
2014/02/23 | 0 | 9448
مشكلة الفقر و علاجه
مقدمة
عرف الفقر بأنه " هو عجز إنسان أو جماعة من الناس في المجتمع عن إيجاد ما يوفر مستوى الكفاية في العيش " ، و مما لا شك أن الفقر بهذا المعنى و التعريف يحارب من جميع المجتمعات الإنسانية و الأديان و لا سيما الدين الإسلامي الذي لا يحرم الإنسان من أبسط و أهم حقوقه و هو العيشة الكريمة ، و منعه من ذل السؤال و الحاجة إلى الناس ، و الفقر مرض اجتماعي و اقتصادي يجب معالجته و محاربته لأنه يمنع المجتمع من التقدم و الرقي و يعوق حركة الإنسان ، و لقد وضع الفقر أهم من الأمن كما جاء في الآية القرآنية ( و أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف ) ، و في آية أخرى ( و أن لك فيها أن لا تجوع و لا تعرى ) .
و الفقر ظاهرة عالمية ساعدت على بروزها عدة عوامل مثل عدم استغلال الموارد الطبيعية بشكل فعال و عدم العدالة الاجتماعية و تدني التعليم و التدريب و عدم الاهتمام الكافي بالمناطق الزراعية و الريفية و القرى و الهجر ، و النزوح العشوائي نحو المدن و غيرها من العوامل حيث أن ما يقارب نصف سكان العالم يعيشون في المدن و حوالي مليار شخص يعيشون في أحياء عشوائية ، و في السنوات الأخيرة زاد معدل الهجرة من الريف إلى الحضر في البلدان النامية الذي سبب خلل في الأمن الغذائي و هجرة الأراضي الزراعية و تحولها إلى أراضي غير خصبة ، و مع هذا فإن تقريبا 60% من البلدان المنخفضة الدخل يعيشون بمناطق ريفية و يعتمدون على الزراعة في معيشتهم ، و قد تضرر كثير من الفقراء في الأرياف من عدم المساعدات و المعونات لهم للإصلاح الزراعي و لزيادة إنتاجهم و إعاقة منتجاتهم إلى الأسواق أم بالمنع المباشر أو بارتفاع تكاليف النقل ، و مما لا شك فيه أن القضاء على الفقر يؤدي إلى تحسين التغذية و الصحة و يؤدي إلى تنمية متقدمة .
و أثبتت الدراسات و الأبحاث أن الحصول على التعليم الأساسي ( الابتدائي ) يقي من الفقر و يؤهل المتعلم أن يحسن التصرف و يدبر شئون حياته المعيشية . و يقدر عام 2003 أن ما يقارب من ثلث الأطفال في دول العالم النامية حصلوا على الحد الأدنى من التعليم الأساسي ، في الوقت نفسه هناك حوالي 134 مليون طفل من الدول نفسها ( النامية ) لم يلتحقوا أبدا بالمدرسة و تشكل البنات النسبة الأكبر ممن لم يلتحقوا بالمدرسة ، و الدراسات تثبت أن تعليم البنات يقلل من مستوى الفقر .
و معلوم أن الأغلبية الذين يعيشون في وضع فقير هم من النساء في الدول النامية ، و المرأة يمكن أن تكون منتجة بتعلم المهن و الحرف و تنتج حتى من داخل منزلها و بيع منتجاتها و يمكن تقتحم المصانع و المزارع و المعامل و المشاغل النسائية للعمل و إعالة أسرتها و هذا ما تثبته التجارب في الدول المتقدمة و النامية .
و للمرأة دور كبير في رفع الفقر عن الأسرة و ينبغي مساعدتها في دخول عالم الأعمال و اقتحام الأسواق و تعليمها و تدريبها فنيا و إداريا و اكتساب مهارات معرفية و تقنية لتجيد استخدام تكنولوجيا الاتصالات و الكمبيوتر .
و على صعيد التعليم و التدريب ينبغي إفساح المجال للمرأة بالحصول على المعلومات عن التجارة و الصناعة و أسواق الأعمال و تسهيل حصولها على التمويل من المصارف لإقامة مشاريع صغيرة و متوسطة و أن تساهم في أسواق المال .
الفقر و الأرقام
عدد سكان العالم أكثر من 6 مليار نسمة و 80 % من الثروة الدولية يمتلكها مليار نسمة فقط و مليار نسمة تجاهد و تصارع من أجل البقاء على دخل أقل من الدولار في اليوم ، و أكثر من مليارين نسمة لا يحصلون على مياه نقيه مما يسبب أمراض و أخطار عديدة ، و حرموا أكثر من 140 مليون طفل من الذهاب إلى المدرسة .
و لا تخلو دولة في العالم من حالات الفقر فهذه الولايات المتحدة الأمريكية أغنى و أقوى دولة في العالم المتربعة على عرش سياسة و اقتصاد العالم و التي وصلت إلى درجة عالية من الرفاهية التقنية و المدنية التي يشار إليها بالبنان و شركاتها و مؤسساتها تسيطر على معظم العقود العالمية في الصفقات التجارية و الصناعية و مع هذا كله بها أكثر من 35 مليون فقير و يستحوذ 400 ملياردير على ثروة تقدر بأكثر من تريليون دولار ، و في نفس الوقت زادت واشنطن ميزانيتها العسكرية 400 مليار دولار في الوقت الذي يتوقع زيادة نسبة الفقراء . و لا تخلو دولة في العالم مهما بذلت من جهود لمحاربة الفقر من الفقر النسبي على الأقل بالمعايير الوطنية ، فيختلف معايير الفقر في دولة مثل سويسرا و اليابان و السويد عن دولة في العالم الثالث مثل أوغندا ألا أن المعايير الدولية و حسب البنك الدولي يحدد الحد الأدنى لدخل الفرد من دولار إلى دولارين في اليوم حتى يتجاوز مرحلة الفقر النسبي .
و في تقرير صادر عن برنامج التنمية بالأمم المتحدة بعنوان " أرقام و حقائق " أن 800 مليون نسمة من سكان العالم لا يحصلون على غذاء كافي و أكثر من 500 مليون نسمة يعانون من سوء تغذية ، و أكثر من ثلث أطفال سكان العالم يعانون من سوء تغذية . و بالدول الصناعية التي قطعت شوطا كبيرا في محاربة الفقر بها 100 مليون نسمة يعيشون تحت خط الفقر بالإضافة إلى 37 مليون شخص ليس لديهم عمل و 5 ملايين لا يجدون مأوى يسكنون به ( مشردين ) ، و مع الأسف فإن الدول الصناعية تنفق على إنتاجها الزراعي لضرب إنتاج الدول الفقيرة يصل إلى 6 أضعاف المساعدات ، و الذي لا تفيد معه المعونات المالية كثيرا للتنمية المستدامة في دول الجنوب ، مما اضطرت الدول النامية المجتمعة في بالي رفض التعهدات المالية و مبلغ 30 بليون دولار مع حلول 2006 المتفق عليه مبدئيا في " قمة تمويل التنمية " بالمكسيك عام 2002 .
و من المفارقات أن ثروة أغنى عشرة مليارديرات العام تصل إلى 133 مليارات دولار التي تعادل مرة و نصف من الدخل القومي الكلي لأفقر دول العالم ، و يمكن إلغاء ديون أفقر 20 دولة في العالم بمبلغ 5و5 بليون دولار.
ينفق سكان العالم سنويا على أدوات التجميل 66 بليون دولار ، و تضمن التقرير أن غذاء القطط و الكلاب في 6 دول غنية 28 بليون دولار ، في الوقت الذي يمكن القضاء على مظاهر الفقر في دول العالم بـواحد في المائة ( 1% ) من أجمالي الدخول القومية لأقطار العالم .
حسب البنك الدولي فإن نسبة الفقر في الشرق الأوسط تعادل تقريبا 23% من عدد السكان و أن كانت تتراوح من دولة إلى أخرى التي تعتبر اليمن من أعلى النسب 42% من عدد السكان ، و تعاني الدول النامية من عدم الاهتمام بالإحصائيات و الدراسات عن التنمية الذي يجعل من حلول بعض الأزمات ليس بالسهل اليسير مثل الفقر .
و حتى معالجة الفقر عالميا تراجعت ، فالمعونات من الدول الغنية انخفضت ، فحجم المعونات من دول منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية في عام 1992 قلت من 61 بليون دولار إلى 56 بليون ، في الاجتماع الذي عقد لدول الآسيان بداية 2002 طالبوا الدول الصناعية بالوفاء بتعهداتهم و زيادة مساعدتهم للدول النامية الفقيرة و العمل على إنجاح خطط التنمية المستدامة
أسباب الفقر ( على مستوى الفرد و الدولة )
يلاحظ أن الفقر مرتكز في المناطق الريفية و له علاقة مباشرة بانعدام التعليم ، فالمناطق الريفية ترتفع فيها الفقر و كلما قل التعليم لدى الأفراد أو أنعدم يزدادون هؤلاء فقرا ، و العكس صحيح فكلما كان الفرد حاصل على تعليم أعلى كلما أنخفض الفقر ، و حسب الدراسات و الأبحاث يكاد يكون الفقر ريفيا أو صفة سائدة ، فمثلا تتراوح النسبة بين الفقر في الحضر والفقر في الريف بين 1.8 في الأردن إلى 3.8 في تونس. كذلك يرتبط الفقر في الجزائر بانعدام التعليم, حيث يبلغ أعلى مستوى بين الأفراد الذين حصلوا على تعليم منخفض أو لم ينالوا تعليما نهائيا وينخفض بشكل كبير مع ازدياد مستويات تعليم الأفراد .
