مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2019/09/25 | 0 | 2257
سماحة الشيخ حسين العباد :البكاء على الامام الحسين (ع)
( موقع المطيرفي )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. [طه: 25 ـ 28.].
لا زلنا نتكلم حول الحديث المروي عن الإمام الرضا (ع) وقوله لابن شبيب : يا ابن شبيب، إن كنت باكياً لشيء فابك للحسين بن علي بن أبي طالب (ع) فإنه ذُبح كما يُذبح الكبش. وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلاً ما لهم في الأرض شبيهون.
كان الكلام حول البكاء على الحسين (ع) وذكرنا جانباً من الأحاديث الواردة عند المدرستين في هذا الخصوص. وذكرنا أن رسول الله (ص) بكى على الحسين (ع) قبل مقتله، وبكت الصحابة عليه. كما ذكرنا الرواية عن أمير المؤمنين (ع) وأنه بكى عندما وصل إلى كربلاء وهو في طريقه إلى صفين. كما ذكرنا رواية عن فاطمة بنت رسول الله (ع) ورواية أخرى عن الإمام الحسن (ع) وبعض الروايات الواردة عن الإمام الحسين (ع) وهو ينعى نفسه. وفي هذه الجمعة نحاول إكمال الحديث، بما ورد عن سائر الأئمة (ع).
فالإمام علي بن الحسين (ع) كان المصداق الأبرز في هذه الحادثة المأساوية في مشروعية البكاء على الحسين (ع). وقد وردت الروايات عن الأئمة (ع) في أنه عاش أربعين سنة باكياً ليله ونهاره. فحالته كانت استثنائية، إذ حضر واقعة الطف وشاهد جميع ما جرى فيها من المآسي. فلو أنه عاش أكثر من ذلك لقضاها باكياً، كيف لا؟ وقد شاهد المأساة الكبرى التي وقعت.
عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : «بكى علي بن الحسين على أبيه حسين بن علي (ص) عشرين سنة - أو أربعين سنة - وما وضع بين يديه طعامٌ إلا بكى على الحسين. حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله، إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين. قال : ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى الله وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُوْنَ﴾. [يوسف: 86. ]. إني لم أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني العبرة لذلك». [كامل الزيارات، ابن قولويه: 107. ].
والبكاء بحدّ ذاته يمثل ثورة، فقد بكت فاطمة الزهراء (ع) فتضايق منها القوم، وطلبوا من علي أن يأمرها أن تبكي ليلاً أو نهاراً، بل طلبوا أن تخرج خارج المدينة، فبنى لها داراً سميت ببيت الأحزان.
فالبكاء إحياء للضمائر الميتة، وتجديد للمظلومية، وتذكير للمجتمع بها. وهنالك حثّ من الأئمة (ع) على البكاء على مصائب أهل البيت (ع). بل هنالك حثّ على البكاء على الحسين (ع) بخصوص من كان مذنباً لا يرى لنفسه القدرة على ترك الذنب وردع نفسه، فإن ذلك البكاء سوف يجعله يقوى على تركه. فمن سلك طريق البكاء على الحسين (ع) استطاع البكاء بين يدي الله تعالى وهو يذكر المعاصي التي ارتكبها والنار والمصير الذي ينتهي إليه. فإذا جرت دموعه على الحسين (ع) فهذه نقطة تحوّل باتجاه التوبة. فالبكاء له تأثير كبير في النفس قبل أن يكون له ذلك التأثير في الغير.
وفي كامل الزيارات بسنده عن إسماعيل بن منصور عن بعض أصحابنا قال : أشرف مولى لعلي بن الحسين (ع) وهو في سقيفة له ساجد يبكي، فقال له : يا مولاي، يا علي بن الحسين، أما آن لحزنك أن ينقضي؟ فرفع رأسه إليه وقال: ويلك - أو ثكلتك أمك - والله لقد شكا يعقوب إلى ربه في أقل مما رأيت، حتى قال : ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوْسُفَ﴾. [يوسف: 84]. أنه فقد ابناً واحداً، وأنا رأيت أبي وجماعة أهل بيتي يذبحون حولي. قال : وكان علي بن الحسين (ع) يميل إلى ولد عقيل، فقيل له: ما بالك تميل إلى بني عمك هؤلاء دون آل جعفر؟ فقال : إني أذكر يومهم مع أبي عبد الله الحسين بن علي (ع) فأرقّ لهم». [كامل الزيارات، ابن قولويه: 107.].
ويقول الإمام الصادق (ع) : «البكّاؤون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمد، وعلي بن الحسين (ع)...». [الخصال، الشيخ الصدوق1: 272.].
وعن الإمام الباقر (ع) في رواية طويلة في كامل الزيارات، يبين فيها فضل زيارة الحسين (ع) والبكاء عليه، يقول : «ثم ليندب الحسين (ع) ويبكيه ويأمر من في داره بالبكاء عليه، ويقيم في داره مصيبته بإظهار الجزع عليه، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضاً في البيوت، وليُعزِّ بعضُهم بعضاً بمصاب الحسين (ع) فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عز وجل جميع هذا الثواب». [كامل الزيارات، ابن قولويه : 175.].
وجاء الكميت بن زيد الأسدي ذات مرة إلى المدينة فأنشد الإمام الباقر قصيدته الميمية، التي مطلعها :
من لقلبٍ متيَّمٍ مستهام غير ما صبوةٍ وما أحلامِ
فلما بلغ إلى قوله:
وقتيل بالطف غودر فيهم بين غوغاء أمة وطغامِ
بكى الإمام الباقر (ع) ثم قال : «والله يا كميت، لو كان عندنا مال لأعطيناك منه، ولكن لك ما قال رسول الله (ص) لحسان بن ثابت : لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنا». [الكافي، الكليني8: 102.].
