2024/07/27 | 0 | 949
مشكلة اليتم في نظر الإسلام
مع كتاب الأسرة الحسينية في كربلاء، (تأملات وقراءات في السيرة والمواقف).
للمؤلف / حبيب إبراهيم الهديبي الطبعة الأولى 1445هــ/ 2024م
جزء من المقدمة:
وبتوفيق الله تعالى وبركات سيد الشهداء "ع" أنجز هذا المجهود المتواضع بهذا الأسلوب الذي لم أكتف فيه بإثبات السيرة الذاتية للفرد من الأسرة الحسينية، ولكن إلى جانب ذلك إذا وجد موقف لافت ويستحق التوقف في سيرة ومواقف الشخصية التي يدور حولها الكلام نعمد إلى انتزاع عنوان من ذلك الموقف، فأكتب حول ذلك العنوان كما سوف يلاحظ القارئ الكريم.
من وحي السيرة، مشكلة اليتم في نظر الإسلام
اهتم الإسلام اهتماما بالغا بمشكلة اليتم في المجتمع، واليتيم من بني آدم هو من فقد أباه، واليتم من سائر الحيوان ما فقد أمه. ويمثل فقدان الأب في فترة الطفولة في حياة الإنسان فقدانا لمصدر العناية والرعاية في حياة الطفل، فهو يمثل مشكلة في حياة اليتيم، لذلك دعا الإسلام المجتمع الإسلامي وأكد وبقوة على المبادرة لملء الفراغ الذي يتركه فقدان الأب في حياة الطفل، وذلك بالقيام بكفالته والاهتمام بشؤونه الحياتية المادية منها والنفسية، حتى يعيش اليتيم حياة طبيعية لا يشعر فيها بفراغ مادي أو عاطفي، فينشأ عضوًا صالحًا مستقيما في المجتمع يرجع آثار صلاحه على نفسه وعلى المجتمع. أما إذا لم يملأ هذا الفراغ في حياة الطفل فقد ينشأ نشأة غير سوية يجني المجتمع آثاره السيئة فيما بعد من خلال السلوكيات المنحرفة لهذا الفرد غير
السوي، والسبب في ذلك هو إهمال المجتمع عن القيام بما ينبغي أن يقوم به.
▪وقد جاءت النصوص الكثيرة التي تؤكد على هذه المسألة وخطورتها وتشير إلى ما يترتب على كفالة اليتيم ورعايته من ثواب عظيم عند الله تعالى الله وتذكر هنا بعض النصوص في هذا الشأن. فعن الرسول الأعظم (ص) أنه قال: ذا بكى اليتيم في الأرض قال الله عز وجل: من أبكى هذا اليتيم الذي غَيَّبتُ أبويه - أو أباه – في الأرض؟ فتقول الملائكة: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا، فيقول الله عز وجل: أشهدكم ملائكتي أن من أسكته برضاه فأنا ضامن لرضاه من الجنة. قيل: يا رسول الله! وما يرضيه؟ قال: "يمسح رأسه أو يطعمه تمرة" . وروي عنه "ص" أنه قال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" وأشار بإصبعيه السبابة والوسطى.
ولأهمية هذه المسألة قرنها علي أمير المؤمنين "ع" في وصيته المعروفة بالصلاة والقرآن حين قال: "الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم". وعن أحد الصحابة يدعى (أبي أوفى) قال: (كنا جلوسا عند رسول الله فأتاه غلام فقال: غُلامٌ يتيم، وأخت لي يتيمة، وأم لي أرملة، أطعمنا مما أطعمك الله، أعطاك الله مما عنده حتى ترضى. قال: ما أحسن ما قلت يا غلام، اذهب يا بلال فأتنا بما كان عندما. فجاء بواحدة وعشرين ثمرة فقال: سبع لك، وسبع لأختك، وسبع لأمك. فقام إليه معاذ بن جبل فمسح رأسه وقال: جبر الله يتمك، وجعلك خلفًا من أبيك. وكان من أبناء المهاجرين، فقال رسول الله: رأيتك يا معاد وما صنعت. قال: رحمته. قال: لا يلي أحد منكم يتيما فيحسن ولايته ووضع يده على رأسه إلا كتب الله له بكل شعرة حسنة، ومحا عنه بكل شعرة سيئة، ورفع له بكل شعرة درجة).