و من أسباب الفقر كثرة النزاعات و الحروب التي تنشب داخل الدولة و بين الدول لأنها تستنزف كثيرا من موارد و إيرادات الدول و الشعوب ، بالإضافة إلى سوء التدبير و الإدارة من قبل السياسات المحلية و الفساد الإداري و يوجد عوامل أخرى خارجة عن إرادة الدول و الشعوب تسبب الفقر مثل التصحر و نضوب بعض الموارد الطبيعية مثل الماء و الكوارث الطبيعية كالإعصار و البراكين .
كذلك عدم وضع برنامج متكامل لمساعدة الدول الفقيرة من قبل الدول الغنية ، فمثلا الدول الثماني الكبار تعهدت في أحد اجتماعاتها السابقة بمساعدة 20 دولة فقيرة لمدة سنتين ، و لكن اكتفت الدول الغنية بدعوة الدول الفقيرة بتحرير تجارتها و إزالة حواجز القيود لتنساب البضائع و السلع و تطبق أنظمة و قوانين منظمة التجارة الدولية حتى تعالج جزء من فقرها و هذا أمر مشكوك فيه من قبل الخبراء .
و يظهر التناقض جليا عند الدول الغنية بتقديم المساعدات الضخمة لمزا ريعها الذي يقدر 300 مليار دولار مما يسبب عجزا لفلاحي البلدان الفقيرة بعدم مقدرتهم على المنافسة لبيع منتجاتهم الزراعية في الأسواق المحلية و الخارجية ، إضافة إلى وضع الحواجز و العقبات أمام منتجات الدول الفقيرة و تغيير نمط حياة و سلوك الاستهلاك السريع و المتغير ، يؤدي لعدم ملائمة سلع الدول الفقيرة للدول الغنية ، و يتوقع المسئولون و الخبراء الاقتصاديون بزيادة حجم الفقر في الدول الفقيرة نتيجة الضغوط السياسية و الاقتصادية التي تمارسها الدول الغنية و منظمة التجارة الدولية لرفع الدعم المادي عن المزارعين في الدول الفقيرة مقابل فتح أسواقها لمنتجات الدول الفقيرة ..
نتائج الفقر
أخطر الأمراض الاجتماعية و أسوأ ما يهدد الكيانات البشرية هو الفقر التي بعلاجه و القضاء عليه تنتهي كثير من التشوهات الاجتماعية و التصدعات الأسرية ، و يقف الفقر حائلا و سد منيعا أمام تقدم التنمية التعليمية و الاجتماعية و الاقتصادية بل يقف حائلا في وجه الاستثمار و التقدم و التطور .
و من المعلوم أن سكان أي دولة يغلب عليه الفترات العمرية الصغيرة التي تتراوح من عشر سنوات إلى الخمسة و العشرين الذين يحتاجون للإعالة و فرص وظيفية و مهنية و معرضة هذه الفئة العمرية للتأثيرات و الاستجابة لأي أفكار سواء كانت مفيدة أو مضرة ، و لكن مع الفراغ يكونون مهيأين للانزلاق في وحل الأفكار الهدامة و الخطيرة على أي وطن .
و أسوأ ما يواجه الإنسان هو الجوع و الفقر و أن لا يجد مأوى مناسب يسكن به و أسرته ، الأمر الذي يعرضه للأوهام الفكرية و الأمراض النفسية بالإضافة للأمراض الجسدية ، و يكون لقمة سائقة للجريمة و الارتماء في أحضان الجماعات التي تهدف إلى الشر و الجريمة و لا تريد للناس الاستقرار . و الفقر عامل كبير من العوامل الذي يؤدي إلى زيادة نسبة الأمراض النفسية و الجسدية و الاجتماعية بين الأفراد ، و كثير من الآباء لا يستطيعون معالجة أطفالهم من أقل أقل الأمراض خطرا لضيق ذات اليد.
و من نتائج الفقر ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث و الذكور لسعي الأفراد لمواجهة شطف المعيشة و متطلباتها قبل التعليم ، فيتسرب بعض الأطفال من المدارس بسبب ضغط الظروف المادية للأسرة و فيضطرون الأغلبية للتسرب من المدارس و بعضهم خوفا من الآباء يبحثوا عن عمل ليساعدوا أسرهم على مواجهة العيشة الصعبة و أبعاد الأسرة عن شبح الفقر و الجوع .
معالجة الفقر في الإسلام
عالج الإسلام الفقر بفرض الواجب الديني على المسلم الميسور بأن يتكفل بأخيه المسلم المعسر و أخيه في الإنسانية ، و بما يحتوي الدين الإسلامي من قيم سامية و مثل عليا رسخها في المسلم و زرعها بواسطة العبادات و التعاليم بحيث جعل الإحساس بالإخوان شعورا أصيلا و نابعا من أيمان قلبي و عاطفي و ديني يحث المسلم و من منطلقات و توجيهات و إرشادات قرآنية و نبوية و جو تربوي أسري و بيئة ترى المساعدة و رفع العوز عن الفقير ثقافة مترسخة في النفس البشرية .
القيم و المبادئ الإسلامية المزروعة في نفس المؤمن تحرك فيه الفطرة البشرة و السجايا الإنسانية اتجاه التفاعل مع المجتمع بالتعاون و التضامن التكافل و مد اليد نحو المحتاج و تجسد أبعاد سامية و تقوي العلاقات الإنسانية و تهذب السلوك نحو العطاء و بذل ما في اليد و الإحساس الأخوان و سد حاجتهم و حب الإيثار و لو كان بهم خصاصة ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) و في الإسلام يجسد التكامل بين المشاعر و الإحساس و العطاء و بذل النفيس من أجل الفقراء و المحتاجين و يتم ترجمة السلوك الديني والتربية الاجتماعية التضامنية ببذل جزء ما أكتسبه المسلم المقتدر على المحتاج .
أدوات إسلامية لمعالجة الفقر :
- 1. كفالة الأرحام و الأقارب و العناية بهم .
- 2. الاستفادة من الخمس .
- 3. الوقف و توظيفه بما يناسب العصر .
- 4. الزكاة .
- 5. بيت مال المسلمين و كفالة المحتاجين .
- 6. الصدقات و أعمال الإحسان .
دعوات لمعالجة الفقر
الوقوف عند المشكلة بشفافية و وضوح و الدعوة لحلها هو المفتاح إلى حلها و هذا ما قام به الأمير عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد المملكة العربية السعودية ، عندما زار أحد أحياء الرياض بشكل فجائي و كان لها صدى كبير لدى المواطنين ، و هذه الزيارة الميدانية كانت بمثابة معرفة الطريق الصحيح لحل مشكلة الفقر و في حينها دعا سموه معالجة الفقر و وضع خطة وطنية للقضاء على الفقر في الدولة و اتخاذ الخطوات
و ا لأدوات و عمل الدراسات لمعالجة أخطر مرض اقتصادي و اجتماعي .
و في مؤتمر الأمم المتحدة و التنمية ( أونكتاد ) الذي عقد بعاصمة البرازيل سان باولو دعا رئيس البرازيل لولا داسيلفا إلى إنشاء صندوق عالمي لمحاربة الجوع يشبه خطة مارشال لإعادة أعمار أوروبا أ
المتحالفة مع الولايات المتحدة الأمريكية ، و قال الرئيس البرازيلي أن التجارة لا تستطيع وحدها أن تننقذ الدول النامية من دائرة الفقر و أن الهوة تزداد أتساعا بين الفقراء و الأغنياء ، فدخل الفرد بالدول النامية أرتفع في 40 السنة الماضية من 212 دولار إلى 267 دولار ، بينما زاد دخل الأغنياء من 11400 دولار إلى 32400 دولار
و هذا الاختلاف الجلي في الدخل بين مواطني دول الجنوب و دول الشمال يبين مدى رفاهية جماعة من الناس و بؤس جماعة أخرى على كوكب واحد يفترض أن يكون الدخل متقارب و متوازن بين البشر في موارد طبيعية وهبها الله للجميع .
تجارب دولية لتخفيف الفقر
تجربة تونس
تونس تعتبر من الدول الذي وصل الفقر فيها نسبة 13% من السكان في عام 1985 و أصبحت النسبة عام 2003 تساوي 3% ، فلولا تنظيم النسل و العناية بالكيف لكان عدد سكان تونس تقريبا 25 مليون الذي يقدر الآن 10 مليون نسمة فقط ، و هذه المعالجة تعتبر ناجحة و مشجعة في بلد يفتقر من الموارد الطبيعية و معتمد على السياحة و قد بدأت تونس بمعالجة الأسر و العوائل التي تحت خط الفقر بتحسين مساكن تلك الأسر التي لا تليق بالسكن البشري و المعروفة بـ" مناطق الظل " .
و قد أنشأ صندوق التضامن التونسي و استطاع تجميع مبلغ 500 مليون دينار تونسي من المواطنين حتى الفقراء منهم تبرعوا بدينار واحد لتنتشل 181 ألف أسرة فقيرة من سكن لا يليق بالكرامة الإنسانية و تشتمل على 1950 " منطقة ظل " ، ومنحت القروض الميسرة و بفوائد رمزية للشباب العاطل عن العمل حتى يقيمون مشاريع زراعية و إنتاجية صغيرة ينشلهم من قاع الفقر و يثبتهم في مناطقهم الريفية و عدم نزوحهم للمدن الكبرى و هجرة المناطق الزراعية ، و توجد خطة يطلق عليها الخطة الرباعية تستهدف القضاء على المساكن البدائية و بناء بدلا منها منازل تليق بسكن إنساني جيد في مرحلة الألفية الثالثة و إنشاء البنية التحتية الضرورية للسكان من مواصلات و اتصالات و كهرباء و ماء صالح للشرب و تقديم خدمات صحية و تعليمية ملائمة و باتت تجربة "الصندوق القومي للتضامن ." في تونس أن يكون مثالا جيدا تتبناه الأمم المتحدة من ضمن صندوق التضامن الدولي .
