2012/12/27 | 4 | 4491
سعيد الوائل مسيرة بين الفن و التراث
بطاقة تعريفية :
الاسم : سعيد عبدالله الوايل
الميلاد : 1966م
الاهتمامات : الفن التشكيلي - التصوير - توثيق الموروث الشعبي
• مكان الميلاد . المكان الذي ينفتح فيه الإنسان على دنياه .
الهفوف ، حي الرفعة، الفوارس
-
صف لنا ذلك الفريج الذي انفتحت منه على العالم .
"الطريق الى البيت بات أجمل من البيت" كما يقول الشاعر محمود درويش، ففي ذلك البيت الذي يقع في نهاية العالم (بالنسبة لطفل صغير لم يتجاوز الأربع سنوات) ، نهاية زقاق طويل يمر بمنعطفات وسوابيط حتى أصل لآخر منزل هو منزلنا، في سكة الشواف بحي الرفعة في مدينة الهفوف، أقصى ماتستطيع أن تصل إليه ذاكرتي، وأنا أطل من أعلى السطح أرمي بكتل الحجارة الجيرية الهشة (الربا) من جدار السطح المتهالك على أولاد الجيران نعمل بها طباشير للكتابة بها على الجدران، لاتسعفني الذاكرة كثيرا حول من حولي والدي والدتي اخوتي، لاأدري لماذا في ذاكرتي مساحة أكبر للمكان، أجد بصري يقع أمام مدخل الدار المظلم الذي لم تستطع إضاءة الفناء المفتوح الذي يفضي إليه أن تبدد عتمته وكأن نهاية العالم لايصلها نور الشمس .
لم يكن أحد من الغرباء عن الحي يجرء على تجاوز المنعطف الأخير من ذلك الزقاق، فولد الجيران "المعتوه" الذي نسيه الزمن يقبع بين الباب والجدار مربوط اليد حتى لايفقده أهله، يشير بحركات غريبة للمارة، إضافة لدرجة العتمة في ذلك الساباط المنخفض والأبواب الموصدة توحي للمار أنه وصل إلى "سد" فلا يجرء على التقدم أكثر .
في الحقيقة كنت متنقلا في صغري لأكثر من فريج، بسبب عدم امتلاك العائلة لدار خاصة، وهي بالنسبة لي اليوم مادة غنية في ذاكرتي، فمن سكة الشواف إلى سكة بوخمسين إلى سكة العجم في السدرة إلى الرقيات إضافة للرفاعة "سكة الذهب" التي كان لي فيها أختين، كانت المباني الطينية في تلك الأحياء التي أبدع في عمارتها البنائين الأحسائيين، بتفاصيلها الجميلة ابتداء من مدخل الدار بأبوابها الخشبية الجميلة والواجهة التي تطل بحميمية على الخارج، مرورا عبر الدهريز المنكسر إلى الفناء المفتوح الذي تتوزع فيه غرف الدار تتقدمها الأروقة المحفورة بالجص المحلي بحنيات وتشكيلات فنية بديعة، وتلك "الشخاخيل" أو القوالب الجصية المزخرفة بنقوش محفورة يتسلل منها ضوء النهار في أعلى الغرف وتعمل على تهوية المكان بصورة مستمرة ..
-
كيف أُّثّر على اتجاهاتك و تذوقك للجمال ؟
المكان هو ما اتشبث به واستند عليه، انتهت تلك الفرجان وسويت بالأرض وقامت مكانها عمارات وأسواق ومحلات، لكنها باقية خالدة في الذاكرة، فالأماكن وبخاصة المكان الأول الذي عشنا فيها لايغدرنا، فهو يحفظ للناس الذين عاشوا فيه والأحداث التي مروا بها كسجل وتاريخ لا يتلاشى، حتى لو فقدناها، والفنان على وجه الخصوص ذاكرة حية لتدوين المكان فهو يحمل في داخله عوالم لا تبارحه، من هنا كانت أهمية الأماكن التي عشت فيها وانطبعت في ذاكرتي بالكثير من الصور والمؤثرات، من المؤكد أن تلك الذكريات لم تكن في أغلبها جميلة وسعيدة، لكنها اليوم في أحسن الأحوال النبع الذي منه أتكئ عليه وأستمد منه الطاقة والخيال والمحفزات التي أعبر فيها إلى عوالمي الخاصة التي شكلت ذائقتي ورؤيتي لكل ما حولي، وحتى لا يكون مصيري مثل "ابن الجيران" تحت ذلك الساباط المظلم .
