2019/10/23 | 0 | 2699
اللصيق المتملق... خطر على الإنسانية
يقولون بالأمثال في الأحساء الخلاقة (يتميلق عشان يلصق روحه) هذا المثل يتضمن في طياته تراكم خبرة إنسانية، حيث من يريد أن يلصق نفسه بآخر تجده يتملق حتى يكون مقبولاً. واللصيق له عدة أوجه، فقد يكون فرداً أو مجموعة من اللصقاء، أو كثرة بحيث يشكلون بمجموعهم كياناً كبيراً أو دولة لصيقة، ومن اللصقاء:
1- اللصيق العقدي
الإنسان متقلب بقلبه، من حال إلى حال، فتجد من يتغير من الإيمان إلى الإلحاد. أو العكس. ومن ديانة إلى ديانة. أومذهب إلى مذهب، وكذلك من مرجعية إلى أخرى (وكل بعقله راضٍ). وهذا حق إنساني مقبول. لكن تكمن المشكلة أن من ترك معتقده السابق، والتصق دينياً أو مذهبياً أو مرجعياًً، يكون مشروعه طيلة حياته إثارة النعرات والزوابع والافتراء والتلفيق والتشهير على أفراد ورموز معتقده السابق، والأكثر من ذلك تجده يتحزب ويشكل كياناً من (اللصقاء الأصدقاء) هدفهم إدخال الناس النار، أو الإخراج من الجنة، حسب مصالحهم وأهوائهم، كما يرشح وينضح منهم. وابحث تجد من يجذر التفرقة بين المؤمنين، المتمشيخين والمتثقفين اللصقاء المتملقين السلبين.
2- اللصيق الوافد
الخليج العربي حباه الله تعالى بالخيرات، وبمجتمع طيب المنبت والأصل. وقبل البترول كان خليجنا مجتمعاً متجانساً يعاضد بعضه بعضاً، من الباب الإنساني بعيداً عن النعرات المذهبية والتمايز. لكن عندما تفجرت الخيرات والموارد المالية، أضحى الخليج العربي جاذباً للوافدين من جميع أنحاء العالم. بعض هؤلاء الوافدين بدلاً من أن يكون مصدر خير، أصبح ينشر الأحقاد ويثير الزوابع المذهبية حتى يضمن تدفق الأموال في حساباته في البنوك الخارجية، فهذا اللصيق أمواله في الخارج. وميوله العدوانية في الداخل. بالتصاقه ودفاعه تملقاً عن الدين، يكفر هذا ويضلل ذاك، ولا يستبعد أن حياته الخاصة وفي موطنه أبعد ما يكون عن القيم والأخلاق والدين.
3- اللصيق المتجنس
حينما تدفق البترول أصبحت دول خليجنا العربي مصدراً للطاقة واتجهت الأنظار إليها وكل يتسابق في التقرب وكسب ودها، من حكومات وأفراد، والخليجيون بطبيعتهم وأصالتهم رحبوا بالوافدين وفُتحت القلوب قبل البيوت، ولا ضير في ذلك ، وكل من خدم له التقدير والاحترام والأجر، والأجرة مقابل جهده واجتهاده، (ولا منة في ذلك)
ومن هؤلاء من أخذ الجنسية وأصبح سعودياً أو كويتياً وغيره بالتجنيس. وبعض المتجنسين مفلسين، ليس لديهم ما يقدموه إلا إثارة الفتن حتى يكونون قناعة أن تجنيسهم في صالح الخليج، وأكبر ضرر من بعض هؤلاء المتجنسين العجم، فهنا الأعجمي يكون ضرره أكبر لأنه يريد إبعاد الأنظار عن شبح انتمائه. والأكثر والأكبر ضرراً وفتكاً من هؤلاء الملتصقة، الملتصق المتعدد: (ملتصق مذهبياً، وربما أصله من السادة. وملتصق بالتجنس كونه أعجمياً، وملتصق لسانياً، لأن لسانه أعجمياً) هذه الالتصاقات المتعددة، يوازيها سخامات وعدوات متعددة، فتجده يستميت في إثارة الفتن وتأجيج الطائفية، بالخصوص إذا كان يحمل عنواناً دينياً أورسمياً أو شهادة علمية، أوجميعهم. هنا تكون الطامة الكبرى ويبدأ يحارب حتى الحسين -عليه السلام- حتى يبعد عنه شبح الالتصاقات المتعددة أو إن شئت (الإلتصاق النووي). ومن خلال تتبعي للذين يثيرون الفتن ويزرعون الأحقاد في السوشال ميديا، وجدت أنهم من اللصقاء المتجنسين سواء من الدول العربية أو الإسلامية. لكن بحكمة وإدراك قادة الخليج والجهات المختصة الواعية المدركة لما تقوم به تحاسب من يزعزع الاستقرار ويعبث بالأمن الوطني. وكذلك وعي المجتمع الخليجي يفوت على من يحاول تجذير الفرقة الشتات بين أبناء الوطن والدين الواحد.