تجربة الأردن
ركزت الأردن في معالجتها للفقر على التعليم و تعتبر من أعلى الدول في الشرق الأوسط التي حققت أرقاما قياسية في التعليم فقد بلغ معدل المعرفة بالقراءة و الكتابة 99% عام 2001 مقارنة بالمنطقة 88% ، و نصيب الفتيات من التعليم 97% بينما دول الشرق الأوسط 83% .
و الأردن ليس بها موارد طبيعية متنوعة كثيرة و دخلها متوسط و لكنها تعتمد على تنمية الرأس المال البشري و سكان الأردن أكثر من 5 مليون مقارنة مع بداية السبيعنيات التي كان العدد 8و1 مليون و معدل الدخل عام 2001 كان 1750 دولار . و بالرغم من التدهور الذي أصاب الاقتصاد الأردني عام 1996 الذي أدى بدوره إلى انخفاض معدل دخل الفرد بحوالي 2% حتى عام 1998 ، و لكن نتيجة تأهيل المناطق الصناعية و توقيع اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية 2001 و معاهدة الارتباط مع الاتحاد الأوروبي 2000، بدأت التجارة تنتعش ، و قد كان نسبة الفقر في نهاية الثمانينات 3% و لكن مع بداية أزمة غزو دولة الكويت و رجوع نسبة كبيرة من العمالة في الخليج تقدر 300000 إلى الأردن ، أرتفع معدل الفقر إلى 4و14% عام 1992 و تضاعف عدد الفقراء أكثر من ستة أضعاف بسبب انهيار أسعار البترول و انخفاض التحويلات النقدية من الدول البترولية ، أدى في عام 2001 بلوغ الفقر 2و11% من السكان.
و ركز الأردن على تحسين التعليم و القضاء على الأمية و أرتفع معدل الالتحاق بالمدارس من الإناث و الذكور ، و حاول الأردن تضييق الفجوة بين الطلبة في التحصيل العلمي و زيادة الأنفاق على النظام التعليمي الذي بلغ عام 2001 6و5% من الناتج المحل الإجمالي لتحسين نوعية التعليم و إكساب الطلبة مهارات و معارف تتعلق بسوق العمل و ما يتطلبه القطاع الخاص .
و لارتباط التنمية الصحية بالتعليم فقد أولت الأردن أهمية للصحة و العلاج و بلغ أنفاقها عليه من الناتج المحلي الإجمالي 9% ، و قد واجهت الأردن صعوبات في العلاج الصحي و نقص الخدمات الصحية مع معدل نمو سكاني عالي ، و زيادة مصروفات على العلاج و الصحة و نقص الكفاءة الإدارية و الإشرافية مع سوء توزيع جغرافي للموارد . و يقدر معدل البطالة بالأردن 15% و نمو قوة العمل سنويا 4% و هذه النسبة تمثل تحديا اقتصاديا و اجتماعيا للدولة مع قلة الموارد .
و بالتعاون مع البنك الدولي وضع الأردن هدفين مهمين " تخفيف حدة الفقر و منع حدوثه " و يتطلب هذان الهدفان تنمية بشرية دائمة التي تحتاج إلى برامج تعليمية و صحية و برامج التأمين الاجتماعي ، و يركز برنامج التنمية الشاملة على مشاركة أكبر من القطاع الخاص لتحسين بيئة الاستثمار و بناء بنية تحتية ، و التوسع في مشاريع الخصخصة ، و التحفيز على تحسين الصادرات و تطوير المرافق المتعلقة بالصناعة و التجارة و الإدارة
و يهدف برنامج البنك الدولي على حسن استغلال الموارد الطبيعية و خصوصا المياه و توزيعها بشكل عادل بين الناس ، و الاستفادة من الخدمات بكفاءة و الانتفاع من المخلفات العامة ، كما يهدف البرنامج تحسين أداء القطاع العام والخاص و تطوير أداء الأفراد العاملين في القطاع العام بتأدية واجباتهم بشفافية و كفاءة .
و دفع المرأة الأردنية للسوق و حصولها على سهم أكبر في قطاع الأعمال و الاقتصاد يناسب مع ما حققته تعليميا و الذي يعتبر مشاركتها أقل من معدل تحصيلها العلمي ، فالخطة اقتضت مشاركة للمرأة أكبر اجتماعيا و اقتصاديا .
تجربة ماليزيا
تجربة ماليزيا في معالجة تستحق الوقفة و الـتأمل في تنفيذ برنامجها و إجراءاتها ، فتحويل نسبة الفقر من
4و52% عام 1970 إلى معدل 5و5% عام 2000 تستجوب الإشادة و الثناء في بلد يربو عدد سكانه على25 مليون من أعراق متعددة ، و تأمل ماليزيا أن تقضي على الفقر نهائيا في برنامجها الطموح ،
و دولة مثل ماليزيا التي ليست بها موارد بترولية و لا تختزن في أراضيها موارد طبيعية متنوعة و كثيرة ، فهي دولة مسلمة متعددة الأعراق لها تجربة اقتصادية و صناعية ناجحة قاد هذا النجاح رئيس وزرائها السابق مهاتير محمد الذي أرسى البرنامج الاقتصادي الناجح و أعطى جميع الأعراق و الأديان المساواة و لم ينظر لمعالجة الفقر بنظرة طائفية ضيقة ، فتم معالجة الفقر بين مختلف أطياف السكان بجميع أعراقه .
و بالرغم أن ماليزيا مرت بتجربة مواجهات دامية بين الملايو الذين يمثلون 55% من السكان الأكثر فقرا
و الصينيين الذين نسبتهم 25% من عدد السكان و حالتهم الاقتصادية و نصيبهم من الثروة المادية أفضل .
و وضعت ماليزيا نصب عينها هدفا إستراتيجيا هو " النمو الاقتصادي " المستمر الذي يهدف إلى تحسين وضع الفقراء و المساواة و العدالة الاجتماعية بالتركز على الأقاليم و المناطق الفقيرة و الطبقات و الطوائف الأقل فقرا بحيث يكون نصيبهم من النمو الاقتصاد الأوفر حظا و يركز عليهم في تطبيق برامج التنمية الشاملة .
و من خلال تجربة تنفيذ إستراتيجية التنمية الشاملة ، وجدوا أنه كلما حدث " نموا اقتصاديا بمعدل نقطة واحدة مئوية تراجع معدل الفقر بمتوسط ثلاث نقاط مئوية " ، و استهدفت خطة التنمية الشاملة الطبقات الفقيرة لتمتلك رأس المال و تخصيص الأراضي الزراعية ليستثمروا فيها و بناء المساكن لهم و منحهم القروض المالية الميسرة و العمل على تطويرهم و توعيتهم بالتدريب و التأهيل .
قرر مهاتير محمد في عام 1986 تحديد معايير الفقر و تعريف جديد لخط الفقير يشتمل المسكن و الأكل و الشراب و خدمات التعليم و التصريف الصحي و المواصلات و الكهرباء و يتضمن امتلاك المواطن الماليزي عقار و دخل ثابت و توفير المأكل و المشرب و الأمور الضرورية المعيشية .
و اتبع الرئيس السابق مهاتير محمد نظام ضريبي تصاعدي فكلما زاد دخل الفرد زادت نسبة الضريبة و الحد الأدنى من الدخل التي تستوجب الضريبة هو 658 دولار و تحسب الضريبة بعد خصم أمور ضرورية مثل نسبة عدد الأطفال و نفقات تعليم المعاقين و التأمين الصحي و مصروف إعالة الوالدين و أقساط التأمين الإجباري .
و تنوعت برامج مكافحة الفقر في ماليزيا شملت طبقات متنوعة من المجتمع ، فهناك "برنامج التنمية للأسر الأشد فقرا " و يهدف على تحسين الدخل و ظروف معيشتهم ، و برنامج " أمانة أسهم البومبيتزا " وهو برنامج تمويلي يقدم قروضا بدون فوائد للسكان الأصليين ( البومبيتزا ) ، و برنامج أمانة اختيار ماليزيا وهو غير حكومي تقوم عليه هيئات و منظمات أهلية تستهدف تخفيض نسبة الفقر و توجد العديد من برامج المنح للفقراء .
تجربة إندونيسيا
سكان إندونيسيا أكثر من 210 مليون نسمة الذي ينخر في جسدها الاقتصادي و الاجتماعي الفقر مما ينتج عنه أمراض اجتماعية و فساد و انتشار الجريمة الأخلاقية و الفتن السياسية فهؤلاء الشباب العاطل عن العمل الذي بحاجة إلى من يسد رمقه و حاجته ، عرضة للجماعات الإرهابية و إثارة الفتن و الطائفية و العرقية مقابل حفنة من الروبيات ، كذلك يقف الفقر عقبة كأداء أمام الإصلاح و تهذيب المجتمع من الرذيلة ، و تدل الإحصائيات الرسمية على ذلك بجر الفتيات إلى الرذيلة و البغاء و تجارة الرقيق الأبيض تحت ستار جذب الفتيات الإندونيسيات نحو سوق العمل محليا و خارجيا و بعقود صورية في مستشفيات و مطاعم و منازل و مصانع و مستعبدات تحت يد عصابات عالمية .