-
في مراحل الطفولة يبدأ الطفل اكتشاف مواهبه , كيف اكتشفت موهبتك في الرسم .؟
هي أغرب وأخطر منعطف في حياتي، فقد كانت البيئة التي عشتها في طفولتي في المدرسة أو خارجها بعيدة كل البعد عن الرسم والتشكيل، ولم يكن أحد من أقاربي أو في محيطي يمارس هذا الفن، الذي أتذكره أن التوجهات الرياضية "الكورة" في تلك الفترة طاغية على كل شيء من حولي، ومن دون لا أشعر انسقت مع تلك الموجة ولكن في جوانبها الفنية، فكنت أقوم بتصميم الشعارات للأفرقة وأطبعها على قمصان اللاعبين والجدران، وأقوم بعمل كؤوس ودروع وميداليات رياضية بمواد بسيطة جداً لكنها كانت ذات صدى عظيم عند زملائي، وبداياتي مع الرسم كانت في تقليد الشخصيات الكرتونية التي كانت تعرض في تلك الفترة وهي سندباد وعلاء الدين، وكريندايزر، وأهم نقلة فنية في تلك الفترة كانت مجلات الأطفال التي كنت أقبل عليها بشغف مثل مجلة "ماجد" من أبوظبي و"سعد" الكويتية و"سمير" المصرية، حيث كنت أقوم بتقليد القصص المصورة فيها، وأرسل انتاجي من الرسوم والقصص لتلك المجلات، وسريعا أصبحت أؤلف قصص كاملة وأرسم شخصياتها، والتي تحولت في المرحلة الثانوية إلى مجلة منوعة للأطفال أشركت في تحريرها المهتمين من الأصدقاء من داخل وخارج الوطن عبر المراسلة التي كانت تربطنا بأصدقاء من كافة أنحاء الوطن العربي .
-
• المدرسة , حياة جديدة , ينفتح عليها الطفل ,
-
• صف لنا ذكرياتك فيها , دورها في تطوير مواهبك في الرسم .
تعتبر سنوات الدراسة مرحلة هامة لأي شخص، فقد درست المرحلة الابتدائية في مدرسة الملك فيصل في الهفوف، حيث كانت تلك المدرسة من أهم المدراس الابتدائية التي جمعت الطلاب من أغلب أحياء الهفوف، الرفعة والنعاثل والكوت بسبب موقعها المتوسط بين تلك الأحياء، وكان فيها معلمين أجلاء، لكنها بالنسبة لي لم يكن فيها مايستحق الاشارة إليه خصوصا في الجانب الفني والرسم، فلم يكن في تلك المدرسة اهتمام يذكر من معلم الرسم، بعدها انتقلت لمدرسة متوسطة مهنية "المتوسطة الحديثة" حيث لم يكن بها مادة تربية فنية، وانما يتم التركيز فيها على مواد جديدة هي الزراعة والكهرباء والنجارة، وهو ماأخر عندي كثيرا من معرفتي بالرسم والتلوين وأدواته، فأغلب الفنانين تشكلت لديهم الذائقة الفنية في المرحلة المتوسطة، كذلك المرحلة الثانوية لم يكن بها ما يذكر في ما يخص الرسم عدى بعض الأنشطة الفنية الخجولة مثل عمل الصحف الحائطية لجماعات المدرسة، لذا لم تكن لسنوات الدراسة والمدرسة أو المدرسين أي حضور فاعل أو دور في صقل موهبتي الفنية .
