : لو كان هنالك حق لعلي بن أبي طالب فلماذا لم يتفوه به ولم يطالب بعد دفن رسول الله (ص)؟ نقول : لعل صاحب المنار لم يطلع على كتاب نهج البلاغة لعلي بن أبي طالب (ع) وما فيه من التصريح بذلك بنصوص واضحة وصريحة.
إن يوم الغدير هو عيد بل هو أفضل الأعياد، فعن الإمام الصادق (ع) أنه سئل من بعض الأصحاب واسمه الحسن بن راشد قال: «جعلت فداك، للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال: نعم يا حسن، أعظمها وأشرفها.
قال: قلت : وأي يوم هو؟ قال : يوم نُصب أمير المؤمنين (ع) علماً للناس.
قال: جعلت فداك، وأي يوم هو؟ قال : إن الأيام تدور، وهو يوم ثمانية عشر من ذي الحجة. قال: قلت: جعلت فداك، وما ينبغي أن نصنع فيه؟ قال: تصومه يا حسن، وتُكثر فيه الصلاة على محمد وأهل بيته، وتتبرأ إلى الله ممن ظلمهم حقهم. قال : فإن الأنبياء (ع) كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي يقام فيه الوصي أن يُتخذَ عيداً.
قال: قلت: فما لمن صامه منا؟ قال : صيام ستين شهراً لكم، ولا تدع صيام يوم سبعة وعشرين من رجب، فإنه هو اليوم الذي أنزلت فيه النبوة على محمد (ص) وثوابه مثل ستين شهراً». [بشارة المصطفى لشيعة المرتضى، عماد الدين الطبري : 237.].
فهنالك تركيز من قبل الأئمة (ع) على يوم الغدير، فهو يوم عبادة وذكر، ويوم فيه صلاة خاصة.
ولا بد أيضاً أن يكون في هذه المناسبة خطاب يتلاءم وطبيعة الهدف، فهذا اليوم هو يوم تنصيب، وليس يوماً لإظهار المحبة فقط، فلا بد من تناسب بين الخطاب الذي صدر من النبي (ص) والحادثة التي نعيشها في الواقع.
كما أن الآية بحد ذاتها تدلل على إشارة مهمة، حتى لمن لم يعش أجواء المسلمين، أي أنه لو ترك وهذه الآية لتبين له بوضوح أن هنالك أمراً إذا لم يبلغه النبي (ص) فكأنه لم يبلغ الرسالة كلها، ولا بد أن يبحث عن هذا الأمر، لأنه أمر مهم جداً، وهو يعادل الرسالة طيلة ثلاثة وعشرين عاماً، وأنها بدونه لا قيمة لها ولا أثر. وذلك هو الولاية لعلي بن أبي طالب (ع)، التي لا يتم الدين إلا بها.
كما أن الآية أشارت إلى عدم التردد في تبليغ ذلك الأمر وعدم الالتفات للناس وما يحصل منهم من ردة فعل. ثم بعد تبليغها جاء الخبر السماوي بأن الله تعالى أكمل الدين في تلك اللحظة وذلك اليوم، فلا كمال للدين، ولا تمام للنعمة إلا بالولاية. فالحج والصوم والصلاة والزكاة والجهاد وجميع العبادات جميعاً، لا تكتمل، بل لا معنى لها ما لم تقترن بالولاية.
هذا ما أحببت أن أتحدث عنه في هذه الجمعة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية تعافي
- 2024-03-28 نائب أمير الشرقية يطلع على برامج جمعية ترابط