و لذا أتبع سكان إندونيسيا نظاما ذاتيا لمعالجة الفقر و تخفيف الحاجة للأكل و ذلك بالصوم في أيام السنة غير أيام شهر رمضان ، فمواطن أسمه رحمات عمله صياد يروي قصته أنه يحصل على 5000 روبية تساوي أقل من 50سنت أمريكي يوميا و ليس مضمونا يوميا أن يحصل على صيد حتى يبيعه ، و حتى و أن صاد و باع لا يغطي تكاليف المعيشية الضرورية مثل خدمات الكهرباء التي يحصلون عليها لمدة 12ساعة في اليوم لأن التكلفة تبلغ 2000 روبية ، و أن لم يدفع خلال عشرة أيام يقطع عليهم التيار ، بحيث بعض الأيام يعود رب الأسرة إلى البيت و لا يحمل أي روبية و يعشون أطفاله بعض الأيام جوعى ، و يقول أضطر أحيانا بأن أقنع طفلي الصغير البالغ من العمر 4 سنوات بالإكثار من شرب الماء حتى يلهى و ينام و رحمات يجاهد من أجل تحسين معيشة أسرته لكن دون فائدة .
رب أسرة آخر عمره 60 عاما أسمه هدايت عامل بناء يسكن مع زوجته بالتسعينيات في غرفة مساحتها ( 2 x 3 ) مع 3 بنات و 4 أبناء و 4 أحفاد ، و أحيانا إذا تحسن الحال يسكن البنات المتزوجات مع أزواجهم العمال لبعض الوقت و يعملن في محال صغيرة للأطعمة مقابل 100 ألف روبية ( 10دولار ) شهريا ، و هدايت و أسرته يشترون الخضراوات الرخصة و لكن أغلب الأحيان يعيشون على الأرز و الملح ، بالرغم من أنهم يحتاجون دولار واحد في اليوم لشراء الحد الأدنى من الطعام و الشراب حتى تستمر حياتهم ، و تستمر حياتهم بتبادل المنافع و القروض مع جيرانهم .
خفضت إندونيسيا نسبة الفقر من 27% عام 1999 إلى 2و15% عام مع نهاية 2000 ، و كان التراجع في الفقر بالمناطق الحضرية 7و20 % من سكان الحضر ، و إلى نسبة 3و7% من سكان الريف ، و بالرغم من الفساد الإداري و المحسوبية و سوء توزيع المساعدات و المعونات و نسبة النمو المتواضع للاقتصادي الإندونيسي ، و لكن رخص السلع الضرورية التي منها الأرز ساهم بشكل إيجابي في معالجة الفقر بشكل طفيف ، و حسب الإحصائيات الرسمية و بالمعايير التي حددتها الحكومة يعيشون 32 مليون نسمة من السكان تحت خط الفقر .
و لكن حسب تقرير صادر عن البنك الدولي حدد أكثر من 121 مليون نسمة يعيش الفرد منهم على أقل من دولارين يوميا حسب أسعار عام 1993 ، و يعتبرون كلهم فقراء يعانون أزمات معيشية كبيرة و لها تأثيرات سلبية على حياتهم .
و قد أقرض البنك الدولي و الدول الدائنة مبلغ 14و3 بليون دولار و 586 مليون دولار إندونيسيا لتنفيذ خطة لمعالجة الفقر ، و لكن بسبب الفساد الإداري و المالي و القانوني في أجهزة الدولة حتى أن المعونات و القروض الممنوحة من البنك الدولي و الدول يساء استخدامها ، و أن بعض مؤسسات الدولة تستغل سوء الاستخدام المعونات و المحسوبية و اتباع الأساليب المركزية في معالجة الفقر يسهم في زيادة الفقر .
مما حدا بالبنك الدولي من إلغاء الدفعة الثانية من قرض يقدر 600 مليون دولار لتمويل هيئات الضمان الاجتماعي، و بسبب الفساد إداري و البيروقراطية نصح البنك الدولي الحكومة الإندونيسية بالاهتمام بطرق صرف المعونات و القروض بشكل فاعل و أن يشارك شخصيات و أسر فقيرة في رسم خطط معالجة الفقر و تنفيذها و متابعتها ، و إلا لن تحصل على مزيد من القروض .
عوامل مهمة للقضاء على الفقر
التعليم و التدريب
كل الدراسات و الأبحاث العلمية و الميدانية أثبتت أن التعليم و التدريب له علاقة مباشرة بتقليل الفقر و القضاء عليه و هي علاقة إيجابية فكلما أرتفع التعليم عند الناس كلما أنخفض مستوى الفقر و العوز ، فالتعليم و التدريب يخفف بل يزيل من مستوى الفقر المدقع و يبعد بالمتعلم عن شبح خط الفقر ، و هذا ما تركز عليه كل الدول تقريبا بالاستثمار في الموارد البشرية بتخصيص المليارات على التعليم و التدريب بتطوير أساليب التعليم و مناهجه و إنشاء المدارس و المعاهد الفنية و المهنية و ورش التدريب .
و كثيرا من الدول تتبع منهج التعليم الإجباري على الأقل في المراحل الأساسية لتنمية مهارات و معارف الفرد بتعليم و تدريب بكفاءة عاليتين ، و يتاح ذلك بالبذل المستمر على التعليم و التدريب لتنمية بشرية مؤهلة بتقنية المعلومات و الاتصالات لاقتحام سوق العمل.
و بما أن نسبة الأطفال في أغلب الدول النامية و الفقيرة و منها دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا التي تشكل 50% من عدد السكان أي ما يقارب 130 مليون نسمة فإن المنطقة ركزت على التعليم الأساسي للأطفال و الاهتمام به و لكن بدرجات متفاوتة من دولة إلى أخرى ، فمثلا مصر و الأردن و تونس وصلت حد الشمولية في تعليم الأطفال حتى عام 2002 . و تعاني دول من تدني التعليم الأساسي في المناطق الريفية ففي اليمن لا يزال حوالي 40% من الأطفال لا يدخلون المرحلة الأساسية من التعليم .
و لتخفيف الفقر تقوم دولا عديدة بتحسين التعليم و التدريب و تخصيص الأموال في الاستثمار الرأس المال البشري لترفع من معاناة الأطفال و الشباب المحرومين من التعليم و تطبق نظام التدخل المبكر في حياة الطفل و تنميته في سن مبكر و لا سيما الأطفال من الأسر الفقيرة و المحتاجة ، و هذا ما طبقته الأردن بمساعدة البنك الدولي و ذلك بتحديد الأولويات للتدخل المبكر لتنمية الأطفال بالمجتمعات الريفية و البعيدة عام 2003 .
تدرك الدول الفقيرة و النامية من تجارب الدول المتقدمة أهمية التعليم و التدريب في تنمية الفرد و تدريبه على مهارات و معارف تفيده في حياته العامة و تؤهله لسوق العمل و الاعتماد على نفسه ، فالقراءة و الكتابة و تعلم العمليات الحسابية و بعض المهارات الفنية و المهنية تؤهله لسوق عمل متغير يبحث عن أيدي عاملة ماهرة أو شباب يستطيعون خوض غمار المشاريع الصغيرة التي تعتمد على الذات ، و تعرف التعامل مع آلات الإنتاج و الأجهزة الإلكترونية الحديثة.
و لا يتم الحصول على أيدي عاملة ماهرة و تحسن التصرف في الحياة ألا بزيادة الأنفاق على التعليم و تطوير المناهج الدراسية و المعلمين و المدربين ليزرعوا روح الابتكار و حسن التدبير في الفرد ، و لا أدل على ذلك ألا تونس و الأردن اللتين حسنتا الظروف المعيشية و الاقتصادية للفقراء و الأفراد بالتعليم المتطور القائم على الإبداع و الابتكار و أصبحت الأيدي العاملة الماهرة بهذين البلدين مطلوبة إقليميا .
تجربة تونس في التسعينيات إلى 2000 في الإصلاح التعليمي الهادف منه تحسين نوعية التعليم و التعلم بالتعاون مع البنك الدولي ، و بدأ البرنامج الإصلاحي بتعزيز مهارات و معارف الأطفال في المرحلة الدراسية و إكسابهم مهارات تقنية و فنية و تعليمية معتمدة على مناهج تعليمية متطورة .
و إقامة مزيدا من المدارس و المعاهد الفنية و مراكز التدريب في القرى و المناطق البعيدة و الريفية و تطبيق فيها أساليب تعليمية حديثة في التدريس و معلمون مؤهلون يركزون على احتياجات و مواهب الطفل و نشرت ضرورة الوعي بالتعليم و التدريب في وسائل الأعلام و أهميتهما في الحصول على وظيفة أو مهنة و معالجة الفقر .
التغذية و الصحة
بالرغم من غنى أغلب الدول الفقيرة و النامية بالموارد الطبيعية ألا أن عدم استغلال هذه الموارد بكفاءة زاد من الفقر و سوء التغذية و الافتقار إلى الصحة الجيدة و انتشار الأوبئة و الأمراض المعدية . و تقدر حسب الإحصائيات أن 80000 حالة عدوى جديدة عام 2000 بمنطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا فقط ،
و من الأسباب الرئيسة في تفشي الأمراض المعدية في أغلب الدول الفقيرة سوء التغذية و عدم التساوي في الخدمات الصحية للمواطنين ، فمثلا تقدر 570 وفاة لكل 100000 مولود حي في جيبوتي ، و تقدر نسبة سوء التغذية 52% على صحة الأطفال في اليمن بالسلب ، و السبب قلة المواد الغذائية و ندرتها في عدة جهات من الدول الفقيرة و كثيرا ما تحدث الكوارث الإنسانية و الموت لعدم وجود ما يأكل و تزداد هذه الحالة سوءا عندما تحدث كوارث طبيعية و الحروب الأهلية و الإقليمية ، و حتى لو توفرت المواد الغذائية فليست مفيدة صحيا لافتقار الكثير منها الفيتامينات و الأملاح و المواد الأخرى المفيدة غذائيا. و لا يعني أن سوء التغذية هي التي تسبب الأمراض فقط ، حتى الأكل المفرط الذي يسبب السمنة تحتاج إلى علاج و قلة الإنتاجية لدى المصاب بالسمنة ، و تصل مستوى السمنة مثلا في مصر 70% بين النساء و 48% بين الرجال و هذا ينطبق عليه قول الأمام علي بن أبي طالب عليه السلام " إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما متع به غني " .
