مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2018/11/11 | 0 | 2340
الشيخ حسين العباد : آفات اللسان ـ ذو اللسانين والوجهين، وإفشاء السر
( متابعات )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. ]طه: 25 ـ 28[.
ذو اللسانين والوجهين :
من آفات اللسان ما يعرف بذي اللسانين والوجهين، بأن يكون الإنسان يتحدث لأناس بشيء ولآخرين بشيء مخالف، كأن يكون مادحاً لهم أمامهم وذامّاً لهم أمام غيرهم، أو أن يمدح قوماً عند أحد، ويذمهم عند آخر، وهذه من الآفات التي نهى عن رسول الله (ص) وهنالك روايات في هذا الشأن، منها قوله (ص): «إن شر الناس عند الله يوم القيامة ذو الوجهين». [وسائل الشيعة، الحر العاملي12: 259].
وعن الإمام الصادق (ع) قال : «من لقي المسلمين بوجهين ولسانين، جاء يوم القيامة وله لسانان من نار».[الكافي، الكليني2: 343].
وحديث آخر عن الإمام الباقر (ع) : «بئس العبد عبدٌ يكون ذا وجهين وذا لسانين، يُطري أخاه شاهداً ويأكله غائباً، إن أعطي حسده، وإن ابتلي خذله».[الكافي، الكليني2: 343].
فهذا الخلق السيئ كما ترون، تترتب عليه أيضاً الكثير من الأخلاق الأخرى الدنيئة، كالحسد وخذلان الأخ. فلا بد أن يحاسب المرء نفسه، ويعلم أن الله تعالى رقيب حسيب، وأنه سوف يأتي ذلك اليوم الذي ينكشف فيه هذا الأمر عاجلاً أم آجلاً.
قد يقول قائل : ماذا أصنع إذا استزلني الشيطان يوماً فاغتبت فلاناً من الناس، أو ذممته؟ الجواب: إن استطاع الاعتذار دون أن تكون هناك مفسدة أكبر فبها، وإلا فلا بد من تصحيح الموقف أمام من اغتابه أمامهم ونال منه. فإن لم يمكن ذلك فعليه أن يستغفر للمغتاب أو من قدح فيه بشكل من الأشكال.
والأفضل من هذا كله أن يراقب المرء نفسه، فلا يتكلم كثيراً بكل ما خطر بباله، فهناك صنف من الناس إذا جلس في مجلس تحدث بكل ما يدور في باله، لأنه يتصور أن السكوت منقصة، إلا أن العكس قد يكون صحيحاً، أي أن الكلام قد يكون منقصة، وذلك إذا اشتمل على غيبة أو نميمة أو كذب أو غيره. وقد قيل في الأمثال: الوقاية خير من العلاج. بل الوارد عن أمير المؤمنين (ع) : «من كثر كلامه كثر خطؤه». [نهج البلاغة:536، صبحي الصالح]. فلا بد إذن من وقفة تأمل للوقاية من هذا المرض الخطير.
إفشاء السر:
ومما يندرج في هذا الباب أيضاً إفشاء السر، وهو من الأمراض التي تدخل تحت هذا العنوان من جهةٍ ما، فإن السر أمانة، ومن يستودعك أمانة يرى أنك أمين، وأنت تظهر أمامه أنك أمين، إلا أنك إذا أفشيت سره ولم تحفظ الأمانة كنت ذا وجهين، وجه أمامه يحفظ الأمانة، ووجه في غيابه يفرط بها ولا يحفظها.
وإفشاء السر من الأمراض المتفشية في المجتمعات والعياذ بالله. والسر هو ما تكتمه وتخفيه عن الآخرين، ويكون في كشفه مفسدة في المجتمع، وللآخرين الذين أفشيت السر الذي يتعلق بهم، وهذا منهيّ عنه، بل هو من الخيانة.
