
السيد علي بن السيد أحمد بن السيد صالح الشخص ( شبر ) ، من مواليد بلدة القارة عام 1358هـ ، تعلّم القرآن الكريم عند إحدى المؤمنات ، توفي والده وعمره ستة أشهر ، فانتقل إلى بلدة بني معن بإشراف من خاله الحاج عباس بورشيد ، وتولت والدته تربيته مع أخ وأخت له ، وكانت تنفق عليهم مقابل ما تحصل عليه من مكافآت مالية من القراءة الحسينية وخياطة الملابس النسائية بالرغم من صعوبة الحياة المعيشية في مثل ذلك الزمان . وبعد أن أكمل السيد عشر سنوات تزوجت أخته بابن عمها من سادة الشخص ، فرجع بمعيتها إلى بلدة القارة . عمل في بداية حياته في قطاع الزراعة ثم في المقاولات خارج منطقة الأحساء ، ثم التحق بشركة أرامكو السعودية عام 1377هـ ، وبعد خدمة ثمانية عشر سنة بالشركة السعودية ، قدم استقالته والتحق بالدراسة الحوزوية في مدينة النجف الأشرف وذلك عام 1395هـ ، فدرس الفقه عند السيد عدنان الغافلي ، والمنطق عند الشيخ عبد الله الدندن ، واللغة العربية عند الشيخ جواد الدندن ، واللمعة عند السيد محمد حسين تقي الحكيم ، والفلسفة عند السيد محمد رضا التنكابني ، والعقائد عند الشيخ بشير النجفي . وبالنظر للظروف السياسية التي مرّت بالعراق وبعد خمس سنوات من دراسته الحوزوية ، قفل راجعاً إلى الأحساء والتحق بدروس السيد محمد علي العلي في الحوزة العلمية بالأحساء مستمراً معه لمدة اثنين وثلاثين عاماً بدأها بالأصول والمكاسب وبعد مرحلة السطوح شرع معه في دراسة بحوث الخارج ، ودّرس الفقه للكثير من طلبة العلم منهم : الشيخ علي الخير الله ، والشيخ عبد العزيز القضيب ، والشيخ أحمد الجبران ، والشيخ يوسف الخضير ، والشيخ يوسف الزويد ، والسيد إبراهيم الحاجي . كما يعتبر السيد علي من أوائل طلبة العلوم الدينية بالمنطقة في إقامة صلاة الجماعة للنساء في كل من بلدة القارة والبطالية والحوطة والساباط ، والرميلة . كما أنه من أوائل الذين ألزموا النساء بلبس الجوارب التي لم تكن معهودة في ذلك الوقت لعدم التفاتتهن للحكم الشرعي ، وهو خطيب حسيني .
س / حدثنا عن بداية التحاقك بالدراسة الحوزوية .
ج / في بداية حياتي فقدتُ والدي فعشتُ يتيماً فتكفلت والدتي بتكاليف معيشتنا ، ولما أصبحتُ قادراً على العمل بدأتُ أبحث عن لقمة العيش ، وعملتُ في أعمال متعددة ثم التحقتُ بشركة أرامكو السعودية في عام 1377هـ ، وخدمتُ لأكثر من ثمانية عشر عاماً في شركة أرامكو السعودية توليتُ فيها العديد من المسؤوليات كان آخرها الإشراف على معمل لتغذية خطوط أنابيب البترول ، في أثناء عملي بالشركة كان يراودني بين الفين والآخر التوجه إلى الدراسة الحوزوية ، وبعد زيارتي في إحدى السنوات لدولة العراق التقيتُ بالشهيد السيد حسن الشيرازي وكان يلح عليّ بأهمية مواصلة الدراسة الحوزوية ، فعزمتُ على ذلك فقدمتُ استقالتي من شركة أرامكو السعودية ، فشريتُ منزلاً لي في النجف الأشرف وسكنتُ هناك ، واصطحبني السيد عبد الله العبد المحسن ( أبو رسول ) إلى الشهيد السيد محمد باقر الصدر ( قد ) الذي دعا لي بالتحصيل العلمي ، وكان مما قاله لي : أنا أبوك وأنت ابني فلا تتردد في طلب أي حاجة مني .
أما من الناحية الاجتماعية كونتُ نفسي وتملكتُ بعض العقارات ، مضافاً لما أحصل عليه من خدمة الإمام الحسين ( ع ) عبر المنبر الحسيني ، لذا رفضتُ الاستفادة من الحقوق الشرعية .
س / بماذا تميزت دراستك في النجف الأشرف ؟
ج / الروحانية ، إرادة ورغبة للتحصيل العلمي ، العلاقة الطيبة مع المجتمع العراقي .
س / كيف تقيّم أداء الحوزة العلمية بالأحساء ؟
ج / الدراسة الحوزوية بالأحساء تسير وفق معايير علمية ، والنظام الحوزوي بثوبه الجديد يعتبر نقلة في تطور أداء الحوزة العلمية لمن يطلب التحصيل والمواصلة العلمية .