و حتى خدمات الرعاية الصحية المتفاوتة في الدول الفقيرة تنعكس سلبا على الصحة ، ففي جيبوتي 2و0 من الأطباء لكل 1000 فرد ، و في اليمن عدد الأسرة في المستشفيات مقارنة بعدد السكان 6و0 سرير لكل 1000 شخص . و في بعض الدول الرعاية الصحية جيدة لكن عدم الاستفادة من أسرة المستشفيات بكفاءة و فعالية يخفض الانتفاع بها ، ففي دول منطقة الشرق الأوسط يقدر معدل الالتحاق بالمستشفيات 70% .
و مع اختلاف دخول الدول النامية و الفقيرة ففي بعضها تقدم خدمات صحية لا بأس بها لكن تفتقر إلى النوعية الجيدة من الصحة و الفعالية و عدم الكفاءة الإدارية و عدم التنسيق فيما بين أقسام الخدمات الصحية و لعدم خبرة بعض الدول الفقيرة في الرعاية الصحية قدم البنك الدولي مساعدته ماليا و تقنيا للخدمات الصحية بها و قدم استشارته في نقاط مهمة للإصلاح الصحي و لتحسين الكفاءة و التمويل الصحي للقطاع العام و الخاص و التنسيق فيما بين مستشفيات القطاع العام و الخاص .
و ينبغي أن يكون خدمات الرعاية الصحية مراعية التوزيع الجغرافي و الاهتمام بالمناطق النائية و الريفية التي تكثر بها عادة الأمراض و الأوبئة .
و يجب على الدول أن تقدم العناية الصحية ليس على معايير الظروف العادية و لكن أن تحسب للكوارث و الأزمات التي تؤدي إلى تفشي سريع للأمراض و أن تقدم الدول للفقراء نظام صحي متكامل من خدمات علاجية و أدوية و تبذل أموال على الصحة الأولية و الوقاية من الأمراض .
و كثيرا من الفقراء ينشغلون بالصحة العامة و العناية الصحية بأطفالهم على حساب التغذية ، حتى أن البعض يلجأ إلى عيادات خاصة من أجل خدمة أفضل في العلاج لذا ينبغي على وزارات الصحة بالدول المتوسطة و القليلة الدخل أن تولي الصحة أهمية قصوى و لا سيما في مناطق الطبقات الفقيرة التي عادة يكثر بها الأمراض و الأوبئة المعدية و التي تنتشر بشكل سريع و أن تهيأ بيئتهم و محيطهم صحيا بإقامة الصرف الصحي و النظافة العامة و نشر الوعي بصحة البيئة .
تنمية المناطق الريفية و الزراعية و الهجر
حوالي 2و1 بليون نسمة من سكان العالم يقطنون في مناطق ريفية أي حوالي 75% من فقراء العالم يعتمدون على موارد محدودة من الزراعة و الموارد الطبيعية ، لسد حاجتهم من المواد الأساسية مثل الأغذية و الأدوية و حسب البنك الدولي سيبقى أغلب فقراء العالم من المناطق الريفية لمدة العشرين السنة القادمة ، و بسبب عوامل الجفاف أصبحت هذه الأراضي قاحلة في مناطق جبلية بعيدة و أغلبها بمناطق آسيوية و أفريقية .
و لتجنب خطر المجاعة و تحسين مستوى المعيشة ، حاولت كثيرا من الدول إنتاج كميات كبيرة من الغذاء بواسطة صغار المزارعين الفقراء ، و نتيجة الأنظمة و القوانين و الروتين تعرضت مساحات كبيرة من الأراضي للجفاف و عدم الصلاحية للزراعة و تقدر مساحة الأراضي القاحلة و المعرضة للجفاف 85 %من مساحة الأراضي الزراعية ، مما يسبب زيادة في نسبة الفقر و صراع بين المحتاجين على الموارد الغذائية . و معروف أن 60% من الأراضي الزراعية الغير قابلة للزراعة في آسيا و أفريقيا .
و مما يجدر ذكره أن توصيات منظمة الأغذية و الزراعة للأمم المتحدة " فاو " العناية بالتربة و زرع الأشجار و النباتات تساعد بشكل ملحوظ في تخفيف الفقر و معالجة المجاعة ، و بالرغم للعوامل الجوية القاسية و ندرة الموارد الطبيعية و النمو السكاني الهائل و عدم أتباع أساليب علمية للزراعة أدى إلى تدهور خصوبة الأراضي و الزرع و التشجير .
فمعالجة الأراضي الزراعية و زراعة الأشجار و النباتات يساهم في تخفيف الفقر و القضاء على المجاعة و يساعد فقراء الأرياف على الخروج بهم من دائرة الفقر و الجوع و سوء التغذية .
الفواكه و البندق و الأوراق الخضراء تعتبر عناصر ضرورية لوجبات غذائية و أدوية في فترات ندرة المواد الغذائية ، كما يستفيد فقراء الأرياف من المنتجات الخشبية و الأعلاف و التجارة بها و هي مصدر للدخل و الطاقة و يستهلك أكثر من 2 بليون نسمة الأخشاب كوقود .
و حسب منظمة الفاو فإن إنشاء حقول زراعية و العناية بالموارد الطبيعية ة يساعد على تنويع مصادر الدخل ، و هذا ما حدث بالفعل في ناميييا لمشروع مدته سنتين ساعد الفلاحين المحليين على إدارة و اختيار و زراعة أشجار الفواكه و الخضراوات و تسويق منتجاتها .
و في فيتنام نوعت مشاريع الإنتاج الزراعي بغرس أشجار الفواكه و الخضراوات و ستحصل هذه المشاريع على المساعدة الفنية لإنشاء الغابات و أساليب الزراعة الحراجية بولاية ( كوانغ نا ) الذي يؤهل المزارعين أن يستفيدون تجاريا ببيع منتجاتهم الزراعية .
و منظمة الأغذية و الزراعة تعمل في المستقبل على مساعدة الفقراء و المزارعين بواسطة تغذية الأسرة و علاج الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل بإعادة تخصيب المناطق المتدهورة أو الغابات المدمرة .
من اجل تنمية المناطق الريفية و توفير فرص عمل و دخل و وقف الهجرة من الريف إلى المدن يجب أن يعمل على خلق بيئة عمل جذابة تخفف الفقر و العوز و تقضي على المجاعة و قد وضع البنك الدولي خطة إستراتيجية لتنمية المناطق الريفية لمنطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و تشمل تخفيف حدة الفقر ، و تقليل الخطر الذي يتعرض له سكان الأرياف ، و ضمان الاستدامة لاستخدام الموارد الطبيعية التي تتطلب ترشيد و إدارة استهلاك المياه بالمناطق الريفية ، إقامة مشاريع لتحسين البنية التحتية الضرورية لرفع مستوى معيشة سكان الأرياف مثل التعليم و تقديم خدمات صحية جيدة و تحسين خدمات الكهرباء و تعبيد الطرق للتغلب على صعوبة الوصول للمناطق الريفية النائية و إنشاء مشاريع صرف صحي ، و توصيل خدمات تقنية الاتصالات ، و دعم الإصلاح الزراعي و تسويق المنتجات بأسعار مناسبة للمزارعين تغطي تكاليف الزراعة . و تدريب المزارعين على طرق الزراعة الصحيحة المبنية على أسس علمية و دعم مشاريعهم الزراعية من البنوك الزراعية و عمل البحوث التي تساعد على تحسين أساليب الزراعة بأقل التكلفة .
و لمراعاة ظروف سكان الريف ينبغي تحسين خدمات الضمان الاجتماعي و تفعيل دور الجمعيات و المؤسسات الخيرية من أجل تقديم خدمات مادية و توعوية للسكان .
الإســــكان
الإسكان على درجة عالية من الأهمية و تخصص الأسر الميسورة جزء كبير من ميزانياتهم على مدى سنوات حتى يحصلوا على منزل متواضع ، و أغلب الأسر تعمل جهدها وتخصص جزء من مداخيلها لبناء المسكن الجيد أو الحصول عليه بعد سنين طوال ، و لا يشعر رب الأسرة بالاستقرار و الراحة النفسية و يصيبه هم و أرق من عدم امتلاكه مسكن و يظل أسير غم و منخفض الإنتاجية بحيث يستولي على تفكيره الحصول على منزل.
و بما أن قطاع الإسكان اللائق يستحوذ على اهتمام كل الأسر و ينشد كل رب أسرة الحصول عليه ،
فإن الفقراء بأمس الحاجة لهذا القطاع الحيوي و يجب تخصيص الأموال الكافية لبناء مساكن للفقراء و المحتاجين في المناطق الفقيرة و تزويدها بخدمات المياه و الكهرباء و الصرف الصحي و خدمات التعليم و الصحة و الاتصالات , و يمكن أن تدعم البنوك الخاصة في المشاريع و الخدمات الاجتماعية مثل قطاع السكن و المنازل بالمساهمة ببناء مجاميع سكنية و منازل شعبية لذوي الدخل المحدود و الفقراء .
و حتى مؤسسات و شركات القطاع الخاص ينبغي أن تساهم من أرباحها بناء المساكن للفقراء و أن تخصص جزء بشكل سنوي من أرباحها لدعم الفقراء لبناء مساكنهم . كما ينبغي على القطاع العام أن يولي اهتمام ببناء المساكن في المناطق النائية و الفقيرة و توصيل الخدمات أليها و إنشاء بنوك إسكان تقدم قروض ميسرة و تغطي فروعها كل الدولة و لا سيما المناطق النائية الفقيرة و الريفية .
