2020/08/06 | 0 | 1702
أزمة الخطاب الديني بالأحساء (3)
حالة التصادم الناتجة من اختلاف الرؤى بين العلماء المختصين في المجالات العلمية الاستدلالية سمحت وعبر الثغرات الغير ملموسة لتطفل أدعياء الفكر والمعرفة كما رفعت وتيرة التملق والمزايدة بين المؤمنين لفرز العلماء بين عالم أصيل ومدعي علم .
هذه الحالة أصلت لمفاهيم ومدارس بل واتجاهات تكرس الهجوم وتعزز العدوانية وهي نتاج واضح للعجز في المواجهة بل وسقطت أقنعة كنا والى زمن قريب نعتقدها حصن من حصون المذهب وصاحبة جولات لبيان المبهم من دعاوى المغرضين والحاقدين على المذهب .
هذا الفرز ولد حالة متباينة من الخطاب الديني ووضع أصل الخطاب في محك الرقابة الشعبوية والتي من شأنها تصنيف السديد من المعتوه ضمن معطيات العصر وتطور آلياته ، فنجد من شطح بالخطاب الديني نحو مستويات متدنية من التسفيه للمقاصد الدينية وسبل معالجة الواقع بينما تمسك الطرف الآخر بنظرية التعظيم لكل ما توارثت عليه سنة العلماء عبر تاريخ التشيع وذهب آخرون لمحاولات الموازنة بين المعقول والخرافة عبر تشغيل الادوات وما توصلت اليه العلوم الشرعية في حل التصادمات بين الافراط والتفريط .
وعلى الرغم من حجم الفاتورة التي قدمها الطرف الثالث إلا أنه وحتى كتابة هذه الكلمات لازال الطرف الثاني هو الاقوى والمهيمن على المشهد العام للطائفة رغم عدم قناعتي الشخصية بافق واضح لهذا المنحى وسيزيد المشهد تأزيماً في قادم السنين والايام.
وبتحليل مصادر قوة الطرف الثاني نجد أن عملية التعظيم تلقى استئناس لدى الجو المحيط بالمرجعية الدينية وحالة فكاك من عتق الحجة والتي تمثله الاقطاب المحيطة بالمرجعيات الدينية ولا أعلم لماذا لا تنبري الحوزات لتأصيل الابحاث العقائدية بالمستوى الملائم والجريء اللازم لمثل هذا الانفتاح الثقافي الكبير .
بل وأكثر المنصات للأبحاث العقائدية المتوفرة حالياً عادة ما تنشأ من مبادرات فردية لها ابداعات ولكنها تبقى جزئية ومحدودة لما تستهلكه من جهد كبير للمتصدي لها من أهل السماحة والفكر والمعرفة.
أما الطرف الأول وهو منشأ التعب والارهاق للوسط العلمي فهو لا يقل عن الطرف الثاني في اشغال الوسط العلمي بتعرية الثغرات ولعل مصادر قوته هو عدم الاعتبار الذي يلاقيه حال خطابه من جمهور العلماء لأسباب متعددة أهمها حالة الريبة من هذا الاتجاه وتكوين قناعة أن بوادر عملية التسفيه للموروث انما تعززت من اعتبارات تغريبيه غايتها فصل الدين ونظامه عن سبل الحياة المدنية لذا من ينجر خلف هذا التيار يجد نفسه في تصادم فطري مع تيار تعظيم الموروث .
من كل ذلك نجد أن الوسط الأعم لا يعير أهمية للاصطفاف ويحاول استسقاء الحياة السليمة بناء على منجزات كل تيار وبما تستجيب له فطرته السليمة المبنية على حسابات القناعة والمنطقية وتخضع بالمجمل لرأي القيادة الدينية المتمثلة بالمرجعية العظمى في الوسط الشيعي .
نعم نحن أحوج للالتفات للمرجعية كونها صمام الأمان الأهلي لمجمل الشيعة وملهمة التسامح المنشود بين جميع أطياف المجتمع خاصة أمام هذه الهجمات المتتالية والتي تسعى لقطع حبال الترابط عبر ضرب مركزية الشيعة ونشر ثقافة التشكيك بالمقاصد والرقص على عثرات حال الأمة بل واللصاق التهم والتشويه المتعمد .