4- اللصيق الثقافي
المثقف، كاتب وقاص وشاعر وفنان وممثل وغيره. يفترض فيه الوعي والإدراك والقدرة على تعزيز بناء المجتمع وزيادة وعيه وتماسكه. لكن مع الأسف الشديد أضحت نعمة التواصل، نقمة. فنجد في شبكات التواصل الإجتماعي اللصقاء الدخلاء في المشهد الثقافي، منهم من أفنى حياته في عملٍ بعيد كل البعد عن الثقافة والتربية -ولا تثريب في ذلك- وحينما بلغ من الكبر عتياً، وقد بلغ شعوره بالفراغ مبلغه، وجد ضالته في التصاقه الثقافي، وبدأ ينشر كتاباته الملوثة مما علق بذهنيته، ودهنيته ونفسيته من باب حسن نية، أو سوء طوية. فتجده لا يأتِ برأي أو فكرة وإنما غايته تنقيط تسقيط. واستخفاف واستحذاف، وتكرار واعتذار. وأمثال هؤلاء خطر على الإنسانية وتعكير المشهد الثقافي (ولا نحتاج مشقة في معرفتهم، فهو يعرفك بنفسه، فقد ينبري أحدهم ممن يقع في هذه الدائرة بالرد على مقالنا بعاطفة وسذاجة وصلافة).
5- اللصيق المناطقي
الناس يهاجرون، يبحثون على لقمة العيش عبر الأزمان -الله يرزقهم ويوفقهم- وحنينهم لوطنهم الأم. ومع الأسف بعض هؤلاء يتنكر لأصله وأسرته ولهجته، ليبعد عنه ذكريات الفقر والعوز. ويلصق نفسه عنوةً بالمنطقة والمجتمع الجديد، وإمعاناً في تأكيد التصاقه بواقعه الحديث، يحاول جاهداً نفسه ومجاهداً تثبيط مجتمعه السابق والاستخفاف به، وانكار ثقافته ومرتكزاته الحضارية وتوهينها.
6- اللصيق الأسري
التفضيل سنة كونية، كما قال تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ). فالناس درجات وكذلك الأسر بعضها لها صيت وحضور. لهذا ترى من يلصق نفسه بالأسر حتى يتحصل على الجاه (مع قناعتنا أن هناك استثناءات، والإلتصاق بناء على حقائق وقناعات ويقينيات). لكن اللصيق الأسري خطره مزدوجاً، فهو يتنكر لماضيه، وأيضاً يزاحم ويحارب ويزيح بقوة من يشكل تهديداً له في كيانه الملتصق فيه. وهذا ما ذكره الإمام علي بن أبي طالب -عليهم السلام- حينما أراد معاوية الإلتصاق بالبيت الهاشمي في خطابه: "وَ أَمَّا قَوْلُكَ إِنَّا بَنُو عَبْدِ مَنَافٍ فَكَذَلِكَ نَحْنُ وَ لَكِنْ لَيْسَ أُمَيَّةُ كَهَاشِمٍ وَ لاَ حَرْبٌ كَعَبْدِ اَلْمُطَّلِبِ وَ لاَ أَبُو سُفْيَانَ كَأَبِي طَالِبٍ وَ لاَ اَلْمُهَاجِرُ كَالطَّلِيقِ وَ لاَ اَلصَّرِيحُ كَاللَّصِيقِ" شرح نهج البلاغة ج 15 ص 118.