س / كيف كانت البداية مع المنبر الحسيني ؟
ج / كنتُ أقيم صلاة الجماعة بالنساء مع إلقاء المحاضرات بالقارة لمدة خمسة عشر سنة ، واثني عشر سنة في بلدة البطالية ، وفي مدينة العمران كانت إقامة صلاة الجماعة للرجال ثم للنساء ، وكنتُ قبل ختم المحاضرة أعرج بأبيات رثاء على الإمام الحسين ( ع ) ، وهذا ما شجعني على القراءة الحسينية . ثم طلب مني السيد محمد الياسين وهو من مدينة العمران القراءة الحسينية في حسينية سادة الياسين خلال شهر رمضان ، وهي بداية مسيرتي الحسينية مع المنبر الحسيني . فملخص تجربتي مع المنبر الحسيني أنني لم أقرأ مقدماً لأحد الخطباء ، ولا سمعتُ محاضرات الخطباء الحسينيين عبر أشرطة كاسيت ، ولم أتخذ لي مرجعاً في تعلم فن الإلقاء ، أما عن الطور الذي أستخدمه في النعي الحسيني أنا أسستُه بنفسي .
س / حدثنا عن مسيرة رحلتك الإرشادية مع مؤسسات الحج .
ج / كانت البداية منذ أربعين عاماً من خلال قافلة سادة العلي ، مع فريق الإرشاد الديني الذي يقوده الحجة السيد علي الناصر ، ولما أسس السيد علي قافلة العدل عام 1404هـ ، طلب مني أن أكون أحد مرشدي اللجنة الدينية وأوكل لي مسؤولية تعليم النساء ، ومدة إرشادي الديني مع مؤسسة العدل للحج ما يقارب الثلاثين عاماً ، وخلال مشوار القافلة لم أتوقف عنها إلا لسنتين الأولى كانت مع أهل بلدتي بالقارة ، والأخرى مع أهالي العمران ، وكان ذلك بطلب المؤمنين .
س / ما أبرز ما يزعجك في المجتمع من تصرفات ؟
ج / عدم اهتمام بعض الشباب بالعبادات وخصوصاً الصلوات الواجبة بما يرتبط بفلسفتها ومعانيها وأهميتها ، وقد تحولت الصلاة إلى عادة أكثر من كونها عبادة ، كما بدأ بعض الشباب يتجاهل مستحبات الصلاة باعتبارها ليست من الواجبات ، وما يحدثه ذلك من آثار سلبية على الكيفية التي ستؤدى بها الصلاة ، لأن الالتزام بالمستحبات يشجّع الفرد المؤمن على إتقان أداء الواجبات .
س / حدثنا عن أبرز وجهاء بلدة القارة فيما قبل أربعة عقود .
ج / السيد جواد العبد المحسن ، والسيد جواد الحسين ، وحسن العبد الله العلي ( أبو محفوظ ) ، والسيد عبد الله الشخص ويحتل مرتبة الصدارة على مستوى الأحساء في عدد الأوقاف التي أوقفها في المشاريع الخيرية منها : أوقاف لمناسبات الأئمة المعصومين ( ع ) من مواليد ووفيات ، ومنها ما هو لقراءة القرآن الكريم ، ومنها ما هو ليوم الغدير وغير ذلك من المناسبات .
س / حدثنا عن أبرز الصفات التي يلزم توفرها في الخطيب الحسيني .
ج / هناك صفتان أساسيتان في ذلك هما : جودة الصوت ، وتميز الموضوع ، وأنصح الخطباء بالالتزام بالسيرة والاستشهاد بالروايات الصحيحة وبما يناسب المقام . ولا يتعرض للعقائد الخلافية بين المذاهب الإسلامية عبر بوابة المنبر الحسيني حتى لا يولد مشاحنات بين أصحاب المذاهب الإسلامية الأخرى ، ويمكن للخطيب الحسيني التبحر في إيضاح العقيدة الصحيحة ، كما عليه أن يتعمق في تناول المشاكل الاجتماعية مع تقديم الحلول المناسبة ، وألا يكون هدفه مادياً وإنما استشعار المسؤولية الاجتماعية .
أما عن الخطباء البارزين بالساحة فيوجد بالمنطقة الكثير من الخطباء المتميزين ، وهم معرفون عند أهل الأحساء عامة ولا سبيل لحصرهم .
س / ماذا تعرفه عن :
1- السيد محمد علي بن السيد هاشم العلي : رجل صادق نزيه ، تقي ورع ، متواضع وأخلاقه رفيعة ، يتميز أستاذنا بالتحضير الجيد للدرس ، وعرض بضاعته بطريقة تشد طالب العلم .
