message.Client
                    .web-title

وباء الجدري في رسالة  أحسائية عام 1328هـ -

 

الرسائل  المتداولة بين الأقارب و الأصدقاء تمثل وثائق تعكس حال المجتمعات و همومهم وقتها  , بين أيدينا  رسالة من هذا النوع  .

نص الرّسالة :

بسم الله  تعالى

جناب الأخ المكرّم  و الخِلّ  المعظّم علي بن ملا حسين  المحترم – سلّمه الله تعالى   و أبقاه بحق محمّد على مولاه  , آمين ربّ العالمين , ثمّ السّلام عليكم و رحمته و بركاته , و أشرف تحيّاته  و مغفرته و مرضاته على الدّوام و بعد :

خطّكم الشريف المؤرخ  ثامن ربيع ثاني , تذكر فيه  من طرف الجدري  إخواني سالمين منه كلّهم ,  و حسين سالم طيّب ,  على حال الصحّة ,  و يكون تخبرنا  متى تجون , و عرّفناكم في خطّ سابق نرجو أنّه وصل  أنّه جانا أخو  يوم رابع عشر ربيع أوّل  ( أوسمّيناه)  عبدالله  , إن شاء الله خير مقدم , و نعرّفكم الآن جا عمّي علي ولد يوم حادي عشر جمادى أوّل و أسماه  محمّد إنشاء الله  خير مقدم  و لا تغفلون عن الحصر و السّلام  , و  لا تغفلون عن المكاتبة  , و سلّم على العمّ عبدالله  و ابنه  و امحمّد الحسين ,  و عبّود  بن عمّي أحمد و من لدينا الوالد  و الاخوان محمد و حسن و عبدالله  و العمّ علي و ابنه محمّد و العمّ أحمد و ابنه محمّد  و جميع الصاغة  و الجماعة يردّون السلام  يوم غرّة جمادى الثاني 1328هجريّة , تحيّة المحبّ الأخ  أحمد بن ملا حسين .

 تاريخ الرسالة  : غرة جمادى الآخر 1328هجرية الموافقة ليوم الأربعاء8/6/1910م .

الرسالة السابقة مرسلة من المرحوم الشيخ  أحمد بن ملا حسين  بن محمّد بن علي بن خليفة بن عمّار    لأخيه الأكبر الحاج علي    و الذي كان وقتها في  رحلة عمل مع أقاربه و بني عمومته المغتربين وقتها في عمان  .

و المرسل  الشيخ أحمد طالب علوم دينيّة  يقيم في الأحساء  و اشتهر رحمه الله  باشتغاله  بالعلوم العقليّة و دراسة الفلسفة  ,  و امتهن نسخ المصاحف و الكتب  و قد ترجم له  شيخ  المؤرخين الشيخ جواد بن حسين الرّمضان رحمه الله في الجزء الأوّل من كتابه  - مطلع البدرين في تراجم  علماء و أدباء الأحساء و القطيف و البحرين -    ما نصّه :

 ( الشيخ أحمد بن ملا حسين  بن محمّد بن خليفة بن عمّار آل بن خليفة  الصائغ المبرّزي  الأحسائي  , عالم و أديب و مؤرخ توفي في العراق عام 1393هجريّة   عن عمر قارب التسعين عاما , كان رحمه الله  عالما عاملا حكيما محققا نحريرا  عاصرته  و جالسته  فوجدته متمكنا له اليد الطولى في الكثير من الفنون العلميّة  و الأدبية , فهو متمكن من علم التفسير و الفقه و التاريخ , و الملاحم و النحو , و العروض , و له يد في نظم الشّعر  , . لكن لم يقع بيدي شيء من شعره , تتتلمذ على جملة من علماء المبرّز الأفاضل  و تتلمذ عليه جملة منهم , وفي منتصف عمره كُفّ بصره  , له عدد من المؤلفات , منها كتابه الضخم القيّم ( مجلي القلوب في أحوال المهدي المحجوب )  و له كتاب آخر صغير  اسمه فرقان الإيمان - لم يتمّ -, و كتاب تاريخ البحرين و يبدو أنّ له غيرهم  من المؤلفات رحمه الله تعالى .) انتهى كلام شيخ المؤرخين .

و من ترجمة  شيخ المؤرخين رحمه الله له يبدو  أننا أمام شخصيّة فريدة لم تحظ  بفرصتها المناسبة للظهور أو تسليط الضوء عليها فقد حبسه ظروف كثيرة عاكسته منها الفاقة في مطلع شبابه ,  ثم فقده لنعمة البصر  في  أواسط عمره , إضافة لانقطاع نسله  , فلم يرزق  هو وأخوه علي  الذريّة  ,  إضافة لمعاصرته لمجموعة من العلماء البارزين في المبرّز  و في الأحساء بشكل عام استحوذت على اهتمام الناس فبعضهم تسنّم المرجعية و بعضها القضاء و التدريس و لا يخفى أنّ من يكون مهتما اهتماما جدّيا بالتأليف سوف  يكون يصرف جهدا مضاعفا و يكرس وقتا كبيرا لهذا الغرض مما يبعده على الظهور الاجتماعي  .