-
• أنت تنتمي لآخر جيل عاصر الفريج بجمالياته , و معاناته و عاداته .
أتمنى أن تتحدث عن تجربتك في العمل المبكّر , في الخياطة , تدريبا و عملا .
في البداية شعرت بأن شيء هام تحقق في حياتي غير المدرسة و"مصبنة الفريج"، كان لدي إصرار غريب اضطر معه والدي لأخذي إلى أحد معازيب الخياطة وذلك عندما كان عمري سبع سنوات، فقد كنت أرى أخي الذي يكبرني وبعض صبيان الفريج يمارسون هذه الصنعة، كان في أغلب أحياء الهفوف معازيب يديرون مشغلاً لخياطة البشوت، حيث يجتمع مجموعة من الحرفيين خلال ساعات النهار في مجلس الخياطة حتى المغرب، ويقوم الصبية ببعض الأعمال البسيطة داخل المجلس ويذهبون للنساء الحرفيات الذين يعملون في منازلهم لأخذ البشوت "اللزمات" المنتهية وإيصال الأجرة والأدوات كالخيوط وغيرها، ويكون الخميس هو يوم الإجازة الرسمي الذي نستلم فيه الراتب "الخرجية"، حيث نذهب إلى سوق الخميس في الفاضلية لشراء "السنبوسة" و"القبيطة"، أذكر أول خرجية استلمتها ريال واحد، والتي أغرت أخي بترك العمل في مجلس "بوخمسين" الذي كان يعطيه أربعة قروش فقط والالتحاق بنا .
تعلمت في مجلس الخياطة أشياء كثيرة حيث كان الحرفيون الأحسائيين يحملون ثقافة عالية بسبب أسفارهم وتنقلاتهم للعمل في هذه الحرفة بين الكويت والبحرين وسوريا والعراق وايران، وهم على اطلاع واسع بما يدور في العالم من أحداث وتطورات، وقد وصل بعض الحرفيين إلى درجة عالية من المهارة والخبرة بحيث أصبح مضرباً للمثل، وكان الصبية الصغار يتعلمون من الكبار أساليب الصنعة خلال مدة الإيجار أو العقد بين صاحب العمل ووالد الصبي ويستمر لسنوات ثلاث أو أكثر حتى يتقن الصبي فنون الخياطة والتطريز، كالتركيب، والهيلة والبروج، أما بعض التطريزات فكانت عند النساء أكثر مثل "المكسر" وهو الحد الخارجي "للكرمك"
غير أن اليوم الأخير الذي أخرج فيه "المعزِّب" ورقة العقد التي كتبت منذ ثلاث سنوات "مدة الإيجار"، كانت كافية لتنسيني سنين المعاناة والتعب لطفل صغير يذهب يوميا بعد المدرسة للعمل من الواحدة والنصف ظهراً حتى المغرب، ولايمكنه الغياب لأن ذلك يعني أيام متخلفة يقضيها في نهاية المدة .
-
مهنة خياطة البشوت تتضمّن الكثير من الجماليات , تثري مهارات تذوّقه .. كيف تجد أثرها فيك في هذا المجال ؟
بالتأكيد فصناعة البشوت من المهن الفنية الصعبة التي تحتاج لفترة كافية من التدريب والتمرس على أنواع التطريز كانت تبتدأ مع الشخص منذ طفولته، ومع ذلك لم يكن جميع الممارسين على درجة أو مستوى واحد من الأداء فهي تخضع كثيرا للقدرات الشخصية والمهارة الفردية، وقد فتحت هذه الصنعة عيني على كثير من الأساليب الفنية والمهارت الحرفية في تكوين وتخطيط الزخارف وتشكيلها، وصف الوحدات الزخرفية بطريقة التكرار بشكل منتظم على مدار البشت .
-
كيف تصف المراحل التي خطوتها خلال مسيرتك الفنّية .
