
مسجد الامام علي بالمطيرفي ومسجد العباس بالمطيرفي ومسجد الشيخ الاوحد بالمطيرفي
2017/11/27 | 0 | 1482
علامات المؤمن
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين. واللعنة الدائمة على أعدائهم أعداء الدين.
﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ~ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ~ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِن لِسَانِي ~ يَفْقَهُوا قَوْلِي﴾. (طه: 25 ـ 28).
روي عن الإمام العسكري (ع) أنه قال: «عَلامات المؤمن خمس: صلاة إحدى وخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم باليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم» (إقبال الأعمال، السيد ابن طاوس 2: 589).
يبين الإمام العسكري (ع) في هذه الرواية الخطوط العريضة للإنسان المؤمن، فمن توفرت فيه هذه العلامات الخمس فهو من المؤمنين.
1 ـ صلاة إحدى وخمسين :
أما صلاة إحدى وخمسين فهي اليومية والنوافل، فاليومية من الصبح والظهرين والعشاءين سبع عشرة ركعة، والباقي منها وهي أربع وثلاثون ركعة فهي النوافل، والإمام (ع) يشير إلى بهذا العدد إلى العنوان الجامع للفريضة والنافلة، فمن صلى هذه الصلوات يدخل تحت عنوان المؤمن.
قد يتساءل البعض قائلاً: هل يشترط أن أصلي تلك النوافل منذ البلوغ حتى أفارق الدنيا؟ الجواب: كلا، ولكن يمكنه أن يصليها ولو في الأسبوع مرة، أو في الشهر أو السنة مرة، فلا ينطبق عنوان المؤمن الحقيقي على من خرج من الدنيا ولم يصل إحدى وخمسين يوماً من الأيام.
ثم إن هذه النوافل هل هي للأجر والثواب فقط؟ الجواب: كلا، إنما هي ـ بحسب الروايات الشريفة ـ تعالج الخلل في الواجبات، ومن منا من لم يحصل له خلل في صلواته؟ اللهم إلا ما ندر. فصلاة النوافل تعالج النواقص الحاصلة في صلاة الفريضة.
2 ـ زيارة الأربعين :
ثم زيارة الأربعين، وما أدراك ما زيارة الأربعين، فكلٌّ منا رأى تلك الحشود المليونية التي تتجه إلى كربلاء المقدسة، وسمع عنها.
وهنا لا بد من التفاتة مهمة وجواب لمن يقول : إننا لم ندرك عصر الإمام الحسين (ع) ولم نحظ بمشاهدة معجزة من معجزاته، فهذا الحضور المليوني هو أكبر معجزة له. فبحسب المساحة المعروفة لكربلاء أنها لا تستطيع أن تستوعب ربع هذا الحضور والجمع الغفير، ولكن هذه من المعاجز التي نراها بأمّ أعيننا. وقد دعا ذلك الكثيرين من غير المسلمين أن يتجهوا للإسلام والإمام الحسين (ع) بسبب هذه المعجزة. فإن كان هذا البعيد عن الإسلام يلمس تلك المعجزة ويتأثر بها، فكيف يسع البعض منا أن لا يلسمها؟
نسأل الله تعالى أن يعيد الزائرين سالمين إلى ديارهم، وأن يتقبل منهم هذه الزيارة.
ومن المهم الالتفات إلى أن من لم يحظ بزيارة الأربعين سوف يشعر بالحسرة غالباً، لأنه يتصور أن فضل زيارة الإمام الحسين (ع) ينحصر في زيارة الأربعين فقط، أو في بعض الزيارات المخصوصة التي نصت عليها الروايات الشريفة، إلا أن أغلب الروايات تؤكد فضل زيارته في أي وقت كان، فهنالك زيارات في أوقات مخصوصة، كما هو في ليلة النصف من شعبان، وليلة العاشر من المحرم ويومها، وهنالك زيارات في كل وقت، ولكن زيارة الأربعين فيها خصوصية جعلتها شعاراً للمؤمن.
والخصوصية الأخرى في هذه الزيارة التي لا تتوفر في غيرها، هي المشي لزيارته، فكل خطوة من المشي لزيارته تعدل مئة حجة. وهذا ما لا يتوفر في غيرها من الزيارات. ومما لا شك فيه أن صاحب العصر والزمان برفقة هؤلاء المؤمنين.