7- اللصيق الجغرافي
اللصيق الفرد خطر علينا كما تبين، وترداد الخطورة إذا توحد اللصقاء بحيث يشكلون واقعاً جغرافياً جديداً، كما حصل في الدول اللصيقة، فتجد هذه الدول تعمل كما يعمل اللصيق يثير الفتن والضعائن، ويعرض خدماته ومعلوماته ومعداته لطرف ضد طرف آخر. فوجود مثل هذه الكيانات اللصيقة خطر يهدد من يقترب منه. والسبب أن هذا الكيان اللصيق مجموعة من اللصقاء.
الفكرة:
من باب الإنصاف، اللصيق يحتمل أن يكون إنساناً خيراً ولصيقاً ايجابياً، إن كان يتمتع بصفات أخلاقية وفكرية. كما هو الحال مع الصديق يوسف -عليه السلام- فهو لم يكن مصرياً لكن إرادة الله جعلت منه لصيقاً بمجتمع غير مجتمعه وبكماله وأخلاقه أصبح لصيقاً لبناء وتوعية مجتمعه الجديد، وهذا يعطينا قناعة أن أرض مصر على مر التاريخ تستوعب وتقدر الطاقات. مصداقاً لقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ).
بينما فرعون بالمقابل، ليس مصرياً في الأصل، وإنما لصيقاً سلبياً، لأنه يفتقد الأخلاق والفكر البناء، وبالتالي كانت النتيجة: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ). إذن اللصيق السلبي ديدنه التمزيق والتفتيت، حسب إمكانياته وقدراته.
ويبقى المجتمع إزاؤه شرائح متعددة، بين مؤيد يتوثب التأليب، أو خائف يترقب الترهيب. وأخطر شريحة إجتماعية (الرماديون) الذين لا تعرف لهم موقف فلا تستطيع أن تحدد موقفهم، لأنهم مزيج بين الحق والباطل بين الأبيض والأسود، وهو موضوعنا القادم
جديد الموقع
- 2024-09-26 افراح العبدالله والشقاق تهانينا
- 2024-09-25 سمو محافظ الأحساء يطلع على مبادرة التعليم "نعاهدكم ببناء جيل منافس عالمياً"
- 2024-09-25 مؤسسة البريد السعودي | سبل تصدر طابعاً تذكارياً بمناسبة اليوم الوطني السعودي الـ 94
- 2024-09-25 برلمان الطفل العراقي حاضرا في معرض بغداد الدولي للكتاب
- 2024-09-25 رئيس مركز يبرين يهنئ القيادة بذكرى اليوم الوطني ال 94
- 2024-09-25 ( في رثاء المعلمة بتول الحمادة )
- 2024-09-25 اليوم الوطني 94 في دائرة الأوقاف والمواريث بالأحساء
- 2024-09-24 أفراح البخيتان وسادة الحسن تهانينا
- 2024-09-23 أمين عام جمعية البر بالاحساء م. صالح بن عبدالمحسن ال عبدالقادر: اليوم الوطني ليس مجرد ذكرى
- 2024-09-23 حسين الجسمي يصدح في حب السعودية بأغنية "الفخر من هنا" في اليوم الوطني الـ 94