من الأمور القلقة التي أراها أثرت سلبا في حياتي الفنية كثرة المراحل والتوجهات الفنية التي مررت، فبقدر ماأعطتني تلك المراحل من خبرات ومعارف، إلا أنها أخرت كثيرا من الزج بي مباشرة في معترك الحياة الفنية الذي تمثله الريشة والألوان في الحياة التشكيلية بكل معانيها وأدواتها، كثرة التآمر مع الخيال الذي يسكنني رمى بي في حضن كل فكرة ممكن أن تخطر على بالي، فكل الفنون جميلة وكلها ممتعة، وكنت أبدع في كل الفنون التي أمارسها، مشكلتي كانت منذ البداية في عدم وجود نموذج أتأثر به أو موجه يساهم في وضع يدي على الطريق، كانت توجهاتي الفنية في المرحلة الثانوية عبارة عن خدمات اجتماعية في عمل مسارح الأفراح وخلفيات الاحتفالات والمناسبات الدينية، وكانت أهم الخطوات في المرحلة الثانوية ناحيتين وكلها بعيدة عن المدرسة، الأولى عمل معرض فني سنوي في المجتمع المحلي الذي يحيط بنا، حيث فرضت على عائلتي التي كانت تسكن بيتا مستأجراً تخصيص غرفة خارجية لي كنت أعرض فيها أعمال أطفال الحي، وبعد نهاية المعرض كنت أفتح تلك الغرفة التي كان لها باب على الشارع كمكتب لمجلة أطفال كنت أقوم بتحريرها "مجلة عدنان" حيث تطورت هذه الفكرة في آخر سنة في المرحلة الثانوية حيث أرسلتها لوزارة الإعلام لطلب الترخيص لها، وكنت أذهب على "السيكل" لبعض رجال الأعمال مثل مؤسسة ياسين الغدير في سوق التمر لأعرض عليهم مساعدتي في النواحي المادية، وقد رفضت الفكرة من الإعلام ومن رجال الأعمال، لكنني لازلت أركب الدراجة إلى اليوم .
بعد المرحلة الثانوية لم أحدد توجهاتي الأكاديمية بشكل صحيح وكان الأقرب قسم التربية الفنية في كلية المعلمين، والتي لم أستفد منها شيء يذكر، فقد كان التركيز فيها على المواد التربوية وكنا نتعلم نحن الطلبة من بعضنا البعض أكثر من المواد الدراسية والمدرسين، وكانت المرحلة الهامة "المتأخرة" في حياتي بعد تخرجي عند تعرفت على الفنان التشكيلي البارع والخطاط عبد المنعم السليمان الذي استفدت منه كثيراً في الاطلاع على تجارب أشهر الفنانين العالميين والمدارس الفنية من خلال ثقافته الفنية العالية والكتب الفنية النادرة التي كان يقتنيها من كل مكان، فقد فتحت لي تلك الثقافة أفق واسع لم أكن على اطلاع به، حاولت بعضها تصحيح بعض المسارات الخاطئة في حياتي، كالرجوع إلى مقاعد الدراسة حيث سافرت لمصر وسوريا للتسجيل في كليات الفنون الجميلة وبدأت بمراسلات كثيرة مع جامعات أوروبا وأمريكا، لكن وضعي المادي لم يكن يسمح لي بأي تحرك، ولم يكن لدي الشجاعة الكافية لأقوم بأي تصرف "مجنون" في نضر أفراد عائلتي أو المجتمع المحيط، لمعلم يتقاضى راتب جيد ويستعد للبحث عن "سيارة" و "زوجة"، لذلك آثرت العمل بشكل شخصي في تطوير قدراتي الفنية .
-
و أين تصف نفسك الآن ؟
الحمد لله فقد تمكنت بعد جهود مضنية وأعمال فنية كثيرة ومشاركات محلية ودولية في مناسبات مختلفة، من تكوين أسلوب فني خاص بي، حققت من خلاله العديد من الجوائز والمراكز المتقدمة في المناسبات والمعارض التشكيلية، لكني لا أزال غير راض عن نفسي وأسعى للوصول لابتكارات فنية أكثر إبداعاً وأكثر انفتاحاً على الأساليب والتوجهات الفنية الحديثة التي لازلت أجاهد في الوصول إليها .