2- السيد عبد الله العبد المحسن ( أبو رسول ) : تميز بالأخلاق ، والكرم ، والصراحة في حديثه ، وكان كثيراً ما يساعد طلبة العلوم الدينية والفقراء .
3- السيد علي بن السيد ناصر السلمان : تميز السيد علي بالصراحة ، والتمكن في الأمور الفقهية ، والاطلاع القوي ، وكانت أجوبته دقيقة ، اهتم بالمواظبة على المستحبات ، ويتميز بالخلق الرفيع والعلمية ، وله نشاط اجتماعي واسع كما هو معروف .
4- السيد باقر الشخص: أحد رجال ثورة العشرين ، ومن اللامعين ، وأحد أقطاب الحوزة العلمية ، ورجل مقدّر عند العلماء بالحوزات العلمية ، وتميز بإلقاء الدروس خصوصاً دروس الأصول ، دفن في النجف الأشرف عام 1381هـ .
5- السيد محمد حسن الشخص : مشهور بالخطابة الحسينية ، له علاقات قوية بالعشائر والحكومة العراقية آنذاك ، وله تواصل مع حكام الخليج بالأخص قطر والبحرين ، وله مساهمات في قضاء حوائج الناس .
6- السيد محمد الهاشم الشخص : يتميز بخطابته الحسينية ، عنده صبغة روحانية يبكي الناس سريعاً أثناء القراءة الحسينية ، محبوباً لدى المجتمع .
7- الشيخ صالح السلطان : له دور كبير في التبليغ الديني ، من أوائل العلماء بالمنطقة الذين قاموا بإلقاء محاضرات فقهية بعد أداء صلاة الجماعة ، وتميز بالنشاط الديني ، وهو رجل تقي ورع ، وكان معروفاً عند العلماء كالسيد محسن الحكيم .
8- الشيخ حسين الخليفة : كان عالماً نزيهاً ، معروفاً لدى المراجع والكبار ، وهو وكيل لمعظم المرجعيات الدينية وكانت وكالته الدينية أكثر في زمن السيد الحكيم .
9- السيد عبد الحسين الشخص : عالم دين ، وخطيب حسيني ، وكان من المعمّرين ، وصل عمره سبع وتسعين عاماً ، بقي في النجف الأشرف أكثر من أربعين سنة لم يعد إلى الأحساء ، ومات هناك ودفن بمقبرة الغري .
10- السيد علي الياسين : كان يتمتع بعلمية جيدة ، درس في النجف الأشرف سبع سنوات ، ثم نزل إلى الأحساء شهرين ، ثم انتقل إلى قم المقدسة لمدة ثمانية وعشرين سنة وقد قطع مشواراً في بحث الخارج ، يعرف بالتواضع والأخلاق وكرم النفس والروحانية ، وكان يهدي ( الخواتم ) طلبة العلوم الدينية ، وهو والد زوجتي ( السيدة أم حسن ) ، فقد تزوجتُ كريمته كزوجة ثانية بعد التحاقي بدروس الحوزة العلمية بالنجف الأشرف بسنتين ، وتوفي العم السيد علي في مدينة قم المقدسة ودفن فيها .
11- السيد حسين الياسين : لم يواصل دراسته الحوزوية ، ولا زال ينفق على نفسه بما يحصل عليه من مهنة تفصيل ملابس الخياطة ، تميز بالأخلاق ، والورع ، والتقوى .
12- آية الله السيد حسين بن السيد علي الياسين : التواضع ، الزهد ، وهو أديب وشاعر ، وفي إحدى مشاركاته بأحد المحافل الدينية قدمه عريف الحفل واصفاً إياه بآية الله السيد حسين الياسين ، فقال السيد حسين : إذا قلتم آية الله فليس لدي أي مشاركة ، وهذا ما يجسد تواضعه الجم ، وهو عالم جليل ، وكثيراً ما يقدم خدماته للمؤمنين .
13- العمدة السيد جواد العبد المحسن : كان مقدراً في مجتمع الأحساء على مختلف أطيافه ، وعرف بتواصله مع الوجهاء ، وكان يقدم لهم التمور كهدايا متعارف عليها في مثل ذلك الزمان .
14- السيد علي العبد المحسن ( والد السيد عبد الله) : تميز بالذكاء والثقافة والروحانية .
15- الشيخ جواد آل أبي خمسين : أذكر أننا كنا مدعوين عند الحاج محمد بن معتوق العيثان بمحضر الشيخ محمد الهاجري ، والشيخ جواد آل أبي خمسين ، والشيخ أحمد الوايل ، وكنتُ أصغرهم سناً ، وأصر الشيخ جواد بعد تناول وجبة الغداء أن يتولى الإشراف على صب الماء على أيدي الضيوف بالرغم من رفضي ورفض صاحب الدعوة ذلك . وهذا يجسد تواضعه وتقواه ، كما أن الشيخ جواد امتلك مجموعة من العقارات وتبرّع بالكثير منها للأعمال الخيرية .