وعن ابن خارجة قال : «كنا عنده (أي الإمام جعفر الصادق) فذكرنا الحسين (ع) وعلى قاتله لعنة الله، فبكى أبو عبد الله (ع) وبكينا، ثم رفع رأسه فقال : قال الحسين بن علي (ع) : أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا بكى». [كامل الزيارات، ابن قولويه: 109.].
وفي المصباح عن عبد الله بن سنان قال : «دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) في يوم عاشوراء فألفيته كاسف اللون، ظاهر الحزن، ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط. فقلت: يا ابن رسول الله، ممّ بكاؤك؟ لا أبكى الله عينيك. فقال لي: أَوَفي غفلة أنت؟ أما علمت أن الحسين بن علي أصيب في مثل هذا اليوم...». [مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي2: 782.].
وفي رواية أخرى عن أبي عمارة المنشد قال : «ما ذكر الحسين بن علي (ع) عند أبي عبد الله جعفر بن محمد (ع) في يوم قط فرُئي أبو عبد الله (ع) في ذلك اليوم متبسماً قط إلى الليل .وكان (ع) يقول : الحسين (ع) عَبرة كل مؤمن». [كامل الزيارات، ابن قولويه: 108.].
وعن الإمام الرضا (ع) عن أبيه الإمام الكاظم (ع) : «كان أبي (ع) إذا دخل شهر المحرم لا يرى ضاحكاً، وكانت الكآبة تغلب عليه حتى يمضي منه عشرة أيام فإذا كان يوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه، ويقول : هو اليوم الذي قتل فيه الحسين (ع)». [الأمالي، الشيخ الصدوق: 128.]. وهذا المقطع من الرواية التالية عن الإمام الرضا (ع):
فعنه (ع) أنه قال : «إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتك فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا، وأُضرمت النيران في مضاربنا، وانتُهب ما فيها من ثَقَلنا، ولم ترع لرسول الله حرمة في أمرنا. إن يوم الحسين أقرح جفوننا وأسبل دموعنا وأذلّ عزيزنا بأرض كرب وبلاء، وأورثتِنا يا أرض كرب وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء. فعلى مثل الحسين فليبك الباكون فإنّ البكاء يحطّ الذنوب العظام». [الأمالي، الشيخ الصدوق: 128.].
إلى هنا بلغ بنا المقام في ذكر الروايات عن البكاء على الإمام الحسين (ع) إلى الإمام الرضا (ع) وبقي لنا أن نذكر ما ورد عن الأئمة الباقين (ع)، وهم : الإمام الجواد، والإمام الهادي، والإمام العسكري، والإمام الحجة، صلوات الله عليهم أجمعين. وهؤلاء الأربعة لهم خصوصية في هذا الجانب.
فالإمام الجواد (ع) فُتح له المجال في إقامة المآتم والبكاء، وذلك لأنه تزوج بأم الفضل بنت المأمون، فأصبح مقرباً من السلطة، وسُمح له بذلك. واستمر هذا الحال حتى مجيء المعتصم ومن بعده، فكان زمن الإمام الهادي والإمام العسكري عليهما السلام، فكانت الأمور مشددة عليهم بشكل كبير، فلم تصلنا الأخبار في كونهم أقاموا المجالس علناً.
أما الإمام الحجة (ع) فقد ورد عنه في زيارة الناحية المقدسة : «فلئن أخرتني الدهور وعاقني عن نصرتك المقدور، ولم أكن لمن حاربك محارباً، ولمن نصب لك العداوة مناصباً، فلَأندبنك صباحاً ومساءً، ولَأبْكِيَنَّ عليك بدل الدموع دماً، حسرةً عليك وتأسفاً وتحسراً على ما دهاك». [بحار الأنوار، المجلسي98: 238.].
ثم إن البكاء لم يقتصر على الأئمة (ع) فقط، ولا على بني البشر فقط، بل بكته السماوات والأرضون والوحوش، بل بكته الجنة والنار ومن فيهنّ. وهذا ما سنتناوله إن شاء الله إن وفقنا الله لذلك.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-03-28 مداد السلسبيل
- 2024-03-28 تراكمات القراءة وذائقة القارئ
- 2024-03-28 أعضاء وأيتام مركز بر حي الملك فهد في ضيافة جامع الإمام الصادق
- 2024-03-28 شباب «التيك توك» في الغرب وقراءة القيم الإسلامية
- 2024-03-28 مناقشة علمية لاستخدام مكشطة اللسان للتخلص من رائحة الفم الكريهة
- 2024-03-28 تقنية البنات بالاحساء تطلق عددا الفعاليات الداعمة لمبادرة السعودية الخضراء
- 2024-03-28 الدفاع المدني بالاحساء تكرم الإعلامي زهير الغزال في اليوم العالمي
- 2024-03-28 مرض التدرن (السل الرئوي) نضرة مخيفة ومرعبة من المجتمع .والشفاء منه مرهون بالتزام المريض
- 2024-03-28 مشاركات في منتدى الفجيرة الرمضاني يناقشن دور الآباء في تنشئة الأبناء
- 2024-03-28 شهر رمضان محسوم في أوله وحرج في آخره الحجري العيد موحد في البحرين بشرط الاطمئنان للرؤية الحسية