ومن الروايات التي أحببت ذكرها هنا، وهي في فضل زيارة الإمام الحسين (ع) بشكل عام، وفي أي وقت، ما ورد عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: « إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين زوار الحسين بن علي؟ فيقوم عُنُقٌ من الناس لا يحصيهم إلا الله تعالى، فيقول لهم: ما أردتم بزيارة قبر الحسين (ع) فيقولون: يا رب، أتيناه حباً لرسول الله، وحباً لعلي وفاطمة، ورحمةً له مما ارتُكب منه. فيقال لهم: هذا محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين فالحقوا بهم، فأنتم معهم في درجتهم الحقوا بلواء رسول الله، فينطلقون إلى لواء رسول الله فيكونون في ظله ـ واللواء في يد علي (ع) حتى يدخلوا يدخلوا الجنة جميعاً، فيكونون أمام اللواء وعن يمينه وعن يساره ومن خلفه». (كامل الزيارات، ابن قولويه: 141 ).
نعم، هذا ما نراه بأم أعيننا، ففي هذه السنة بلغ عدد الزائرين تقريبا أربعة عشر مليون ، وهنالك دراسات تعنى بمستقبل هذه الزيارة التي يقدر أن تصل في السنين القادمة إلى خمسين مليون، وكيف يمكن تهيئة الأوضاع في مدينة كربلاء لاستقبال هذا العدد الهائل في المستقبل. وهذا العدد ليس غريباً، لأننا نعرف أن هنالك الكثير من القيود مفروضة على الزائرين من الدول الأخرى، ولو قدر للحدود أن تفتح، والقيود أن ترفع، لبلغ عدد الزوار أضعاف ما نراه اليوم، وقد حصل أن دخل خلال ساعات معدودة من فتح الحدود نصف مليون زائر، فكيف لو فتحت على مدار الساعة؟.
إن لزوار الحسين (ع) كما في الرواية السابقة خصوصية، هي أنهم لا يدخلون الجنة إلا مع أصحاب الكساء. فعلى المؤمن أن يبادر لزيارته (ع) في أي وقت، ليحظى بتلك المنزلة التي لا تحصل إلا لزوار الحسين (ع).
وفي بداية الرواية هنالك التفاتة مهمة، وهي السؤال عن السبب والهدف من زيارة الإمام الحسين (ع) وهي : الحب لرسول الله (ص) فما هو هذا الحب الذي إذا كان هدفاً للزيارة جعل لها ذلك الفضل الكبير؟ هل هو مجرد الأحاسيس والعواطف والمشاعر الجياشة؟ أو أن هنالك حباً حقيقياً؟
لا شك أنه الحب الحقيقي الذي أراده رسول الله (ص) منا وكذلك الإمام الصادق (ع) الذي وردت الرواية عنه. كما أن الحب منهج قرآني قبل ذلك كله. قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُوْنِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ﴾. (آل عمران: 31). فالحب الحقيقي هو ما يترتب عليه الاتباع.
أيها الإخوة: إننا نلاحظ أن البعض يسير كل هذه المسافة لزيارة الإمام الحسين (ع) ويبذل هذه الأموال الطائلة، ولا يكون هناك انعكاس على شخصيته وسلوكه، فإن كان سيئ الخلق رجع من الزيارة سيئ الخلق أيضاً، وإن كان يحمل بعض الصفات السيئة رجع إلى أهله كما كان قبل ذلك، وكأن شيئاً لم يكن.
إن الأمور العبادية إذا ما أداها العبد يجب أن تحقق أهدافها وأغراضها، وإلا فإنها تصبح من الشكليات والمظاهر، فالصلاة إن لم تنه عن الفحشاء والمنكر لم تحقق أهدافها الإلهية، وكذلك الحج والصيام وغير ذلك، فالزيارة إذا لم تنعكس إيجابياً على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع فلا يمكن أن تحقق أهدافها. فلا بد لمن عرّض نفسه لهذه المشاق أن يطرأ شيء من التغيير الإيجابي على شخصيته.
أهداف الثورة الحسينية :
فمما تجدر الإشارة إليه هنا من التأثيرات الإيجابية التي ينبغي أن تنعكس في شخصية الزائر، ما سعى الإمام الحسين (ع) لتحقيقه من أهداف، وما يمكن أن نقوم به نحن لنستفيد بشكل كبير من هذه النهضة المباركة،
ومن ذلك :
1 ـ التحلي بالوعي والمعرفة: فمن يزور الإمام الحسين (ع) لا بد أن يتحلى بالوعي وأن يقرأ ويسمع ويستفسر عن أهداف ثورة الإمام الحسين (ع) ذلك الإنسان العظيم الذي ضحّى بنفسه وعياله ونسائه وأصحابه، فلا بد أن تأتي الأجيال التي تسير في مساره وهي بمستوى عالٍ من الوعي والنضج بمعنى الكلمة، فلا تقتصر على الدمعة فقط، لأن الإمام الحسين (ع) رسم لنا مشروع مدرسة، وهي المنابر. فهو عِبرة وعَبرة، ونحن نبكي على الحسين (ع) وفي الوقت نفسه لا بد أن يكون هنالك وعي ونضج، نستلهمه من هذه المنابر التي نُغبَط عليها، وليس لها نظير في المدارس الأخرى.