التـــــجارة
انخفاض مستوى فرص العمل و زيادة البطالة في دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا حسب البنك الدولي سببهما النمو الاقتصادي البطيء و ضعف الإنتاجية الذي بدوره يفرز فقرا واسعا في المنطقة ، ففي التسعينيات كانت التجارة العالمية تنمو بمعدل 8% بينما التجارة في الشرق الأوسط نمت بمعدل 3% ، و هذا ما يسبب البطء في حركة التنمية بدول منطقة الشرق الأوسط و الذي لا يتيح للنمو السكاني المتزايد و المتسارع أن يحصل على فرص وظيفية و مهنية بالقدر الكافي .
و نظرا لضعف بيئة الاستثمار و جذب رأس المال المحلي و الأجنبي ، فإن دول منطقة الشرق الأوسط معتمدة على موارد محدودة في الدخل القومي مثل البترول و بقية الدول الغير نفطية صادراتها ضعيفة بينما وارداتها من المنتجات الصناعية بلغت ثلاثة أرباع القدر المتوقع . و لزيادة فرص الاستثمار و جلب رؤوس الأموال ينبغي تحرير التجارة و إزالة القيود و تخفيض الرسوم الجمركية و انسياب أكثر للبضائع و الخدمات .
بالرغم من الجهود المبذولة لتحرير التجارة في الشرق الأوسط مثلا و التي تعتبر ثاني أعلى العوائق الجمركية و الغير جمركية ، فمتوسط معدل التعريفات الجمركية في منطقة الشرق الأوسط 17% بينما الدول الأقل الدخل 5و12% ، و هناك حواجز للتجارة و معوقات من الأنظمة و القوانين و المبالغة في الروتين و البيروقراطية لانسياب بعض البضائع و الخدمات .
و حتى البنية التحتية لم تكتمل في دول الشرق الأوسط أو كفاءتها دون المستوى المطلوب و تحتاج تطوير و تحسين استغلال و تقليل تكلفة التشغيل و الصيانة مثل في خدمات النقل و الاتصالات و الكهرباء ، لخلق بيئة جاذبة للاستثمار و جلب الرأسمال الأجنبي و تشجيع القطاع الخاص على فتح مشاريع تجارية و صناعية و خدماتية تزيد من فرص العمل و المهن .
كما يساهم تخفيض تكلفة في بعض الخدمات مثل النقل و وسائل الاتصالات و رفع بعض القيود و الأنظمة و تخفيض الرسوم رجال الأعمال و التجار على إقامة مشاريع تجارية و صناعية .
في دول الشرق الأوسط قوانين و عوائق جمركة عديدة تؤدي إلى تكلفة عالية في تجارة الصادرات و الواردات ، فالتخليص الجمركي و شهادات مطابقة المواصفات الوطنية و أنظمة نقل السلع من وسيلة إلى أخرى تؤدي إلى زيادة في التكلفة بنسبة 11% بالتجارة ، إضافة إلى الفساد الإداري و تكلفة الخدمات العالية و القيود التي توصل إلى تكاليف حمائية بمعدل 50% ، و كلما ارتفعت التكاليف في الإنشاء و التشغيل و الصيانة كلما أدت إلى ركود في الاستثمار الوطني و الأجنبي ، و بطء في القيام بمشاريع استثمارية و خــاصة الصغيرة و المتوسطة .
و تحتاج الدول النامية و دول الشرق الأوسط تحديدا شراكه تجارية و تكاملية مع دول و اتحادات متقدمة تجاريا و صناعيا مثل الاتحاد الأوروبي و دول النمور الآسيوية لينتج عنه تعاونا مثمرا في الصناعة و الصادرات و الواردات يتم خلالها الاتفاق على إزالة القيود و العوائق الجمركية و التجارية و تبسيط الإجراءات التجارية و الأشراف على بعض الخدمات المالية و التراخيص و النقل و سهولة تدفق رأس المال الأجنبي الذي بدوره يزيد من الاستثمار و قيام مشاريع تزيد من فرص العمل و زيادة الدخل و تخفيض الفقر .
القطاع المالي
تتوفر بالدول العربية و الشرق الأوسط رؤوس أموال و سيولة عاليتين لكن تلك الوفرة من المال لم تؤدي الدور المطلوب في النهوض بالاقتصاديات الوطنية بدول عربية و نامية بها فقر كبير ، و يوجد دول تتساوى في الدخل مع دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا ألا أن راس المال يتحرك بسهولة و يسر بها و لذا قامت مشاريع صناعية و تجارية و خدماتية خلقت عددا وفيرا من الوظائف و المهن و تنويع اقتصادي جذاب للاستثمار .
و نتيجة سيطرة البنوك المركزية و الأنظمة الاحتياطية و وزارات المالية التي تسن القوانين و الإجراءات للسيطرة على المال و حركة النـقد تضعف من دور البنوك التجارية و عدم تنقل الأموال بين المواطنين في مشاريع استثمارية . السيطرة شبه التامة للبنوك الحكومية على القطاع المالي و المصرفي يحد من حركة الأموال و يضعف قنوات الوساطات المالية و يقيد التنمية الاقتصادية ، و حتى لو وجدت بنوك أهلية فهي تبحث عن تجميع الأموال على شكل ودائع تجمد أو تستخدم كقروض شخصية لشراء السلع و الأدوات المنزلية أو للسياحة الخارجية التي ليس لها فائدة في الاستثمار و الاقتصاد ، و القروض الطويلة الأجل الاستثمارية فهي محدودة و قليلة مقارنة بحجم الإيداعات الهائلة الموجودة في خزائن البنوك .
الدول النامية و منها الدول الأشد فقرا يلعب القطاع المصرفي دورا حيويا في النظام المالي و لكن دون حرية الحركة في النظام الاقتصادي ككل أي لا تستخدم الأموال في مشاريع استثمارية مفيدة للاقتصاد الوطني و لا تقدم الخدمات الاجتماعية الملموسة ، لأن الدولة تسيطر على إدارات المصارف بالأنظمة و القوانين التي تقيدها من منح القروض في المشاريع الصناعية و التجارية طويلة الأجل و تبتعد بشكل مبالغ فيه عن المخاطرة بمشاريع استثمارية و صناعية تحفها مخاطر .
و بسبب القوانين و الأنظمة و الروتين فإن النظام المالي في الدول النامية و الفقيرة عقيم و لا يشعر بفائدة الإيداعات أغلب المواطنين ألا في حدود ضيقة .
و لعدم وجود الكفاءة الإدارية و الإشرافية على معظم البنوك بالدول الفقيرة فإن خدماتها تتسم بالضعف و عدم المنافسة المحفزة على القروض المفيدة للاقتصاد الوطني ، و عدم وجود الخبرة المصرفية لدى صناع القرار المالي و المصرفي و تفتقر البنوك للأدوات الاستثمارية المبتكرة و خدمات الادخار و الإقراض للمشاريع الصغيرة و المتوسطة الحجم .
و حسب البنك الدولي فإن حجم الطلب على المشاريع الصغيرة كبير في دول الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و تقدر المبالغ التي تحتاجها 4و1 مليار دولار يفترض أن يستفيد منها 4 مليون شخص ، لكن الواقع يقول غير ذلك ، فإن أقل 200 ألف مقترض يستفيدون من مبلغ يقدر 100 مليون دولار أمريكي فقط .
و ينقص البنوك في منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا خدمات مصرفية عديدة و ليست متوفرة للجميع و ليس سهلا الحصول على الادخار و التأمين و الإيداع للطبقة قليلة الدخل و الفقراء ، و حتى البنوك الخاصة التي تقوم بتمويل بناء المساكن و تحسينها لم تنجح بشكل ملموس بسبب السياسات المتبعة في بعض الدول بكبح جماح الأجور و وضع سقف معين للإيجار مما حرم الكثير من مالكي العقارات و الإيجارات من استرجاع عقاراتهم المؤجرة .
و لا تخاطر البنوك في إقراض الأفراد و الأسر الفقيرة و منخفضة الدخل لتجنب مخاطرة فقد أموالها المقرضة و سرعة سياسة وضع اليد على العقار المرهون للبنك بسبب التأخير في السداد .
و حتى تؤدي البنوك دورا بارزا في تداول الأموال بين المواطنين و تعم الفائدة للمودع و المقترض و المدخــر لا بد من تغيير أنظمة و قوانين البنوك و الخروج من عنق الاحتياط و الخوف من المخاطرة و زيادة القروض للمشاريع الصغيرة جدا و إعطاء فرصة لذوي الدخل الضعيف و الفقراء بالقروض الميسرة ، و استحداث أدوات و قنوات استثمارية ترجع بالفائدة على ذوي الدخل المحدود و الفقراء و تنتفع منها المناطق النائية و الريفية و تعطى أولوية لقروض الإسكان و تمويل المشاريع الصغيرة و متوسطة الحجم .
خدمات أساسية
يعانون أغلب الفقراء من عدم توفر البنية التحتية و الأساسية في مناطقهم حتى أن عدم توفر الأمور الضرورية لإقامة مشاريع متوسطة و صغيرة يصبح عائقا للفقراء و كثير من الحرفيين و المهنيين يتمنوا أن يحصلوا على مكان أو ورشة للقيام بأعمالهم و لكن لا يستطيعون فتحها لعدم توفر الورش المحال المعدة . و في بعض المناطق النائية لا تتوفر البنية التحتية للوصول إلى ورشهم من طرق معبدة أو خدمات الكهرباء و الماء و الاتصالات و الحصول على قطع الغيار .