-
يرى البعض أن عدسة الكاميرا , اختطفت الكثير من هواة الريشة و متابعي الحركة التشكيلية , كيف تعلّق على هذا الموضوع ..
في كل فترة من الفترات التاريخية تستجد أمور، وتحدث متغيرات، ونحن نعيش عصر التكنولوجيا وتطوراتها السريعة، التصوير الفوتوغرافي في واقع الأمير لم يخطف هواة الرسم بالريشة والألوان، بل ان مفهوم العمل الفني التشكيلي تغير تماماً، وأصبحت والصورة الفوتوغرافية الثابتة والفيديو جزء هام وأداة تعبيرية من صلب العمل التشكيلي الحديث، فيما يعرف حاليا بالفن المفاهيمي Conceptual Artworks أو الفيديو آرت، كفنون بصرية حديثة لم تعد تهتم أو تركز على الموهبة في الرسم والتلوين، إنما تتعدى ذلك إلى مفهوم ورؤية الشخص وإدراكاته وما يمتلكه من أدوات يعبر بها عن نفسه وواقعه ومحيطه .
-
كأحد المشتغلين في الفن التشكيلي , كيف تقيّم النشاط الفني لدى الفنانين و الفنانات في الأحساء .
الأحساء تعتبر من المناطق الرائدة في مسيرة الفن التشكيلي في المملكة، ويوجد بها العديد من الفنانين المبدعين الذين أسهموا في تطور هذا الفن في المملكة والخليج العربي، مثل عبدالحميد البقشي وعبدالرحمن السليمان وأحمد السبت والمرحوم محمد الصندل ومحمد الحمد وأحمد العبد النبي وزهرة بوعلي وسامي الحسين .
لكن في العموم الفن التشكيلي في الأحساء وكافة مناطق المملكة قاصر على أن يلامس ماهية الفن أو أن يمتلك عنفوان الحركة الفنية التي لاتهدأ وترفض الجمود والرتابة التي نجدها سائدة في أعمال التشكيليين، كما أن حركة المعارض والأنشطة التشكيلية لا تليق أبداً بسمعة الأحساء وفنانيها، تصور أننا نعيش في منطقة ثرية بمخزونها وإرثها الثقافي والحضاري، لكن لا توجد بها قاعات عرض أو صالات فنية أو متاحف للفن تحرك هذا الجمود وتحفز المبدع لطرح تجارب فنية حديثة تلامس واقع الناس وهمومهم وتشركهم في تلمس معاناة الفنان واحساساته بقضاياهم .
-
بعض المتابعين يرى في كفّة الفنانات أرجح على مستوى الظهور , و المشاركة في المعارض و المسابقات .كيف تعلّق على ذلك ؟
الفن التشكيلي ممارسة إبداعية عميقة وفكر حر، لا يخضع لتصنيفات على أساس جنس أو لون أو معتقد، ولا نجد هذا التصنيف واضحا في الدول المتقدمة، فالفن هم انساني عام للرجل والمرأة، غير أن ممارسة الفن التشكيلي للمرأة في الماضي لم يكن متاحاً كما هو في الوقت الحالي حيث زاد عدد الفنانات وتعددت جوانب الإبداع لديهن، وأصبح بمقدور المرأة أن تتواجد في كافة المحافل الفنية المحلية والدولية ..
