2019/10/22 | 0 | 1072
الحرص من الآباء الأوفياء و القلق من الأبناء
سوء الخيارات الفردية اللحظية و علاقتها ب إستقرار الحياة قد تؤجج اضطرابات معينة في العلاقات البينية الأسرية . كل ما دفعه و سيدفعه الأب ، لاسيما الأب المتزن و الكيّس ، من جهد و مال و وقت و توجيه لتربية أبناؤه و الحفاظ على أسرته هو بمثابة درهم وقاية و صنع لبنة اجتماعية سليمة في البناء الإجتماعي و خير من قنطار مال للعلاج . و أي أب يستخف ب واجباته الأخلاقية نحو أسرته أو يهملها أو يكابر بالقول ل ابنائه حياتكم لكم و حياتي لي أو ينعزل عنهم أو يهرب من مسؤولياته التربوية هو منتحل لِلقب الأب أو أب بيولوجي فقط . الأب في عهدنا المعاصر و في المجمل العام بعد ان يشب ابناؤه هو بين خيارين في التعامل معهم بناءً على المتغيرات الزمكانية:
الخيار الاول : الصدود التام عن ابنائه بمجرد ولوج ابنه السن القانوني أو انغماس الأب في مراهقته المتأخرة و هذا هو التوجه الرأسمالي البحت الذي يتقمصه البعض ؛ و هذا السلوك له تبعاته النفسية و التربوية و الاجتماعية و الأمنية على الأبناء بالأساس و المجتمع كافة و الوطن.
الخيار الثاني : الإستمرار من الآباء بالنصح و التوجيه و التربية و المساندة و الدعم و التشجيع واستشعار أي خطر قد يقع على الأبناء لتنبيههم منه و دفعهم نحو الأعمال الصالحة و القيم العليا حرصا منهم لجلب الأفضل لأحبابهم. و إن لزم الأمر منه الاستمرار في الانفاق المالي الإكتواري على الأبناء المحتاجين للمساعدة و حسب الحاجة و في نطاقات محددة تعينهم على صقل ذواتهم و الوقوف على أرجلهم . وهذا اللون اي الخيار الثاني من التعامل يتناسق و روح النصوص الأخلاقية الواردة على لسان نبي الرحمة :( خيركم خيركم لأهله ... الحديث ) .
يدرك معظم أبناء المجتمع انه مهما يكن الإبن فهو جزء من الأبوين و ليس العكس ، و عليه لابد من التوازن في التربية فلا إفراط و لا تفريط ( التوازن ) . مع شديد الأسف سوء التربية و الدلال الزائد أو الإهمال الزائد ينتج للمجتمع ابناء متواكلين و غير مؤهلين و عالة على المجتمع ؛ و يدفع الآباء أو الأمهات إن عاجلا أو لاحقا سوء اعمالهم من الاهمال المتراكم او الدلال المفرط لسوء ما يقع به الابناء من سلوكيات غير محمودة او متاعب او اعمال اجرامية أو لصوصية أو سقطات اخلاقية .
كما يدرك معظم ابناء المجتمع ايضا انه مهما يتقلد الابن من مناصب او يستحصل من حريات او املاك او ثروات ، فانه مُلزم اخلاقيا و عرفيا و قانونيا و دينيا بعدم اساءة استخدام تلكم النعم ضد الاخرين ك الوالدين او الزوجة او الابناء ؛ و عليه لابد من النضج و الوعي في تسخير النعم فلا افراط و لا تفريط ( التوازن ) . مع شديد الأسف تورد الصحف الرسمية بشكل ملفت للانتباه اخبار تصاعد حالات الطلاق الجنونية و زيادة منسوب تنمر المراهقين في المدارس و غياب بعض الفتيات من بيوت أسرهن و .. و .. فهكذا افعال سيزيد معدل حرص الآباء على انضباط الابناء و في ذات الوقت يزداد قلق الابناء من مصادرة حرياتهم من الاباء تحت عناوين الحرص ؛ و هنا قد تزداد مساحات النزاع او الاختلاف بين جيل الاباء و الابناء . و هكذا نزاع قد يتولد منه زيادة في الإنفاقات المالية الرسمية على هؤلاء الابناء و البنات من ضحايا الطلاق في المجتمع و سيؤدي الى تهشم الأواصر و نخر البناء الاجتماعي و الوطني . في التحولات الزمكانية بين الأجيال النشيطة الممتلئة حيوية و الاجيال الكبيرة في السن الراكدة ، قد يكون من الحصافة إعداد برامج Can Do “ Approach " ل اعطاء تصور يتوافق مع Driven-Result Oriented people للحفاظ على اداء المتميزين داخل الأسر و السعي لمواكبة الزمكان في اجواء تخلو من التشنجات او الانشقاقات او الانقسامات .
كل الآباء المخلصين يريدون بإخلاص و حرص حياة ناجحة لابنائهم في الدنيا و الاخرة و كذلك كل الابناء الاوفياء يسعون بجد و اخلاص لإنجاز السعادة في معيشتهم و البر بوالديهم و رفع روح القلق و المخاوف .
لن يقبل الاباء الاوفياء لاسرتهم ان ينحرف اي فرد من عائلتهم تحت اي يافطة او موجه او شعار ؛ ولا يقبلوا بإنفلات ابناءهم من القيود السلوكية المحمودة أو أن ينخرطوا في اعمال مشينة ك التفحيط أو ازعاج الآخرين حتى لو كانت تلكم الضوابط تمثل عائق من انطلاقات الفرد المفرطة في عالم اللهو و الملهيات او التشدد و الغلو . و عليه يشجع التربويون و اخصائي علم الاجتماع و التربية الأسرية ضرورة احتواء الابناء ان وجدوا داخل اسرهم و مكاشفة الأزواج فيما بينهم لطرق الحياة التي يودون ان يبنونها قبل تكوين أسرة و انجاب اطفال . كما يحض التربويون على ضرورة التكيف مع معطيات الزمكان مع ما يتناسب و قناعات الاسرة و بطرق ملائمة و ليس الكبت و الحرمان .
نستشعر ك افراد انه من جميل نتاج جهود الآباء و الأمهات المحسنين في تربية ابنائهم هو وجود افراد صالحين داخل المجتمع يبثون الفضيلة من الاخلاق و يسعون للتسويق لها و يعملون على توطيدها و يشعرون الانسان ب الاطمئنان في الانتماء الاجتماعي و يعينون البلاد و العباد على النمو الاقتصادي و الاستقرار الأمني و حفظ معدل الجريمة و مكافحة الرذيلة و استقرار الحياة لهم و للمحيط الاجتماعي .
جديد الموقع
- 2024-04-20 افراح المبارك والموسى تهانينا
- 2024-04-20 مركز بر حي الملك فهد يقيم احتفالا للمتطوعين بعيد الفطر ١٤٤٥
- 2024-04-19 البدر توقع كتابها سُمُّكِ ترياقي
- 2024-04-19 مكتبات من بشر
- 2024-04-19 المدة والملكية والترجمة وسائل لاستغلال مؤلفي الكتب
- 2024-04-19 أفراح البخيتان بالمطيرفي تهانينا
- 2024-04-18 مكتبات ليست للقراءة فقط
- 2024-04-18 الخميس: رغبتنا صعود لدوري الكبار
- 2024-04-18 "ختام ملتقى موعود مع انطلوجيا القصة القصيرة السعودية"
- 2024-04-18 بر الفيصلية يقيم حفل معايدة لمنسوبيه .