2 ـ مراجعة النفس ومحاسبتها: فلا بد من ترجمة العلوم المحصَّلة من هذه المدرسة إلى واقع عملي، فنحن الذين نحضر تحت المنبر تلاميذ في المدرسة الحسينية، ولا بد أن نجسد ونترجم عملياً ما نتعلمه من الخطيب ومن المنبر الحسيني، من الآيات والروايات والأحاديث والعلوم المختلفة.
3 ـ التمعن في مفردات الزيارة: هنالك نصوص في زيارة الإمام الحسين (ع) وفيها الكثير من العمق والدروس والعلم والمعرفة.
هذا ما يعني زيارة الأربعين التي وردت في الرواية عن الإمام العسكري (ع) .
3 ـ التختم باليمين:
أما العلامة الأخرى من علامات المؤمن فهي التختم باليمين، وقد كان هذا منهجاً واضحاً للأئمة (ع) بل كان لكل خاتم لهم نقش خاص يذكره المؤرخون وأصحاب السير والتراجم. فمنها: لا حول ولا قوة إلا بالله، أو توكلت على الله، أو الحكم لله، أو لا إله إلا الله، أو غير ذلك من العبارات، وهذا يدل على أن هنالك التزاماً من الأئمة (ع) بهذا الصدد، وهنالك روايات واردة بهذا الشأن.
4 ـ تعفير الجبين:
أما العلامة الرابعة فهي تعفير الجبين، وهو وضع الجبهة على التراب، ونحن ولله الحمد لو اقتصرنا على صلوات الفرائض لصدق علينا أننا نعفر الجبين، لأننا نصلي سبع عشرة ركعة، ونسجد على التربة الحسينية المباركة. فهذا العنوان يصدق علينا بلا أدنى شك.
وأما العلامة الخامسة فالجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، ففي الصلوات اليومية تكون القراءة تارة بالجهر وأخرى بالإخفات، وفي الحالين لا بد أن نجهر بالبسملة، ففي الصلاة الجهرية من الطبيعي أن تكون البسملة جهرية كما هو معلوم، أما في الصلاة الإخفاتية لا بد من الجهر بالبسملة. فصلوات الصبح والمغرب والعشاء جهرية، أما الظهر والعصر فإخفاتية. ويجب على المكلف أن يجهر في موضع الجهر، وأن يخفت في موضع الإخفات، ومعنى الجهر أن تُسمع من بجانبك.
وفي الختام أحببت أن أذكر رواية تبين أهمية الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وهي عن عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: «ما لهم! قاتلهم الله، عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله، فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها، وهي بسم الله الرحمن الرحيم». ( تفسير العياشي1: 22). فهذه شعيرة إلهية جعلوا منها بدعة، فما كان من الإمام (ع) إلا أن سيقول : ما لهم قاتلهم الله.
إن لهذه البسملة الكثير من البركات والآثار، فلو قرئت على مريض شفي، وفيها الكثير من الأسرار، وهي مشتملة على أسماء الباري جل وعلا. فلا بد من تعاهدها بالذكر الدائم، وكذلك الجهر بها، كي تتفتح أبواب السماوات لقبول تلك الصلوات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.
جديد الموقع
- 2025-05-21 محاضرة "أخلاقيات السرد " للدكتور كميل الحرز وسط حضور نخبوي
- 2025-05-21 من المتوقع أن يتحلل الكون في 1078 سنة، أي قبل وقت أطول بكثير مما كان يُعتقد سابقًا
- 2025-05-21 بيئة الأحساء تُفعّل اليوم العالمي للنحل في لولو مول
- 2025-05-21 الجامعة الأهلية بالبحرين تتوسع في استقطاب الطلبة السعوديين المتميزين وتطلق حملتها من "الأحساء مول"
- 2025-05-21 برعاية سمو المحافظ : انطلاق منتدى ( الاحساء صديقة الطفل ) 25 مايو
- 2025-05-21 وفد الجامعة العالمية يلتقي الملحق الثقافي العراقي في لندن
- 2025-05-21 تخرج احفادي من الابتدائية فرحة اعادت لي ذكرياتي الاولى
- 2025-05-20 سمو محافظ الأحساء يُقلّد مدير الدفاع المدني بالمحافظة رتبته الجديدة
- 2025-05-20 "قرع الطبول في زيارة إسطنبول" للكاتب منير المنيري
- 2025-05-20 برعاية سمو محافظ الأحساء وكيل المحافظة يشهد حفل تخريج طلاب أكاديمية الكفاح المتوسطة تحت شعار طموح