2020/05/04 | 0 | 2337
تفاصيل في رسائل عائلية .1
في تفاصيل الرسائل العائلية و رسائل الأصدقاء يمكن أن نستخلص الكثير من العلاقات و أواصر القربى و الرحم إلى جانب الأنشطة الحياتية و مظاهرها , و في هذه الرّسالة القصيرة في محتواها الغنيّة في إشاراتها يمكن أن نركز على أواصر القربي بين الأشخاص و أنماط للتعامل المعيشي و الاقتصادي بين الأطراف المذكورين فيها و هذا نصّها :
بسم الله الرحمن الرحيم .
في ربيع 2
لجناب الأخ العزيز الحاج علي بن محمد بن خليفة المحترم -سلّمه الله تعالى - السّلام عليكم ورحمة الله و بركاته على الدّوام و بعد : يا محبّ خطك الشّريف وصل و ما ذكرت صار لدى محبك معلوم , أخي أرسلنا حق منصور يرسل حالا لعيالنا جونيّة بلّم باسم عمّه عبدالله , إن شاء الله إذا وصلت تقبضه منه , أيضا واصلك بيد مسلّمي كساوي خمس لعيالنا , في بيتنا أربع و لي بيت عبدالوهاب و حده , يكون تعطيهم بنت آل محمد علي لأجل موصّيهم عليهم , أيضا اشوي كحل بيد مسلّمي , أيضا واصلك بيد مسلّمي خمسة عشر ريال تعطيهم علي ولد أحمد السليمان و عمرك باقي و السلام , و سلّم على إبن الأخ حسن و محمد الأحمد و عيالكم و عيالنا و من عندكم و منا الولد حسن و الأصحاب يردّون السلام .
محبك موسى بن علي .
( أخي من طرف السّلال وصّينا عليهم و لا جابهم إللي وصيناه
إن شاء الله مطرش الثاني نرسلهم .)
ملامح في الرسالة :
هذه الرّسالة : غير مؤرّخة بسنة و ما ورد عليها هو فقط الشهر ربيع 2 و هذا الأمر شائع في كثير من الرسائل .
المرسل : هو المرحوم الصائغ الحاج موسى بن علي بن محمد بن الشيخ موسى آل علي بن عبدالله . و قد أرسل هذه الرّسالة من القطيف حيث يعمل صائغا مع ابنه حسن و مجموعة من أقاربه .
المرسل إليه هو المرحوم الحاج علي بن محمد آل بن خليفة و هو صديقه و موضع ثقته و هو من يعمل ف يالصياغة في الهفوف .
- ( أخي أرسلنا حق منصور يرسل حالا لعيالنا جونيّة بلّم باسم عمّه عبدالله , إن شاء الله إذا وصلت تقبضه منه ) :
هذا المقطع يشير لشكل من أشكال التعامل بين المرسل , مع تاجرين في الهفوف هما المرحوم الحاج منصور بن علي بن أحمد الرمضان الوجيه و التاجر الأحسائي المعروف و عمدة الرّفعة , من مواليد الهفوف عام 1302هـ , نشأ في بيت تجاري ضم أعمامه , والده فانخرط في العمل التجاري مبكرا بين الأحساء و البحرين و الهند , و تشمل تجارتهم الارزاق و الأقمشة و الأصواف و الزري و لوازم الخياطة و مواد البناء ثم استقلّ بتجارته , و توفي عام 1377هـ .
أما عمّه الوجيه الحاج عبدالله بن أحمد بن محمد بن علي بن محمد صالح الرمضان تاجر و وجه اجتماعي معروف , و من أرباب المجالس في حينه و من الآباء المنجبين , كان يتمتع بسمعه حسنة , و تجارة عريضة ربما عكست تلك المراسلات التي سبق عرضها عن مستوى تجارته و إخوانه التي تمتدّ على أغلب موانيء الخليج و الهند و قد توفي في منزله بالنجف الأشرف عام 1387هـ مخلّفا 11 ابنا و 8 بنات .