-
يلاحظ البعض أن هناك أسماء تبرق في سماء الفن ّ الأحسائي ثم ما تلبث أن تختفي .كيف تفسّر هذه الملاحظة ؟
الفن التشكيلي فضاء مفتوح وواسع وغير محدود، ويحتاج تضحيات كبيرة من الفنان حتى يستطيع أن يثبت هويته ويطرح تجارب ابداعية ملفتة للنظر، الكثير من الممارسين للفن التشكيلي دخل هذا المعترك على أساس قدرات فنية يمتلكها، لكنه لم يستطيع أن يواصل إما لعدم قدرته على الإبداع والتجديد، أو لمشاغل الحياة والتكاليف المادية التي ينفقها الفنان على أعماله من دون أي عائد مادي لتلك الأعمال، مع ما يعينة الفن التشكيلي من اهمال وتهميش قد تدفع لتغيير اهتماماته الفنية، أذكر أن أحد المسئولين في افتتاح معرض لي أصابني بحالة ذهول لم أتفوه بعدها بكلمة، فبينما كنت منهمكا في شرح تلك الجدران الطينية والأطلال وما تحويه من عناصر جمالية، بادرني بقوله "ولله الحمد لم نعد بحاجة لهذه الخرائب" .
• يرى بعض المتابعين أن الفنان يأخذ بمحاكاة مواضيع و تقنيات فنان بارز , حتى يمتلك بصمته الخاصّة .
-
هل ترى أن الفنانين ممن امتلك هويته الخاصة يشكّلون شريحة مهمة من فناني الأحساء ؟ امثلة إذا أمكن .
نعم هناك بعض الأسماء المميزة التي لازلت قادرة على العطاء وتمتلك هوية خاصة بها مثل الفنانة زهرة بوعلي وعبدالحميد البقشي و سامي الحسين وتغريد البقشي .
-
من خلال متابعتي الشخصية لأعمالك خاصة مطلع التسعينيات الميلادية , لاحظت استلهامك لعناصر التراث مواضيعا و مفردات .بودّي أن تتحدّث عن بإسهاب عن تجربتك هذه .
التراث والفن والأدب تعتبر في مجموعها عناصر مكملة تعبر عن الحضارة الإنسانية، والمفردات التراثية من أهم المنابع التي يستقي منها الفنان موضوعاته، وبخاصة في بداية مشواره، وقد حاولت في أعمالي أن أجسد ارتباطي بالأرض والمكان الذي عشت عليه ورؤيتي الفنية لعناصر التراث المختلفة، وقد كانت تلك الرموز في بداية مشواري الفني عبارة عن تسجيل مباشر للبيئة التراثية والطبيعية التي تشتهر بها الأحساء بصورها المختلفة من تراث عمراني وحرف تقليدية وغيرها، ومع
ولم أكن الوحيد في استلهام عناصر التراث المحلي في اللوحة التشكيلية، فهو عنصر مشترك لغالبية الفنانين في الخليج، فما حدث في الخليج من نقلة جنونية سريعة أطاحت بكل رموز الأصالة والحضارة والتراث المحلي بطريقة فجة لا نجد لها مثيل في العالم، جعلت من الحنين للماضي من الموضوعات المحببة عند الفنانين والمقبولة عند الناس،
-
كيف تقيّم الخدمات التي تقدمها جمعية الثقافة و الفنون في الأحساء للفنانين ؟
قدمت الجمعية الكثير للفنانين التشكيليين من خلال المعارض الجماعية والفردية، وهي من أوائل الفروع في المملكة العربية السعودية، لكن مايأخذ على الجمعية أن التشكيل ماهو إلا جزء من نشاطها الثقافي والفني، وهي محدودة بخطط وبرامج معينة في السنة، وهي برامج لا تحقق طموح الفنانين في المنطقة، الذين يأملون في نشاط تشكيلي وورش عمل مستمرة طوال العام، وقد كان نظر التشكيليين يتجه صوب جمعيتهم "جمعية التشكيليين السعوديين" التي تأسست تحت مظلة وزارة الثقافة والاعلام قبل أكثر من خمس سنوات وكانت أشبه بالحلم الذي تحقق، لكن يبدو أن نشاط جمعية الثقافة والفنون في المجال التشكيلي على قلته وضعفه أفضل بكثير من تلك جمعية التشكيليين التي لا تحمل إلا الاسم فقط .