و قد ذكر لي شيخ المؤرخين  الشيخ جواد الرمضان أن للمرحوم الشيخ أحمد اطلاعا موسّعا على الفلسفة و   شغفا بها .

أما المرسل له  فهو المرحوم  أخوه الأكبر علي بن ملا حسين[1] رحمه الله هو أكبر أبناء المرحوم ملا حسين  و  شأنه شأن أبناء جيله فقد كان يضرب  في الأرض سعيا لطلب الرزق فهاجر لأبي ظبي  للمتاجرة   حيث كان يخطط  لجمع مبلغ  تجهز زفافه من كريمة الحاج علي بن موسى  بن محمد بن الشيخ موسى الصائغ آل علي بن عبدالله  إلا أنّه توفي غرقا في هذه السنة  1328هجرية و هي التي عرفت بسنة الغرقة[2] , او الطبعة الثانية  في طريق رجعته  من هذه الرحلة و التي كان يزمع الزواج فيها   و قد كان  علي هذا إضافة لعمله في الصياغة و التجارة يمارس الخطابة الحسينية .

 أشخاص ورد ذكرهم في الرسالة :

1/ حسين ( في حال طيّب  )   : حسين هو (لم أتحقق من معرفته على وجه الدقّة ) .

2/ عبدالله  :  مولود رزق به المرحوم ملا حسين إلا أنه توفي طفلا.

3/ ( عمّي علي ) : يقصد به  (أخو ملا حسين )  علي بن محمد بن علي بن خليفة بن عمّار .

 4/  ( محمد ) : بن للسابق توفي صغيرا

 5 / ( العم عبدالله  و ابنه )  : الحاج عبدالله  , هو أخو المرحوم ملا حسين :    و كان مقيما في أبو ظبي  و يمتهن الصياغة  و تجارة اللؤلؤ  , و ابنه هو الصائغ الشهير  الحاج حسن بن عبدالله البن خليفة  الذي خلف والده في عمله هناك , و صار مقرهم و دار سكناهم مكان نزول العابرين من المسافرين الأحسائيين  في تلك الديار .

6/( محمد الحسين ) : من وجهاء و أعيان الصاغة الحاج محمد بن حسين بن محمد بن حسين النمر بن أحمد المبارك الصائغ , و كان رحمه الله يشرع مجلسه  ليستقبل  زواره اليوميين كالمرجع السيد ناصر السلمان ( ت 1358هـ)  و السيد حسين العلي  رحمه الله  وجيرانه و قصّاد فريج الشعبة ,   اشتهر بمهارات عديدة و له يد طولى في الطبّ العربي  ,و اشتهر بالمهارة في تجبير الكسور و علاج الأمراض الموسمية , وكان      مواني الخليج للتجارة و العمل , واشتهر ب( راعي البامبوّة )[3]. توفي عام 1369هـ

 و للمرحوم الحاج محمد الحسين  وقف  حسيني هو نواة مأتم النمر في الدمام حاليا  , و يعد رحمه الله من الآباء المنجبين فقد خلّف أبناءه  ( علي , حسن , حسين , عبدالله , أحمد  )  الذين احتلوا مكانة ذات شأن و هم من أرباب الفضل و الخير  .

 7/ (عبّود بن عمي أحمد ) هو: عبد الله  بن الحاج أحمد بن محمد  ( اخو ملا حسين  البن خليفة )  و قد  توفي شابا ولم يعقّب .

 8/  الوالد :  يقصد به المرحوم ملا حسين[4] بن محمد بن خليفة بن عمّار  :   خطيب  ينسب له هذا الفرع من الأسرة فيقال عيال ملا حسين   اشتهر بالعفة و النزاهة و  تدرب  على يديه بعض الخطباء كالملا حسن ابنه و الملا  ناصر بن حسين النمر( ت 1395هـ) رحمه الله  .

 9/  الأخ محمد  : الصائغ الحاج محمد  بن ملا حسين  والد كل من ( أحمد - بو منير – و إخوانه حسين بو علي  و عبدالله- بو ناهض -  و  ياسين –بو حسن - )  .

 10/ حسن  : المرحوم ملا حسن بن ملا حسين ,  والد الوجيه و رجل الأعمال  محمد بن حسن البن خليفة ( بو فوزي ) كان من سكّان المبرز عمل  في  في الصياغة شأن بني عمومته و أهله  , و قد كان يشارك   كان ناعي في أيام  عاشوراء , غيرها من مناسبات الأئمة  , و المناسبات العامة و في  تشييع المرحوم  القاضي العلامة السيد حسين  السيد محمد العلي رحمه الله 1369هجرية   شارك مشاركة فاعلة في إلقاء قصائد إنشاد قصائد الرثاء فيه  فأغمي عليه  , لكنه أصيب بعدها  بجلطة  افقدته القدرة  على النطق و السمع  لكنه بقي يعمل  في مهنته حتى توفاه الله تعالى  سنة  .

