2020/05/03 | 0 | 1767
أطفالنا الموهوبون والمجتمع
دخل صبي في التاسعة دارًا من الدور التي تبيع الكتب بمدينة شيكاغو، وأخذ يفحص بعض الكتب العلمية المخصصة للبالغين، فأقبل عليه صاحب الدار قائلا «يا بني إن كتب الأطفال في الطابق العلوي» والتفت الصبي للرجل وقال «شكرًا يا سيدي، ولكنني أبحث الآن عن بعض المعلومات في موضوع الطاقة الذرية، ويهمني بوجه خاص أن أستزيد إلمامًا بتركيب عنصر من عناصر اليورانيوم دلالته العلمية يو – 235، فهل يمكنك معاونتي في هذا الموضوع؟»
لم يصدق صاحب الدار أن الصبي يعني ما يقول، ولكنه سحب بعض المجلدات من رفوفها وناولها لعميله الصغير الذي أخذ يمر مرًا سريعًا على ثبت المصطلحات والأعلام وعلى جداول محتويات كل مجلد، ثم التفت أخيرًا إلى صاحب الدار وهو يقول «أعتقد أن هذا الكتاب يفي بالغرض المطلوب، أما عن ذلك الكتاب الآخر فيبدو لي أنه ممتع ومشوق، ولكنني سأؤجل شراءه للشهر المقبل حتى أحصل على مصروف الشهر»
ويلف صاحب المتجر الكتاب ويسلمه للباحث الصغير، وما أن يغادر الصبي المحل حتى يستند الرجل إلى طاولة البيع ملتفتًا إلى كاتب المحل في دهشة بالغة ويقول «يا للعجب، إن هذا الطفل فلتة من فلتات الزمن، إنه أعجوبة، ولكن الأعجب من هذا أن تبدو عليه دلائل اللطف وحسن الخلق»
إن تعليق صاحب الدار ليس غريبًا، فنحن نسمع مثل هذه التعليقات في كل مكان، إذ إن معظم الناس يتوقعون الشذوذ وغرابة الأطوار في الأطفال الموهوبين ذوي الذكاء المفرط، والذين –للأسف- ننعتهم بالغرابة والشذوذ، إذ اعتدنا خلال الأجيال المختلفة أن ننظر إلى أطفالنا الموهوبين نظرة يختلط فيها الحسد والخوف والتهكم، ونحن نتمنى أن يكون أطفالنا أذكياء لامعين، قادرين على تأدية واجباتهم المدرسية وعلى شقّ طريقهم في الحياة بنجاح، وعلى التفوق، ولكن لا نتمنى لهم النبوغ والعبقرية لأن هذه الفكرة تسبب لنا بعض القلق والذعر.
عندما نفكر في الطفل الموهوب قد تتبادر إلى أذهاننا صورة مخلوق نحيل القوام شاحب اللون، مختلف، دائمًا وراء أكوام عالية من الكتب، ونحن إذ نتجه هذا الاتجاه المشوّه في التفكير قد نضيّع من أيدينا فرصة غالية وثمينة، فكثيرًا ما يؤدي هذا إلى التضحية بأغلى ما لدينا من مصادر طبيعية، إننا نضحي بقادة المستقبل كما نضحي تمامًا بأكثر المزروعات حيوية وأهمية لنا، ولكن مع الفارق، فالزرع يمكن زراعته من جديد، أما الموهبة فهيهات أن نعثر عليها بعد ضياعها، الدولة لم تأل جهدًا في توفير كل الإمكانات في احتضان المواهب بمختلف أعمارهم من المراحل الأولى الدراسية إلى الجامعية، وبذلت الكثير في تطوير برامج الموهوبين، إلا أننا ما زلنا نعيش البيروقراطية في استغلال هذه المواهب التي تنتهي وتذبل كالزهرة بدون ثمرة، ومجرد بالون إعلامي.
إننا مطالبون اليوم بتطوير برامج الموهوبين، لترتقي إلى حالة التنفيذ بدلًا من التنظير، وهذه مسؤولية الدولة والمجتمع بشرائحه كافة.
جديد الموقع
- 2024-03-29 بالبطولات التاج يزرع الفرحة تهانينا
- 2024-03-29 الكتب والعزلة
- 2024-03-29 تنمية مهارات التعامل مع الآخرين.
- 2024-03-29 شجنة من نور محمد السبط المجتبى (ع) (في فلك حديث عالم الأنوار)
- 2024-03-29 هموم وتطلعات المرأة السعودية - في المجموعة القصصية « 10 أيام في عين قسيس الإنجيلي » لرجاء البوعلي ..
- 2024-03-28 نادي الباحة الأدبي يناقش (كينونه) كأول تجربة عربية لمسرح الكهف.
- 2024-03-28 البيئة تطلق خدمة الحصاد المجاني للقمح لمساحات 30 هكتارًا
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تطلق مشروع الحديقة المركزية على مساحة 15 ألف متر مربع السعودية الخضراء .. مبادرة تاريخية ملهمة لتحقيق المستقبل الأخضر العالمي
- 2024-03-28 جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تتصدر المؤشر الوطني للتعليم الرقمي في فئة (الابتكار)
- 2024-03-28 رئيس جمعيــة المتقاعديــن بالمنطقة الشرقية يقدم الشكر والتقدير لرواد ديوانية المتقاعدين