هُنَّ لِبَاسٌ لَكُم

بدأ محاضرته بمقدمة قصيرة:

 تحدّث القرآن عن العلاقة الزوجية و عبّر عنها بعدّة تعبيرات منها أنّها سكن و أنّها آية من آيات الله ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ) يعبر المولى  عزوجل عن الرجل و المرأة باللباس . فالمرأة لباس للرجل و الرجل لباس للمرأة وهذا توصيف بلاغي جميل جداً .

 و عرض محاضرته في محورين .

 المحور الأوّل :الإختيار الزوجي .

 هناك شروط ينبغي مراعاتها في الإختيار الزوجي و إقتبس الشيخ أمجد هذه الشروط من كلمة " اللباس " في الآية الكريمة من خلال العناوين التالية :

 العنوان الأوّل : الملاءمة .

 أن يلتفت الزوجان حين الاختيار إلى مدى الملاءمة مع الاخر وأهمها :

 1. الملاءمة الدينية و العقائدية .

2. الملاءمة الثقافية .

3 الملاءمة الأخلاقية و السلوكية .

4. الملاءمة الصحية و أشار الشيخ الى أهمية الفحص الطبي قبل الزواج .

 العنوان الثاني : الرغبة

 أحيانا تكون البنت خلوقة و طيبة و مؤمنة لكن ليس لدى الشاب  الرغبة في الإرتباط بها   .. وكذلك بالنسبة للبنت احيانا لاتكون لها الرغبة في الارتباط بهذا الشاب ..فيجب أن يكون الارتباط عن رغبة ولايجوز الإكراه ولا أن يتم الزواج على رغبة الوالدين أو الأصدقاء .

 العنوان الثالث : الجودة .

 و الجودة تعني الالتفات للبيئة  وطبيعة التربية التي نشأت عليها البنت مثل العفاف و التقى وكذلك فيما يخص الزوج . وقد حذرّ الرسول الأكرم من خضراء الدمن ( المرأة الحسناء في منبت السوء )  .

 العنوان الرابع : الجمال .

  من الصفات المهمة ملاحظتها حين الاختيار الجمال و هناك روايات كثيرة تشير الى هذا الامر قال الرسول الاعظم :( اسأل عن شعرها كما تسأل عن وجهها فالشعر احد الجمالين ) ينبغي أن يكون اختيار الجمال حسب منظور الشخص لأن الجمال نسبي ولهذا أجاز الشرع للشاب النظرة الشرعية و حث ّعلى ذلك و ركز عليها .. والنظرة سبب لدوام العلاقة . ولا حياء في ذلك لأن ذلك يجعل العلاقة مبنيه على الشفافية و الصدق .

 و أشار الشيخ إلى أنّ هناك بعض الأخطاء يقع فيها البعض فيما يتعلق بالنظرة الشرعية .

لا يجوز النظر إليها إلّا إذا كان عازماً و جادّاً على الزواج .

إذا نظر إليها ولم تناسبه  فلا يجوز له التحدّث عنها أمام الآخرين لأنّ ذلك اسقاطاً لكرامتها وهذا غير جائز . ربما ليست جميلة في نظره لكنها جميلة في نظر غيره .

توقيت النظرة : بعضهم ينظر إليها ليلة العقد و هذا أمر فادح و خطير .. ولهذا لو لم تعجبه سيوافق على مضض وحياء ومن ثم يفسخ العقد بعد أسبوع مثلا بعد إنتشر بين الجميع أن فلان سيتزوج فلانه و هذا يسبب صدمة للبنت أو للرجل ..  النظرة الشرعية يجب أن تكون قبل الإعلان وفي اول التقدّم للزواج . وللأسف نرى بعض الأسر متشددة في النظرة الشرعية ولا يسمحوا بالنظرة لبعض الأوهام وذلك ربما يكون له أثر سلبي على العلاقة مستقبلا   .

 و على الشباب أن لا يكون مثالي في اشتراط الجمال .

 وبهذا اختتم الشيخ أمجد المحور الأول بعد عرض شيق و جميل و تفاعل من الحضور .

 المحور الثاني : الوظائف الزوجية المستوحاة من كلمة " لباس " في الآية الكريمة .

 العنوان الاول : الستر .

 الزوج و الزوجة يكونا سترا لبعضهما البعض و و يستر كل منهما على عيوب الاخر و أسراره .. فمن المعيب التحدّث عن المشاكل و العيوب الزوجيه أمام الآخرين  ..

 الستر على المشاكل وعدم إدخال الآخرين كالأهل في المشاكل الزوجية فهذا من اهم أسباب انهيار الزواج إلاّ إذا اختاروا الحكيم سواء من الأهل او غيرهم كالمستشار الأسري ..