و في الرّسالة إشارة إحالة من المرحوم الحاج عبدالله لابن أخيه الحاج منصور , لصرف جونية عيش بلّم ( خيشة عيش ) و تقييدها على حساب الحاج عبدالله , حيث يبدو أن هناك تعاملا بين المرحوم الحاج موسى بن علي الموسى , الحاج عبدالله الرمضان تعامل مالي .
و هو هنا يطلب من الحاج علي البن خليفة استلام هذه الجونية نيابة عنه .
- ( أيضا واصلك بيد مسلّمي كساوي لعيالنا , خمس . في بيتنا أربع و لي بيت عبدالوهاب و حده , يكون تعطيهم بنت آل محمد علي لأجل موصّيهم عليهم ) .
يشير هذا المقطع من الرّسالة لوصول أمانة هي 5 كسوات لأهل بيته وخصّص 4 منها لبيته و واحدة لبيت عبدالوهاب و هو عبدالوهاب البقشي [1] و هو زوج المرحومة مريم بنت عبدالله بن محمد علي البقشي أقارب زوجة المرسل الثانية .
أما المقصود ب( بنت آل محمد علي فهي المرحومة فاطمة بنت عبدالله بن محمد علي بن أحمد البقشي و ههذه المرأة كانت قد تزوّجت بعبدالله بن محمد بن سليمان البقشي و أنجبت منه ابنا واحدا هو حسن وتوفي عنها ثمّ تزوجت المرسل الصائغ الحاج موسى بن علي الموسى و انجبت منه ابنتين هما :
1 – بيبي حرم الصائغ / علي بن حسين بن عبدالله بن محمد علي بن أحمد البقشي .
2- آمنة حرم الصائغ / علي بن حسن بن محمد حسن بن محمد بن الشيخ موسى ال علي بن عبدالله .
- ( و أيضا بيد امسلمي أشوي كحل ) : أي أنه يحمّل هذه الأمانة مع الناقل امسلمي و قد يلاحظ القارئ أن الكحل من لوازم الزّينة إضافة لاستخداماته العلاجية قديما , و هو امر مبذول و متاح في الأحساء , لكن غالبا يكون لوازم البيت يقوم الزوج بتوفيرها حيث وقتها كان خروج المرأة معيبا للتسوّق فإما يقوم الزّوج بتوفيره أو يقوم نساء بتسويقه في المنازل للسيدات مباشرة .
- ( أيضا واصلك بيد مسلّمي خمسة عشر ريال تعطيهم علي ولد أحمد السليمان ) : و يطلب هنا إيصال مبلغ 15 ريال لصهره - زوج بنته الكبرى فاطمة من زوجته الأولى آمنة بنت عيسى السليمان البقشي .[2]
- ( سلّم على إبن الأخ حسن و محمد الأحمد و عيالكم و عيالنا و من عندكم و منا الولد حسن و الأصحاب يردّون السلام )
يطلب إبلاغ السلام لابناء أخيه حسن بن عبدالله و محمد بن أحمد المغتربين في أبو ظبي . - ( أخي من طرف السّلال وصّينا عليهم و لا جابهم إللي وصيناه
إن شاء الله مطرش الثاني نرسلهم .)
و اشرنا لهذا النوع من السلال التي كانت تصنع في القطيف في موضوع سابق .
مسلّمي الذي ذكر في أكثر من رسالة :
هو المرحوم الحاج عبدالله بن حجيّ بن عيسى المسلمي من البطالية بالأحساء كان يمتهن التنقّل بين مدن الأحساء و العقير و القطيف و الجبيل ( عينين ) و الكويت باستخدام الدّوابّ من الجمال و الحمير , و التي كان يمتلكها و كان إضافة لاشتغاله بالاتجار في التّمر و الدّهن و الربيان و الأسماك المجفّفّة , ينقل الأفراد و الأمانات و الرّسائل .