كذلك المزارعين و الفلاحين في المناطق الزراعية يجدون صعوبة في تسويق و بيع منتجاتهم في أماكن خاصة و مهيأة و قريبة من مزارعهم فيدفعون جزء من دخل بيع منتجاتهم الزراعية على وسائل النقل ، و لعدم توفر الأماكن الخاصة بالمنتجات الزراعية مثل البرادات و المستودعات المعدة للتخزين يخسرون جز كبير من منتجاتهم الزراعية .
و لذا تجد في المناطق الزراعية و الريفية و المناطق الفقيرة الكثير يقدمون منتجاتهم الأسرية و الزراعية في أماكن عامة و شعبية لأنهم لا يستطيعون دفع الإيجارات و أحيانا يمنعوا من عرض منتجاتهم و بيعها بحجة عدم ملائمة الأماكن المكشوفة للبيع ، و الإقبال على الأسواق الشعبية كبير من طبقة الفقراء لشراء سلعهم و احتاجتهم لأنها تمتاز بسعر أقل . و لتقديم خدمات مفيدة للفقراء يجب تنمية مناطقهم و بيئاتهم تعليميا و صحيا و تقديم الخدمات التي تخفف من مصروفاتهم مثل ورش السيارات و الحدادة و السباكة و النجارة بل يجب أن تهيأ الأماكن و تقدم مجانا لصاحب المهنة و الحرفة و يعمل بها بنفسه .
أسعار خاصة للفقراء
بما أن أغلب الدول تقدم خدمات مجانية لفئات من الناس مثل المعاقين فيجب أن تقدم أسعار خاصة في بعض الخدمات و السلع الضرورية للمعيشة للفقراء الذين تثبت عدم استطاعتهم تحمل تكاليف شراء السلع و الخدمات الأساسية بحيث تشرف عليها لجان و جمعيات و مؤسسات خيرية و تقوم ببحث اجتماعي ميداني تدرس حالات الأسر الفقيرة و تحصر خفض الأسعار و ليس ضروريا أن تكون مجانية حتى لا يساء استخدامها مثل المياه و الكهرباء و الاتصالات ، و سلع ضرورية للمعيشة تحددها كل دولة لمواطنيها .
معالجة الفقر في المملكة العربية السعودية
سكان وسوق عمل
حسب مصلحة الإحصاءات العامة أن أجمالي سكان المملكة بلغ نحو 37و23 مليون نسمة إلى منتصف 2002 ، و تعتبر المملكة العربية السعودية من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم إذ تبلغ نسبتها حوالي 7و3 % ، لذا يتوقع أن يبلغ سكان المملكة 40مليون نسمة حتى عام 2020، و يبلغ متوسط عمر المواطن السعودي 72 سنة ، و تشكل نسبة الإعاقة بالسعودية 3و6% و هذا يزيد من نسبة الفقر و الفقراء ، و قد كان دخل الفرد السعودي لعام 2001 حوالي 7500 دولار حسب جريدة الرياض بتاريخ 29 رجب 1424هـ . و حسب تصريح وزير العمل الدكتور غازي القصيبي أن عدد الوافدين بالسعودية 8و8 مليون نسمة ، و بلغ أجمالي القوى الوطنية بالسعودية حتى عام 2002 أكثر من 5و3 مليون موظف و عامل .
و تقدر العمالة الوافدة بحدود 6 مليون و 800 ألف وافد ، و يقدر عدد العمال الوافدين في المنشآت الصغيرة فقط 600 ألف عامل حسب تصريح وزير العمل في مؤتمر صحفي بعد افتتاح ملتقى تنمية الموارد البشرية بالرياض و أختلف حول نسبة البطالة فحسب بعض الإحصاءات أن نسبة البطالة من السعوديين
12% و لكن إحصائيات رسمية تقدرها 10% .
و يبرز الخلل بين العمالة الوطنية و الوافدة ، و يدخل سوق العمل السعودي سنويا 100 ألف موظف و عامل و وضعت خطط تستهدف أيجاد 800 ألف وظيفة حتى عام 1426هـ و هناك تخطيط إستراتيجي لإيجاد 5و12 مليون وظيفة حتى عام 2030 .
و حسب مصلحة الإحصاءات العامة فإن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية لعام 2002 بلغ 8و705 مليار ريال مسجلا نموا قدره 8و2% ، و نصيب الناتج المحلي للقطاع غير النفطي 7و436 مليار ريال بنسبة نمو 1و3% أي بمعدل 5و62% من أجمالي الناتج المحلي الإجمالي .
معايير المعيشة
قال الله تعالى ( و أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف ) ، أهم عناصر الحياة كما في القرآن الكريم و عند علماء الاجتماع اليوم هو تأمين المأكل و المشرب و الشعور بالأمان و السكن و الملبس هذه أمور ضرورية لمسيرة حياة الإنسان اتفقت عليها الأديان السماوية و الأنظمة الوضعية و تختلف معايير تكاليف المعيشة من بلد إلى آخر ، و كل دولة لديها عوامل المعيشة الأساسية التي تعتمدها من أجل أن تنهض بالفرد تنمويا و تبعده عن خط الفقر و ليعيش حياة كريمة .
و في دراسة تحليلية للدكتور علي دقاق نشرت بجريدة عكاظ بتاريخ 20ديسمبر 2003 ، واستنادا للأرقام الصادرة من مؤسسة النقد السعودي عن تكلفة المعيشة و التقارير في الميزانية العامة للدولة ، و حسب اعتماد 1988 كسنة أساسية للمعيشة أي أن عام 1988 تساوي 100 ، الذي يتضمن عوامل معيشة مقومة بالأرام مثل المواد الغذائية و السكن و الأثاث و الرعاية الصحية ( العلاج ) و التعليم و الاتصالات و النقل و الخدمات و الترفيه و خدمات أخرى و من ذلك العام أرتفع الرقم القياسي إلى 7و116 في عام 1997 و تراجع إلى أن وصل 2و111 و حسب التحليل فإن أعلى رقم في تكلفة المعيشة ، أحتله السكن و ما يتبع السكن الذي توقف عند 3و120 و جاءت تكلفة المواد الغذائية عند حد 7و115 بعد ذبذبات بين صعود و نزول ، و الرعاية الصحية بلغت 7و102 ، و الأثاث المنزلي 8و100 ، و التعليم و الترفيه 6و99 ،
و النفقات و خدمات مختلفة عند 92 و أما الملابس و الأقمشة فبلغت 7و82 .
و مع اختلاف نفقات الأسرة السعودية بين مدينة و أخرى و القرى و الهجر ، لكن يقدر النفقات التي حسبت على متوسطي الدخل ما بين ( 2500 إلى 10000 ريال ) ، و كما يلاحظ في الدراسة فإن مستوى المعيشة ارتفعت بنسبة 11% في عام 2003 .
و الزيادة الملحوظة في أهم عنصرين من عناصر تكاليف المعيشة و هما السكن و المواد الغذائية ، ففي السنوات الأخيرة أتجه كثير من المواطنين إلى الاستثمار في الجانب الآمن وهو العقار و لمواجهة زيادة الطلب على السكن ، و يرجع أسباب الارتفاع في المواد الغذائية هو الاعتماد على استيراد المواد الغذائية التي تحتاجها الأسرة السعودية ، و في السنوات الأخيرة زاد اهتمام الفرد السعودي من ذكر و أنثى بالموضة و الموديلات من الأقمشة و الشماغ و العطورات و أدوات التجميل ، مما سبب زيادة في تكاليف الأقمشة و الملابس ، و دخلت عناصر جديدة تعتبر عند البعض ضرورية و هي الجوال و تكاليف الإنترنت مما رفع من عناصر تكاليف المعيشة و حسب الدراسة التحليلية السابقة فإن تكاليف الزواج الذي يعتبر من الضروريات الاجتماعية و مستحب ديني لم تحسب في الرقم القياسي للمعيشة و هذا عنصر مهم يصرف عليه و يكلف العريس و العروس و ما يتبع الزواج المبالغ الهائلة التي تثقل الكاهل ، و تجعل بعض الشباب يعزفون عن الزواج و حتى السيارة أصبحت من الضروريات لدى المواطن السعودي التي لم تحسب في معايير المعيشة .
معالجة الأرقام
و بالنظرة على الأرقام السابقة و تحليلها يجد المحلل أن المملكة العربية السعودية لا تعاني من شح أو عدم وجود وظائف و مهن الذي يعتبر العامل الأهم في تخفيف الفقر ، و لكن يوجد خلل هيكلي في نسبة العمالة الوافدة على حساب العمالة الوطنية و توطين الوظائف و الأمر يقتضي دراسة تربط ما بين احتياجات السوق من الوظائف و المهن و إعداد كوادر بشرية وطنية بالتنسيق مع جهات التعليم و التدريب بمخرجات تعليمية و فنية تعتمد على التقنية الحديثة و بمعايير دولية في اكتساب المهارات و المعارف الفنية و المهنية لإحلالها محل العمالة الوافدة و بشكل سريع .