 و نصح الشيخ أمجد جميع المتزوجين عند حضور المشكلة أن يراجعوا المراكز الأسرية المتخصصة و التي فيها مستشاريين أسريين ذوي حكمة و عقلانية عالية فهؤلاء المستشارون ساهموا ولله الحمد في حل الكثير من المشاكل العالقة و هناك مشاكل شارفت على الطلاق لكن بتدخلهم بالحكمة و العقل عادت تلك العلاقة إلى أوّجها و عنفوانها .

 العنوان الثاني : الحماية .

  من وظائف اللباس الحماية من البرد و غيره ولهذا على الزوج أن يحمي الزوجة من أي خطر مادي أو معنوي و أن تحمي الزوجة زوجها في عرضه و عيوبه و أن يتفقوا أن لا يسمحوا للآخرين التعرّض لكرامة أحدهما و يغلقوا النوافذ التي يدخل منها الفتنويون .

 العنوان الثالث : صيانة العلاقة الزوجية .

 إذا حدثت هناك مشاكل ينبغي على الزوجين أن يعملا على صيانتها . وكذلك صيانه الدين و الحجاب و العفاف قال تعالى :"( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ) على الزوج أن يصون عفتها و طهارتها لو بدى منها عيب عليه ان يعالجه لا ان يتخلى عنها  .. و أن يغفر ذنبها  . وكذلك الزوجة . فالعلاقة الزوجية علاقة مقدسة ( وَأَخَذْنَا مِنكُم ميثاقا غَلِيظاً) .

 العنوان الرابع : الراحة .

 الزوج و الزوجة عليهما أن يكونا مصدر راحة لبعضهم البعض قال الرسول الأعظم ( ما استفاد امرؤ بعد الإسلام أفضل من امرأة صالحه ، تسره إذا نظر إليها، وتطيعه إذا أمرها وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله ) و أن يكون البيت مريحاً لهم و يساهموا جميعاً في جعل البيت نظيفاً و مريحاً و سعيداً وهذا يساعد على إضفاء الراحة و الإستقرار ( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ )

 العنوان الخامس : الزينة .

  أن تكون الزوجة زينه في أخلاقها و جسدها و لباسها و كذلك الزوج . الإهتمام باللباس و التعطر و التنوع في الزينة .

 العنوان السادس :  التقوى .

  قال تعالى :( ولباس التقوى ذلك خير )  .

 عبر عن اللباس بالتقوى . وعلى الزوج أن يكون لباس تقوى لزوجته والعكس كذلك . فالعلاقة الزوجية ينبغي أن تكون قائمة على التقوى و حفظ الحقوق و عدم التقصير . و خير مثال لذلك علاقة الإمام علي بفاطمة الزهراء عليهما السلام حيث قال الإمام علي في حق الزهراء عندما سأله النبي الأعظم ( نعم العون على طاعه الله فاطمة ) .

 و قد أشارت الزهراء إلى ثلاث سلوكيات مدمرة تدمر الحياة الزوجية حيث قالت للامام علي عليه السلام في آخر حياتها (( ابن العم , ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني )). فقال (عليه السّلام) : (( معاذ الله ! أنت أبر وأتقى وأعرف بالله أن أوبّخك بمخالفتي )) ولهذا كان النتاج من تلك العلاقة هو السيدة زينب و الحسن و الحسين و ام كلثوم عليهم السلام .

 وهنا استشهد الشيخ بشعر الشاعر الأحسائي الرميلي المهندس عبدالله الأحمد :

 من حجرها خرجت للكون مدرسة

من الإباء الذي للظلم ما لانا

وعنفوانا وأخلاقا مطهرة

وأرضعتها من الوجدان إيمانا

فأنبت البذر في أحضانها شجرا

واخضر من صدرها المعطاء بستانا

المجتبى والحسين الحر من دمها

ودمها ذاك من بالطف أحيانا

وصوتها من بوجه الظلم منتصرا

تبثه من فم الحوراء نيرانا

 ومن هنا إستمدّ الحسين مبادئ ثورته من ذلك الحجر الطاهر ( هيهات منا الذله يأبى الله لنا ذلك و رسوله و المؤمنون و حجور طابت و طهرت ) هذا الحِجر هو حجر الزهراء الطاهرة .

 و اقتدى الحسين عليه السلام بأمه و ابيه فكان نتاجه زين العابدين و علي الاكبر الذي هو صوره من رسول الله .. و كان الأكبر أسرة كاملة تكوّنت في شخصه .

 وقد خصص له الحسين عليه السلام عدة خصائص منها انّه قال عنه " على الدنيا بعدك العفى "

 واحتج بعلي الاكبر على القوم ( اللهم أشهد على هؤلاء القوم، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً بحبيبك محمد ) .

للاستماع هنا