و طبيعة هذه العمل تحتاج قدرة بدنية عالية , كما تحتاج لقدر كبير من الشجاعة و الأمانة حيث أنّ الأمانات التي يقوم بنقلها تتضمّن أموالا أو بضائع ثمينة للآخرين , و تحتاج لحمل السلاح لمواجهة الحيوانات المفترسة أو مخاطر الطريق و مهارة في معرفة الطرق , في الصّحراء , و كان عدد من أهالي الكلابية و المقدام و الجشّة و الطرف يمارسون مثل هذا النشّاط لنقل البضائع أو الاتجار أو الاثنين معا و كانوا وسيلة النقل و شريان التواصل التجاري بين الأحساء و مينائها العقير و بين مدن الجزيرة العربية .
و كان خطّ سيره من منزله حيث تتجمّع فيه الودائع و البضائع و الرّسائل ثم يشرع في المسير تجاه الشّعبة ثم المراح ثم العيون ثم بقيق ثم الّدمام التي كانت وقتها قرية صغيرة من أغلب بيوتها من جريد النخل ثم إلى القطيف ثم إلى الجبيل ( عينين ) و أحيانا كان يقصد الكويت للتجارة بالأقمشة و الأكوات و بعض البضائع الأخرى و في أثناء الطريق كان يتوقف في موارد ماء اهمّها الغواجية قبيل بقيق و أبو الحمام و ماء الأوّل هماج عادة يستعين به لشرب الدّواب , أما أبو الحمام - بعد بقيق- فماؤه مستساغ . فيتزوّد به .
كانت البقاع التي يتوقّف فيها المسافرون و المشتغلون في التنقّل هي سبب نموّ بعض التجمّعات النخيل التي يلاحظها المسافرون على يمين المسافر فقد كانوا يرمون نوى التّمر بعد أكلها و يصادف سنينا مطيرة تساعد على نموّ هذه النوى فتنبت , و كان الكثير من المهتمين ببيع نبات النخل , يقصدون تلك النخيل البريّة لأنها تنضج مبكرا و لا زال بعضهم يمارس ذلك إلى الآن .
و مع بوادر اكتشاف النّفط في المملكة و نشط نقل الرّكاب من الأجانب من ميناءالعقير إلى مواطن اكتشاف النفط فكان فركز المشتغلون بالتنقّل على نقل هؤلاء من العقير إلى الهفوف و المدن الأخرى .
كان ابنه المرحوم حاجي المسلّمي يساعده منذ طفولته في هذا العمل , حتى أنّه روى لأبنائه – أي حاجي – أنه ربما غلبه النوم و غفى و سقط من الدابّة فكان يتنبّه و يساعده والده للرّجوع لركوبها .
كما كان آخرون من البطالية يشتغلون في ذات النّشاط مثل محمد العطا الله .
و الطريق من الأحساء إلى القطيف بالسير الحثيث يحتاج إلى حدود 36 ساعة بالسير الحثيث , أحيانا يمتد لأيام أخر إذا حدث ما يعكّر الطريق من رياح أو أمطار . [3]
و قد حجّ المرحوم عبدالله المسلّمي على بعيره مع مجموعة من أهل ديرته و تمكن من الرجوع بالبعير و هذا لم يكن الشائع دائما , غالبا فكثير من الأبل تموت بسبب الاجهاد و السير الحثيث و حمل الأثقال .
و بعد هجر المرحوم عبدالله المسلّمي هذا العمل بعد أن اشترى عددا من النخيل في طرف البطالية فاستغنى عن هذه المهنة الشاقّة و التحق ابنه حاجي بأرامكو .
و قد توفي رحمه الله في 18/ 12 / 1990 م .
جديد الموقع
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .
- 2024-04-18 مختارات من الرسائل
- 2024-04-18 الأمير سعود بن طلال يرعى توقيع عقد إنشاء بوابة الأحساء
- 2024-04-17 أحدث إصدارات الشيخ اليوسف: «الإمام العسكري: الشخصية الجذابة»