و تبقى معضلة عملية الإحلال الوطني محل العمالة الوافدة هي انخفاض الراتب التي يشتكي منه المواطن في القطاع الخاص و لا سيما أن مساحة المملكة مترامية الأطراف فبعض العمالة تجد صعوبة جدا في عمل بمنطقة نائية براتب من غير بدلات و حتى يمكن التغلب على هذه المعضلة ينبغي دراسة مستوى معيشة الفرد و الأسرة السعودية حسب مقاييس المعيشة السعودية السابقة و إدخال عناصر المعيشية الجديدة و التي تعتبر ضرورية ، لأن احتياجات هذه الفترة ليست مثل متطلبات الماضي فمع تعدد الاحتياجات و ما يقتضيه العصر الحديث من أمور مستجدة دخلت احتياجات مهمة على نمط معيشة الفرد و الأسرة و الارتفاع الهائل في السلع الضرورية و الغير ضرورية جعل حتى صاحب الراتب المتوسط و المتدني لا يكفيه في الحد الأدنى من المعيشة الكريمة ، و فائدة الدراسة المستمرة لأسلوب المعيشة و عواملها يفيد في تحديد الراتب الذي يمكن أن يؤهل الفرد و أسرته أن يعيشوا حياة ملائمة أو على الأقل أن يحدد الحد الأدنى للراتب للمواطن لأن الدخل المتوازن الذي يلائم متوسط الاستهلاك في الدولة يحل مشكلة الفقر بل و يقضي عليه .
و على القطاع الخاص المساهمة بزيادة الاستثمار و بإقامة مشاريع إنتاجية صناعية ينتج عنها وظائف و مهن و أعمال مساعدة و أن يشارك في صناديق معالجة الفقر و الصناديق الاجتماعية التي تهتم بالفقراء و عمل المشاريع السكنية و تقديم المساعدات النقدية و العينية للجمعيات و المؤسسات الخيرية .
و في عصر تفشت ظاهرة الاستهلاك للسلع و الخدمات و البحث عن وسائل الترفيه و في اقتناء وسائل و سلع غير ضرورية بل تماشيا مع حياة الترفيه التي أصابت المجتمعات و تأثرت بنمط الحياة في دول مختلفة عن ثقافة المجتمع السعودي بسبب السفر و ثقافة الفضائيات . يجب التوعية و الإرشاد لنمط المعيشة المعتدل
و عدم الإسراف و التوازن في المأكل و المشرب و الملبس و السكن و يجب أن تعيش الأسرة حسب دخلها.
و لأن الأسر الفقيرة لا تستطيع أن تلبي احتياجاتها الضرورية ينبغي التعامل معهم في بعض الأمور المهمة حياتيا بأسعار خاصة مثل السلع الضرورية و الخدمات المهمة مثل الكهرباء الماء و الاتصالات .
و منحهم بدل السكن و بدل العلاج الصحي أو التأمين في منشآت القطاع الخاص و أن يتحمل هذا القطاع بشكل أكبر توظيف المواطنين و تقديم الخدمات الاجتماعية التي تخدم و تفيد الفقير .
و يوجد بالمجتمع أرامل و نساء كثيرات يعلن أسرهن و يعتمد أفراد الأسرة عليهن ينبغي إتاحة فرصة أكبر لعمل المرأة و أن تساهم في قطاع الأعمال و التجارة بحرية أكثر في حدود الشريعة الإسلامية ، و أن تفتح قطاع الأعمال التي تجذب العنصر النسائي . و التعليم يعد المفتاح الحقيقي لسوق العمل فيجب تطوير نظام التعليم للإناث و فتح مزيدا من الجامعات و الكليات و المعاهد الفنية و مراكز التدريب حتى تستوعب أعداد النساء و تحقق طموحهن التعليمي و العملي .
و التكنولوجيا الحديثة و ثورة الاتصالات أحدثت طفرة كبيرة في عالم التعليم و العمل يجب أن تنشر و تتاح الفرصة للفقراء الحصول عليها و إتقانها بالتعلم و التدريب عليها لأن الفرد المتقن للتقنية يسهل دخوله سوق الأعمال و الحصول على وظيفة أو فتح مشروع .
و بما أن الفقر ينتشر أكثر في المناطق النائية و الزراعية و القرى و الهجر يجب الاهتمام بهذه المناطق و العناية بالبنية التحتية بها و زيادة المعونات و المساعدات النقدية و العينية و الاهتمام بمساكنهم و مزارعهم و منحهم القروض الميسرة التي تساعدهم على الإنتاج الزراعي و بيعها في محلات خاصة و مهيأة و إعداد الأسواق الشعبية للبيع و شراء حاجيات الفئة الفقيرة بأسعار مدعومة و منخفضة .
و يمكن للجمعيات و المؤسسات الخيرية و الضمان الاجتماعي أن يساهموا بشكل فعال في تخفيف الفقر و العوز لدى الفقراء بزيادة المخصصات المالية لها و توزيعها على الفقراء و المحتاجين و توسيع قاعدة خدماتها للفقراء ، و أن ينسق مع مؤسسات خيرية أهلية بتخفيف معاناة الفقراء و تقليل بعض الأنظمة و القوانين الروتينية و البيروقراطية التي تحد من التوسع من قاعدة المستفيدين و رفع المخصصات للفقراء بعد التصنيف لفئات الفقراء كل حسب ظروفه و متطلباته و عدد أفراد أسرته .
و في مقابلة للأمير طلال بن عبد العزيز رئيس برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنسانية " أجفند " مع جريدة الرياض تحدث عن فكرة إنشاء بنك للفقراء بالمملكة و هي فكرة ممتازة لو رأت النور ، ففكرة البنك ستساهم في معالجة الفقر بعمل الدراسات و الأبحاث للفقر و الفقراء و المناطق الأشد فقرا
و عوامل القضاء على الفقر .و تحدث عن فكرة إنشاء صندوق الزكاة ليقوم بمشاريع يشعر بها المواطن و لا سيما الفقير بإنشاء عيادات و مستشفيات و المدارس و المعاهد التعليمية و الفنية التي تعلم و تدرب الفقراء وتعدهم لسوق العمل و بناء المساكن و الشقق و تمنح الفقراء و تساعد الشباب على الزواج و التغلب على غلاء المعيشة .و يمكن إيجاد أدوات أخرى لمساعدة الفقراء مثل تخصيص يومين من السنة للتبرع للفقراء مثلا يوم في رمضان و بداية العام الهجري يستقطع من رواتب الموظفين في القطاع العام و الخاص و لا سيما ذوي الراتب العالي و يمكن أن تخصص رسوم قطاع حكومي للفقراء و مساعدتهم في أمور حياتية ضرورية .
خاتمة
حتى تكتمل بناء المجتمعات و توطيد أواصر العلاقات و عرى المحبة بين أبنائه لا بد من سد الفجوات المادية التي تحدث شرخا عميقا في جسد و بناء المجتمعات و تسبب الطبقية و تخلق الفروقات الاجتماعية بين الأسر و الأفراد سببه الرئيس الفقر الذي هو مرض اجتماعي و خلل اقتصادي في جسد المجتمع .
و يعتبر الفقر آفة العصر الحديث الذين يزدادون الفقراء فقرا و الأغنياء تتراكم ثرواتهم مما يوسع الفجوة بين المترفين و الفقراء و المعدمين مما يترتب على الفقر ظواهر سلبية لا تحصى منها الأمية و البطالة و تفشي الجريمة و الوقوع في الرذيلة نتيجة الأفقر يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ( كاد الفقر أن يكون كفرا )و تجاهد أغلب دول العالم لمكافحة الفقر و القضاء عليه حتى تتمكن الدول من زيادة التنمية البشرية و التطور و السعي وراء البناء المتكامل لأركان الدولة الذي من أسبابه انتشار ظاهرة الفقر ، و من العوائق التي تعيق معالجة الفقر هي عدم توفر الإحصائيات و الدراسات و الأبحاث التي تعالج الفقر من جذوره بمعرفة أسبابه و أعراضه .
و على مستوى العالم العربي تحددا يلاحظ الانخفاض الملحوظ في مستوى دخل الفرد و يرجع المحللين أسبابه تدني مستوى التعليم و ضعف التخصص الفردي و عدم التطوير في البنية التحتية للدول العربية ، و عدم وجود أنظمة و قوانين و إستراتيجية واضحة و محددة الأهداف ، كما أن ضعف الأنفاق العام و الدعم للمعلومات و التكنولوجيا حيث يقدر الأنفاق على المعلومات مقارنة بدخل الفرد العربي 05و0% .
و في تقرير للأمم المتحدة لعام 2002 ، هبط مستوى دخل المواطن العربي من 15 ألف دولار في الثمانينات من القرن العشرين إلى 7 آلاف دولار في نهاية 2001 ، و هذا يشير إلى تدني مستوى الناتج الإجمالي للدول العربية و تأخر بالنمو الاقتصادي في وقت تتقدم دول أخرى و يرتفع نموها الاقتصادي و يزيد حجمها الاستثماري بالرأس المالي المحلي و الأجنبي مما يساهم في زيادة فرص الوظائف و معالجة الفقر .
جديد الموقع
- 2025-04-27 أقوى تلسكوب في العالم لاستكشاف أسرار الكون
- 2025-04-27 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يدشّن النسخة الخامسة من مبادرة "امش 30"
- 2025-04-27 سمو محافظ الأحساء يرعى الحفل الختامي لميدان الفروسية بالأحساء لعام 2025 ويتوج الفائزين
- 2025-04-27 زوار معرض الرباط الدولي يشيدون بركن وزارة الشؤون الإسلامية: تجربة معرفية وتقنية تبرز ريادة المملكة في خدمة الإسلام
- 2025-04-27 زواج ثنائي سادة الهاشم (( الدكتور علي والمهندس حسين )) بالاحساء
- 2025-04-26 العمل التطوعي بين التنظير والممارسة
- 2025-04-26 تجربتان شعريتان في أمسية ابن المقرب
- 2025-04-26 أفراح الجاسم بالمطيرفي والبوحسن والخليف تهانينا
- 2025-04-25 سمو محافظ الأحساء يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ماتحقق من إنجازات لرؤية المملكة 2030
- 2025-04-25 سمو نائب أمير المنطقة الشرقية: رؤية السعودية 2030 تواصل ترسيخ مكانة المملكة في مصاف الدول المتقدمة