-
ما الأشياء التي تطمح لها و لم تتمكن من تحقيقها .
الدراسة، فقد كانت مساراتي العلمية التي سلكتها خاطئة ولاتتناسب أبدا مع قدراتي وطموحي، وحدت كثيرا من انطلاقتي وتكوين شخصيتي وهويتي الفنية، فقد جاهدت لإكمال دراستي بعد دبلوم التعليم، لكن العراقيل والقوانين الوظيفية وقفت حاجز ضد أي طموح لي في إكمال الدراسة إلى اليوم، فما حصلت عليه كان مجرد شهادة مهنية لممارسة التدريس غير قابل للتطوير، لذ قررت مواصلة الدراسة الجامعية على حسابي الشخصي وأنا الآن قريب التخرج .
-
بموازاة اشتغالك بالفنّ التشكيلي , كانت لك جهود رائعة في توثيق التراث الأحسائي ..بودّي أن تتحدّث عن هذه التجربة .
كانت سنوات الغفلة بعد خروجنا من الأحياء القديمة والاهتمام ب"الكورة" كافية، لأصحو بعدها في المرحلة الثانوية قبل غيري، لأرى مدينتي الجميلة قد اخترقتها الشوارع ودمرتها الجرافات وداهمتها العمارات والبنايات الاسمنتية الحديثة، فكانت تحركاتي السريعة في توثيق أهم مايرمز لمدينتي وهو التراث العمراني، انطلاقا من عشقي للمكان وتعلقي به، فبدأت بتصوير كل ماتقع عليه عيني من آثار الماضي من بيوت طينية وقلاع ومساجد وحرف تقليدية .
-
ما المظاهر التي قمت برصدها ؟
ركزت في بداية اهتماماتي على التراث العمراني، ومنه بدأت أرصد تفاصيل تلك البيوت العتيقة حيث بدأت أقترب أكثر من تفاصيل البوابات والمداخل والعقود والزخارف الجصية، وقد استطعت بفضل الله رصد كامل للتراث العمراني في الأحساء قبل زوال تلك الأبنية الجميلة، وأقوم حاليا بالعمل في مؤلف ضخم يضم تجربتي في هذا المجال، بعدها توجهت ناحية الأبواب الخشبية التقليدية في الاحساء ومنها انطلقت لأغطي هذه الحرفة في كافة مناطق الخليج، حيث أخذ هذا المشروع مني جهد ووقت طويل بحكم المنطقة الجغرافية وتشعبها، وعملي في هذا المشروع بشكل فردي، مع ماأحمله من مسؤليات أسرية ووظيفة حكومية، حيث كنت أخصص الإجازات للعمل في هذا المشروع ابتداء من عام 1998م حتى انتهيت منه في عام 2007م، وقد تقدمت بهذه الفكرة كمشروع عمل لمركز التراث الشعبي التابع لمجلس التعاون الخليجي وكان مقره في الدوحة "والذي أغلق مع شديد الأسف" لكن المركز اعتذر بحجة حاجة هذا المشروع لتكاليف باهضة وفريق عمل كامل لا يقل عن خمسة أشخاص بين مصور وكاتب وراصد، إلا أنني ولله الحمد استعطت انجازه بمفردي ومن أن دعم يذكر .
-
ما الأدوات التي استعنت بها للرصد ؟
كانت الحقيبة الكبيرة التي لا أستغني عنها في نزولي للمواقع التي أقوم برصدها، تتضمن عدة أجهزة وأدوات ضرورية في عملية التوثيق والرصد والتسجيل العلمي، تتضمن آلة التصوير الفوتوغرافي الاحترافية بعدسات مختلفة الأبعاد، وكاميرة الفيديو، ومسجل صغير للصوت ولاقطة، وأدوات القياس، والرسم اليدوي .