11/  ( عبدالله  )   : هو الحاج عبدالله بن الملا حسين   صائغ و تاجر عمل متنقلا بين الأحساء و موانئ الخليج   و في الصياغة و أحيانا بنقل بالمتاجرة لصالحه و صالح تجّار الأحساء في بين السواحل العمانية و الإماراتية و قد توفي في ظروف غامضة  مع شريكه الحاج علي بن حسين البحراني   أثناء رحلة  تجارية بين مينائي أبو ظبي و العقير عام 1364هـ . ( خلف ابنة واحدة هي فاطمة – أم علي بن عبدالله بن عبدالوهاب البقشي , و ابنا هو الحاج حسين  و مسلم  توفي صغيرا .

12/ العم علي و( والد كل من محمد  مات شابا لم يعقب  ) و اخويه  الحاج  عبدالله ( ت1428هـ )   و أخوه عبدالرسول  بو سامي .

 13/ العم أحمد   أخو ملا حسين .

 و ابنه محمد . :  هو الصائغ  الحاج محمد بن أحمد بن محمد بن علي بن خليفة البن خليفة , صائغ معروف  سكن المبرز ثم الهفوف  , و تدرّب لديه عدد من الصاغة كالمرحوم  محمد الباذر بو سليم (ت 1428هـ  ) و أخيه مسلم  ( ت )و حسين بن محمد بو سليمان البقشي  وعلي بن عبدالله البقشي و  علي بن جمعة البن خليفة  و قد توفي الحاج محمد  عام 1392هجرية  و لم يعقّب .

 ملاحظات عامة  :

1-  لم يكن أمر تدوين تواريخ انجاب الأبناء منتشرا إلا لدى القليل من النخبة المثقفة   من العلماء , و التجار الذين كانوا يحرصون على تدوين تلك الملاحظات  , و منهم الشيخ أحمد ملا حسين  في هذه الرسالة  .

2-   والملاحظة الأخرى هي الحرص على ( الحصر )   فالحصر و المداد الحساوية كانت    تعدّ أثاثا  قيّما و سلعة  تتداول  و تصدر من الأحساء  , لخارجها ,  و وجودها  كان في منزل يجعلها مادة للاستعارة ممن يحتاجها  من الجيران ,  في المناسبات و الأفراح و كانت الأحساء تمونّ، بمنتجات هذه الصّناعة  كثيرا من مدن الجزيرة العربي .

 3-  ربما من أهمّ ما عرضته الرسالة هي  توثيق موجة من موجات وباء الجدري[5]  و الذي  كان ينتشر مخلفا الكثير من الأضرار .

 و جدير بالذكر أنّ الجدري مرض فيروسي معد , يظهر على  شكل  طفح جلدي  وتؤدي آثاره لتشوهات  في الجلد و من المضاعفات التي  يسببها في حالات كثيرة هي العمى   , و  قد صار التطعيم ضد الجدري من التطعيمات الأساسيّة التي يتلقاها الأطفال   في سنوات الطفولة الأولى  مما ضاعف جهود محاصرته  , حتى  أعلنت  منظمة الصحة العالمية عام 1980 م  استئصال الجدري من العالم .

و قد كان الإصابة بالجدري من أسباب العمى الرئيسية و قد عاصرنا الكثير من الآباء المعمّرين ممن فقدوا البصر جرّاء الإصابة به  ,إضافة للندبات التي يتركها على وجه المصاب .

و الجدري  مضمّن في العديد من الأمثال الشعبيّة    منها ( على الشيب يا جدري ! )

  و ( من فقرهم كلوا قشور الجدري  ) ! كناية عن شدة الفقر و الجوع , و من كلامهم ( أن الجدري ما يطلع إلا برمحه  ) أي أنه لا يخرج من بدن المصاب إلا بأذى , فإما يموت من أعراضه , أو يذهب بنعمة البصر أو يترك تشوهات في الوجه و البدن .

و كانت آثار الجدري على الوجه تثبت في وثيقة الهوية الوطنية   كعلامة فارقة ظاهرة على المصاب به بعد شفائه منها .

 شكر خاص : للأخوة الأساتذة :ِ

علي بن جمعة البن خليفة  , الحاج حسين بن محمد البن خليفة , الحاج علي بن عبدالله البقشي , الأستاذ علي بن عبدالله البقشي ,  الأستاذ فوزي بن حسين البن خليفة  , الأستاذ أحمد بن حسين البدر  على إفاداتهم .

مصادر مكتوبة : مطلع البدرين في  تراجم علماء الأحساء و القطيف و البحرين  ( الشيخ حواد بن حسين الرمضان ) .

حادثة سنة الطبعة )  : سعد بن عبدالعزيز السيف ( 1426هـ

للتحميل اضغط هنا

 

https://almoterfy.com/post/وباء-الجدري-في-رسالة -أحسائية-عام-1328هـ