قد تبتلى المرجعية بالمتملقين ومن يقصدون تعظيمها نتاج هجمات الاعداء ولكنهم يقعون في هاجس المزايدة والتي من شأنها تشويه مقامات المرجعية عبر رسم صورة الجلاد تجاه أي متعد وهذا مغاير للحقيقة ، ويكفينا فخراً أن للمرجعية تاريخ ناصع يشهد بحالة السمو والترفع عن السفاسف والشخصنة وكثيراً ما ينقل لنا حالة العفو التي تبديها المرجعية لكل معتدي على المقام الشخصي وذلك لرسم سيرة اخلاقية تنقل العموم للاقتداء وحفظ بيضة الدين بعيد عن الانتقام الشخصي.
هذه المقاصد تمثل منهج متزن للدعوة والتقريب وتنهض بالأمة نحو آفاق وأي تمرد عليها أو صدام معها يمثل انتكاسة حقيقة كفيلة بشرعنة التطرف وتأصيله .
كل هذه الأطراف الثلاثة لها تمثيل واقعي بالأحساء كما وشهدت الساحة الدينية أزمة حقيقة نتيجة تصادم هذه الاطراف الثلاثة وظهور آثار هذا الصدام في التشكيل الجديد والفرز الحالي للمشهد الديني مما يمثل تحد حقيقي لسبل التقريب والسعي نحو حركة واحدة لبناء المجتمع عبر تأصيل التفاهمات والاحترام المتبادل بين الرؤى المتباينة.
ولكل طرف من الأطراف السالفة الذكر مصادر تعزيز والهام وتقوية وقد تكون من خطوط عريضة منها ماهو متزن ومعترف به ومنها ماهو متطرف مما يزيد المشهد نحو الاحساس بالمسؤولية في صون المجتمع ووقايته من نتاج الصدام والعبث والتفريغ الحقيقي لشحنات التوجيه .
لذا كان من اللازم صياغة نموذج للتعامل مع أي تباينات مبني على السليم من الأثر الذي تمثله مصادر الأمة وسيرة علماء الشريعة والتي تعتبر امتداد طبيعي لأخلاق النبوة والامامة دون تشويه والمتمثلة بمبادرات المرجعية الرشيدة .
كما أوصي اخواني من أي تيار بضرورة الفطنة من اتجاهات الاستعداء والتي تمثلها القنوات الفضائية المريبة والتي غزت منازلنا وكونت شعبية عبر المزايدات المريبة في الفكر والعقيدة بهدف تكوين حامية لها تستطيع التوجيه المستقبلي لما يخدم اجندتها المشبوهه ، ولتكن سيرة المرجعية الرشيدة هي نبراس الحذو بما تمثله من اعتدال واضح للشيعة بين توجهاتهم ولإخواننا في الدين من بر وتواصل .
جديد الموقع
- 2024-04-24 جود بخاري تحقق أول برونزية سعودية في البطولة الآسيوية للبلياردو
- 2024-04-24 في أسبوعه العالمي .. خوجة : التطعيمات واجهت عبر التاريخ شراسة الفيروسات
- 2024-04-24 صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز ال سعود يفتتح مستشفى الموسى للتأهيل بالاحساء
- 2024-04-24 مبدعات في الرواية والمسرح والشعر من دول مجلس التعاون الخليجي جواهر القاسمي تكرم الفائزات بجائزة الشارقة لإبداعات المرأة الخليجية
- 2024-04-24 المرجعية الإنسانية وتجديد بنية المرجعية الدينية
- 2024-04-24 طرقات على (مقهى الأبواب الصامتة)
- 2024-04-24 الدكتورة الهزاع تدخل الفاحص الذكي علي مركز الملك سلمان الاجتماعي
- 2024-04-24 صباح الخميس .. ضمان القطيف بالسعف والخوصيات "يفعل اليوم العالمي للتراث"
- 2024-04-24 مهرجان الجبل الثقافي يعلن عن موعده الجديد في 26 أبريل
- 2024-04-24 الصندوق العقاري" يودع 961 مليونًا في حسابات مستفيدي سكني لشهر إبريل