ولعل البعض يتصور أن الأمانة مادية فقط، كأن تكون مالاً أو غيره. لكن معنى الأمانة أوسع من ذلك، فقد تكون أمانة مادية وقد تكون معنوية، وعندما تتساهل بالأمانة فهي الخيانة. فلا بد من حفظ الأمانة مهما كانت الظروف، وأن يتحفظ الإنسان على السر، فلا يتحدث بأسراره أو أسرار غيره مهما كانت الأحوال.
عن الإمام الصادق (ع) أنه قال : «لا تطلع صديقك من سرك، إلا على ما لو اطلع عليه عدوك لم يضرك، فإن الصديق قد يكون عدوك يوماً». [تحف العقول، ابن شعبة الحراني: 312]. فالصديق قد يكون لك عدواً في يوم من الأيام، فلا يحفظ سرك، وهو ما حصل للكثيرين في المجتمع، وهو ما يحذر منه الإمام الصادق (ع).
وعن الإمام علي (ع): «جُمع خير الدنيا والآخرة في كتمان السر ومصادقة الأخيار. وجمع الشر كله في الإذاعة ومؤاخاة الأشرار». [الاختصاص، الشيخ المفيد: 218]. وعنه (ع) : «أنجح الأمور ما أحاط به الكتمان». [عيون الحكم والمواعظ، الليثي الواسطي.: 123].
قول الشعر:
ومن الأمور التي يمكن أن تكون آفة من آفات اللسان قول الشعر، وهي سلاح ذو حدين، فالشعر في أيام الجاهلية كان حالة طاغية في المجتمع قبل الإسلام، وكانت منتشرة ومتفشية في المجتمعات العربية يتباهى بها الجميع ويفتخر، ولا يكاد يكون هنالك بيت إلا فيه شاعر.
والشعر في نفسه ليس فيه محذور ولا حرمة، ولكن المحذور هو الأغراض والموضوعات التي يتناولها، فالهجاء مثلاً محرم، وإثارة الفتنة بين الناس، والتحريض على القتل، والانتقاص من الناس وتشويه صورتهم، وغير ذلك مما كان طاغياً على الشعر قبل الإسلام. فكان التحذير منها منذ البداية، وكان النهي عنها مطلقاً، أي بالغالب العام، باعتبار أن تلك الأغراض المحرمة كانت هي الطابع العام. ولذلك نهى عنها رسول الله (ص).
والشعر هو نظم الكلام بطريقة تصويرية جميلة تجذب الأسماع، وتطرب لها النفوس، وتميل القلوب، وهذا النهج يمكن أن يكون في الخير أو الشر على حد سواء، والمنهي عنه هو نظمه في الشر والحرام وليس مطلق الشعر.
يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُوْنَ ~ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيْمُوْنَ ~ وَأَنَّهُمْ يَقُوْلُوْنَ مَا لَا يَفْعَلُوْنَ ~ إِلَّا الَّذِيْنَ آمَنُوْا وَعَمِلُوْا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوْا اللهَ كَثِيْرَاً وَانْتَصَرُوْا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوْا﴾. [الشعراء: 224 ـ 227]. والغي خلاف الرشد، قال تعالى: ﴿قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ﴾. [البقرة: 256].
فالشعر تارةً يكون مشتملاً على فائدة وحكمة، وتارةً يكون مجرداً عن ذلك، بل على العكس من ذلك، ليس فيه سوى المحرمات. فالأول مباح والثاني حرام منهيّ عنه.
ولذلك نجد أن هنالك روايات أخرى تحث على الشعر، كما هو الحال في كتابة الشعر في أهل البيت (ع) وأن من كتب بيتاً من الشعر فيهم كان له بيت في الجنة. مما يعني أن الشعر ليس منهياً عنه بالمطلق.