-
ما الصعوبات التي اكتنفت عملك هذا ؟
أكبر مشكلة كانت تواجهني هي أثناء عملي الميداني في المناطق والحارات القديمة التي كانت من صلب عملي، حيث كنت أواجه مشاكل كثيرة من رجال الأمن وبعض الأهالي، بوجود شخص بمفرده لا يحمل أي أوراق رسمية ولا تصاريح من الجهات المسؤولة، يقوم بعملية التصوير والدخول في تلك المباني والمهجورة والخرائب التي كانت تحدث فيها الكثير من المشاكل الأمنية والحرائق، إضافة لخطورة الدخول لهذه الأماكن المهجورة الآيلة للسقوط في أي لحظة، وبفضل الله تعالى نجوت في أحد المرات من خطر الإصابة إلا من كسر بسيط في قدمي، حيث سقطت من وسط غرفة في الدور العلوي لبيت مهجور في المبرز لوجود انهيار في السقف كان مغطى بقطعة كرتون وبسبب انهماكي في عملية التصوير ولم أشعر إلا والأتربة والحجارة تنهال علي أنا وكاميرتي وأنا أسقط على الأرض .
أما الصعوبات في مجال الجمع الميداني فهي كثيرة، منها صعوبة الوصول للحرفيين والاخباريين، وحتى مع الوصول إليهم كان أمر إقناع بعضهم بعمل لقاء مسجل أو باستخدام كاميرة الفيديو أمر مستحيل وغير قابل للنقاش حتى مع وتوسيط بعض الأقرباء كانت المحاولات تبوء بالفشل .
-
كيف تغلّبت على تلك الصعوبات ؟
كان عندي قناعة كافية بأهمية العمل الذي أقوم به، مكنتني من مواجهة كل تلك الصعاب، كما أنني جاهدت من أجل امتلاك الخبرة العلمية والعملية الكافية في كل عمليات الرصد والتوثيق العلمي الذي أقوم بها، رغم عدم حملي لشهادة دكتوراه أو ماجستير (وهو أول ما ينظر إليه الجهات ذات العلاقة)، فقد درست التصوير الفوتوغرافي وأخذت خبرة كافية في عملية التوثيق والجمع الميداني من خلال تعاوني المستمر مع مركز التراث الشعبي في الدوحة، في الكثير من البحوث التي غطيتها للمركز وكانت تعتمد على الجمع الميداني لأصحاب الحرفة كالنجارة والبناء والحدادة .
جديد الموقع
- 2024-04-20 افراح المبارك والموسى تهانينا
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .
اخبار ذات صلة
لقـــــــــــاءات
الفنانة السورية سماء الزاهد الفن التشكيلي وأنواعه وارتباطه بالثقافة
- 0
- 507
لقـــــــــــاءات
الناقدة العراقية الدكتورة موج يوسف .... الثقافة العربية تتقبل المرأة الشاعرة لكنها لا تتقبلها ناقدة
- 0
- 507
لقـــــــــــاءات
- 0
- 604
لقـــــــــــاءات
الشاعر العراقي عمر السراي : لم اكن من عائلة شعرية ولكنهم يتذوقون لغة الشعر
- 0
- 613
لقـــــــــــاءات
- 0
- 804
© 2019 موقع المطيرفي | Development by Dijlah
تعليقات
بو محمد البحراني
2012-12-27الاستاذ احمد البقشي موضوع رائع ومدعم بالصور شكرا لك متابعون لما تخطه يداك الكريميتن
صالح
2012-12-27مقابلة مع فنان أحسائي مجتهد و مبدع نحت الصخر في مسرته الإبداعية هو أ- سعيد الوايل الذي يستحق الشكر و التقدير و التكريم استمتعت بقراءة هذه المقابلة حتى آخر حرف شكر أ- أحمد البقشي
بومحمد البقشي
2012-12-27اهنيك يابى محمد على هذا الانجاز ،،، ابداع ،،،، بالتوفيق وتحقيق النجاحات ،،،
بومحمد البقشي
2012-12-27اهنيك يابى محمد على هذا الانجاز ،،، ابداع ،،،، بالتوفيق وتحقيق النجاحات ،،،