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن في المجتمعات الكبيرة في مجتمعاتنا المعاصرة لا يمكن للمسلمين أن يكتفوا بالأعمال الفردية في هذا المجال، بل لابد أن تتظافر القوى لرعاية الأيتام من خلال تأسيس أو تكوين مؤسسات خيرية فتقوم بهذا الدور وفق برنامج اقتصادي وثقافي وتعليمي مدروس كي ينشأ هؤلاء الأيتام أفرادا لائقين للمجتمع الإسلامي، وهذا يتطلب تعاونا اجتماعيا عاما يشترك فيه الجميع.
ويتمثل هذا الاهتمام أيضًا في سيرة قادة الإسلام وتعاملهم مع فئة الأيتام، فتلك السيرة التي تمثل قمة الرحمة والشفقة بالأيتام، فهذا رسول (ص) الإنسانية يعطي نموذجا إنسانيا عاليا يرسم من خلاله نظرة الإسلام وتعامله مع الأيتام، فعندما جاء خبر استشهاد جعفر الطيار في معركة مؤتة دخل رسول "ص" على زوجة جعفر أسماء بنت عميس وأطفال جعفر، فأنسى هذه العائلة فقدان رب هذه الأسرة لتعامله معهم اللطف والرحمة، كما تصور الروايات الواردة في ذلك عن عبدالله بن جعفر كما مرت الرواية في سيرة عبد الله. ولا شك أن تعامل الرسول مع أيتام جعفر لم يكن منطلقا من مجرد القرابة والرحم بين الرسول الأعظم والشهيد جعفر الطيار، وإنما هو انطلاقا من روح الإنسانية والرحمة التي أراد الرسول أن يرسمها ويؤكدها في المجتمع، وقد أنتجت هذه المعاملة من الرسول الأعظم (ص) لأبناء جعفر بأن نشأ هؤلاء الأيتام نشأة مثالية جعلتهم من شهداء الإسلام، فمنهم من استشهد بين يدي أمير المؤمنين بصفين وهو محمد بن جعفر، ومنهم من استشهد في ساحة الجهاد في كربلاء بين يدي الإمام الحسين سيد الشهداء (ع).
عون بن بن عبد الله بن جعفر(ع) وأمه العقيلة زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين (ع) وقد برز يوم عاشوراء إلى حومة الحرب لنصرة سيد شباب أهل الجنة وهو يرتجز ويقول:
إن تنكروني فأنا ابن جعفر
شهيد صدق في الجنان أزهر
يطير فيها بجناح أخضر
يكفي بهذا شرفا في المحشر
جديد الموقع
- 2024-11-23 أفراح الملفي و الفليو تهانينا
- 2024-11-22 عادات قرائية مفيدة
- 2024-11-22 مع أن الأديان تتحدث عن قيمة التواضع الفكري، لكن قد يصعب على رجال الدين بشكل خاص تطبيق ما يدعون إليه الناس
- 2024-11-22 يرجع الفضل في استمرارك في تذكر كيف تركب دراجتك الهوائية إلى منطقة المخيخ في دماغك.
- 2024-11-22 نظرة على البنوك في المملكة.
- 2024-11-22 المخرج الشاب مجتبى زكي الحجي يفوز بجائزة أفضل مخرج في مهرجان غالاكسي السينمائي الدولي35
- 2024-11-21 توقبع اتفاقية شراكة بين جمعية أدباء بالاحساء وجمعية هجر التاريخية
- 2024-11-21 أمانة الاحساء تُكرّم الفائزين بــ ( جائزة الأمين للتميز )
- 2024-11-21 سمو محافظ الأحساء يبحث مع معالي وزير التعليم خطط ومشاريع تطوير التعليم في المحافظة
- 2024-11-21 «الغربة باستشعار اللون».