فعن النبي (ص) أنه قال : «إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحراً». [من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق4: 379]. وكان الشاعر حسان بن ثابت يوصف بأنه شاعر الرسول، وقد أثنى عليه رسول الله (ص) لا لأنه شاعر فقط، ولم يثنِ على شعره بالمطلق، إنما أثنى ما كان منه في إطار الحكمة والدين والخلق ومدح النبي (ص).
فمما يروى عن النبي (ص) أنه خرج ذات ليلة في إحدى غزواته فقال : أين حسان؟ فقال: لبيك يا رسول الله. فأمره أن ينشد الشعر، فأنشد، حتى فرغ من إنشاده، فقال رسول الله (ص): لهذا أشد عليهم من وقع النبال.
وفي الحديث عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «يا معاشر الشيعة علموا أولادكم شعر العبدي فإنه على دين الله». [رجال الكشي: 140]. وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (ع) : «كان أمير المؤمنين (ع) يعجبه أن يروى شعر أبي طالب وأن يدوّن. وقال : تعلموه وعلموه أولادكم فإنه على دين الله». [وسائل الشيعة، الحر العاملي17: 331]. فإذا كان الشعر في هذا الجانب فهو مطلوب ومؤيد بروح القدس كما ورد عن رسول الله (ص).
ويقول الإمام الصادق (ع) : «من قال فينا بيت شعر بنى الله تعالى له بيتاً في الجنة». [عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق1: 7]. وسئل علي بن أبي طالب (ع): من أول من قال الشعر؟ فقال : هو آدم.
وأول بيت أنشد من الشعر كما يروى هو قول آدم (ع) بعد مقتل ولده هابيل :
تغيرت البلادُ ومن عليها فوجهُ الأرض مُغبرٌّ قبيحُ
ومن روائع الشعر، أن هشام بن عبد الملك جاء من الشام إلى المدينة، ثم إلى مكة المكرمة للحج، فأراد أن يصل إلى الحجر الأسعد، فلم يستطع. فجلس ينتظر حتى يخف الزحام. وفي تلك السنة كان الإمام زين العابدين (ع) قاصداً للحج، فلما طاف بالبيت ووصل إلى الحجر افترق الناس له سماطين، فاستلم الحجر وقبّله. وكانت الحاشية التي حول هشام بن عبد الملك لا تعرف من هذا، فتساءلوا قائلين: من هذا؟ وكان هشام يعرفه جيداً إلا أنه تظاهر بعدم معرفته، فسأل أيضاً: من هذا؟ وكان الفرزدق حاضراً، فانبرى إليه قائلاً :
يا سائلي أين حل الجودُ والكرمُ عندي البيانُ إذا طلابه قدموا
حتى وصل إلى قوله :
وليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من أنكرت والعجمُ
وهذا من الشعر الرائع الرسالي الذي ورد الحث عليه، بخلاف ما كان منه في سياق المحرمات أو المكروهات أو الأمور العبثية التي لا طائل من ورائها.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2024-04-25 اترك أثراً إيجابياً.
- 2024-04-25 مؤسسة رضا الوقفية تكرم الفائزين في مسابقتها التصوير الفوتوغرافي - النسخة الثانية
- 2024-04-25 «خيوط المعازيب».. والذاكرة المنسية
- 2024-04-25 ناشط قرائي
- 2024-04-25 يحيى العبداللطيف و ( دكتوراه ) جديدة لسجل شرف ( الينابيع الهَجَريّة )
- 2024-04-25 13298 خريجًا وخريجة أمير الشرقية يرعى حفل تخرج الدفعة الـ 45 من خريجي جامعة الملك فيصل بالاحساء
- 2024-04-25 %150 زيادة الطاقة الاستيعابية لمطار الأحساء
- 2024-04-25 16 جمعية وقفية في المناطق والمحافظات
- 2024-04-25 احصل على 800 ختمة قرآنية شهرياً
- 2024-04-24 جمعية البيئة الخضراء بالأحساء تكرم البورشيد لاطلاقه (ديك الماء)